أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود سيف الدين - عن الدلو الذي يطوّفُ بالدنيا على هيكلٍ رقيق














المزيد.....

عن الدلو الذي يطوّفُ بالدنيا على هيكلٍ رقيق


محمود سيف الدين

الحوار المتمدن-العدد: 4630 - 2014 / 11 / 11 - 01:25
المحور: الادب والفن
    



بعد يومين إلا ساعات قليلة، وحين تستطلع الشمسُ أجواء المكان لتفلت من سروال الليل بعينٍ مجهدة، سوف ينشطُ هذا الإناء الهوائى العميق، وهو يغرفُ ماء الوجود المسحور، من هذه الحياة التى تتحركُ على قضيبين....
في منتصف التسعينيات، قال صديقى الفلكى ذو الهيئة الفلكية المبعثرة، إننى سأعانى من الأسفار القصيرة المتتالية، بحيث تمتزج الحياتان بالمسام، وفيهما لا أكترث بأحلامى كثيراً، وأنا أشغل مساحاتِ التندر، والإيمان، ومصمصة الشفاه، فيما أنا الحقيقىُّ شاردٌ تماماً عن هؤلاء.

رؤيةُ الصديق الفلكى لرجال الدلو في البواكير أنهم عظماء، وطيبون، وهوائيون، وقلقون، ولهم سمتٌ مراوغ، وأذكياء ويتعاطون الشجن.
كان المثال الحى وقتها، مناسبة الحديث عن المزاج المتعكر، بمزاج يطوف الدنيا على هيكلٍ رقيق، ومع هذا كان مزاج الصخب يحب أن يقول: الرجل الدلو يحب الدلو، فقلت..



الحياةُ جميعكم يعرفها، وفقَ تجاربه، أما القطارُ الذى يعرفنى بالتجربة، يشارك هذا الدلو الممتلئ في تفاصيلى، والوجوه ترتكب الآثام بكل هدوء، فلا يحتدم الصراع بين الذاتين الملتصقتين، طالما استمتعتُ هنا بالخضرة والماء، وزجاج النوافذ، ذلك أنه شفاف يعكس البؤس، والجمالَ معاً، هما ذاتان.. نعم.. ولكل ذاتٍ حيــــاة..



نعم أحببتُ زينب زميلة الفصول، وهتفتُ في إذاعة الصباح بأخبار الأمس، وشربتُ السجائر في الحمَّامات، وقلدتُ كثيراً من المدرسين، خاصةً مدرس الكيمياء، ولعبت الكرةَ بأقدامٍ حافيةٍ سقيمة، وكم عانت أمى من شقاوتى، وكم حطم ابى جريد النخل فوق جسدى، وكم ضحكتُ من شُغافِ جوانحى بين الأصدقاء، وكم كرهتُ الحُفر التى تستقطب النفوس المهيأة للخداع، وكم صادقتُ من كبارٍ بسطوا أياديهم لأحلامى، بلا كبرياء، وكم حلمت في يقظتى بالبنت المستحيلة تأخذ رأسى في نزهةٍ إلى منابت الحكمة، وتعود بها في جوف الليل تهندم العناء، .... لكن الصمتَ الذى يُحدثُ جلبة في شوارع أوردتى ـ أيضا ـ حيــــــاة..



حيـــــاتـــان... وذاتٌ تُسهبُ في أفقِ المشاهد بعاطفةٍ رأسية، فتروى نافذة القطار عن رجلٍ بعمامةٍ فوق حماره الأخضر.. يعبران الطريق، وصبيةٌ يتناوشون بالأحاجى في ضوء رقيق، وكلابٌ تعوى كالذئاب، وقِطعُ الجرانيت تحت البيوت المعلقة في خيوط الشمس، والشمس تصقل سطح الماء في لوحة الحليب والذهب، ومقابر تحكى قصتها للنهر، ... والخضرة والماء .. ووجه غائمٌ في الزجاج، والقصبُ يظلل الطريق الذى يجرى في اتجاهٍ معكوس بعسلٍ من عرق الشقاء، وجلاليبُ تنفض الرمالَ، وتسعى لرزقها الذى في السماء، .. ثم جلسةٌ هادئة في ظل الدميرة والضحى، ... ثم ... جسدٌ لأول مرةٍ ينام..

إنها الحياةُ التى سأعودُ منها في ليلٍ لا يرى الأشياء، والقطار سوف يطعن الظلامَ بلا فائدةٍ تُرجى.. سوفَ أنشغلُ بجريدةٍ يومية تؤهل الانفاس المستكينة للضجر وسباق الغربة.. ولأن الغربةَ تأكلُ صدر الأغنيات... لا أحبُ أن أغنى اغنيةً واحدةً.. بلا قلب.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...
- كيف تحوّلت الممثلة المصرية ياسمين صبري إلى أيقونة موضة في أق ...
- تفكيك مشهد السلطة في الجزيرة السورية
- تفاصيل حوار بوتين ولوكاشينكو باللغة الإنجليزية في الكرملين ( ...
- الخارجية الألمانية تنشر بيانا باللغة الروسية في الذكرى السنو ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود سيف الدين - عن الدلو الذي يطوّفُ بالدنيا على هيكلٍ رقيق