|
الدولة الريعية
ممدوح مكرم
الحوار المتمدن-العدد: 4596 - 2014 / 10 / 7 - 15:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مصر دولة ريعية بإمتياز ؛ بسبب تخلف فى بنيتها الاقتصادية ، و بالتالى السياسية و الاجتماعية ، و الثقافية ، و من ثم تصبح التبعية نتيجة ، و فى ذات الوقت سبب. هذا يفسر الإتجاه الجبائى للدولة ؛ أى الدولة الجابية ( مثل دول و إمبراطوريات القرون الوسطى الخراجية و الإقطاعية ) تعتمد اعتمادا كلياً على دخول من نشاط غير منتج، يسمى الريع ، أو المزيد من فرض ضرائب ورسوم لا حصر لها ، من أجل التغلب على عجز الموازنة ، و ميزان المدفوعات . ومن أبرز أمثلة التريع فى اقتصادنا ؛ قناة السويس : دخل القناة هو ريع ؛ أى دخل ناتج من عمل غير منتج ، من خلال فرض رسوم مرور على السفن التى تمر عبر القناة ، هذا لا يعطى أى دفعة للإقتصاد لتجاوز تخلفه البنبوى ، و تجاوز ضعف قوى الإنتاج ، و عليه تجاوز التبعية بمعناها المركب ؛ بما فيها البعد السياسى . و من هنا لا نرى أهمية كبيرة لهذا التطبيل المتعلق بتنمية مشروع محور قناة السويس ، هو إعادة إنتاج النمط الريعى مرة أخرى ، و الدوران فى ذات الحلقة المفرغة ، طبعاً مع توقع خطر اندلاع حرب / حروب كبيرة فى المنطقة ، قد تؤدى إلى منع أو تقليل مرور السفن فى القناة ، بسبب افتقاد عنصر الأمن و الأمان بشكل كبير ، بالأخص مع تفاقم مشاكل و صراعات الشرق الأوسط . الاقتصاد الحقيقى : هو الاقتصاد المنتج المرتبط بفلسفة للتنمية المستقلة المعتمدة على الذات ، تبدأ من التصنيع الثقيل ( صناعة آلات الإنتاج نفسها ، فضلا عن الصناعات الإستهلاكية الضرورية و ليست الترفيهية ، بقصد اشباع حاجات الناس و ليس للتصدير ) وذلك فى ارتباط مع تنمية زراعية ، وعمل صناعات قائمة على الزراعة فى الريف ، و ربطها بالصناعة ، و هنا يتطلب الاعتماد على قاعدة علمية و تكنولوجية عالية ( فى الزراعة يكون على قمة الأولويات التوسع فى زراعة الحبوب وخاصة القمح لسد الفجوة الغذئية ، و الإعتماد على الذات فى الغذاء ، دون الاعتماد على الإستيراد من الخارج ) وكذلك تنمية الثروات : الحيوانية و السمكية و الداجنة ، عبر تدخل و مساعدة الدولة من جهة ، و إقامة تعاونيات بمضمون ديمقراطى و استبعاد و اقصاء كبار الملاك و الرأسماليين. ومن هنا إن وجود قطاع عام قوى أمر حيوى ، وشديد الأهمية ، مع محاصرة البقرطة ، من خلال مقرطة الإدارة و المؤسسات ، ووجود نقابات عمال قوية ، و اتحادات فلاحين قوية ، وقدرة على ترتيب الألويات ، بالتأكيد هذا كفيل بإحداث نقلات نوعية سريعة . لكن للأسف النظام الحالى ..امتداد طبيعى لمن سبقوه ، سيطرة النمط الريعى ، و غياب الروءية ، و الأهم هو وجود طبقة الكمبرادور التى تعيق أى خطوة تقدمية للأمام ، بما فيها المسائل السياسية المرتبطة بالديمقراطية و الحريات حتى فى جانبها الشكلانى ذو المسحة الليبرالية !! ولهذا نرى أن العلاقة بين الدولة الريعية و الجباية : علاقة جدلية ( وحدة وصراع فى نفس الوقت ) وهذا يفسر التبرعات الإجبارية !! ( التبرع اساساً اختيارى ) التبرع ضريبة مقنعة ، هناك حديث على أن هناك خصم من المرتبات ؛ تبرع لصندوق تحيا مصر !! هذا التريع الاقتصادى ، أدى إلى تريع ثقافى بالتبعية ، الثقافة بما فيها الإبداع خضع لنمطية الريع ( الريع لا يوجد به إبداع ، لأنك لا تحتاج للتفكير و بالتالى العلم و العقل ) و من ثم انتشار الخرافة و الفكر الغيبى ، و الإبتذال الفنى و الأدبى ، و الأخلاقى ، و التسطيح السياسى و الثقافى ....إلخ هذه مظاهر الريع و نمطه فى الثقافة ، ليس هذا فقط بل حتى فى سلوكيات الأفراد . ومنا هنا سوء التعليم ، الذى ينتج كم من التشوه فاجر ، و بالتالى إنتاج التخلف و التبعية ، ولذلك تصبح الجماعات الدينية و الطائفية و القبلية و العرقية هى المتسيدة فى جانب الاجتماع و ليست الأحزاب.
حركة الديقراطية الشعبية - أسيوط
#ممدوح_مكرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محاولة لفهم الوضع الطبقى الراهن فى مصر
-
د. نصر حامد أبو زيد و تاريخانية النص ( جدل النص و الواقع )
-
العراق من التقسيم ؛ إلى تقسيم التقسيم
-
عمال أسمنت أسيوط ( سيمكس ) : العودة للمربع صفر( متابعات )
-
التطرف اليمينى هو سمة أساسية للعقود المقبلة
-
تثوير الفن ، و تنوير التثوير
-
خطاب الهزيمة ، وهزيمة الخطاب ( سبعة و أربعون عاما على هزيمة
...
-
بنية التخلف فى مصر
-
مع هادى العلوى الذى جمع بين الماركسية و التراث الاسلامى و ال
...
-
حول إعادة الإعتبار للجيو-بو لتيكس
المزيد.....
-
ياسمين عبد العزيز رسميًا في دراما رمضان 2025.. والعوضي يهنئ
...
-
سلوك بايدن خلال لقائه زيلينسكي يثير غضبا في الولايات المتحدة
...
-
البيت الأبيض يرفض الإفصاح عما إذا كان بايدن سيلتقي نتنياهو ا
...
-
بايدن يعلن الاتفاق مع ماكرون على تحويل الدخل من الأصول الروس
...
-
رائد فضاء تركي يحمل الكوفية الفلسطينية على متن رحلته تضامنا
...
-
نيران الفاشر تطال المرضى.. والنزوح الآن -بين الأحياء-
-
وزير الخارجية التركي يزور روسيا للمشاركة في اجتماع وزراء خار
...
-
بن غفير: لن أكون جزءا من أي صفقة لا تناسب أهدافنا في غزة
-
الرئيس الإسرائيلي يعلق على حادثة أثارت ضجة كبيرة خلال احتجاج
...
-
RT ترصد الدمار بالنصيرات عقب العملية
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|