أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي رمضان فاضل علي - رحلة من الأعماق إلي الأعماق















المزيد.....

رحلة من الأعماق إلي الأعماق


علي رمضان فاضل علي

الحوار المتمدن-العدد: 4619 - 2014 / 10 / 30 - 14:39
المحور: الادب والفن
    



في اللحظة التي أحدثكم فيها لا اعرف الكثير من الحقائق عن نفسي لا اعرف من أنا ؟ ومن أين أتيت ؟ وما هو مصيري ؟ ولكن كل ما اعرفه إنني الآن أعيش في فضاء فسيح من السوائل التي لا اعرف مكوناتها . ربما اعرف الكثير من هذه الحقائق فيما بعد. لا أعيش في هذا الفضاء الفسيح وحدي ولكن معي ملايين من أمثالي كلنا متشابهين في الشكل مع اختلاف طفيف في القدرات البدنية . فكلنا لدينا رأس كبيرة وجسم مرن لنستطيع السباحة في هذا السائل وقطع أشواط طويلة فيه. بعد فترة من العيش في هذا المكان تعرفت علي الكثير من الأصدقاء الذين أتوا قبلي إلي هذا المكان. وفي ذات يوم كنت أسبح مسرورا وفرحاّ بنفسي وبكل من حولي وفجأة وبدون قصد ارتطمت راسي بذيل واحد من الأصدقاء الذين أتوا قبلي إلي هذا المكان.
- أسف لم اقصد .
- لا عليك فنحن هنا وفي ظل هذا التزاحم الشديد لا بد أن نكون متسامحين فكلنا كما تري متساويين في كل شيء وليس لأحد علي احد سلطان, والقانون الذي يحكم الكل هنا هو قانون المساواة. والاحترام المتبادل.
- لكني ألاحظ أن هناك فروق بيننا فمنا الطويل, ومنا القصير, ومنا الهزيل والضعيف ومنا القوي والمتين.
- هذا الكلام صحيح فمن يستطيع التأقلم مع هذا الوضع الذي نحن فيه, وفي الأوضاع الأخرى التي سوف يخوضها سوف يكون قادرا علي خوض السباق الكبير الذي سوف يقام فيما بعد.
- سباق أي سباق !!
- أنة سباق الحياة , سباق الفائز فيه سوف يلتقي بمعشوقته, يلتقي في نهايته بنصفه الأخر الذي سوف يكونا معا شيء واحد وكائن واحد, فنحن سوف لا نعيش في هذا المكان إلي الأبد إننا سوف ننتقل إلي العيش في مكان أخر. إلي مكان فسيح مثل نفس هذا المكان ولكن السائل الذي سوف نسبح فيه سوف يكون مختلف عن هذا السائل.
ابتعد صديقي عني بفعل الزحام وبدون قصد , ولأننا كلنا مثل بعضنا فلم استطيع التعرف علية, فبعد أن تعبت من البحث عنة , مكثت في مكاني وفكرت فيما قاله وفي هذا السباق الذي سوف يقام في أي لاحظه لكي ننتقل من العيش في هذا المكان, لذلك قلت في نفسي ينبغي أن أضع لنفسي خطة محكمة وألزم نفسي بها لكي أفوز في هذا السباق المفاجئ. ولكن لابد أن اسأل أصدقائي الذين سبقوني إلي هذا المكان وخاضوا السباق حتى استفيد من خبرتهم .
في اليوم التالي قررت أن اعرف كل شيء عن السباق حتى أكون علي استعداد. فجأة شعرت بضربة خفيفة علي ظهري استدرت فوجدت صديق الأمس يلف ويدور حولي بفرح وسعادة لأنة رآني وتعرف علي . ابتسمت له وبعد الترحيب , قلت :
- اليوم أريدك أن تعرفني علي أحد الأصدقاء الذين خاضوا هذا السباق.
- هنا لا يوجد احد انهي السباق, كل الموجودين هنا قطعوا شوطا في السباق ولظروف خارجة عن إرادتهم عادوا إلي مكانهم ثانية.
- لا يهم, كل ما أريد معرفته كيف اعرف أن هذا السباق قد بدأ لكي أكون علي استعداد.
أخذني صديقي في رحلة طويلة للبحث عن احد قد خاض السباق قبلنا, وبعد أن قطعنا مسيرة يومين من السباحة, والعوم والتزاحم الشديد وصلنا إلي مقر أقامته. وفور أن وقعت عيني علية عرفته بضخامة جسمه وبرأسه الكبيرة. القي صديقي السلام بابتسامة رسمها علي وجهة.
- صباح الخير صديقي.
- صباح.... لا نعرف إن كان خيرا أم لا فكل شيء هنا مقدر ليس لنا فيه حيلة.
- صديقي يريد أن يعرف منك بعض المعلومات عن السباق الكبير.
ضرب بذيله في السائل الذي نسبح فيه, ولف مرة وثانية حولنا, و ولف ودار حولي وتفحصني وقال بابتسامة جوفاء خالية من الفرح:
- أتعرف انك تشبهني في شبابي, أنا لا اقصد تشبهني في الخلقة فكلنا مثل بعضنا, أنا اقصد انك تشبهني في الإصرار والعزيمة والتحدي. ما الذي تريد أن تعرفه , أنا سوف احكي لكم ما حدث علك تستفيد . ولكن قبل أن نحكي علينا ان نذهب لمكان هادئ وبعيد عن هذا الزحام . أتعرفون مكانا هادئا ؟
ضرب صديقي بذيله في السائل وغمس رأسه في السائل دليلاً علي السرور والفرح ولف ودار وقال:
- انا ... انا اعرف مكان قريب من هنا وفي غاية الهدوء.
وصلنا بعد فترة من السباحة لمكان ليس فيه غيرنا, توقفنا نحن الثلاثة , وشرع صديقنا الذي خاض السباق في الحديث عن خبرتة فقال :
- هذا السباق أصدقائي لا يقام هنا , لا يقام في هذا الفضاء الفسيح الذي نعيش فيه , ولكنة يقام في ساحة أخري, وفي فضاء أخر , وفي سائل أخر غير السائل الذي نعيش فيه.
- معني هذا انك لم تشترك في السباق ؟
- نعم هذه حقيقة فهذا السباق لا يفوز فيه إلا واحد فقط, وبعد نهاية السباق الكل يموت لا يكون لهم اثر. فالكثير يموت من الزحام فمنا من يموت في بداية السباق , ومنا من يموت في منتصف السباق , ومنا من يموت علي خط السباق , كل منا بحسب قدراته البدنية , فهذا السباق محكومة بالقوة البدنية, فهي المعيار للوصول للنهاية بنجاح. فكلنا نقف علي خط السباق في حالة من التساوي.
- دعك من هذا الكلام وحكي لنا عن تجربتك.
ذات يوم كنت أسبح مع مجموعة من الأصدقاء وفجأة شعرنا باهتزاز كبير, وكأنة زلزال حدث في المكان ولم ادري إلا ونحن محشورين في مكان ضيق يشبه النفق, كان هذا النفق طويل للغاية وصل الكثير منا إلي نهايته ولكني ومجموعة من الأصدقاء. عدنا مرة ثانية بدون ان نعرف السبب. فكل ما اعرفه أنا اهتزاز ضخم حدث في المكان الذي نعيش فيه وفجأة انتقلنا بقوة جبارة إلي النفق الذي حدثتكم عنة من قبل. هذا كل ما احدث .
طأطأت راسي وضربت بذيلي في السائل الذي نعيش فية , ودرت ببدني كله بحركة بهلوانية وقلت :
افهم من كلامك أن الاهتزاز الذي يشبه الزلزال الذي يحدث ليس بالضرورة يؤدي إلي السباق الكبير , ولكن في نهاية الاهتزاز هذا يموت الملايين منا , ولأسباب كثيرة أنت لا تعرفها .
- نعم أنت لخصت كل ما قلت.
- يعني أننا ليس لنا دخل في شيء, فنحن هنا مسلوبي الإرادة والاختيار, وكل شيء يحدث لنا ليس لنا دخل فيه ولكنة يحدث بإرادة عليا , بإرادة قوة كبري تحركنا , وتفعل بنا ما تريد !!
- نعم هذا ما يحدث تماما .
فجأة حدثت بعض الهزات الخفيفة ووجدت الكل متأهب لوقوع حدث عظيم فبعد أن كنا نعيش في فضاء كبير ضاق الفضاء بنا كثيرا حتى أن الكثير منا ماتوا من التزاحم وعدم قدرتهم علي التحمل , وهتز المكان اهتزاز قوي جداَ ووجدت نفسي وفي لمح البصر في مكان غير المكان الذي كنت أعيش فيه , وفي سائل غير السائل الذي كنت أعيش فيه . في هذه اللحظة أدركت أن سباق الحياة بدأ ونني لابد أن أسبح بكل قوتي حتى أصل إلي معشوقتي إلي التي تنتظرني بفارغ الصبر وتعمل كل ما في وسعها حتى نلتقي بي كما اخبرني صديقي من قبل . بعد أن قطعت شوطاَ كبيرا من السباحة كانت الرغبة في معرفة مستقبلي تقتلني , كنت اريد ان اعرف كل شيء عن حياتي فيما بعد , ولكن من سوف يخبرني وكلنا مشغولين فقط بالسباحة , وبكل قوة حتى نصل للنهاية . ملت علي واحد من الأصدقاء الذين كانوا يسبحون بجواري وقلت لة :
- من فضلك أريد ؟ وقبل أن أكمل كلامي.
- ماذا تريد ؟ قالها بصوت مرتفع منهك من التعب ,أتريد أن تعطلني حتى تفوز بالسباق هيهات , أنا اعرف كل هذه الحيل والألاعيب , انه سباق الحياة يا بني , من يخوضه يفوز وينجو ومن يخفق فيه يموت ويهلك لذلك أنصحك ان تركز فقط في الفوز .....
- أنا يهمني الفوز ولكن يمهني أكثر أن اعرف مصيري بعد أن أفوز , فرغبتي في المعرفة أكثر من رغبتي في الفوز في هذا اللحظة.
- أنت مجنون !!!
- ركز في الفوز ويحدث ما يحدث بعد ذلك .
- لا يا صديقي , فانا الآن أريد أن اعرف وبعدها أقرر إن كنت سوف أكمل السباق أم انسحب منة وأموت, فهذه يا صديقي لحظة الحسم لحظة الاختيار إنها لحظة الحرية , فانا الآن حر فيما سوف أفعلة ومسؤول عن اختياراتي هذه حتى ولو كان اختياري هذا فيه الهلاك . فكل حياتي السابقة كانت فيها مسلوب الإرادة والحرية , فانا لم اختار وجودي , ولم اختار المكان الذي وجدت فيه ولم اختار الكثير من الظروف المحيطة بي والتي تجعلني في النهاية غير قادر علي الاختيار , فهذه اللحظة يا صديقي هي الحياة ذاتها , وبدونها نكون مثل التروس الموضوعة بانتظام لأداء مهم محددة في أوقات محددة , وأنا ارفض أن أكون ترس , ارفض ذلك وأريد أن أقرر ولو لمرة واحدة في حياتي ...
- يابني هذا الكلام الجميل , ولكن الظروف المحيطة بك تجعلك لا تستطيع أن تختار فختيارك عدم خوض السباق معناه الموت , واختيارك خوض السباق معناه القبول بكل ما سوف يحدث لك بعد ذلك ...
- أنا أريد ان اعرف منك ما الذي سوف يحدث لي بعد ذلك وبعدها أقرر وربما معرفتي هذه تزيد من ثقتي , وإصراري , وتعطيني دفعة قوية للفوز .
- وربما تجعلك في حالة من الإحباط , وعدم الاكتراث .
- ربما , وهذا يتوقف علي المعرفة .
- اسمع يابني , في نهاية هذا السباق سوف يفوز واحد منا فقط , والفائز سوف يندمج في كائن أخر منتظر في نهاية السباق ويصيرا معا شيء واحد , وبعد العيش في هذا المكان لمدة تسعة أشهر سوف يتحتم علي هذا الكائن الجديد أن يخرج من هنا ليعيش في فضاء أخر لة موصفات مختلفة تماماَ عن الفضاء الذي كنا نعيش فيه والذي نعيش فيه الآن .. وهذا كل ما اعرفه .
فكرت في كل كلمة قالها صديقي , وكلما كان يتحدث عن العالم الجديد الذي سوف أعيشة ,والمغامرة الجديدة التي سوف أخوضها كانت حماستي تزداد وثقتي في نفسي ترتفع , وفور أن انهي كلامه اندفعت بكل قوتي نحوا القوة الجاذبة , وسبحت بكل قوة حتى وصلت في سرعة فائقة إلي خط النهاية فوجدت كائن مستدير لففت حوله عدة مرات وضربته برأسي بكل قوة ودخلته , واندمجنا معاَ لنكون الكائن الجديد الذي سوف يخرج من هنا , ويخوض المغامرة ألكبري يخوض سباق الحياة العظيم ....

للقصة بقية



#علي_رمضان_فاضل_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشريح العقل العربي
- قراءة نقدية لدعائم الحاكمية الإسلامية لدي ألمواردي
- السهروردي المقتول عشقا في نور الأنوار
- وحدة الوجود وحق كل إنسان في تصوره لله عند ابن عربي
- حدود العلاقة بين العقل والنقل عند أبو حامد الغزالي
- ابن مسكوية حياتة وفلسفتة
- العاشقون للماضي
- السلفية البعيدة والقريبة
- قراءة نقدية في منافستو الأخوان المسلمين (كتاب معالم في الطري ...
- صراع الافكار
- دوافع العنف والقتل عند دعاة الإسلام السياسي
- الطائفية والمذهبية في عالمنا العربي


المزيد.....




- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي رمضان فاضل علي - رحلة من الأعماق إلي الأعماق