أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امير سامي غطاس - مسألة الدين في الممارسات الشيوعية















المزيد.....

مسألة الدين في الممارسات الشيوعية


امير سامي غطاس

الحوار المتمدن-العدد: 4559 - 2014 / 8 / 30 - 00:04
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


"الدين هو القلب في عالم بلا قلب، هو الروح في ظروف خلت من الروح، انه زفرة الانسان المضطهد، انه أفيون الشعوب"
آخر ما كان يتوقعُه الرفيق كارل ماركس (من اهم المؤسسين للنظرية الشيوعية) ان يُهاجم من روّاد التيارات الدينية في استعمالهم اقتباس "الدين افيون الشعوب" دون الاطلاع على ما قبلها وما فحواها وما هو المقصود منها . لغوياً ان امعنّا النظر في كلمات المقولة اعلاه سنَلمِس رغبة ماركس في ايجاد حل انساني بَحت للظلم والاضطهاد، سنشعر في فحواها مدى خطورة "استغلال" الدين من قِبَل اصحاب المصالح والرأسمال لتغطية جشعهم واستغلالهم للناس، واستعماله كزفرة (تهدئة) او ستارة للظلم المتفشي على هذه الدُنيا .
الشيوعية كفكر ثوري لا يقبل الزفرات ولا يقبل التهادُن . بل يعتمد على قوة الطبقه البروليتارية في صقل انسان جديد (كما وصفهُ الرفيق لينين) داخل نظام اقتصادي وثقافي يسعى لتطبيق الشيوعية بشكل مواظِب التجدّد والتطور . اقتصادياً فالنظرية ستكون بديلة عن النظام الرأسمالي القائم على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج . واجتماعياً تهدف الى توزيع عادل للخيرات بين البشر والى القضاء على التفاوت الطبقي بينهم واستغلال المالِك للمأجور .

بالنسبة لشخص ماركس ذاته، لا يُعنيني ان كانَ مُلحداً ام مؤمن، مثلما كان آخر ما يعنيه ماركس في تقسيم الناس لمؤمنين وملحدين . حيثُ اشارَ وعرف حق المعرفة ان هذا التقسيم لا يُفيد المجتمع الّا في غض البصر عن التقسيم الحقيقي للشعوب وهو التقسيم الطبقي بين مُستغِل ومُستَغَل . لا بُد للإشارة ان التقسيمات الاخرى التي لا تَعنينا كشيوعيين هي نَمط خبيث لنهج "فرّق تسُد" ليسود ظلم الظالم على المظلومين، وبالحقيقة التي لا يمكن انكارها - وقَد اشارَ اليها سابقاً، القائد الشهيد جورج حاوي (احد اهم رموز الشيوعية في الشرق الاوسط) ان غالبية هؤلاء المظلومين هم من المؤمنين . حيثُ فكرنا الثوري يُحتّم علينا النضال لأجل الشعوب كافّة دونَ تمييز عرقي، جنسي او ديني .

المادّية التاريخية في النظرية الماركسية دلّت واشارت الى ماهيّة تدخل الدين في السلطة، وذمّ فيها تدخلات المشعوذين او رجال دين منذُ نهاية عصر المشاع - ما قبل انتشار الديانات السماوية الى عصر الثورة الصناعية في استغلال الدين لتمرير مخططات الطبقة الحاكمة على من دونهم طبقياً، كما اشارَ ماركس الى استغلال هذه المؤسسات قائلاً : "إن المؤسسات الدينية قد تتساهل في خرق تسعة اعشار العقيدة لكنها لن تتهاون في بنس واحد لخزينتها المالية" قد نرى توافق تام بين رأي ماركس والمؤمن الحقيقي، حيثُ يمكنه ان يستمد من انجيل متى :"دخل يسوع الى هيكل الله و اخرج جميع الذين كانوا يبيعون و يشترون في الهيكل و قلب موائد الصيارفة و كراسي باعة الحمام و قال لهم مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعى و انتم جعلتموه مغارة لصوص" (متى 21: 12، 13)
ولهذا الأمر امثلة عديدة كقضية صكوك الغفران او تشريع حرب ما مثل الحروب الصليبية او شرعنة التمييز الطبقي في الطقوس الكنسية حتى . او بالعصر الحديث ؛ استغلال الحركة الصهيونية لمُستندات دينية من التلمود لاحتلال ارض شعب لشعبٍ من دون رِباط حقيقي . وفي نفس الطريقة يتم استغلال الدين لإلحاق نكبة اخرى في سوريا والعراق، ما بين النكبة الفلسطينية والنكبة السورية والعراقية ستّون عاماً ولكن ؛ الى فلسطين جلبوا شعوباً من اوروبا، من شرقها وغربها ومن العالم العربي ايضاً، قالوا لهم : "انتم يهوداً" ... جرّدوهم من قومياتهم انسوهم لغتهم، استغلوهم لإحتلال فلسطين واقاموا دولة اليهود وسموها اسرائيل على حساب قتل وتهجير الفلسطينيين . في سوريا والعراق ؛ نفس القوى، نفس المُستغلين، يجلبون شعوباً من نفس الدول اعلاه ... يقولون لهم : "انتم مسلمين سُنّة" ... يجردونهم من انسانيتهم ينسونهم عاداتهم وتقاليدهم ويستغلونهم لإحتلال اراضي سورية وعراقية واقاموا دولة الاسلام وسموها داعش على حساب قتل وتهجير من يختلف عنهم مذهبياً . وغيرها من الامثلة المماثلة في عصرنا الحالي لرجال دين يتكلمون بصفة حاكم رسمي لطائفةٍ في امور انتخابية سياسية او دعوات تجنيد لطائفة بإسم الحماية من طائفة اخرى لصالح الكولينيال الحاكم، او سلخها من نسيج شعبها ؛ مثلاً في فلسطين، وقّع الشيخ امين طريف عام 1950 لإجبار العرب الدروز في الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال الاسرائيلي ليسلخ اقحاح العرب عن جحافلها، او حادثة اخرى لرجل دين مسيحي في الفترة الاخيرة في حَث العرب المسيحيين في الخدمة لنفس الجيش وبث سموم الكراهية التي لاقت سخطاً واسعاً من ابناء الطائفة المسيحية نفسها .
هيمنة رجال الدين في تغييب عقول اتباعهم كثيرة حتى تصل لبعضهم الوقاحةُ ليعلنون الجهاد ضد التيّار الآخر .
كيف ممكن لمُفتي ان يعتبر نفسهُ وصياً على المؤمنين ويُصدر فتوى لإستباحة دماء وأعراض طرف آخر حتى لو اعتبرهم كُفّاراً، وهو يعلم تماماً أن الله خاطب الرسول في كتابهِ : "إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ" (الزمر 41 ) وفي آيةٍ أخرى يُذكر في القرآن: "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ" (الغاشية 21) او : "فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ" (الرعد: 40 ) ؟؟؟

أمّا بالنسبة لرجال الدين المُناهضين للظلم، الاستغلال والاستعمار فقَد لاقوا دعماً وتأييداً وأشدّ ترحيباً من الحركات الشيوعية . يذكرُ لنا التاريخ مواقف عديدة في دعمهم لبعض رجال الدين في العديد من المواقف :
- دعم الشيوعيون المطران ماكاريوس في ثورة قبرص ضد الاستعمار البريطاني في خمسينيات القرن الماضي .
- الرضا التام لنهج الجمهورية الايرانية في مُجابهة الامبريالية بسياستها الخارجية ودعم نضال وشعوب المنطقة .
- التوافق مع حزب الله وامينه العام سماحة السيد حسن نصرالله بمواقفه الثابتة للقضية الفلسطينية وتصديه الشجاع للهيمنة الاسرائيلية .
- التغني بتاريخ الشيخ عمر المختار في محاربة الاستعمار الفاشي لليبيا .
- الرضا التام لمواقف بابا الفاتيكان فرنسيس الاول في مقالاته عن الاستغلال الطبقي وفشل الرأسمالية في تحقيق العدالة .
- كوادر الشبيبة الشيوعية والحزب الشيوعي في اعمال تطوعية لمقابر ومقدسات دينية خاصةً داخل الخط الاخضر، واهمها تاريخياً : الفزعة في حادثة دير طبريا عام 1998 بعد هجوم يهود متطرفين لحرق الدير وضرب الكاهن افناسيوس .
كل المواقف اعلاه تُثبت ان بوصلة الشيوعيين هي نضال الشعوب وليس محاربة الدين كدين، بل محاربة رجال دين الذين يستغلون الدين لتغييب الشعوب لمصالح دونية .
ممكن ان أُلَخّص تجانُس المصالح المشتركة في دحر الظلم وإن كانت مع شخصية دينية، في قول الرفيق جيفارا : "اذا كنت تسخط على كل ظالم فأنت رفيقي" .
من الممكن اعتبار الفكر الشيوعي يتجانس مع مثاليات الدين ليس فقط في المُمارسة، بل في تطبيق مثالياتها في المجتمع الانساني عقائدياً وتلقائياً في حب العطاء والمساواة التامة -;-
اي ان تكون شيوعياً يعني ان تتخذ النبي موسى قدوةً في عطائهِ المستميت في خلاص شعبه من الاستعباد .
ان تحذو حذو يسوع المسيح بمقولته : "مَن كانَ عِندَه قَميصان، فَليقسِمْهُما بَينَه وبَينَ مَن لا قَميصَ لَه. ومَن كانَ عِنَده طَعام، فَليَعمَلْ كَذلِك" .
ان تردّد مقولة النبي محمد : "متى تستعبدون الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا" .
ان تكون شيوعياً ان تقتنع بمقولة الامام علي بن ابي طالب : "ان للفقير حق في مال الغني، فما اغتنى غني الا بفقر فقير" .
هل هذه البراديچما الدينية اعلاه تتناقض مع الفكر الماركسي اللينيني ؟

عندما هوجِم تشافيز من التيارات اليمينية لكونه اشتراكي، قال لهم : "كيف لا اكون اشتراكياً والمسيح هو اول الاشتراكيين في التاريخ ؟"
اما الرفيق فيدل كاسترو في زيارته الى تشيلي عام 1977 قال جملته المشهورة : "من يخون الفقراء يخون المسيح"
على هذا السياق ممكن لليساري - المؤمن بدين الاسلام ان يعطي بديلاً انسانياً ودنيوياً للظلم الموجود في هذه الدنيا والسعي لتغيير الواقع -;- مستنداً جملة النبي محمد "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودّع منهم" .
اما بالنسبة ان يتقبّل النظرية الاشتراكية كبديل اجتماعي أنسب لحال دنياه، يمكنه الاعتماد على حديث شريف آخر : "انتم اعلم بأمر دنياكم" .
حيثُ حدثنا انس بن مالك : }النبي محمد مرّ بقوم يلقحون . فقال "لو لم تفعلوا لصلح"، فخرج شيصاً . فمر بهم فقال "ما لنخلكم ؟" قالوا "قلت كذا وكذا" فقال "انتم اعلم بأمر دنياكم) .{ “المسند الصحيح صفحة 2363( .
على نفس السياق، نَعْلم ان دُنيانا بحاجةٍ ماسّة لطرح سياسي - اقتصادي - ثقافي واجتماعي ليُجابه الوحش الامبريالي الذي ينهش الشعوب بطرازه العوْلمي بشتى انواع التغييب وبتجديد مستمر في مخططات تسلخهم لأشلاء وطوائف وحمائل او مجتمعات لا تعي مطالبها النضالية الحقيقية.
دُنيانا اختنقت من استغلال المتنفذين لباقي شرائح المجتمع ... دُنيانا تفتقد لعدالة في توزيع خيرات اراضينا، او اتاحة فُرص لعلّنا نبني مستقبلنا الشخصي .
نعلم بأمر دُنيانا على الصعيد المحلّي بالذات، كفلسطينيين ان نخوض معركة قومية بَحتة في كل ميدان نجابِه طرح "يهودية الدولة" ومشروعها في تقويم (من قوم) ابناء الطائفة اليهودية من طائفة الى شعب !
نُقابل مخططهم لسلب حقنا في ارضنا كشعب حي وباقي على ارضه الام فلسطين . حق تاريخي، إنساني وملموس وغير قابل لنقاشات دينية غيبية أُخرى .
نُقابل نقاشهم الطائفي (اليهودي - مسلم - مسيحي) لنقاش عِرقي وآركيولوچي في علوم الشعوب المنقرضة . بالذات ادراك إرث نسائج قوميتنا العربية المُعاصرة، لأن عدوّنا المتربّص - مُهندس الفِتَن، يرتبك في المجابهات العرقية لا غير، علماً في تعقيدات عروقهم الاشكنازية او الشرقية .
نُقابل تعقيدات الوجود الغير عربي في فلسطين لحوارٍ يساري في العيش المشترك بروحٍ اممية، نطرح ثوابت لحلول دولة مدنية خالية من تدخلات امريكية او مأسسة صهيونية برجوازية استغلالية لليهود نفسهم كطائفة قبل غيرهم .

اذ كل ميادين نضالاتنا يجب ان تُجتاح على فرسٍ أوحد حيثُ مسارهُ الأوثق هو يساراً يسارا، حاملين سيفاً وهو فِكرنا الثوري، ودِرعنا هو نقاء النَفْس - نشوة الانسانية في العطاء ؛ نقاء النَفْس في عدم السماح لاستغلال الآخر ... لنُقاتل من اجل تحقيق هدفنا المنشود في ملكيتنا لذاتنا قبل كل شيء .

طوبى لأنقياء النفوس فلهم ملكوت الذات !
• تحيا عزيمة الرفاق انقياء النفوس .
. • تحيا ملكوت الذات .
• عاش حزب الشيوعية .
• عاشت الانسانية .



#امير_سامي_غطاس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة - همسات سَرْمَدِيَة


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امير سامي غطاس - مسألة الدين في الممارسات الشيوعية