أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد الطيبي - ثقافة المقاولة بين مبدأ الرفوف وثقافة -العرام-














المزيد.....

ثقافة المقاولة بين مبدأ الرفوف وثقافة -العرام-


خالد الطيبي

الحوار المتمدن-العدد: 4621 - 2014 / 11 / 1 - 22:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في اطار المشروع الاصلاحي و التنموي اللذان صادق عليهما المغرب في فترة ما بعد الاستقلال ،حيث ظهرت مجموعة من المؤسسات الاقتصادية الى جانب السياسية والاجتماعية وفي اطار التوقيع على اتفاقية التبادل الحر مع مجموعة من الدول الغربية ، كرهانات لتحقيق التنمية الشاملة . اذ أصبح المغرب مجالا خصبا لاستقطاب هذه المقاولات خاصة الأجنبية منها لتوسيع الأسواق الاستهلاكية ، فظهرت مجموعة من الشركات أهما كارفور، كوكا كولا ، أسيما ، ماكدونالد ، ميكافي ، بيدزا هيت ، كنتا كي ثم مرجان هذا الأخير الذي سيكون محور النقاش هنا والآن .
فمرجان ظهر أول مرة بالمغرب في فترة الثمانينيات وباعتباره مؤسسة تجارية معظم أسهمها أجنبية ان لم تكن كلها (أكثر من ستين بالمائة ) تعتمد كليا على نمط تسويق عصري مستخلص من الثقافة الاستهلاكية الغربية ، تتميز باختلافها التام عن تلك الموجودة بالمغرب . كان نجاحه مشروطا بمدى قدرته على التكيف مع هذا الوسط الجديد واحترام خصوصياته الاستهلاكية ، وذلك من خلال بلورة ثقافة المحيط وتكريسها داخل المقاولة ، لأن مرجان أولا وقبل كل شيء هو نسق كلي لمجموعة من الأنساق الفرعية (النسق المالي ،التكنلوجي ،البشري ،القانوني...، وهو مجموعة من الوحدات الاقتصادية الصغرى (أي مجموعة من الحرفيين والمهنيين التقليديين تم توحيدهم تحت مسمى المقاولة) تم دمجها معا وعقلنتها ، لذلك فهو كيان اجتماعي تتفاعل داخله مجموعة من العناصر و البنيات ، كما يتفاعل أيضا مع البيئة الاجتماعية الخارجية في علاقة تأثيرية متبادلة .
وبهذا المعنى فان كل مقاولة مقاولة تبتغي تحقيق أهدافها ، يجب أن تعمل على تكريس ثقافة المحيط بداخلها و ذلك من خلال ما يصطلح عليه في أدبيات سوسيولوجيا التنظيمات بالثقافة القوية ، وهي القدرة على تحقيق الانسجام و التوازن الداخلي بين الأفراد والجماعات من جهة و الاتساق الخارجي للمؤسسة من جهة أخرى .
فالى جانب كونها بناء مادي يفترض أن تكون أيضا نسقا مبنينا أي تضم في أحشائها بنية ديناميكية لا تتوقف ، بحيث تنصهر داخل أي نسق اجتماعي جديد ، بل وتصبح عنصرا ضروريا فيه في اطار تقسيم العمل الماكروسوسيولوجي ، ولعل مرجان اليوم مثال ملموس على هذه القدرة التكيفية ، اذن كيف تم له ذلك ؟
مبدئيا هناك فوارق كبيرة بين كل من المجتمعين الغربي و المغربي ، على كل المستويات والأصعدة ،فالمقاولة مرتبطة بالمجتمع الحداثي الغربي الأكثر تطورا وتحضرا و عصرنة ، مقابل المجتمع المغربي الذي لازال يرزح تحت وطأة مجموعة من المشاكل البنيوية الرتبطة بالهشاشة والتخلف وهذا ما تعكسه الأنماط الاقتصادية التقليدية ،فالانسان المغربي لا يزال مدمنا على الأسواق الشعبية ذات البضائع المعروضة في الهواء الطلق أومايسمى "بالعرام"بحيث تكون قريبة من متناول يده لينتقي أجودها أرخصها ويستمتع بالتفاوض على ثمنها ،هذا الى جانب ثقافة "الهمزة" التي تحضر أيضا بقوة في هكذا تجمعات سوسيوقتصادية فالتسوق وسط أكوام الخضر والفواكه والمواشي يبعث على الشعور بالوفرة والخير الكثير .
كل هذه الأنماط الثقافية تمت مراعاتها (نسبيا) في معظم الأسواق التجارية العصرية و التي يعد مرجان أحدها ، وذلك من خلال طرق عرض البضائع فبالنسبة للبضائع ذات الاقبال الكبير من طرف الشرائح الاجتماعية المتوسطة كالخضر و الفواكه فانها لا اتختلف كثيرا عن تلك المعتادة في الأسواق المحلية ، اذ تعرض في شكل أكوام أو ما يسمى محليا بال "عرام" لتكون في متناول الزبون التقليدي ، بحيث ان عرضها في الرفوف مثلا أو وضعها في أكياس أوعلب معدنية قد يكون انطباعا سلبيا لدى المشتري بأنها فوق القدرة الشرائية خاصة المنتجات الاستهلاكية ذات الطلب المرتفع كالخضر والفواكه ، في حين أنها قد لا تكون كذلك .
ان أي مقاولة اذن الا وتكون في صراع تطوري تكيفي مع متطلبات المحيط الخارجي والداخلي بمعناه عند كل من دارون وسبنسر ،وذلك من خلال فهم البنيات الاجتماعية التي تقوم عليها الثقافية الاستهلاكية لكل مجتمع مجتمع ، وهذا ما يمكن ادراكه اليوم من خلال مجموعة من المؤشرات الخارجية أهمها تطور عدد الزبائن مع الزمن ،أنواع الشرائح الاجتماعية التي تقتني المنتجات وأنواع هذه المنتجات وغيرها ،فمن خلال بعض المعطيات الميدانية (بعض المقابلات والملاحظات ) تبين أن هناك تفاوتا صارخا بين هذه المؤسسات في العمليات التسويقية ، هذا التفاوت ناتج بطبيعة الحال ليس ناتجا عن الأقدمية -لأن هناك مقاولات حديثة وتمكنت من تحقيق نجاح باهر مقارنة مع أخرى أكثر قدما - و انما عن القدرة على التكيف أي مدى شعبية كل مؤسسة داخل المحيط الاجتماعي ، لذا يمكن قياس هذه االشعبية بنسبة الفهم الصحيح للواقع أو السوق ،لذا لايمكن المجازفة بادعاء شعبية مقاولة على حساب أخرى ، لكن لايمكن كذلك انكار النجاح الذي حققته بعض المقاولات كمرجان مثلا ، لكن رغم ذلك لازالت هذه الأخيرة تتخبط في عدة اكراهات منها ارتفاع أسعار المنتجات ومنع الزبون من التفاوض على الثمن،كثرة الخدمات والأجهزة خاصة كمرات المراقبة التي تحرج الزبون التقليدي وتجعله غير مرتاحا ،رغم أن هذه الخدمات تصب في مصلحته ،هذا الى جانب البناء الهندسي والنسق التكنلوجي للمؤسسة فبما أنه يمثل كيانا اجتماعيا مبنين فبامكانه أن يعطي انطباعا معينا للزبون فاما أن يشعر بالترحيب واما أن يتعرض للعنف الرمزي بتعبير بيير بورديو .




#خالد_الطيبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العيد بين المبدأ العقدي و الوصاية الاجتماعية


المزيد.....




- تونس.. الروس يكرمون أجدادهم بذكرى النصر
- باريس.. فعاليات روسية بعيد النصر
- ترامب يدعو لهدنة لـ 30 يوما في أوكرانيا
- الإسكندرية.. الروس يحتفلون بعيد النصر
- هيئة المطارات: باكستان تعلن غلق مجالها الجوي أمام جميع الرحل ...
- مسيرات -الفوج الخالد- في دول العالم
- ترامب: يجب على موسكو وكييف العمل على إنهاء الصراع في أوكراني ...
- موقع واللاه العبري: الإمارات تبلغ إسرائيل رفضها التعاون مع آ ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: يجب تطبيع العلاقات بين روسيا والول ...
- مصر.. السلطات تحقق في جريمة كشفتها طفلة


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خالد الطيبي - ثقافة المقاولة بين مبدأ الرفوف وثقافة -العرام-