أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمسيس صادق - الحاج سيد














المزيد.....

الحاج سيد


رمسيس صادق

الحوار المتمدن-العدد: 4633 - 2014 / 11 / 14 - 08:46
المحور: الادب والفن
    


الحاج سيد

تمتلك الاسره قطعتين من الاراضي الزراعيه و احده غرب البلد ويسمونها غيط النص و الاخري قبلي البلد في منطقه حقول تسمي بالنخل القبلي. الارض في النخل القبلي يحدها من ناحيه الشرق الطريق الزراعي بين الحقول و من الغرب ترعه ومن قبلي ارض غيط الصباغ و من بحري غيط الحاج سيد. كنت احب الحاج سيد بمنظره الذي يدعو الي الاحترام بالعمامه البيضاء التي تشبه عمامه جدي فقد كان هو وجدي اصحاب. كنت اراه في دكان جدي الترزي حيث كان يذهب كزبون و كصديق يجلس لساعات للسمر.
برغم ضاله جسمه وقصر قامته و صوته الخافت فقد كان قوي الشخصيه. كان أحفاده من أصدقائي: كان طارق من مثل عمري، وعلي يكبرني بعامين، بينما عاصم و مختار من هؤلاء الذين كنت أعتبرهم إخوة كبار. مختار كان خولي اللطعه اثناء إجازه الصيف، وقد عملت معه لعدة أسابيع في ذلك الصيف قبل أن اخد خبطه شمس و أستقيل للابد من العمل في حراره الشمس. دخلت الي بيت الحاج سيد الذي يضم الأسرة الكبيرة الممتدة بالأبناء والاحفاد، و كان من الممكن أن نجد مكانا للعب. كان أحفاده يخشونه و يحترمونه فقد كان يكفي ان تقول لاحدهم: "هاقول لسيدك الحاج سيد" حتي يرضخ لما تريد و يعتذر عما بدر منه.
في أحد الأيام أثناء المرحله الثانويه وبعد دراسة فصل أو أكثر من كورس الأحياء و بدء معرفتنا بأجهزة الجسم الحيويه، طلبت من صديقي حليم أن يصطحبني إلي النخل القبلي لنشرح ضفادع. كان حليم في الثانويه التجاريه و ينظر إلي كأني أحد العلماء اللي ما جابتهم ولاده ، فوافق فورا. أخذت معي بكره خيط وإبرة وموسي حلاقه من المفلطح وكام دبوس وحبل دوبارة في علبه من الصفيح، ومشينا لنضع معملنا المجهز تحت النخلات الثلاث في منتصف الحقل. النخلات قد زرعهم ابراهيم بباوي من سنوات عديدة قبل أن يبيع الأرض لوالدي. بحكم إمتداد الجذور و الظل الذي تمن به النخلات علي من يجلس تحته، فقد تكونت مساحه بور تصلح للراحه و القيلوله أثناء اليوم، ومكان لتناول الغداء بالحقل وعمل براد من الشاي أو لشوي كيزان الذرة في موسمها.
كان الوقت مناسب لاصطياد الضفادع فلم يمر وقت كبير علي ريّ الأرض من الترعه. في منتصف الأرض يوجد مجري صغير يسمي الفحل، ممتد من الترعه الصغيره غرباً إلي حدود الأرض شرقا، وعلي جانبي الفحل تُـقسم الأرض إلي أحواض، وكل حوض ينفصل عن الآخر بخط أفقي من التربةالمرتفعه يسمي الطاش، وهناك الخطوط الرأسيه التي يسمي كل منها سرابه، حيث يزرعون فيه البذور لتنمو بشكل هندسي منسق جميل. تمر المياه من الفحل الي كل سرابه في الحوض و عندئذ يغلق الفلاح الحوض بقطعه من الطمي لتمنع رجوع الماء منها. و بعد الانتهاء من ري كل الأحواض،يُغلق مصدر المياه الذي يربط الفحل بالترعه ، ويظل أثر المياه في الأحواض لعدة أيام، وهناك تجد الكثير من الضفادع .
كان حليم موفقا في اصطياد بعض الضفادع و ربطهم إلي إحدي نباتات الذره لم يبق لنا إلا أن نبدأ بفتح بطن إحدي الضفادع و النظر إلي الاحشاء ومحاولة تسميه المكونات الداخليه. أفعل هذا وحليم يعمل كمساعدي، وبعدها أخيط الجزء المفتوح وأريه كيف نفك الضفدع المسكين لتمشي كما كانت و أنظر إلي وجه حليم لاتاكد من انبهاره.
في وسط اندماجنا الجاد في العمل سمعنا صوتاً يقول: "بتعملوا إيه؟!" في لمحه بصر كان حليم قد جري بعيدا و وتبعته بخوف من المجهول و لكننا توقفنا بعد ثواني و نظرت الي الخلف لاتحقق من صاحب الصوت . فوجئنا ، لأننا لم نحس قبلها بوجود الحاج سيد، الذي أضاف: "إنتم بتطببوا الضفدعه؟!، طيب طببوني أنا، لأني كبرت و عايز اتطبب". بان الخجل علي وجهي و قلت: "ازيك يا حاج" و مشيت نحوه و تبعني حليم. لم اكن اخاف الحاج سيد بل احترمه . فابتسم و قال: "سلملي علي سيدك، و قول له ها آجي أشوفه يوم الجمعه بعد الصلاه. إنت جدع و كويس في المدرسه، و خلينا نسمع اخبار حلوه عنك. يعني نشوفك دكتور بحق".
مات جدي، و مات الحاج سيد ، واختفي جيل من البسطاء الحكماء.
Ramses Sadek



#رمسيس_صادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمسيس صادق - الحاج سيد