نزار خليل بتي
الحوار المتمدن-العدد: 4622 - 2014 / 11 / 2 - 00:25
المحور:
الادب والفن
أيـزيـدي .. يـنـاجـي عــلــي ..!ا
نـزار خـلـيـل بـتـي
واقعة حقيقية جرت قبل تسعون عاماً تقريباً بعد فرمان ـ الابادة الجماعية عام (عام1912) بفواجعه المؤلمة والمريرة وما رافقه من قتل وسبي وتهجير ودمار وخراب .. سنوات مرت بعده والأهالي من سكان بعشيقة وبحزاني انقطعوا عن مدينة الموصل وانزووا في قراهم منعزلين في مناطق ريف الولاية وقراها ..
لحين اعلان جدي سليمان بتي التحدي .. الذي اتخذ قراراً لا بد منه وأعلن استعداده للتوجه الى مدينة الموصل القريبة التي لا يتطلب الوصول اليها الا رحلة ساعة على الدواب .. دمدم مع نفسه .. وهبني الخالق الروح وبأمره تسلب لذا لابد من التضحية والمغامرة .. ولأنني احب المغامرة .. سوف اعلن التحدي مع نفسي اولاً ومع اهالي قريتي بحزاني ثانياً .. مدركاً ان طلبه سيرفض سلفاً من اهالي القرية .. لكنه عاند نفسه و اعلن قراره بالسفر دون رجعة ..
مع بزوغ الفجر .. توكل على ربه وخطى خطوته الاولى ليغادر داره عازماً على تجاوز حالة القلق وتشابك الافكار في رأسه .. تسارعت نبضات قلبه في صدره وأخذ يخطو خطواته بثقة رغم توجسه حتى دخل المدينة التي حرم من دخولها .. وبع ان تجول في شوارعها قرر شراء حاجة ما حتى يثبت لأهل قريته بأنه كان في المدينة .. تجاوز قلقه وتردده .. تقدم بخطوات جريئة نحو البائع .. وبلهجة اهالي بحزاني سأله (هازا اْبْ بشقدو حقوا ؟؟.. أي هذا بكم ؟ ) ..
هزّ البائع المصلاوي رأسه متأففاً .. بعد أن ادرك أن زبونه الفلاح ليس.. إلا إيزيداً من بعشيقة و و بحزاني .. زفر محملقاً ومستنكراً .. روح .. روح .. ولي من وجهي ..
اجابه جدي:
ـ اريد شراء حاجات للعائلة وحدد جزء من متطلباته .. ضاعف البائع السعر مرتين .. فكرر جدي رغبته بالشراء .. فضاعف البائع سعرها من جديد.. احتج جدي قائلاً : قبل لحظات طلبت سعراً اقل مما تطلبه الآن ؟؟؟
بعد جذب ونقاش شتم المصلاوي جدي ولعن دينه ...طلب منه بصوت عال: ..
ـ روح .. روح .. ما بيعك .. نكس .. ملعون .. استل من قاموسه العنصري المزيد من الكلمات النابيه القاسية ..
كان اجدادنا حينها في اجواء الانكسار المذل من جراء ما خلفه الفرمان من احباط وقهر .. وعندما توجه لهم اهانة من احد ولا يستطيعون النيل منه يضطرون لغادة المكان والابتعاد بحسرة وألم .. وهكذا فعل جدي .. اذ حاول تدارك الموقف والابتعاد دون مبالاة بالكلمات الموجه اليه ..
لكن البائع ابى أن يتركه لحاله وزاد من حدت كلماته النابية المبتذلة وقسوتها لحدٍ جعلت جدي يفقدُ اعصابه .. خاصة بعد ان طالت كلماته الاخيرة والدته ..
لم يتحمل الصمت والسكوت وقرر الثأر لأمه .. عاد راجعاً ومستفزاً نحو البائع اللئيم .. هجم عليه .. حمله مصلوباً للأعلى .. القاهُ بقوة على الارض .. بدأ الجبان بالصراخ و المناداة .. يا ناس .. يا عالم .. يا .... هذا الرجل يسب ديننا .. احتشد الناس من كل صوب حول جدي .. يا للهول .. مازالوا يتجرؤون فأتته الكلمات من هنا وهناك .. احدهم لنذبحه ونقطع اوصاله .. اخر لنقتله بالحجار .. وآخر لا .. لا.. لنرميه في النهر .. كان هذا قرارهم النهائي والمختوم وتحت وطأت اللكمات والضربات ادرك جدي انه يوم الحساب .. لا محال سيلفظ الروح .. هذه لحظاته الاخيرة قبل ان يلقوا به في النهر .. وفجأة صرخ بأعلى صوته منادياً يستنجدُ كالغريق بقشة : يا عــلــى .. وكرر النداء .. يــا عــلـي
وهو مرفوع على الأيادي .. وإذا بصوت يصمُ اذان الحشد يأمرهم :
ـ قفوا .. قفوا .. صوت رجل يشهر سيفاً بيده .. يشق طريقه بين الحشد ليصل الى حيث جدي .. ويطلب منهم .. انزلوه .. انزلوه.. واجلبوه لي .. وتفرقوا واتركوه لي .. تمتم جدي وهو ينازع الموت مع نفسه قائلاً : ليس هذا إلا عزرائيل .. النهر كان ارحم لي من هذا الجزار .. انه سيقطعني ارباً .. سيحيلني الى اشلاء .. وقبل الموت صرخ .. صرخ عزرائيل بي مستفسراً:
ـ من اين انت ؟
ـ ب.. ع..ز..ا.. ن..ي .. بعزاني .. بحشيقة و بحزاني ..
ـ آه ايزيدي .. ايزيدي ..
بعد ان سقى عزرائيل جدي بالماء .. طمأنه .. لا تخاف انا الحداد .. ابو حسين .. انت بأمان .. وأنت لي كأخ .. لان جدنا علي ابن ابي طالب(ك) علمنا واخبرنا ان ابن ادم ان لم يكن اخوك في الدين فهو اخوك في الخليقة .كلمات كمطر الربيع .. اعادت الروح لجدي وأرجعت انفاسه الى صدره .. فقال جدي لهـ انت شيعي ؟؟ ـ نعم انا شيعي .... بعد اليوم لن يتجرأ بالتعرض لك .
أحد .. انت بأمان امشي في طريقك وعد الى اهلك لا تخف
شكر جدي ربه ..لأن علياً لبى ندائــــــــــــه
فهل سيلبي علي نداء الأبرياء ألمحاصرين بالدواعش أليوم ويرد ألموت عنــــــــــهم
ألكاتب ألعظيم جمعة كنجي أستوحى قصته.
ألحقيقة ألضاعة 1969عن هذا ألحدث
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟