أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد مكاوي - قربان الآلهة














المزيد.....

قربان الآلهة


جواد مكاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4589 - 2014 / 9 / 30 - 08:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كثيرة هي تلك الطقوس التي يتقرب بها الإنسان للإله ، سواء كان هذا الإله واحدا موحدا كما هو الشأن بالنسبة للأديان السماوية ، أو كان متعددا و مختلفا كما هو الشأن بالنسبة للأديان الأرضية ، إذ أنها تتراوح بين الدعاء و الصلاة و الصيام و تقديم النذر و القرابين عسى أن ينال الإنسان رضا الإله ، و تمثل القرابين أهم و أقدم و أغرب طقس أحيانا... حيث أن العودة إلى التاريخ الإنساني ، تبين أن علاقة الإنسان بالإله كانت وطيدة من خلال القرابين التي يقدمها الأول للثاني ، و قد تكون هذه القرابين استباقية ، و الغرض منها تجنب حدوث كارثة ما ، أو الرغبة في الحصول على امتياز ما ، و قد تكون لحظية ، أي أثناء حدوث واقعة طبيعية مهددة للكائن الإنساني و لن يكون الحل إلا بتقديم القرابين للإله ، و قد تكون بعدية ، و في الغالب تأتي كشكر للإله على جميله ، و كامتنان على عطفه ، كالانتصار في الحروب ... ما ميز هذه القرابين عبر التاريخ هو أنها كانت ملونة بالدماء، أو أن يقدم للإله بواكير الفواكه و الخضروات و المحاصيل الزراعية ، القرابين بهذا المعنى تدل على التضحية بنفس أو حيوان، أو تقديم الثمار و الخمور ، بغرض إرضاء الإله (أو الآلهة )و إن كان القربان الحقيقي و الذي يعتقد الإنسان بأنه سيستميل بها الإلهة هي الدماء ، و ليست أي دماء ، بل دماء الإنسان ، و لدى بعض المجتمعات ليس أي إنسان ، بل إنسان عزيز ، كتقديم الابن البكر ، أو الصغير ، أو تقديم إنسان يُعتَقد أنه مميز ...
سجلت وثائق التاريخ الإنساني أشكال بشيعة من أنواع القرابين ، إذ أنها تحكي عن كيف كان في بعض الحضارات القديمة يُقَدم الأطفال كقرابين للأله ، و على رأس كل سنة ينبغي التضحية بعدد كبير من الناس لذات الغرض ، إننا الآن ننظر إلى هذا الأمر و لا يسعنا إلا أن نحكم عليه ، بل و لا نتردد في قول إنه فعل بشع ، و أنه سلوك إجرامي و ضد الإنسانية ، إننا نقوم بذلك دون أن نستحضر الشروط التاريخية و الثقافية و الاجتماعية السائدة آنذاك ، إننا نحكم من خلال نظرتنا المعاصرة عليهم ، و بذلك نسير بسرعة مضاعفة في الطريق المتجهة صوب الجهل ...ذلك أنه لو حدث أن دمرت الحضارة الإسلامية على سبيل المثال ، و انتهى عهدها ، و أتى بشر أخر ، و حدث أن أصبح للحيوانات ( الخرفان بالأساس ) حق الحياة و الحفاظ عليها ، بل إذا حدث أن أصبحت هذه الحيوانات التي نقوم نحن الآن بنحرها ، حاكمة و سيدة نفسها ، و إذا حدث أن حصلت على وثيقة تقول بأن في زمن المسلمين ( و هم بشر كانوا في فترة ما على الأرض ) كانت كل أسرة مسلمة تنحر خروفا تقربا لألهها ، سيقولون بكل تأكيد و بلا تردد :" إن هذا عمل وحشي" حيث أنهم سيتقربون للإله بتقديم الأحجار أو النبتات ...و بذلك سيحكمون مثلنا بالخطأ لأن الشروط التاريخية و الثقافية و الاجتماعية تقتضي نوع معين من القرابين ، و هذا مسلسل و تطور الأديان ...
لو شئنا أن نقوم بوضع تحقيب تاريخي لتطور القرابين عند الإنسان لقلنا أن السعي إلى التقرب إلى الله لم يكن وليد ظهور الأديان السماوية ، خصوصا الإسلام إذ تعتبر أضحية العيد سنة مؤكدة ، بل كان منذ أن وجد الإنسان على الأرض ، حيث أنه شعر في بداية الأمر بضعفه أمام هول الطبيعة ،و لم يكن من الممكن العيش بأمان إلا بإضفاء البعد الإلهي على مكونات الطبيعة ، فجعل من الشمس و القمر و الخصب و المياه... آلهة ، فكان يقدم له القرابين عسى أن تُذهب عنه بأس قادم أو ن تجود عليهم من خيراتها ...ففي البداية كان القربان بمثابة بواكير الخضروات و الفواكه و أجود محاصيل الحقول تقدم للألهة ، غير أن الإنسان عمد إلى تملق الآلهة ،و ليظهر لها مدى تفانيه و إخلاصه لها عمد إلى تقديم الابن البكر ، كما هو الشأن بالنسبة للفينيقين ، أو تقديم أعز الأبناء درءا للشرور و دفعا للمصائب ، أو نحر عدد كبير من الناس شكرا و امتنانا و عرفانا للآلهة ، كما حدث مع الملك الذي ضحى بابنه البكر و ذبح سبعة ألاف شخص عندما فُك الحصار عن مدينته .... ، غير أن تطور الأديان جعل من نحر الإنسان أمر ملغى و تم الاقتصار على التضحية بالحيوانات و هذا ما تجسده قصة إبراهيم و ابنه كما يحكيها القرآن و التوراة مع اختلاف في الحيثيات ، غير أن الثابت أن الله أمر نبيه إبراهيم أن يصطحب أبنه لينحره امتحانا له ، و لما اتضح أن إبراهيم عازم على فعله ، فأفداه الله بذبح عظيم ...
فكرة القربان بالدماء ، سواء كانت إنسانية أو حيوانية ، تعود لسبب بسيط هو أن الدماء هي أغلى شيء يمكن أن يقدم للإله ، إذ أن الآلهة لن تنظر إلا إلى ما هو أثمن ، مختبرة بذلك إيمان الإنسان ، و لكي يبين الإنسان للإله بأنه مستعد لأن يقدم ما هو أغلى له قام بتقديم دماء الابن البكر و الابن العزيز و عدد كبير من الناس ، و لعل هذا ما نجده في سفر التكوين حيث أن هابيل كان راعياً للغنم، وكان قايين (أي قابيل) عاملاً في الأرض، وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قرباناً للرب. وقدم هابيل أيضاً من أبقار غنمه ومن سمانها فنظر الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر...



#جواد_مكاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد مكاوي - قربان الآلهة