|
مقاربة النوع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان
مليكة طيطان
الحوار المتمدن-العدد: 1299 - 2005 / 8 / 27 - 09:10
المحور:
حقوق الانسان
وأخيرا انتبهت هيئة الانصاف والمصالحة الى حقائق ظلت مغيبة في معالجة ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في المغرب ... لاأدري أي المكبوتات أو المقاصد التي تجعل ظاهرة تستحق الدراسة ومنذ البدء في حكم الملغى ؟ ... نعم نعترف جهرا والماضي ليس بفزاعة بالبعد المعلوم الموشوم بكل تلاوين القمع والاستئصال حينها احتد الصراع بين قوى الشر ونفحات الخير ...غطى الصراع اياه خطا زمنيا تؤرخه محطات موثقة في ذاكرة التاريخ ...المغرب يتقيأ ماضيه عبر الصحافة المستقلة وكذلك الرسمية من أجل افراغ حمولة دسم ثقيل تعيق مجرى هظم ما يأتي ...طبعا لكي لا يبقى شبح الماضي جاثما أمام مستقبل أجيال ولكي لا يتكرر هذا مرة أخرى وجب استيعاب تفاصيل الدرس الفائت ....أكيد من هذا المنطلق أقول تنتبه هيئة الانصاف والمصالحة الى حقيقة تفرض نفسها بقوة البحث العلمي وبما يتطلبه طي الملف من مناولات ... أيجابي جدا أن يواكب اشتغال الهيئة مبادرات موازية من شأنها الشرح والتوضيح لجنبات واقع سياسي مازالت معتمة فكانت جلسات حوار شملت الجوانب الظاهرة حيث تم استدعاء السياسي و الاقتصادي والثقافي ..و الخ ... لكن لا أدري لماذا غيبت المرأة ...؟ تنتبه الهيئة وفي تنسيق مع فريق يهتم بالبحث العلمي بجامعة محمد الخامس الى ضرورة استحضار المغيب في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان بصيغة المؤنث ، وكان الاستدعاء لبعض ممن سنحت لهن الفرصة أو لعبت الصدفة في تواجدهن لأن الفترة للعطلة الاجتماعية وكذلك السياسية داخل مقر هيئة الانصاف والمصالحة ثمة جلسة حميمية للاستماع حضورها هن الساردات لتجربة حياة استثنائية وموثقها هن الباحثات السسيولوجيات من أجل وضع مقاربات ميدانية لدراسة النوع الاجتماعي (الجندر) )هذه الفلسفة التي تنظر الى ان تقسيم الأدوار بين الأنثى والذكر ماهي الا صنعا مغرضا تجعل العام من الحياة حكرا على الرجل وتكتفي بازاحة المرأة الى الحيز الخاص والضيق حيث الانجاب وتربية الأبناء وتلبية متطلبات السي سيد ...واذا كان بعض من البشر مهووس بحراسة الظلام ومن خلاله طبعا يوجه ما شاء من نقد وبالتالي الى اقصاء كل دراسة أو منهج أو فلسفة تظهر اعتبار المرأة وتكون هذه الفلسفة الحديثة النوع الاجتماعي (الجندر) في علاقتها بمجتمعنا العربي الموصود الذي نظر اليها كفلسفة غريبة تعبر عن أزمة الفكر الغربي في مرحلة ما بعد الحداثة ، بالاضافة الى قولهم أنها لا تستند على أي أساس علمي ...والغريب أيها السادة ماهو رأيكم ؟ فحقول اشتغال هذه الفلسفة سكنت فينا نحن النساء منذ غابر الأزمان وأكثر تحديدا سكنت في نساء استثنائيات وبكل المقاييس ...هذه الجلسة الحميمية رغم أن منظميها وضعو ضوابط تلزم الساردات لحياة استثنائية اختلست قسرا في واضحة التاريخ والجغرافية...هن خمس نساء وحدهن يغطين تجربة حياة اختلطت فيها المفاهيم وكانت الكلمة لرجال الشر فقط حينما تستطرد احداهن في سرد التفاصيل تبدولك أنت المتلقي فجوة تحيلك الى أن المرأة تبعت أو جرهاالذكر الى المطحنة صديقا أو زميلا أو خطيبا أو أخا أو أبا أو قريبا ...أحيانا أخرى ثمة الساكن في قعر اللاشعور وحده ألهب مشاعر الصبايا...هكذا نصل الى نتيجة غير مرغوب فيها حينما نعاين حقيقة نضال مؤنث فعل فيه المذكر ... تواثرت الاعترافات وقول ما لا نريد أحيانا لكي نلامس قوة المؤنث داخل عتمة السراديب حينها تتغدى الأنثى بنفس الوجبات التي استفاد منها الذكر وليس بغريب أن تلازمه لمدة سنوات في نفس المعتقل ، هكذا روت السيدة جميعة وهي تروي ملحمة بداية السبعينات سواء في المعتقل السيء الذكر درب مولاي الشريف أو في الكوربيس هي الآن بلغت من العمر عتيا ...زجت في قضية واسعة لأن اللعبة لعبة الكبار هكذا تشرح السيدة وأنا أقوم بقراءة شبه سميائية للخطاب وجدت نفسي أمام نضال نسائي بصيغة الفطرة التي تولدت بعد الاعتقال التعسفي الذي كان يأتي على الأخضر واليابس فجميعة التي تحالفت عليها أمراض عدة هي نتيجة حتمية للمعاناة وكذلك أختها هما نموذج لا يحتاج الى توضيح لحجم الانتهاكات التي طالت الأفراد والعائلات فجرمهما هو أنهما أختين لمناضل في حزب يقال بأنه استمرار لحركة تحرير شعبية ... أما المثير في الشهادات أن تبوح المناضلة بتفاصيل الارتباط الوجداني برفيق الدرب والحياة ...نعم انتزع رجال الشر الرضيع من حضن مرية ...أجبروها على الاقامة في نزل الرماد استأصلوا أحلامها الوردية حينما اغتالوا أمين ودون أن يتكلف أحدهم باخبارها في عين المكان فقط سلموها بعض من أغراضه ومن بينها قلمه ...تنفست الصعداء واعتقدت أن أمين أفرجوا عنه ونسوا أن يسلموه أغراضه تقول السيدة كنت مناضلة تتذكر بأنها كانت مقتنعة بمقولة نترك النساء العاديات ينجبن ونحن نناضل ...اخترت رفيقا مناضلا حققت أهدافا نضالية ...عندي تعاطف مع اليسار عموما وفي واقع يقيس حجمك بالانتماء الحزبي فقط...أما أمينة فحكايتها تمتد مع ميلاد اختيار آخر لحزب دأب على رفع مشعل الثورية لكن حينما انتبه الى أن حرارة المشعل تخترق ذاته فقط ارتأى أن ينزل الى الأرض وبالتالي أن يراهن على اختراق المجتمع من داخل القنوات المعهودة ولتكن المؤسسات ...تكون أمينة اليافعة بمثابة النشاز الذي يخترق السائد أي الفكر المتخلف الذي يبعد المرأة عن السياسة ...تدعم هي التلميذة وتروج وتعتز بالانتماء الى حزب الحركة الاتحادية تعتقل والحركة التلاميذية في غليانها تعتقل أمينة والفترة طبعا استثنائية وبكل المقاييس ....تحضر فينا كذلك نحن المناضلات صيغة نضال أخرى انه النفي والاغتراب القسري الذي استمر عقودا فهذه ربيعة تحكي تفاصيل حياة فرضت قسرا وكان الاختيار الذي لا محيد عنه ...اعتقال الأسرة جميعها تخيلوا أيها السادة بما أن المناضلة اختارت اللجوء السياسي كحضن يأويها هروبا من لسعات زمن موبوء ولمدة 32 سنة فثمة أشياء تم الغاؤها الى حين حضور الأبناء كشهود على توثيقها كما تريد الضوابط الدينية وكذلك الساكنة فينا والملزمة رغم أننا نحن صناعها انه الموروث الثقافي من عادات وتقاليد ...الخ...أيضا يعزز الشهادات أخرى خاصة بصاحبة الموقع وكاتبة الموضوع ، وسوف لن أطيل في ثنايا زمن مصادرة الحركة وكتم الأنفاس لأن البعد الذي صبغت جدرانه بالفحم وبلطت أرضه بالرماد لا يحتاج الى توضيح فشرح الواضحات من المفضحات كما يقال ...لكن أود أن أشير الى أن اللحظة اختصت للتشكيك وتكميم الأفواه ولأن رجال الشر استعاروا من الشيطان الذي خلقه الانسان ملحمته فكل من اشرأب عنقه ومال الى الانعتاق وتكلمت روحه هو في حكم الخارج من الطوق وليس بغريب أن يقتحم العمالقة كل خلوة فكر أو فعل سواء أكان ابداعا أو كلمة وما بالك بالاحتجاجات الاجتماعية خصوصا اذا كانت نقابية وحديثة الاطار... قيل بأنه جاء لكي يملأالفضاء العمالي عدلا بعد ان غطاه الجور والذي تمخض بفعل الولادات المتتالية لمجموعة من الاطارات النقابية التي أخذت على عاتقها مسؤولية ربط السياسي بالنقابي فكان ميلاد الكونفدرالية الديموقراطية للشغل...وكان خوض المعارك تلو الأخرى ، استنزفت جهد وامكانية حراس الفساد فكان التصدي لكل أشكال الاحتجاج ومصادرة كل الامكانات بما فيها المشرع في ما يسمى بالدستور انه حق الاضراب ...لم يستسغ القوم تحرك أنثى في الفضاء العمالي طبعا كان الاعتقال وكانت صناعة التهم بما فيها التهمة المفتاح التي ذأب رجال الشر على الصاقها بكل من تجرأ هذه وبشكل موجز حصيلة ساعات من البوح الممكن لنساء استثنائيات مررن من نفس التجربة وتبعا لمحطات مختلفة لكن قاسمهما المشترك أنهما ينتمين لنفس الجنس وتجمعهما نفس الأهداف من أجل بناء الجميل في الانسان لكن في علاقة النوع الاجتماعي كما تحدده فلسفته بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان بصيغة المؤنث فثمة زخم من المعطيات التي تعمل وبكل تأكيد على صحة الفرضيات التي تبسطها هذه الفلسفة ...نعم نضال النساء أكثر قسوة من نضال الرجل ...انها تناضل في واجهات عدة ...أحيانا لا يمكن وضع ضوابط تحصن قيمة الأنثى وهي تخوض في الفعل النضالي ...لتكن بدايتنا من القريب جدا ...انه رفيق الدرب المناضل ...صدقوني مرات ومرات أقرأ في قسمات الأخ حقيقة رفضه اشراكي معه في النضال على اعتبار أنه امتياز للرجل وحده ... أما بالنسبة للعموم والزمن طبعا المستهدف في الموضوع هو الماضي المعلوم فالآن الكل يتكلم على الماضي والحرية وحقوق الانسان والديموقراطية هم الذين لم يستطيعوا في السابق فتح أفواههم الا عند طبيب الأسنان أقول أن العموم لا لوم عليه ما دمنا نخوض محو الأمية الأبجدية ...نعم كنا كالبعير الجرباء كنا نشازا مرفوضا في حضرة النساء العاديات ...يشار الينا من بعيد هذه هي التي تقتحم على رجالنا خلوتهم النضالية ....يبتعدن ويبتعدن أما الآن تشاء الأقدار وبفعل المفروض باسم العولمة واشراك النصف المغيب من المجتمع أي النساء ...وباقرار نمط الكوطا التي تهدي للنساء امتيازات في طبق من ذهب هاهي الظروف تسنح لنا برؤية حريم الاخوة المناضلين في الحزب والنقابة لأن الفرصة استدعت ذلك فما لم يتمكن من تحقيقها لنفسه أكيد أن الزوجة ستحظى به ألم نتفق على هذه الملاحظة أيتها الأخوات ونحن نسترجع ما فات واللاصق فينا مهما حاولنا الابتعاد .... هكذا أجمعت المناضلات الراويات لحكي تحفظه الذاكرة طبعا وما زال في حاجة الى سبر أغواره من أجل بناء وعي جديد ولكي لا يتكرر ما حصل مرة أخرى ...ولنا عودة للموضوع
#مليكة_طيطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أضغاط أحزاب ؟؟؟؟؟
-
نساء ونساء
-
صون الذاكرة من النسيان
-
الجامعة .....ذكرى جميلة
-
توظيف زمن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في السينما المغرب
...
-
علي المرابط والآخرون ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
المزيد.....
-
مشاريع حلول الكهرباء في العراق بين الطموحات والمعوقات
-
السعودية تستنكر قرار إسرائيل تحويل مقر الأونروا في القدس إلى
...
-
المئات يتظاهرون ضد التعدين غير المرخص للذهب بغانا
-
???مباشر: 15 قتيلا في غارات إسرائيلية على 3 بلدات لبنانية وا
...
-
-يونيسف-: الصراعات في الشرق الأوسط تدمر حياة الأطفال
-
السعودية وقطر تدينان مصادرة مقر وكالة الأونروا في القدس
-
-قلق بالغ- من إحالة الحوثيين موظفي منظمات إنسانية لـ-النيابة
...
-
إسرائيل توسع نطاق أوامر الإخلاء في لبنان.. وعدد النازحين يتخ
...
-
أهالي الأسرى يغلقون وسط تل أبيب والشرطة تعتقل 5 منهم
-
199عملية إعدام بالسعودية في 2024..حصيلة قياسية لهذا العام
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|