سامي سليمان الاجرب
الحوار المتمدن-العدد: 4639 - 2014 / 11 / 20 - 13:27
المحور:
الادب والفن
سيمفونية قاص ..
بقلم الشاعر سامي الاجرب
عندما يعزف الأدباء سيمفونياتهم .. يتوقف الصخب ..
وإن تكتب عن إنجاز أدبي متميز , فهذا ليس بالشيء اليسير , فأنت في ورطة أكيد .
وأن تجر القلم ولو حرفاً واحداً , عن أعمال الأديب القاص السمحاني , ليس بتلك الأبجديةِ والأريحيةِ المطلقةِ , التي تعطيك الإنسيابيةِ في الغوص ببحر الأدب السمحاني , الشاعر والقاص المحامي موسى سمحان , هو ذو ميزة خاصة في كتابة قصصه الرائعة الممتعة , التي تأخذ القاريء لمناخات وطنية قومية ثورية عقائدية وشعبية عالمية , وينطبق عليه النظرية الفكرية التالية , إزرع فكراً .. تحصد شعباً حياً وقمحاً .
فكل هذه المكونات والمقومات يمزجها لنا القاص بقصص شيقة تذوب في بوتقة واحدة , وهنا ينتج لنا القاص روائعهِ الأدبية الفريدة , وحتى في مفرداتها اللغوية الرقراقةِ السرديةِ الإنسيابيةِ السلسة في عفوية تطال قصصه وشفافية أرواحهم الصافية .
قاصنا الشاعر موسى سمحان المحامي ..
في قصصه تشعر أنه يسعى للدفاع عن حياة الناس وترسيخها في قصص أولئك الطبقة الكادحة من البشرية البسطاء الفقراء , الذين تركوا آثارهم وأعمالهم الخالدة , دون أن يشهدها إلا ذو عين ثاقبة نافذة في نوافذ الحسن الإنساني , فمن ملك هذه الروحانيات الحسية الشاعرية , لا شك إنه غاية في قراءآت الوجع الأدمي أينما كان , لهذا فإن قصص السمحاني شمولية عالمية , فالوجع الأدمي يأخذه قاصنا من بئر وجع الإنسان الفلسطيني , كونهُ رمز الأوجاع للإنسانية العالمية . فيقوم قاصنا الأردني المتميز بتأرختهِ للبشرية عامة لينبثق منهُ الضوء والإشعاع للبشرية المعذبة .
ونحن اليوم أمام قصة طويلة جديدة صدرة حديثا للقاص الشاعر موسى سمحان الشيخ
إنها .. مكان يتسع للحب , قصة طويلة روائية بذات الوقت , قدمها قاصنا بإسلوبهِ الشيق الممتع الإنسيابي الواضح والدفين , والقاريئ حينما يدخل بداياتها سيشعر بفلسفة الأدب السمحاني , وسيشعر كأنه يجلس على شاطيء البحر , البحر في حالة السكون , والمتلألأ الساكن كصفح المرآة , , وصوت عازف ناي يأتي من بعيد , تلك هي بدايات روايتهِ السلسةِ .
لا إنفعال فيها , والحراك لا فوضوي , وجليل ووقور , كما هي الحياة في القدس الشريف قبل الإحتلال الإسرائيلي , مدينةٍ مسالمةٍ وادعةٍ جليلةٍ محتشمه بثوبها المطرز القدسي , هي حياتها في كل العصور العربيه , تعيش بكل سلام وأمن وإطمئنان ونبوةٍ , وتلك هي مريم المقدسية الوجه الآخر لمدينة القدس النبوية الهاشمية ,
وإبنتها مريم قد أخذت ذات صفات مدينتها القدس الشريف , بجلالها وقدسيتها ورقتها وحسنها وسلامتها ودعتها وطهرها , هنا كيف قام القاص بترجمة حياة مدينة القدس وجسدها في مريم المقدسية , إنهُ لشيء رائع وجميل وموفق غاية التوفيق . ومن هنا تكمن روعة القاص ونبوغهِ الأدبي الأردني الممزوج بروح مدينة القدس ومريم المقدسية .
مريم المقدسيةِ يتيمةٍ الأب والأم ومقطوعةٍ من شجرةٍ , ورثة عن والديها بيتهما العتيق الواسع الرحب الأنيق , والقدس الشريف يتيمةٍ هي الأخرى من الأب والأم والأهل والأقرباء والخلان والعشيرة والقبيلة , مريم المقدسية وقدسها وجهان لعملة واحدة , معاً يشكلان الزمان والمكان , وقدسية الأقداس , حتى جاء الإحتلال ليقوم في عملية لفصل التوأم , مريم الإنسان من زمانها ومكانها , لتبدأ الفصول الأخرى في الحراك والحيوية والإنفعالات والصخب والضجيج الثوري , والبحث عن طريق ومعالم الصمود والتحدي لبراغيث وقمل جدايل يهود إسرائيل .
هنا كان قاصنا النبيل يقدم لنا نبل الحالة الإنسانية لتلك الصبية مريم إبنت القدس المحتله , وهي تواجه الهمجية اليهودية الصهيونية , بأعصابها المتماسكه المتزنه الصلبة كأسوار القدس التاريخية الصامدة بوجه الريح والإحتلال , ومريم الشابة الجميلة تتحدى أعاصير الإقتلاع والإحتلال الساعي لإفراغ القدس من سكانها وسرقة بيوتهم وجذورهم وتاريخهم وإرثهم الأزلي , فكان بيت مريم المقدسية لجماله وسعته وقدمه التاريخي الغاية والهدف ,
نعم من ملك القوة ملك الشريعية والشرعية , وهذا قاصنا المحامي يرفض هذه النظرية ويحاربها بقصته لإيصالها للشعوب المقهورة بفعل القوة والبطش والتوحش ووحشية القوة , لشعوره بحقوق الإنسان المقدسي بقدسه وبيته ووجوده الأبدي بوطنه ,
فينقل لنا نبذةٍ أو عينةٍ عن أهل القدس المحتلة , والتي كانت القدس الشريف , فتصبح المحتلة المستباحة , وكيف واجه أهل القدس صلف ووحشية الإحتلال في إحتلال البيوت المقدسية التاريخية والسيطرة عليها بشتى السبل والوسائل المالية والخداعية وبفعل هيمنة القوة وإستعمالها , ليدعي المحتل أمام السواح الأجانب , أنها بيوتهم الأثرية ويسكنونها من عصورٍ غابرةٍ , والإيحاء للسواح أنهم من بناها وورثها كابر عن كابر . دون أن يشعر السواح أنها من مسروقات أهل القدس المحتله .
للحقية هذهِ القصة – مكان يتسع للحب – تستحق أن يقرأها الباحثون عن دقائق الحياة القدس الشريف , وأهلها التي ظلمتهم الأيام والأقوام والأمم المتحدة , فكانوا خراف على مذبح الإستعمار والرأسمالية ومصالح الكبار والصغار .
والقاص الشاعر موسى سمحان ..
لقد صدرت لهُ عدة أعمال أدبيةٍ متميزةٍ منها للتعريف من هو هذا الذي نتحدث عنه وعن قصته مكان يتسع للحب , فهناك لهُ مجموعات قصصية وشعرية , أقدمها للقاريء للتذكير بها لمن لا يعرفها ويعرف قاصنا المبدع . وهي خمسة مجموعات قصصيه , الأرض والأطفال , ورجل يريد ان يحيا , وإمرأة في حالة إنتظار , وقد ينتهي الشقاء , ومكان يتسع للحب الخامسة الأخيرة التي عزف فيها بكل إبداع وإحترافية ,
وهناك مجموعاته الشعرية الثلاثة , أمي إذ تعانق ريحها , وتضاريس الجرح النازف , ولم تزل نوافذ المطر تضيء . وهل البقية تأتي ومن يقدمها للرأي العام , هذا هو أديبنا السمحاني الشعبي المخملي ذو الحرف الدافيء ومفراداته الجمليةِ التي آثر أن لا تموت فقام في إحياءها لتلك المفردات الشعبية الخالدة , وفي قصصه عموما وكانت كالبهارات تعطي أدبه تطعم ومذاق ونكهة محببةٍ لمن يعشقون التراث الشعبي العربي الأصيل . وهكذا كان قاصنا يسعى أن يحافظ على لغة الناس العامية من الإندثار لتواجه الغزو الثقافي الغربي . فكان أجمل ما في هذه المجموعات القصصية السمحانية , أن قاصها يعيش مع تلك الأحداث الشعبية وكأنه جزء منها , ولا يكتفي بل ينقل القاريء من وجوده لوجود الآخرين , فيصبح وكأنه إحدى أفرادهم ,
ولا يوجد الكثير في عالمنا العربي من كتاب القصص , من لديه تلك المقدرةِ لنقل القاريء للإندماجية في القصص إلا وكان مبدعا وخلاقا , ولو لم يكن مبدعاً لما إستطاع نقل المطالع القاريء لتلك الحالة الاشعورية لمجريات القصة وكأنه جزء من أفراد القصة يجالسهم ويراقبهم ويدمدم معهم , ويتألم بألمهم ويفرح بفرحهم وينساب في حياتهم ومعاناتهم وحبهم وعشقهم .
حقاً .. إن القصة الطويلة [ الروائية ] مكان يتسع للحب , هي سموفونية القاص الذي عزف فيها أجمل وأحلى ألحانه اللغوية وحكاياته لمريم المقدسية والقدس الشريف التي عبرت عنها مريم بتراجيدية رائعة شفافة , ولهيبتها وشموخها وإتزانها وعشقها لمحبوبها وحبيبتها القدس المحتلة ,
ومن النظريات المستوحات من أحداث رواية مكان يتسع للحب , لابأس من تخليصها في هذه التقدمة لهذهِ الرواية العذبه والثورية والشعبية , نستعرضها .
-,- الشرفاء قاتلوا لنحيا , ونقاتل لتحيا -,- شرفاء أمتنا العربية من يختصرون ظلمتها , ويرسمون دروبها -,- العقل يحيي أمة , اويدمرها -,- من عرف نفسه عرف أمته أين تتجه -,- تزدهر الشرفاء بزمن القحط الوطني -,- للحقيقة الوطنية وجهان الصامت والثائر -,- كتبوا لنقرأ , نكتب ليقرأون -,- السباحة بعشق الوطن , اخطر من السباحة بالمحيط -,- الشرفاء لا يموتون , بل أرواحهم تتلألأ كالنجوم -,- الخون يموتون كالديدان لا يدري بهم الزمان -,- قاتلوا لرسم معالم الطريق , نقاتل لتعبيد الطريق -,- الأغبياء حجارة عثرة أمام السائرون للمجد -,- إهدم جبل أهون أن تقنع مغفل -,- القدس باب السماء , فلا دخول للجنة قبل كنس ذباب اليهود عن بابها -,- إزرع فكراً , تحصد شعباً حياً وقمحاً -,- للزمن دورات , ولا يحرك الزمن إلا الرواد الكتاب -,- من قال إن الله معنا الأغبياء , الله مع العلماء من خدم الفقراء -,- من قال أن أمة العرب أصوات , هم العملاء -,- أمة العرب أمة العظماء , لكنهم نيام -,- عندما تستفيق أمة العرب أصحاب الإسلام , يعم السلام العالمي -,- القدس آخر عاصمةٍ لإمبراطوريةٍ عالميةٍ , ليبدأ الإنحدار البشري بعد إنهيارها -,- تنهض الشعوب برجالها , لا بمالها -,- من لا يؤمن بنفسه ووطنيته وقوميته , لا يؤمن بعقيدته -,- من أراد أن يكون أديباً , عليهِ أن يكون إنسان شفافاً -,- الإسلام جاء للعالمين , للعالم العربي أولاً , وللعالم ثانياً , وللإنسان أولاً , وللجان ثانيا .
نقد في رواية مكان يتسع للحب .. الشاعر :- سامي الاجرب
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟