أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشيد لبيض - تخذير الأضحية قبل ذبحها..واجب شرعي وإنساني














المزيد.....

تخذير الأضحية قبل ذبحها..واجب شرعي وإنساني


رشيد لبيض

الحوار المتمدن-العدد: 4587 - 2014 / 9 / 28 - 19:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يتبقّ على حلول عيد الأضحى بالدّيار الإسلامية إلا أيام معدودات، هذا التقليد الذي دأب المسلمون على إحيائه في اليوم الموافق العاشر من ذي الحجة من كلّ سنة هجرية، اليوم الذي أخذ تسميات مختلفة بحسب اختلاف الأقطار العربية، فنجد من تسمياته عيد الحجاج، عيد القربان، العيد الكبير، يوم النحر...

ولعلّ ما يميّز هذا العيد عن باقي الأعياد الدينية الأخرى أنّه عيد للنحر، حيث يعمد المسلمون بعد أداء صلاة العيد إلى ذبح ما تيسر من الماشية اقتداء بسنة محمد (ص) والذي أخذها بدوره عن نبي الله ابراهيم، ولعل قصة ابراهيم مع ابنه إسماعيل والكبش الذي فدى اسماعيل غنية عن كلّ تعريف، والتي كانت سببا مباشرا في إحياء وإعادة بعث هذه السنة بين المسلمين إلى عامنا هذا.

وللإشارة فإن مقالنا هذا لن يخوض في ما هو غيبي ميتافزيقي، ولن يخوض في مقاصد العيد ولا في غاياته ولا في مشروعيته، لأن العيد تحصيل حاصل تعوّد المسلمون على إحيائه وسيستمرّون في ذلك، ولكننا سنناقش الوجه الطقوسي للعيد عبر تحليل موضوعي لطريقة التضحية عند المسلمين وهي المتعارف عليها ب "الذبح".

إن محاولة مناقشة ظاهرة الذبح في عيد الأضحى تستدعي من المسلم وضع مسافة موضوعية بينه وبين فعل دأب وترعرع على رؤيته وممارسته منذ كان طفلا، فقد يكون التعوّد والتكرار قد قتل لديه الإحساس بالشفقة على كائن يتعذّب. وما لم يلتزم بمسافة من الموضوعية لن يستطيع التمييز بين البشاعة والجمال وبين الرحمة والوحشية وبين الإنساني واللاإنساني. ولا يمكن البثة لمن يتوفّر على حسّ إنساني سليم ألا يرى في طريقة الذبح إلحاق أذى بالغ بكائن يشاركنا الحياة على هذا الكوكب لا يستحق إلاّ رأفة ورحمة به.

ولعلّهم سيقولون أنها الطريقة نفسها التي ذبح بها رسول الله متبعا هدي جدّه إبراهيم وما نحن إلا متّبعوا الرسول وهدي إبراهيم، سنجيبهم آنذاك بسؤال: أولا تتبعون محمدا؟ سيقولون : بلى، سنرد عليهم إذا بأقوال محمد وحكمة محمد: ففي صحيح مسلم من حديث شدّاد بن أوس قال: "إثنان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "إن الله كتب الإحسان في كلّ شيء، فإذا قتلتهم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"". وفي مسند الإمام أحمد من حديث معاوية بن قرّة عن أبيه أن رجلا قال: يا رسول الله إنّي لأذبح الشاة وأرحمها، فقال صلى الله عليه وسلّم: والشّاة إن رحمتها رحمك الله".

سيقولون وما الجديد في كلامك فنحن نعمل بوصية رسول الله، سنرد بأن وصية رسول الله كانت الرحمة بالأضحية وهي الغاية والمنتهى، ويعلم النبي جيدا أن لا مناص للأضحية من العذاب، ولكنه أوصى بما يحقق أقل درجة من الأذى، ولا تهمنا التفاصيل التي أوصى بها النبي بقدر ما تهمّنا الغاية منها، فالغاية هي الرحمة، وكلّ ما من شأنه أن يجلب الرحمة لهذا الكائن الذي حكم القدر بموته فهو واجب بمنطق النبي نفسه.

وغير بعيد عن موضوعنا فقد أتاح التقدم التكنلوجي والعلمي في عصرنا هذا عديدا من الإمكانات التي كانت مستحيلة في عهد سالفينا، فالمجال الطبي وهو ما يهمنا بالذات، عرف قفزة تكنلوجية عالية مكنت الانسان من مصارعة مختلف الأمراض وغالبا ما يخرج من الصراع منتصرا، ولعلّ من الوسائل الطبية الناجعة التي يستفيد منها الإنسان": تقنية التخدير التي تسبق أي عملية جراحية والتي يبقى الهدف منها بالأساس تجنيب الإنسان للألم...فكيف يا ترى وبأي منطق يستفيد المسلم من تقنية التخدير عند خياطة جرح ألمّ به تجنبا للألم ؟ وكيف يسمح لنفسه أن يذبح كائنا حيّا بدون تخدير متسببا له في أذى رهيب؟

إن تخدير أضحية العيد قبل ذبحها صار ضرورة ملحّة في عصرنا هذا، خصوصا وأنه لا يتنافى مع منطق الشريعة الإسلامية، وقد رأينا كيف أن محمدا (ص) أوصى بالرحمة بالأضحية، وهكذا سنكون منسجمين على الأقل مع إنسانيتنا بأن لا نرضى العذاب لمخلوق لا ذنب له إلا ما حمّلناه تاريخيا. ولعلّ المسؤولية الكبرى تقع على كاهل "علماء المسلمين" الذين التزموا الصمت طوال هذه المدّة دون أن تحرّكهم إنسانيتهم لإصدار فتاوى بهذا الشأن، بل ما نخشاه حقيقة أن يقفوا معارضين أمام هذا الطرح إن ولج يوما ما إلى ساحة النقاش العام...

نختم وبكلّ حسرة بالقول : "كم تمسّنا الحاجة إلى تجديد الفكر الديني الإسلامي..."



#رشيد_لبيض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقراط عليه السلام
- الماركسية والنّوع الاجتماعي: قراءة في المثل الشعبي المغربي
- هجاء الأصدقاء
- خير صحبة
- طيفُ منامٍ
- النوع الاجتماعي: مفهومه، نظرياته، وتمثلاته
- الثقافة الشعبية والاستبعاد الأكاديمي (تحليل الأسباب)
- الاغتصاب والشرف في المتخيل الاجتماعي المغربي


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشيد لبيض - تخذير الأضحية قبل ذبحها..واجب شرعي وإنساني