أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجدة غضبان - لا حاجة للشمس














المزيد.....

لا حاجة للشمس


ماجدة غضبان

الحوار المتمدن-العدد: 4544 - 2014 / 8 / 15 - 10:03
المحور: الادب والفن
    





لا حاجة للشمس (1)
مد ساقيك و لا تخف..
تخيل و لو لمرة واحدة ان المكان لك وحدك ، و ان الوقت نهار حتى لو رأيت النجوم بعينيك تتألق وسط الظلام.
و دع لجشعك ان يحلم بزهرية تحتضن جزءا من الطبيعة الخلابة ، جزءا صغيرا جدا ، كبضعة أغصان تعتليها زهور القوس قزح.
مد يديك كما لو انك قد تحولت الى طائر..
لتكن بحجمك الذي يوازي الحلم..
ان تحقق لك ذلك ، ولو للحظات..لا تفكر بالعودة ابدا.


لا حاجة للشمس (2)
يقال أن صاحب المنجم قد رتب الأمر بمايتيح له التمتع حقا بالحياة ، لديه نافذته الواسعة الحريرية الستائر ، و لديه شمسه التي تعمل بأزرار مستوردة ، صباحه المنتقى من افخم الحدائق ، اوقاته المختارة بعناية من اجمل بقع العالم.
عماله صنفوا في منجمه اللامتناهي الأبعاد وفق قدراتهم العقلية و الجسدية و مواهبهم ، لا أخطاء ترتكب ، فهناك الحاسوب الذي يعطي تفاصيل تامة عن المهارات و القدرات..
الجنس هنا غير مهم ، انثى او ذكر ، الكل يعمل في خدمة سقف المملكة ليظل مرتفعا فوق جدران القصر و اصحابه.
هنالك علاقات يترفع عن ذكرها حتى الحاسوب تحدث بين الاجناس المختلفة ، و بين النساء و الرجال ، و بين ابناء العرق الواحد ، او اللون ...الخ.. ، في النهاية تعاد صياغة المعادلات الحسابية بأسرع ما يمكن و خلال ثوان تتزن كل الصغائر لتخلق كبائرها الراسخة أبدا ، قد تخرج بعض المعادلات عن سكك سيرها المعتاد فتنطلق صافرة ألإنذار المرعبة ، ليظهر جيش الرب الأعلى من حيث لا يعلم أحد كي يتخذ اجراءاته ، و هنا ليست من حاجة لإحصاء حالات الإغماء و الوفيات الناجمة عن سماع صوت الصفارة و قبل وصول الجيش و أثناء وجوده و عند المغادرة ايضا.
يوم ولدت أنا قيل لي ان ابي قد اقتيد نحو ثكنات جيش الرب لأنه افتعل احتجاجا غبيا ، و لم يعد ابدا..
أدركت في سن مبكر ان لا جدوى من إلإحتجاج الغبي فهو محكوم عليه بالنهاية سلفا ، و علمت أن الخروج من هنا مستحيل طالما لا نعلم اين نحن ، لا خريطة لدينا ، و لا فكرة عما هو خارج المكان الذي نولد و نموت فيه.
المستشفى القائم لأجلنا يعالج الكثير من الأمراض التي قد تضطرب لها شؤون المملكة ، كما أنه يقرر انواع الفحوصات الدورية ، و يحيل حالات العصاب النفسي الى ردهات العلاج المبتكر.
بضع حركات إفتعلتها نبهت طاقم الرقابة الى خلل جسدي او نفسي قد حدث في منظومتي ، مما دفع باللجنة الطبية الى إحالتي لقسم العلاج المبتكر ، و هو ما كنت أود زيارته.
ربطت يداي و ساقاي و أنا ممدة على سرير مريح الى اجهزة كثيرة ، و جلس اكثر من إمرأة و رجل طلبوا مني النطق ببعض المفردات المتداولة.
كنت ارى وجهي على الشاشة بين التجهم و السعادة و الى جانبه تظهر ارقام لا تحصى تنتظم في بيانات.
في النهاية ذكروا لي المفردات التي اسعدتني و معها ايضا ما أغضبني و ما أبكاني.
المرحلة الثانية كانت تحت تخدير تام..
لم اعرف ما حدث بالضبط ، فأنا لم اجد جرحا او خيوطا جراحية ، غير إني شعرت ان قاموسي اللغوي قد تقلص كثيرا ، و إني لم اعد أذكر الا بعض الكلمات الضرورية لمواصلة الحياة.
يومها عرفت ان العلاج المبتكر هو افضل مكان في المنجم كله ، و عرفت أيضا ان معظم من حولي قد دخلوه لمرات لا تحصى..
أنا لا أذكر لم دخلت ، لكني على يقين الآن ان اهل القصور ليسوا بأسعد مني..
كلمات قليلة..طلبات أقل..عمل بعضلات ثور..و نوم أشبه بالموت..و نهار يتوهج بهجة..و لا حاجة للشمس..


لا وجود للشمس 3
لم اعد اطيق راسه المربع الشكل..ليس لأنه مربع ، بل لأنه لا يتخيل وجود الأشكال الأخرى للرؤوس كالمستديرة و المثلثة و المستطيلة ، و اكثر ما يستفزه ان يكون الرأس مرنا و قابلا لتغيير شكل محيطه الخارجي الظاهر كما هي الأميبا.
هل أنا اتمرد لمجرد التمرد؟..
هل أنا الوحيدة التي تظن أنه على خطأ؟ ، و إن زياراته بين الحين و الحين هي لأرى أن رأسه مختلف جدا؟ ، و أن ألإختلاف الذي لا يد لي فيه هو من قادني الى السجن ما أن أدركت بحواسي الأربعين أني هبطت الآن من عالم الموتى؟
كرهت مساطره و زواياه القائمة..كرهت القوانين التي يظنها قاطعة تماما..
متى بدأ ذلك؟؟..
لا أجد صعوبة في التذكر..إنه في شهر مارس ، و الإحتفال بأول شهيق للموتى..!!.
كان علي أن أرى وجهه ساخطا..
أول وجه أراه يحملق فيّ بغيظ..
أول وجه أراه على الإطلاق..
طفرة وراثية من عصر ما ولدت فيه..ألقتني في زاوية من سجن غير مرئي..
المؤلم أن هذا السجن المثالي لأستقبال المخلوقات المشوهة الشديدة الخطورة على ذوي الرؤوس المربعة لا تقوم له زاوية ، و لا جدار..
انه لزج ، يتقلب عبر فضاء دون بوابة تذكر ، دون نافذة تدخل منها الشمس..
لا تذكرة للعودة..هناك ربما سأجد اشباها لي من الموتى الأحياء..
ربما أجد كائنا واحدا برأس بيضوي..
كل ما حولي من مرايا مرنة تريني المخلوق الوحيد المتواجد في زنزانتي برأس بيضوي مغضوب عليه ابدا..
ألحياة التي وهبتني شهيقها..جعلتني أتذوق موتي دون قياسات هندسية منطقية ..أو تفسير لمعنى سيادة الزوايا القائمة..على بيضوية رأسي..!!!.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غوانتانامو إبليس..


المزيد.....




- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجدة غضبان - لا حاجة للشمس