أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هالة بوقعيقيص - أدب جين أوستن و الحركة النسوية














المزيد.....

أدب جين أوستن و الحركة النسوية


هالة بوقعيقيص

الحوار المتمدن-العدد: 5457 - 2017 / 3 / 11 - 14:34
المحور: الادب والفن
    


ترتبط الثورات و الحركات التمردية على النظم السياسية و الاجتماعية في العالم بعلاقة وطيدة مع الحراك الفكري و الأدبي, فالحركات الفكرية و الادبية الكبرى في التاريخ سبقت الثورات او كانت احدى نتائجها. و قد أثرت الثورة الفرنسية على الحياة في اوروبا بصفة عامة و على النظام الاجتماعي الانجليزي بصفة خاصة و قد ظهر ذلك في الحركات الأدبية و الفكرية و الحقوقية و كما شهدت نشوء الحركة النسوية, في القرن التاسع عشر كانت تلك المنطقة زاخمة بالثورات و التغييرات, وكانت الاديبات تعاني من التقاليد و الأعراف المقيدة للنساء و من السيطرة الذكورية على الساحة الثقافية مما اضطر بعض الكاتبات للكتابة باسماء مستعارة لتفادي هذه العراقيل و كانت جين أوستن إحداهن و التي صارت من أوائل الأديبات اللواتي قدمن أعمالاً أدبيا جديدة من نوعها في وسط خضم سيطرة تقاليد و الأعراف على المجتمع الانجليزي.

قد يبدو للوهلة الأولى أن أدب أوستن يحتوى على العديد من الرسائل التي تعد معادية للنسوية وذلك بانتهاء معظم روايتها بزواج بطلاتها و تصوير النساء كقاصرات فكريا و سطحيات في بعض رواياتها و تعظيم دور الرجل على أنه الملاذ و المنقذ. و لكن اذا قمنا على هذا الأساس بقراءة روايات أوستن على إنها معادية للنسوية فأننا قد نغفل عن الهدف من الحركة النسائية و الذي بدأ يُحصر في مناقشات سطحية تبتعد عن الجوهر الرئيسي و هو ببساطة: المساواة بين الجنسين. أوستن عاشت في وقت كان فيه مثيراً للجدل فكرة أن النساء يمكن أن تمتلكن آراء عقلانية و فكرية مستقلة و أن تكن لديهن القدرة على إدارة شؤونهن، ومن خلال شخصيات روايتها كانت تثبت مرارا وتكرارا بأن النساء ممن يرتضين أن يكونوا أسيرات العاطفة و يتبعن إملاءات الاعراف الاجتماعية التقليدية بدلا من استخدام فطنتهن و ذكائهن الخاص ينتهي بهن الأمر بأن يكونوا شخصيات ليس لها أثر يذكر في الحياة.

مما يعرف على جين أوستن أنها كانت قارئة جيدة و على قدر عالٍ من العلم و الثقافة مقارنة بنساء ذلك العصر، و قد انعكس ذلك على أعمالها و التي كانت دائما تلقي الضوء على المشاكل التي تنتج من ضعف تعليم و دراية المرأة و كانت تصر على تمكين المرأة علميا و ثقافيا حتى تستطيع رسم شخصيتها و تكوين افكارها المستقلة و قد عبرت عن أهمية الثقافة و الكتابة في التعبير عن مطالب المرأة في قولها : "قد امتلك الرجال كافة الميزات علينا و ذلك لانه كان بمقدورهم إخبارنا جانبهم من الحكايا" . و قد كان جُل همها القاء الضوء على أهمية ان تكون المرأة معتمدة على نفسها مالياً و هي ترى أن الزواج يعد الخيار الوحيد للمرأة غير مستقلة ماليا و ذلك لضمان حياة جيدة وهو ما كان متعارف عليه في ذلك الوقت. و نرى أثر ذلك في ما جاء على لسان شخصيتها "إيما" مراراً بأنها ليس لها حاجة بالزواج لأنها مستقرة و مستقلة ماليا. و في رواية " العقل و العاطفة" ألقت أوستن الضوء على مشاكل الميراث للنساء و وصاية الذكور على الإناث و استحواذهم على ملكية أموال و أصول العائلة مما يجعل الشقيقات في عوز و فقر ينتظرون الهبات من ذكور العائلة أو صدقات المعارف.
كما تؤمن أوستن بأن أساس العلاقة بين الرجل و المرأة تقوم على الصداقة و الرفقة بالاضافة للروابط الزوجية و يظهر ذلك في تصويرها لشخصيات السيد والسيدة بينيت في رواية "كبرياء و هوى" . يظهر جلياً في أعمالها أنها كانت تأمل بأن تكون خيارات النساء في الزواج مبنية على الحب و العاطفة قبل الاعتبارات المالية و الاجتماعية و ذلك لأنها تؤمن إيمانا راسخاً بقدرة المرأة و الرجل على اتخاذ قرارات عقلانية و في ذات الوقت بحقهم في اختيارهم للطريق التي تحقق السعادة لهما و هذا ما يعد في القرن التاسع عشر فكر ثوري و نسوي لأبعد حدود.
حين نتجول بين شخصيات أبرز روايات جين أوستن نجد الفكر المتمرد بين سطورها, ففي رواية "مانسفيلد بارك" اتهمت بطلة الراوية "فاني" بالجحود لرفضها الزواج من ابن الوصي عليها و يظهر بعد فترة رجاحة قراراها ويعترف لها الوصي برؤيتها الثاقبة و قدرتها على الحكم على الأمور بحكمة . كانت اوستن تروج لفكرة أن قرارات وخيارات المرأة على ذات القدر من الأهمية بقرارت الرجال في روايتها " الكبرياء و الهوى" ترفض إليزابيث عرض الزواج من السيد كولينز و السيد دارسي و ذلك لانهم لم يستشفوا مدى احترامها لذاتها و مدى استقلاليتها و تمردها على الأعراف الاجتماعية, وهذه المشاعر نفسها التي جعلت إليزابيث ترفض طلب دارسي للزواج على الرغم من ضغط عائلتها و محيطها و الأهم على الرغم من مشاعرها نحوه, من خلال شخصية اليزابيث ترسم أوستن شخصية قوية للمرأة التي تقاوم عواطفها و مجتمعها للحفاظ على عزة نفسها و كبريائها و مقاومتها فكرة أن تكون فقط صفقة اجتماعية تمت مباركتها في الصالونات الاجتماعية و لعل هذا التمرد و القوة هي أبرز صفات الحركة النسوية و التي وصفتها بدقة شديدة في رواية " إقناع" على لسان الشخصية الرئيسية في الرواية آن إليوت " كم أمقت طريقتك في الكلام على النساء كما لو أن جميعهن سيدات رصينات عوضا عن إنهن مخلوقات مفكرة, صدقني لا أحد يرغب في البقاء طوال حياته مطموراً في المياه الراكدة".
هل سنشهد في الوقت التي تشهد فيه منطقتنا ثورات و حركات تغييرية كبيرة التي تعد مناخ خصباً للابداع الفكري و الفني و حيث تشهد الساحة الثقافية العديد من الإصدارات الأدبية سواء الروايات او الشعر او الخواطر الادبية,هل سنرى أعمالاً أدبية و فنية تمس بصورة الخاصة الحركة النسوية و تعالج مواضيع جوهرية لتحسين أوضاع النساء في المنطقة اقتداءً بأوستن و غيرها من الأديبات اللواتي استطعن من خلال أدبهن و أعمالهمن الفنية إيصال أصواتهن و همومهن إلى المجتمع؟



#هالة_بوقعيقيص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هالة بوقعيقيص - أدب جين أوستن و الحركة النسوية