|
أحمد صبحى منصور والمسيحية
محمود عبد القادر طه
الحوار المتمدن-العدد: 4593 - 2014 / 10 / 4 - 10:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أستاذنا العزيز د. أحمد صبحى منصور
رأيت لك مؤخرا حلقة تليفزيونية مسجلة فى قناة الحياة المسيحية (برنامج سؤال جرىء)
https://www.youtube.com/watch?v=c-2UYr3TbcU
ظهرت فيها شخصا قويا بليغا وقورا يتدفق العلم من صوته وهيئته وحضوره المتوهج .. وكنت سعيدا أن أرى بعينى انسانا يقضى ما تبقى له من سنوات العمر فى كفاح ((صامت)) ضد أعتى التيارات وأشرسها فى صبر ومثابرة لا نجدها الا عند عظماء الأعلام والفلاسفة الذين خلدهم التاريخ وخلدتهم أعمالهم. وهذه الكثرة القيمة من الكتب والأفكار التى قمت ولا زلت تقوم بانتاجها على مر السنين منذ أن تم طردك من جامعة الأزهر والى اليوم تكفى لتصنع منك لا أستاذا واحدا بل عشرة أساتذة فى أكبر جامعات العالم ومع ذلك فأنت لا تحصل من ورائها على منصب ولا حتى على أى مقابل مادى برغم أنها الشىء الوحيد الباقى الذى يمكن للاسلام أن يتعلق به وسط الأمواج العاتية التى سيغرق فيها آجلا أو عاجلا .... هى بطولة من طراز تاريخى نبيل رفيع ... أن ينكر انسان نفسه كل هذا الانكار ويقضى سنوات عمره فقيرا منفيا بعيدا فى أقاصى الأرض منكبا على قضيته يقاتل فى سبيلها دون غاية يحققها فى غده القريب أو حتى البعيد ..
أنا أكتب لك الآن لكى أشكرك وأحييك وأشد على يديك بل وأقبلها وأقبل قلمك الثائر العبقرى الذى لا يهدأ
لكنى برغم موقفى هذا فأنا حزين على هذه البطولة وهذا السعى الجرىء الجسور .. فأنا قد فارقتُ الاسلام بعد أن امتلأتُ اقتناعا بأنه دين أرضى من اختراع انسان .. حدث هذا عبر سنين طويلة من البحث والدراسة الشاقة المتعمقة التى تخليتُ فيها عن الروح التبريرية التى تنتهجها فى مدرستك القرآنية والتزمتُ الحياد المطلق .. لقد ثبت لى بما لا يدع مجالا عندى لأى شك أن محمدا كان شخصا كاذبا مدعيا.
أتعجب كثيرا عندما أراك تكتب بإصرار هنا فى الحوار المتمدن غاضا طرفك عما يجرى فيه (وفى غيره) من معارك وما يذاع فيه من أفكار يخرج على إثرها الناس من دين الله أفواجا .. ولم تكلف نفسك عناء التعليق ولو بمقال واحد .. !! شبهات كثيرة مدمرة ضد الاسلام ونبيه تتلى على الناس آناء الليل وأطراف النهار وأنت منغلق على نفسك لا تكلف نفسك مشقة الرد عليها أبدا .. أليس هذا عجيب ؟
سيدى .. الاسلام يسقط .. وأنت متصور أن النجاة فى قاربك فقط .. قارب التبرير ..
لقد ذكرت فى تلك الحلقة التليفزيونية المشار اليها أن الاسلام الذى نعرفه اليوم كله محرف مشوه وليس هو الاسلام الحقيقى .. !! وقلت للمذيع أن كل صحابة الرسول عن بكرة أبيهم خانوه وخرجوا على تعاليمه وسعوا وراء الدنيا ومشتهياتها ..
والسؤال كيف ؟
هل رباهم الرسول على تلك الأخلاق أم أنه فشل فى تربيتهم ؟ كيف والقرآن يقول "لقد رضى الله عنهم" فى عدة مواضع .. هل هذه نهاية محمد رسول الله والذين آمنوا معه الذين تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانه ؟ هل كان الله يجهل أنهم يبطنون الخيانة والمروق من الدين ؟
والله الذى لا إله غيره لئن كان ما قلته فى حقهم صحيحا ، وأن أبا بكر وعمر وعثمان وبقية الصحابة قد خانوا الرسول حقا وخرجوا على شريعته وأن عمر قد قتل أبا بكر وكل ما تلى ذلك من أفاعيل ... أقول لئن كان هذا صحيحا فإنما فعلوه ليقينهم بكذب محمد وأنه لم يكن رسولا من عند الله حقا .. (تماما كما كان أبو سفيان يردد علنا بينهم بأنه لا وحى ولا نبوة .. وقالها فى وجه الرسول: أما هذه ففى النفس منها شىء) .. !
أليس هذا منطقيا ؟
انت قلت فى البرنامج ان رسل المسيح قد خانوه وأنكروه وهذا خطأ .. فالذى خانه واحد فقط وسبب خيانته غامض .. أما الباقون ومنهم سمعان بطرس الذى أنكره يوم الصلب فهم رسل مطهرون أدوا رسالته وماتوا شهداء فى سبيلها (دون قتال طبعا) لم يطلبوا من ورائها دنيا ولا جاها ..
ثم ان كانت الرسالة الاسلامية الخاتمة قد فشلت كل هذا الفشل المأساوى الذريع وتم تشويهها وتخريبها كل هذا التخريب (طبقا لكلامك فى الحلقة) فما ذنب المسلمين الذين تبعوا ذلك الدين المشوه المحرف كل تلك المئات من السنين لكى يعذبهم الله يوم القيامة فى نار جهنم ؟
هل هذا دين جاء ليظهره الله على الدين كله ولو كره المشركون ؟ أم ان الله فشل كما قال لك رشيد ؟
الرأى عندى (وأدعوك للتفكر فيه) هو أن محمدا تعرف على الديانة المسيحية فى بيت زوجته (ربما من خلال ورقة ابن عمها) ووجد أنها عقيدة غير مستساغة غير مقنعة (كان هذا اعتقاده الشخصى ولم يكن وحيا بالطبع) ولكنه فى الوقت نفسه كان يؤمن بوجود الله على الطريقة الابراهيمية فأراد القيام بعمل كبير يصحح من خلاله الوضع والدعوة لإله ابراهيم والذى هو أيضا إله التوراة الذى يؤمن به ويعتقد بوجوده والذى لا يمكن أن يكون قد تجسد انسانا يضربه الناس ويصلبوه (ما هذا العار ؟!!) .. ولما كان قد مر أكثر من خمسة قرون على ظهور المسيحية دون ظهور نبى جديد فى بنى اسرائيل يصححها ويعيد الناس الى الله الحق (الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) فقد ادعى هو النبوة متطوعا .. وتصدى لهذه المهمة (العظيمة النبيلة من وجهة نظره) وزعم أن رسالته هى خاتمة للرسالات .. واعتبر نفسه يكذب لله .. وأنه كذبُ أبيض لا يضر مادام سيبعد الناس عن عبادة المسيح وأمه (رغم أنهم لا يعبدون أمه ولا يحزنون) .. ولعله اعتقد فى نفسه أيضا أن الله لن يعذبه على كذبته تلك مادام الباعث عليها خيرا .. ولم يجد غضاضة فى التشريع باسم الإله والحديث باسمه مادامت الغاية بهذه الضخامة والخطورة والسمو.
ومع مرور الأعوام رأى أصحابه المقربون أن أخلاقه وسلوكياته لا تتفق وسلوكيات نبى ربانى يوحى اليه (وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبى - فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها - الإسراف فى الغزو والقتل والسبى - الغدر واغتيال معارضيه واستخدام الشتم بأقذع الألفاظ ... الخ الخ الخ الخ) فأسروها فى نفوسهم خوفا من سيف الدولة المسلط لكن كانت منهم فلتات سجلها التاريخ مثل : (أرى ربك يسارع لك فى هواك) – ( عبد الله ابن سرح وقصة كتابة الوحى وارتداده) – (مقولة أبى سفيان .. لا وحى جاء ولا شىء نزل) .. الخ الخ الخ ... ولكنهم مع ذلك استمسكوا بطاعته وظلوا يعاملونه كنبى حتى مات وعندها انكشفوا على حقيقتهم كما شرحت أنت فى الحلقة وما أعلنت عنه فى كتابك (أظن أسمه .. المسكوت عنه من سيرة الصحابة) ثم ظهروا على حقيقتهم أكثر وأكثر فيما تلى ذلك من فتن كبرى وفتوحات دموية بشعة
يقرر القرآن أن النصارى يعبدون مريم وابنها كآلهة مع الله .. وهذا خطأ جسيم – فلا توجد طائفة واحدة فى العالم المسيحى بأسره تعبد مريم .. وحتى لو كان القرآن يتحدث عن طائفة محددة تعبد مريم فهو قد أهمل الحديث عن معتقد باقى نصارى العالم وهم الأغلبية الكاسحة ... هذا أمر غير مفهوم وغير مقبول .. للأسف كل معلومات محمد عن المسيحية مصدرها نصارى الجزيرة العربية فى زمانه والمعروفون باسم المريميين الذين عبدوا مريم .. فظن أن الديانة المسيحية فى كل أنحاء العالم تصنع صنيع هؤلاء .. ومعه حق بالتأكيد فى أن يكره تلك الديانة ويتدخل بنفسه لتصحيح الوضع (أنا لو مكانه كنت هعمل اللى عمله وادعى النبوة طالما ربنا مش عايز يبعت نبى يصحح الوضع رغم مرور مئات السنين على المسيح !! ) .. لكن لو كان اجتهد قليلا فى دراسة الكتاب المقدس (الذى كان منتشرا فى جميع القارات) وتعرف على حقيقة الثالوث ومعنى الفداء ونبوءات العهد القديم عن المسيح المنتظر – لم يكن يسعه سوى اتباع المسيح .. بل والدعوة لديانة المسيح فى مكة وما حولها ولكان قد كفانا ما لاقيناه من فعلته تلك.
سيدى وأنت اليوم فى المهجر – تنعم بالحرية والأمان.. أدعوك لأمرين ... أولا- جمع كل ما أثير ضد الاسلام من شبهات ودراستها ووضع الردود (التبريرية) عليها قدر ما تسعفك الطاقة (هذا عمل جليل يستحق - وهو أولى بطاقتك وجهدك من تلك الموضوعات التى تهدر فيها وقتك) ... ثانيا - دراسة الانجيل والكتابة عنه ولو بالنقد والتفنيد .. أقول ذلك لأنى على ثقة مطلقة فى أن عقلية جبارة كعقليتك ستكتشف الحقيقة بسرعة وستجد نفسك ترتمى بسرعة فى أحضان الإله الحقيقى الذى عرفته كل قارات العالم ولا يترك نفسه بلا شاهد ولا يجرؤ أحد على تحريف حرف واحد من كلامه .. ويوم يخرج أحمد صبحى منصور على الشاشات معلنا إيمانه بما جاء فى الانجيل سيكون يوما مجيدا يسجله التاريخ ويهتدى على اثره هؤلاء الذين خذلهم الاسلام وألقى بهم على قارعة الطريق يدعون الإلحاد وهم من داخلهم يبطنون الحنين للإله الرحيم
لا تستكثر على الله ولا تمن عليه بما قدمته من مؤلفات وما شيدته من مذهب وأتباع .. إذبح كل هذا تحت أقدام الحق والحقيقة وأقبل الى ربك فى تواضع
لم يبق الكثير .. الموت قريب والله أكبر وأعز وأبقى
رجاء أخير .. اتمنى أن تترك باب التعليقات على مقالاتك مفتوحا ولك أن تحذف منها ما لا يروقك
#محمود_عبد_القادر_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
TOYOUER EL-JANAH TV .. تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر ا
...
-
أنس بيرقلي: الإسلاموفوبيا في المجتمعات الإسلامية أكثر تطرفا
...
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|