أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير الطردة- الخليل-فلسطين - قراءة في رواية -أميرة- للكاتب جميل السلحوت














المزيد.....

قراءة في رواية -أميرة- للكاتب جميل السلحوت


أمير الطردة- الخليل-فلسطين

الحوار المتمدن-العدد: 4610 - 2014 / 10 / 21 - 21:52
المحور: الادب والفن
    



ما زالت لم تدرك أميرة ماهية المكان الذي ولدت فيه، ولا كيف تنقّلت بين الأماكن، حيث كانت المسافات مليئة برائحة البارود، وبقايا الدموع والخوف متروكة على نوافذ المنازل العتيقة.
كانت أميرة بداية الزغاريد في حضرة وصولها النّدي، وبداية الرواية التي عادت بنا لحكاية الثوّار الذين ناموا تحت دمائهم، وودّعتهم الأمهاتُ بأصواتٍ تردد للوطن والكرامة.
الرواية فيها رجوع للتاريخ القديم، وأحداثه المضرّجة بالتعب والحسرة والوجع، وكيف نمَت الأرواح القادمة من بعيد في أرضٍ كبُرَت على أنفاس أهلها وأحاديثهم وأغنياتهم. ورغم ذلك كانت الأحداث في الرواية على مضضٍ تشيرُ إلى من كان يبني أشياءه ببيع ضميره، ودثر الكرامة والناس وكل شيء، ولباس معطف (إطعم الفم، تستحي العين)، هذا اللباس المعتّق الذي ما زال حاضراً بشراهة.
وفيها انعكاس لواقع ملطّخ ٍ بالأطماع والفساد، وأصحاب الحضور الشّرير في الحياة على اختلاف جوانبها، فكثيرون هم الذين " يقتلون القتيل ويمشون في جنازته " وليس القتل بمعناه المُجرد فقط، وإنما القتل في التصرف ودسائس الليل، وجلسات الحبكة والأفكار الشريرة.
كنتُ أقف على شاطئ يافا الذي كان صوت نوارسِه يجوب السطور، وكنتُ أسلّمُ على البحر الذي لم يشهد نمو الكثيرين الذين يعيشون بالقرب منه، ولا يستطيعون الوصول. كنت أتنفس هواء الشمال من حروف الرواية، رغم الأرض الغارقة في الوجوه الغريبة هناك، شعرتُ حينئذٍ بدفءٍ جديد، وعرفت لماذا يقال في التراث والدّلعونا، بأنَ "الهوا الشمالي غيّر اللونا ".
حنينٌ كثيف لأراضي الشمال وُلدَ لدي، لذلك ازدادَ حزني عليها وعلى حيفا حينما بدأ الهجوم عليها في أحداث الرواية، وكيف تضرّجت بتلك الوجوه الغريبة، وسكتَ ضوء البُرتقال على أعتابها.
جلستُ في الشوارع الأولى للبلاد، الشوارع التي رسمَتها الرواية حجرا حجرا، وخطوة خطوة، عشت تفاصيل الحياة القديمة، شاهدت النّاس يمرّون من جانبي والذعر يملأ عيونهم من هجمات المحتلين وأصوات رصاصهم، كانوا يحملون أطفالهم وبقايا أشيائِهم ويتّجهون إلى أي مكان يكونون فيه بعيدين عن شباك الرصاص، وتكون فيه رائحة الدم أقل.
كنت أشاهد كيف تبكي الأشجار بصمت، كنت أشاهد بقايا الجثث الساكنة يعبر فوقها الهاربون جثثا متحركة، ثم تجوّلت في هدوء الليل في شوارع الرواية، وعرفت ماذا يعني أن يكونَ البيت خيمة أو يكون السّقف (زينكو)، وكيف لا تأبه بأن تُغلقَ باب البيت عليك، فلا شيء في الداخل سوى سعادة مؤجلة ودعوات للسّماء.
وهذا ما حصل مع والد أميرة، حينما عادت إليه، عادت أميرة بدموع طفولية تبكي على أم حفظت وجهها وابتسامتها، إلى دموع فقدٍ لأمّ زغردت لأول الولادة، وما زالت أميرة لا تدرك ماهية الأماكن سوى احتياجها لكلمات الأم الدافئة في كل مساء.
هل ستدرك أميرة يوما ما، بأن الأرض أمٌّ أخرى..؟ سألتُني، ثم أغلقتُ الرواية على سطرها الأخير.

21/10/2014م






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فشل محاولة إقصاء أيمن عودة ومخاوف استهداف التمثيل العربي بال ...
- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...
- من القبعات إلى المناظير.. كيف تُجسِّد الأزياء جوهر الشخصيات ...
- الواحات المغربية تحت ضغط التغير المناخي.. جفاف وتدهور بيئي ي ...
- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير الطردة- الخليل-فلسطين - قراءة في رواية -أميرة- للكاتب جميل السلحوت