أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلال عنبتاوي - قراءة في رواية حكاية حب للروائي قاسم توفيق















المزيد.....

قراءة في رواية حكاية حب للروائي قاسم توفيق


دلال عنبتاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4641 - 2014 / 11 / 23 - 16:39
المحور: الادب والفن
    


قراءة في رواية "حكاية اسمها الحب " .
انتهيت قبل أيام من قراءة رواية حكاية اسمها الحب للروائي قاسم توفيق والصادرة عن دار يافا بعدد صفحاتها 240 ، وقد لفت العنوان انتباهي وحاز على جل اهتمامي لأن العنوان وكما هو معروف عتبة النص التي تفتح أمام القارئ عوالم من الإثارة والجدل .
*دلالة الصورة :
إن صورة الغلاف الأمامي جزء مهم يشير بدلالاته على ما داخل الرواية، ويسمح للقارئ أن يتخيل قبل أن يقرأ. لقد جاءت خلفية الصورة سوداء اللون وفيها إيحاءات ودلالات كثيرة منها طغيان الجو الشتائي عليها فظهر البرق فيها كخارق لهذا الجو السائد وكأن الكاتب أراد أن يبين أن الحب رغم كل هذا السواد هو الومضة أو الفتيل الذي ينير ما حوله فتبرز ملامح السماء بلون أزرق واضح مختلف الحضور ويخرج من طغيان السواد على شكل بقعة مميزة خاصة . وحين الاستمرار في تمعن الصورة نجد أن هناك درج يمتد من نهاية الصورة إلى ما لانهاية لكنه يحاول في امتداده الوصول إلى تلك السماء أو الوصول إلى نهاية ما أو إلى ما لايمكن الوصول إليه وكأنها إشارات أن حالة الحب التي نعيشها في لحظة ما في زمن ما قد تفضي بنا إلى ما هو خارق وغامض ومفضي للخوف وبالتالي إلى المجهول الذي لا نعرف منتهاه ... وفي الصورة الجانبية ترجمة حية لحالة القلق والإخفاق والألم الذي تتركه حكايا الحب ورواياته في أنفسنا فنطرق صامتين لانعرف إلى أين الوصول ؟ولابد من الإشارة إلى لون العنوان الذي جاء باللون الأبيض ربما يشير إلى أن هذه الحكاية ناصعة الحضور في حياة كل منا فهي حكاية عامة نعيشها فقط حين نكون في تصالح مع ذواتنا ولذلك كان لابد أن يخترق الأبيض كل هذا السواد ليعلن عن حضور الحكاية واستحقاقها شرط القراءة .
* البناء الروائي
قلت أن هذا العمل هو أقرب إلى الحكاية منه إلى الرواية وقد أفصح عنه عنوان الرواية بشكل صريح وواضح ومن خلال توغله بالواقعية المعبرعنها في ملامح الشخصيات فهذا سيف لم يتم اختيار اسمه برأيي من باب تسمية الأبطال في العمل إنما أراد الكاتب أن يحمله ملامح تضج بالقوة والحدة والسلطة والمقدرة على اقتحام ما هو صعب أو شائك في الحياة وقد بدا سيف جريئا في تعامله مع عمره ورافضا لرتابة حياته عند وصوله سن الخمسين وبدا أكثر قدرة في البوح والتعبير عن رغبته في فتاة تكاد تكون نصف عمره فهي في العمر الذي تكون فيه الفتاة متعلقة بفارس الأحلام الذي يقارب عمرها وينقلها على حصان أبيض لعالم الزوجية لتنجب وتصبح سيدة منزل وامرأة لرجل تحمل اسمه وتشاطره الحياة الذي يتحمل هو العبء الأكبر فيها , إن انتقاء سيف لهذه الفتاة كان يمثل ثورة غير معلنة على حياته إذ أخذت هذه الفتاة تشاطره نهاره وفكره دون أن تطالبه بما تطالب به الفتيات عادة الرجال في هذا العمر من تبعات واكتفت بالحب فقط ومن هنا جاء تميزها وتفردها عن بنات جنسها بقبولها لما هو مرفوض أصلا في المجتمع لتستكمل الحكاية شروطها في السرد الممتع وفي اللغة الجميلة التي تفوح منها الشاعرية في لحظات لقاءات الحب الممزوجة بالخوف والترقب لما سيأتي بعد قليل ولقد اعتمدت الحكاية على البوح المباشر الصريح الذي يدفع بالقارئ أن يلم تشتتها ويكشف أبطالها وليظل كذلك حريصا على تتبع الأحداث دون القدرة على الفكاك منها ولو للحظة لمتابعة ما يجري وما سيجري والتشويق من صفات الرواية الناجحة القادرة على سحب القارئ إلى عوالمها فمكانها مهم بحضوره عمان بشوارعها ومساحاتها الممتدة بين الشمال والجنوب حين يذرعها في الشتاء الماطر هاربا من ضجيجها مع حبيبته الصبية التي يريد أن يمتلكها كامل الامتلاك ولكنه يفشل في ذلك فيأخذها إلى شقة بسيطة في أطراف عمان كان قد اشتراها لهما ليحقق لنفسه ذاك الامتلاك الذي ظل خائفا منه .." في عمان مع العشق يولد الخوف تصير الأشياء العادية والممارسات اليومية وحتى عادات البدن من التنفس والنبض والشم واللمس من المحرمات ". يكاد عمق الرواية يتجلى من خلال إيغال الكاتب في وصف حالة الحب التي تلبسته حتى ذهبت به إلى البعيد فنسي نفسه وذاته وغرق في متاهة جديدة حاول الخروج منها من خلال تناسي ذاته والهروب إلى قاع المدينة ، تكاد الرواية أن تكون مرآة لدواخل النفس البشرية من خلال اعتراف وبوح البطل سيف لمجمل التناقضات التي تعيش في داخله من خلال سيطرة الحوار الداخلي " المونولوج " على معظم مقاطع الرواية . ويتضح لنا في النهاية أن عنوان الرواية يحمل أكثر من دلالة وأكثر من حكاية فالحب ليس حكاية واحدة بل هو جديلة متضافرة من الحكايات يلظمها جميعا – الحب – ولابد من التوقف قليلا عند بعض التقنيات الروائية التي برزت في هذه الحكاية ومنها :
*هيئة الزمن / إن الزمن السردي هو زمن متخيل هنا وهو زمن النص الذي لا يطابق زمن الوقائع بالضرورة – فالقصة هنا حكاية تعتمد على سرد البطل لكثير من تفاصيل حياته الماضية .
وقد برز فيها القطع أو القفز الزمني – فالرواي يحكي عن أشهر وسنوات مرت ويستخدم الزمن الضمني الزمن غير المصرح به فأزمنة النص في الرواية أزمنه ضمنيه لأننا لا نعرف زمن بداية علاقة الحب بشكل دقيق لذلك فالنص ضمني الزمن باستثناء بعض الأزمنة وهي المدة التي سافر فيها سيف إلى لندن وهنا يجب ملاحظة أن المدة التي قضاها البطل السارد لحكايته على مستوى القول يساوي صفر وعلى مستوى الواقع يساوي عدد من السنوات وهذه الطريقة في السرد بطريقة القطع والقفز جعلت النص خارج المحتوى التقليدي الذي يغرق في التفاصيل من خلال استخدام الزمن البارز أو المصرح به .
*الفضاء النصي / إن طول النص يتطابق مع طول القول ، السارد سيف كان سريع الإيقاع في الزمن وهذا ما تم ملاحظته من خلال الصفحات التي تحتلها كتابة الأحداث التي جرت في عدة سنوات فعلى مستوى المشهد كان الحوار طويلا في أغلب المشاهد بين سيف وعايدة على مستوى الحوار الخارجي .. أما مستوى الحوار الداخلي فكان مقتضبا وسريعا وقصيرا بما يتناسب وسرعة القص أما على مستوى الوصف الذي كان يتوقف فيه السارد كثيرا ليعطي أدق التفاصيل خاصة حين كان يتوقف أمام لحظات لقاءه مع عايدة فقد وظف الكاتب الوصف كما يجب جماليا ومعرفيا مما دفعني للقول أحيانا أن هذه الرواية تركز في كثير من جوانبها على سرد السيرة الذاتية للكاتب إذ كثيرا ما كانت تتقاطع صفات سيف البطل مع صفات الكاتب من حيث عمله وشكله وملامح حياته الخاصة وتعلقه بأماكن من عمان هي بالأصل أثيرة على قلب الكاتب وجاء الوصف من خلال العبارات ذات البعد الجمالي وكان بارعا في تجسيد المعنى ... " كلما أبصر دقات الساعة تنقضي كان يحسها لكمات قاسية لتهشم فؤاده ففي كل دقيقة تمضي يخسر دقيقة لقاء معها , يكبر فتتسع المسافة بينهما .. " الوصف كان يأتي في السرد أحيانا وكأنه من أجل تفسير الحدث فعندما يصف المقهى في
الشتاء كان يجيء به من أجل وصف جو التوتر النفسي الذي كان يعيشه حين يلتقيها .ومن خلال وصف آخر كان يركز على وصف عمان في الشتاء لنتعرف على جو المدينة جو التشاؤم والألم الذي يضفيه الشتاء على لحظات الالتقاء بينهما .ونكتشف بعد هذا أن مفهوم الالتحام بين السرد والوصف قد تحقق في الرواية لينشأ الفضاء الروائي .
*هيئة القص / والمقصود به هنا الطريقة التي روى بها الرواي القصة ففي رواية حكاية اسمها الحب جاء الراوي للحكاية موظفا من خلال استخدام ضمير الغائب "هو" في أغلب الأحيان إذ يبدأ الرواي القصة بعبارة.." لم يكن يعرف من الأشياء إلا القليل"..." ولم يكن يحمل في وعيه غير وعي البسطاء المستسلمين"....." أحس بأنه يضع خطواته الأولى داخل متاهة" . فالراوي هنا جاء من الخلف متقصيا أدق التفاصيل في حياة البطل .وظهرت فيه ملامح الرواي العليم العارف بكل تفاصيل الشخصية والحكاية .
*الإشارات في الرواية :
إن رواية حكاية اسمها الحب ركزت على رصد حالة ربما يعاني منها الكثيرون منا وهي الوصول إلى الخمسين من العمر والإحساس الحاد في هذه المرحلة بأن كل شيء يهرب إذا هل وصلتك رسالة مع خطبة ابنتك تبلغك انك قد كبرت بالسن ؟ كذلك مجموعة التساؤلات التي تواجه الإنسان عندما يصللهذا السن (الخمسين) وشعوره بأن الرحلة شارفت على الانتهاء وبالتالي يبدأ بإعادة شريط حياته أمامه ليرى أين وصل وتبدأ الأسئلة بالإلحاح المستمر عليه إلى أين هو ذاهب . " لم يعد يعرف أي معنى لهذه الكلمة بعد أن صار حبه لزوجته يسمى عشرة ، وحبه لأية امرأة تعبر حياته نزوة ، وحبه لعمله الذي كان يغرق فيه البطل كثيرا رتابة ورصد الكاتب ضيقه من رتابة الحياة من خلال الثورة الساكنة في داخل سيف من خلال الحوار الداخلي المهم أنه لن يرجع ثانية لرتابة العمر .
في الختام
في ختام القراءة للرواية نجد أن هذه الرواية تمثل حالة من السردية المتكاملة بامتياز فهي نمط سردي يحمل ملامح وتقاطيع السرد الحقيقي الذي أبدع الكاتب من خلاله بنقل أدق التفاصيل لحياة أبطاله مع التركيز الشديد على شخصية الرواي سيف بطل الرواية تشاركه صنع الأحداث عايدة الطرف الآخر والمهم في الحكاية فهما يتقاسمان صنع الحكاية . وجاءت السردية تحمل تكتيكا عاليا للغوص في أعماق الشخصيات والكشف عن مخبوءها من خلال الاتكاء على الأحداث والأمكنة واللغة التي لها صلة عميقة بالواقع المعيش الذي عانى منه البطل سواء على الصعيد الشخصي أو على الصعيد العام لكن هذا لا يعني أن السرد كان صورة فوتوغرافية تطابق الواقع بكل حيثياته إذ أعطى الكاتب مساحة للمتخيل ليفرض وجوده على المتلقي من خلال استخدام الصور الجميلة والميل إلى النقل الأمين الجميل لتفاصيل الواقع حين تحدث عن عمان ونهاراتها وشوارعها وشتائها فنحن نشم كل هذا ونعيشه، فالسردية هنا جاءت تنهل من الواقع.



#دلال_عنبتاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلال عنبتاوي - قراءة في رواية حكاية حب للروائي قاسم توفيق