أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن السلمان - فرانكشتاين في بغداد والفوضى الخلاقة















المزيد.....

فرانكشتاين في بغداد والفوضى الخلاقة


حسن السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 4617 - 2014 / 10 / 28 - 12:17
المحور: الادب والفن
    


فرانكشتاين في بغداد والفوضى الخلاقة
حسن السلمان
توطئة / الفوضى الخلاقة
في رواية فرانكشتاين في بغداد لاحمد سعداوي ، وهي الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية لعام 2014 ، يجري خلط الاوراق السردية على نطاق واسع خدمة لخطاب الرواية المتمثل بتمرير وتسويق نظرية الفوضى الخلاقة وفق النموذج الامبريالي / الامريكي على وجه التحديد كما سيتضح من خلال سير احداث الرواية وكلامها . قبل التوغل في قراءة الرواية وتثبيت مزاعمنا النقدية ، نتوقف قليلا عند هذه النظرية للتمهيد والربط بينها وبين ثيمة الرواية . فنظرية الفوضى الخلاقة ، هي نظرية امريكية يرجع اصطلاحها : ( تاريخيا الى (مايكل ليدن) العضو البارز في معهد (اميركا انتربرايز) المعروف بكونه قلعة (المحافظين الجدد) ومايكل ليدن هو احد اصحاب النفوذ في دائرة المحافظين الجدد، وارتبط اسمه بعد الحادي عشر من ايلول 2001 بنظرية ( التدمير البناء ) وهو مشروع التغيير الكامل في الشرق الاوسط الذي يشمل اجراء اصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية شاملة في كل دول المنطقة ) وهي ، أي النظرية الخلاقة ، حسب الفيلسوف ليو شتراوس : ( الذي يندرج ضمن «المحافظين الجدد»، فان السلطة الحقيقية لا يمكن ممارستها اذا بقينا في الوضع الراهن، ولكن على العكس تماما، في تدمير كل أشكال المقاومة. الفكرة باختصار هي : إغراق الجماهير في الفوضى التي يمكن ان تلهم النخب الطرق والوسائل اللازمة لضمان استقرار وضعها ) : المحافظون الجدد وسياسات الفوضى الخلاقة / تيري ميسان / شبكة النت . وذلك عبر نشر الاحتراب وخلق الازمات واللاستقرار والفوضى واشعاعة ثقافة العنف والاطاحة بكل المعايير الاخلاقية في البلدان الشرق اوسطية تحت احدوثة نشر الديموقراطية واحداث نوع من التوازنات لتحقيق السلم والامن العالمي ، بغية السيطرة عليها واستغلالها وتحقيق اهدافها الاستعمارية ، ورسم خارطة جديدة للمنطقة تكفل ديمومة هيمنتها وفرض قراراتها السياسية والاقتصادية عبر مايسمى بمشروع الشرق الاوسط الجديد الذي تبنته ادارة جورج دبليو بوش ورفعت رايته وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس واعلنته عام 2006 حيث تعتبر رايس عرابة هذا المشروع الاستعماري الجديد الذي يهدف الى رسم خارطة جديدة للمنطقة بمايكفل مصالحها ، اذ بدا هذا المشروع باسقاط نظام صدام واشاعة الفوضى والعنف بعد السقوط من خلال رسم سياسات المحاصصة الطائفية التي جعلت من العراق بؤرة للعنف والفوضى والاحتراب ، ومن ثم الشروع بتقويض انظمة حكم المنطقة ابتداء بتونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ولبنان اذا ماتزال هذه الدول تعاني العنف والفوضى واللاستقرار .
الشسمة / انموذجا للفوضى الخلاقة
في رواية سعداوي يجري تصنيع بطل الرواية من اشلاء ضحايا الانفجارات الارهابية في بغداد ويسمى ب ( الشسمة ) من قبل شخصية هادي العتاك للاخذ بثأر الضحايا من المجرمين وشخصية الشسمة هي شخصية مستنسخة من بطل رواية فرانكشتاين للرواية الانجليزية ( ماري شيلي ) . الان ان مختار سعداوي ينحرف عن مهمته الجليلة ، وهي مهمة رسولية / سماوية ، من الاخذ بثار الضحايا المغدورين الى القتل لا على التعيين ، اذ تسقط الحدود الفاصلة بين الضحية والجلاد وترمى كل المعايير الاخلاقية في سلة مهلات التبريرات المجانية . فالى جانب قتل البعثي القديم ابي زيدون ومعه بعض المجرمين من قادة مليشيات وامراء قاعدة وغيرهم ، يقوم الشسمة بقتل 4 شحاذين مساكين في حادثة قتل مفبركة ، بدعوى ان الشحاذين كانوا عداونيين وهاجموه ، وانهم فزعوا من رؤية وجهه البشع ، ولكي يبعد سعداوي التهمة عن بطله المخلص ، يقول لقد ماتوا لانهم ارادوا ذلك وانه لم يقتل سوى اثنين منهم قاما بقتل رفيقيهما الاثنين عن طريق الخطأ لان الوقت ظلام !!! . كذلك قتله للضابط في بيت الدعارة لانه تسبب بموت ضحية في حادثة انفجار دون ان يكون هنالك سبب معروف . كذلك قتله لرجل بريء لم يرتكب ذنبا سوى رغبة الشسمة بتجديد قواه وترميم جسده من جسد انسان بريء بعد ان دخلت على جسده عناصر من اجساد مجرمين . يبرر سعداوي على لسان شخصياته بان دوافع الجرائم يقف ورائها ( هراء ) : ( من الصعب اقناع شخص ما بهذا الهراء ولكن كل الجرائم التي ترتكب يقف خلفها هراء مرتب كهذا ). الرواية ص 145 . كما يعتمد النسبية في تبرير القتل العشوائي الفوضوي المجاني بالقول : ( ان كل شخص فينا لديه نسبة من الاجرام تقابل نسبة معينة من البراءة . ربما من يكون من قتل غدرا ودون ذنب شخصا بريئا هذا اليوم ، ولكنه كان مجرما قبل عشر سنوات حين القى بزوجته الى الشارع مثلا ، او والدته العجوز في دار العجزة او قطع الكهرباء او الماء عن عائلة لديها طفل مريض ما تسبب بموته سريعا وهكذا ) الرواية ص 171 . وهكذا تضيع درجات الجرائم والجنح ويصبح الجميع مؤهلين لان يكونوا قتلة مجرمين يستحقون الموت على يد المخلص النبيل ؟؟ . بل يذهب سعداوي ان كل من يحمل سلاحا حتى وان كان قديسا هو مجرم . ولاينسى سعداوي الجانب الفيزياوي لتبرير الروح الاجرامية لبطله الشسمة ، الذي جعل من فضاء الرواية مسرحا للقتل والعنف والفوضى بديكور من الاشلاء المتناثرة ، باضاءة دموية وحوار يعج بمفردات الجرائم البشعة ، وذلك عندما يجعل من اختلاط اشلاء الابرياء مع اشلاء المجرمين المكونة لجسد الشسمة مبررا للاجرام واشاعة الفوضى والعنف بلا تمييز . اما عن الجانب الاخلاقي للشسمة المخلص والمنتظر والمرغوب به والرسول الالهي ، ان كان هناك جانب اخلاقي ، فهو ، أي الشسمه ، يجعل لنفسه ثلاثة مساعدين : ساحر من سحرة النظام السابق لاعانته لتنفيذ جرائمه ، ورجل سفسطائي لتبرير افكاره ، والعدو وهو ضابط يعمل في جهاز مكافحة الارهاب لتزويده بالمعلومات . ويجري كل ذلك تحت غطاء فانتازي غرائبي في اقصى درجاته لاستبعاد أي حقيقة او هدف بعينه ، وجعل كل مايحدث خاضعا للفوضى والعشوائية والتوهم . كنا سنسكت ، او نذهب باتجاه اخر في قرائتنا للرواية ، لولا حزمة حجج وتبريرات سعداوي غير المقنعة لأجرام بطله المسخ المخلص وانحرافه عن مهمته المقدسة ، ونلج باب التأويل للخروج بمعنى او تفسير ما مغاير لما ذهبنا اليه ، يجعلنا مشاركين فعليين في انتاج نصه ، بيد انه اغلق باب الاجتهاد التاولي عندما تماهى مع نظرية الفوضى الخلاقة وتبريراتها المزيفة الخبيثة لما تشيعه من خراب واستغلال ودمار وفوضى واستهتار بكل القيم والاخلاق الانسانية خدمة لمصالحها واهدافها الاستعمارية .
ملاحظات عامة
لقد كان احمد سعداوي على الموعد فيما يخص صورة الرواية العراقية الجديدة بابتعاده عن الدوران في فلك الحدوثة الشعبية الضيقة الافق واجترار المواويل الذاتوية الخانقة ، والافراط في الادبية من مجازات واداء لغوي وصرامة في الشكل اذ تركزت ثيمته الروائية حول موضوعة على تماس مع حياة الناس ونعني بها نظرية الفوضى الخلاقة بغض النظر عن موقف الروائي ازائها اذ تشكل هذه النظرية تهديدا للدول النامية وتعيد الاستعمار مرة اخرى الى المنطقة بزي لايختلف اطلاقا عن زيه الاستعماري القديم ونعني به استعمار الشعوب واضطهادها بالقوة الغاشمة ولكنه استعمار تحت غطاء قرارت تنتزع بالقوة والترهيب عبر الامم المتحدة ومجلس الامن واحيانا دون تفويض . كما جاءت لغته موازية للغة الواقع وحياة الناس مع تثبيت صورتها الواقعية عبر سرد الاحداث الراهنة والمستلة من صميم الواقع ، ودعمها بالمعالم الشاخصة من امكنة ومسميات وحوار بالهجة الدراجة . الا انه لم يكن في الموعد فيما يخص الاقناع . فقد جاءت الكثير من الاحداث مفبركة مفتعلة ومنها حادثة مقتل الشحاذين ومقتل الضابط وعملية القبض على الشسمة اذ تتحرك قوة للقبض على المخلص الا ان سيارة مفخخة واقفة امام المنزل الذي يلجأ اليه الشسمة تفشل المهمة ثم يتيبن ان السيارة المفخخة تم تحريك سائقها الانتحاري بالايحاء من قبل احد المنجمين السحرة للقضاء على المخلص مع ذلك يفلت الشسمة ويلوذ بالفرار . تقنيا ، حذا سعداوي حذو رهط اصحاب الرواية العراقية الجديدة باعتماد تقنية الروبرتاج الصحفي عبر تجميع المادة ومن ثم تحريرها واعادة تحبيكها وهذه التقنية جرى استخدامها وعلى نطاق واسع من قبل علي بدر في معظم روايتها وكذلك الروائي مرتضى كزار في روايته السيد اصغر اكبر وضياء الجبيلي في رويته بوغيز العجيب وغيرهم من الروائيين الذين يدورون في فلك الرواية ذات الطابع الميتاروائي وبذلك اوقع نفسه في دلئرة اجترار الشكل وتقليده . بشكل ملفت لم يشذ سعداوي عن اكثر من روائي عراقي جديد في تثبيت معلم يهودي في روايته سواء كان مكانا ام شخصية بشكل ايجابي ، فثمة الخرابة اليهودية التي تعد ملجأ للمشردين والفقراء حيث يسكنها هادي العتاك ويجري على ارضها خلق الشسمه على يد العتاك . كذلك بيت ام دانيال الذي شيده اليهود العراقيين ، ووقع في غرامه فرج الدلال كما يذكر سعداوي وفعل من اجل الاستيلاء عليه كل شيء ، فهو بيت استثنائي : متين ولم تاكله الرطوبة كما هو حال بيوت الاخرين حسب كلام سعداوي !!! . كما ان الالحاح على الفانتازيا بمناسبة ودون مناسبة والافراط في استخدامها افقدها وظيفتها بوصفها معدلا موضوعيا او محاكاة تخيلية لتمثيل احداث وافكار وتصورات لايمكن طرحها بشكل قياسي تجنبا للمباشرة وفقدان عنصر الصدمة والتوتر وتوسيع افق التوقع الذي تحدثه عادة الفانتازيا . الرواية ومن فصلها الحادي عشر المعنون بـ ( تحقيق ) وحتى نهايتها ، يبدأ خطها البياني بالهبوط اذ تستطيل وتترهل وتتفكك نظرا لايراد تفاصيل لالزوم لها ، وحكايات جانبية سائبة ، وتكرار نعوت واوصاف بعض الشخصيات بالحاح ، مايجعل الكثير من الكلام فائضا عن الحاجة والشكل العام مخلخلا .



#حسن_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص في الحضور
- المثقف النقدي والحرث في الارض الحرام


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن السلمان - فرانكشتاين في بغداد والفوضى الخلاقة