أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد أنس سرميني - المنطلقات النظرية لابن رشد في نقده تهافت الفلاسفة للغزالي














المزيد.....

المنطلقات النظرية لابن رشد في نقده تهافت الفلاسفة للغزالي


محمد أنس سرميني

الحوار المتمدن-العدد: 4628 - 2014 / 11 / 9 - 10:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اشتهرت تلك المناظرة الفكرية بين أبي حامد الغزالي وابن رشد، وكان موضوعها الفلسفة، فأما الأول فانتقدها في كتابه تهافت الفلاسفة، وأما الثاني فخصص كتاباً لانتقاد كتاب الغزالي، ووسمه بتهافت التهافت، وانطلق ابن رشد في نقده هذا على ثلاث نقاط منهجية، هي الآتية:
أولاً: انطلق من نقطة أن الغزالي ما كان متمكناً من علوم الفلسفة، وأنه لم يخصص لدراستها وقتاً يكفي للتعمق في مراميها ومصطلحاتها وحدودها، إذ نقل عنه أنه إنما اطلع عليها اطلاعاً سريعاً في وقت مسائي خصصه لها على مدار سنتين عند فراغه من البحثي العلوم الشرعية، وأشار الى انه اكتفى في قراءتها بكتب ابن سينا الذي صب عليه معظم انتقاده للفلسفة في كتاب التهافت. وانتقده في أن الفلسفة لا يجوز تؤخذ هكذا.
كما بين أن الغزالي الذي أخذ على نفسه مقاضاة الفلاسفة بقواعدهم، قد أخل بما التزم به من جهتين، أنه ما يسبر أغوار مقاصدهم، ولم يغص في أعماق أقوالهم ولم يميز بين المقدمات والنتائج في مواضع عدة ذكرها في كتابه تهافت التهافت، وأنه من جهة اخرى اعتمد في مناظرته للفلاسفة على الأقيسة المنطقية الآتية من علومهم وفنونهم، ثم شنع عليهم علومهم، وتساءل أين الوفاء في هذا الصنيع؟
فأما كلام ابن رشد الاول عن عدم تمكن الغزالي من الفلسفة فيسلم له مأخذه، وإن كان هناك من يختلف معه في النتيجة، وهي مدى تمكن الغزالي منه، ويحق لنا أن نتساءل عن مدى واقعية هذا العلم الذي قد يخفى عن عقلية ساطعة كعقلية الغزالي تدرسه لسنتين متواصلتين.
وأما قولته الثانية عن اعتماد الغزالي المنطق وعلوم الفلسفة الأخرى في نقده الفلاسفة، فلا تصح هكذا بإطلاقها، لأن الرجل إنما يؤخذ كلامه كاملاً ومن كتبه كلها، ولا يجتزأ من موقع أو موقعين، والغزالي شهير بتصريحه في المنقذ من الضلال أن علوم الفلاسفة ليست بأجمعها ضلالاً، واستشهد على ذلك بالرياضيات والمنطق والطبيعيات، وإن سماه بغير اسمه، وأن مراده من حربه على الفلسفة كان على أجزاء الإلهيات وما وراء الطبيعيات.

ثانياً: ناقش أن الغزالي قد وقع في التعميم الخاطئ في الرد على الفلاسفة، عندما اعتمد آراء ابن سينا وحده، وقد صرح بذلك الغزالي، الذي عدَّ نقده لابن سينا كافٍ في نقد الفلسفة كلها، وأن هدم بنائه هو هدم للبناء برمته. ولم يقبل بذلك ابن رشد، الذي نبه إلى وقوع الغزالي في مغبين اثنين، هما أنَّ ابن سينا في رأي فيلسوفٍ واحدٍ لا يمثل الفلسفة كلها، ومراده الفلسفة الأرسطية باعتبار أرسطو عند ابن رشد المعلم الأول، فضلاً عن أنه أي ابن سينا فيلسوف خرج كثيراً عن مناهج الفلاسفة، وكان يراه متأثراً بالمتكلمين ومخلاً بمناهج الفلاسفة، كما في نظرية الفيض عنده، إذ علّق ابن رشد في تهافت التهافت عليها بقوله: "هي هوس أشبه بتخرصات المتكلمين، وأنه يحق لابي حامد ان يقول عن اقوالهم هذه إنها ظنية"، على أن ابن رشد قد ألف كتاباً خاصاً في نقدِ آراء ابن سينا في المنطق، فقصته معه طويلة.
وهذا في الواقع رد علمي قوي من ابن رشد، لأنه بذلك نبه إلى خطأ منهجيٍّ مخل بحسب أعراف المناطقة وهو التعميم، وتخلّص من كثير من انتقادات التهافت للفلاسفة، بحملها على أنها أقوال مختصة بابن سينا، لا تمت لأقوال الفلاسفة الآخرين بأي صلة، وأنه هو أصلاً ينتقده فيه، وهو بذلك يثبت أن هدم بناء ابن سينا لا يهدم بناء الفلسفة أجمعها، بل يقيمها على أساس أنها تشترك مع الغزالي في انتقاد آراء ابن سينا في الموضوع.

ثالثاً: ناقش ابن رشد غاية الغزالي من تصنيف كتابه تهافت الفلاسفة، والتي صرح بها الغزالي في المقدمة، وهي كما قال الانصياع لأمر الأمير في الكتابة في الرد على أهل الفلسفة، بما يجعل الحامل على الكتاب سياسياً زمنياً، وأشار من طرفٍ خفيٍّ الى أن هذا دفعه إلى التحامل على الفلاسفة، والإغضاء عن تلمس الأعذار لهم في ما قد يصدر من أخطاء عنهم، واستخدام لغة تؤلب العوام عليهم، وانتقده في هذا كثيراً على أن هذه المواضيع إنما تطرح في كتب أكاديمية عُليا يستفيد منها من تمرس في العلم، وتدرج في قراءة مصادره وفنونه. وبناءً على ذلك قال في أكثر من موضع: "لا أدري ما دفعه –أي الغزالي- على قوله هذا، ولعله دُفع اليه". وهذا لا يقبل من ابن رشد بحال من الأحوال، إذ خلط فيه بين الشخصي والموضوعي، بما يغيب الحقيقة المجردة عن قارئه، ويجعله ينقلب على الإمام الغزالي، وهذا لا يجوز في أعراف العلماء، خصيصى إذا عرفنا أنه بذاته أيضاً قد صنّف عدداً من مصنفاته بطلب من أمراء زمانه قبيل نكتبه من قبلهم، كما أن فيه غمزاً في النوايا لا يقبل بحالٍ من الأحوال. إلا أنه وفي موضع من كتابه تهافت التهافت، التزم أخلاق العلماء وسموهم، واعتذر للغزالي بأسلوب لطيف المأخذ دقيق المغمز، فقال: "وهذا لا يأتي إلا من شرير أو جاهل، وأبو حامد –الغزالي- مبرأ من تلكما الجهتين"!.

نتيجة الكلام: إن ابن رشد كان علمياً موضوعياً في النقطتين الأولى والثانية من انتقاداته، أي في معظم ما سجّله من نقاط ومواقف في كتابه تهافت التهافت، إلا أنه وفي مواضع معينة غلب عليه الطابع الشخصي والانتصار الذاتي للفلاسفة، فوقع فيما انتقد عليه الغزالي من الغمز واللمز واستعمال الألفاظ التي تؤلب العامة وتؤجج عواطفها. وهذا هو الجانب الذي يهمنا في هذه الدراسة المبسطة، وهو جدلية النقد ونقد النقد، والارتقاء بالأفكار وتلاقحها، والذي هو وسيلة البناء المعرفة والتراكمي للآراء والمعارف والثقافات التي تفتقد إليها كثير من الدراسات العربية






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- زيلينسكي يعلن عن ترشيحات لـ-أكبر تعديل وزاري- تشهده أوكرانيا ...
- ترامب يوضح آخر التطورات بشأن -مفاوضات غزة-
- بعد معركة طويلة.. والدة الناشط علاء عبد الفتاح تنهي إضرابها ...
- إسبانيا تفكك شبكة دولية لتهريب المخدرات بين مدريد وأنقرة
- نشطاء: الدعم السريع قتل حوالي 300 بشمال كردفان منذ السبت
- جيش لبنان يعلن تفكيك أحد أضخم معامل الكبتاغون قرب حدود سوريا ...
- 9 قتلى وعشرات المصابين بحريق مركز رعاية مسنين في أميركا
- مليشيا -الشفتة- الإثيوبية تهاجم وتنهب 3 قرى سودانية حدودية
- خبير عسكري: المقاومة أجبرت الاحتلال على التحول من الهجوم للد ...
- بين -المهمة المستحيلة- و-فورمولا 1?.. توم كروز وبراد بيت في ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد أنس سرميني - المنطلقات النظرية لابن رشد في نقده تهافت الفلاسفة للغزالي