أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - خالد حسن يوسف - الصومال تودع المناضلة سادو علي ورسمه















المزيد.....

الصومال تودع المناضلة سادو علي ورسمه


خالد حسن يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4527 - 2014 / 7 / 29 - 14:51
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


سادو علي ورسمه فنانة صومالية من مبدعي الصف الأول في الوسط الفني الغنائي والمسرحي الصومالي, مولودة في العام 1950 بمديرية بوهودلي Buuhudlay والواقعة في محافظة توجظير Togdheer بالصومال, انتقلت إلى العاصمة الصومالية مقديشو في عقد السبعينيات من القرن الماضي, ونالت تعليمها الأساسي في مدينة مقديشو وتخرجت عام 1981 من ثانوية بنادر في مديرية هذن بمحافظة بنادر والتي تعد مدينة مقديشو بجزء منها, وتؤكد الفجوة الكبيرة بين تاريخ ميلادها وتخرجها من الثانوية العامة, ذات صلة باوضاعها الاجتماعية أنذاك كشابة صومالية قادمة من إحدى المناطق الريفية إلى أكبر مراكز الحضرية في الصومال ممثلا بالعاصمة مقديشو في سن كبيرة نسبيا مقارنة بتاريخ إلتحاقها بالتعليم الأساسي بمقديشو.

وتمثل هذه المحطة بابرز المحطات التي يمكن من خلالها قراءة شخصية الفنانة والمناضلة سادو علي ورسمه, والتي تؤكد سيرتها العصامية كما هو غالب مع أبناء الريف الصومالي والذين عادتا ما يحلون على المدن بصورة طارئة, إلى أن الفجوة ما بين المدن والأرياف تدفع هؤلاء نحو المزيد من الإرادة في الإنذماج مع الواقع العام في المدن التي يحلون عليها, فاكبر السن لم يحرم الشابة سادو علي ورسمه,من أن تنخرط في الحياة التعليمية, ناهيك أن تصبح بعضوة فاعلة في الحركة الفنية الصومالية, وقد أمتلكت سادو المقومات التي تؤهلها في أن تصبح بجزء من هذه البئية, فهي القادمة من أعماق الريف الصومالي المحادي للأراضي الصومالية الواقعة ضمن نطاق الدولة الإثيوبية, والتي تمثل بأرضية خصبة لثقافة والثرات الصومالي الكوشي-الحامي,لغتا,شعرا,نغما موسيقيا, ناهيك أن هذه الأرض كانت المركز الرئيسي لرفد الحركة الوطنية الصومالية التحررية بالمناضلين الصوماليين القوميين, ومقدمة الكثير من التضحيات في الأرواح والممتلكات في سبيل تحرير الانسان الصومالي من صور الاستعمار المتعدد الأوروبي والإفريقي منه, لاسيما في الربع الأول من القرن العشرين.

فحضور الشابة سادو علي ورسمه, إلى العاصمة مقديشو, جاء محملا بكل تلك المعاني والأرضية الثقافية والنضالية, وهذا ما أهلها للإنخراط في الحركة الفنية الصومالية(غناء ومسرح), ولكونها أنحدرت من التيار الرئيسي الاجتماعي الثقافي الصومالي, مما سهل لها في تقبل الجماهير لها, إضافة لكونها كانت تتميز بصفة قوة الشخصية والتي تمثل بجزء أساسي من سيكولوجية المرأة الصومالية الريفية, في حين أنه لم يغب عن المشهد إطلالتها الجميلة كأنثى صومالية طويلة القامة,قوية البنية وذات بشرة فاتحة, خاصة وأن الفنانة سادو كانت من ممارسي الرياضة, وكانت في عام 1987 مشاركة في إطار دورات رياضية والياقة البدنية والتي كانت تقام في المعرض التجاري Rugta Ganacsiiga في حي هذن بمقديشو.

وقد أنخرطت سادو علي ورسمه, في فرقة الفجر Waaberi والتي كانت تتبع وزارة الإعلام والثقافة في جمهورية الصومال الديمقراطية, والتي كانت تضم الغالبية الساحقة من الفنانيين الصوماليين من مطربين ومسرحيين والعازفين الموسيقيين, بالإضافة إلى الكتاب والشعراء, تلك الفرقة الوطنية المميزة والتي يمكن القول بشأنها أنها قد صقلت وجذان الانسان الصومالي في الصومال كدولة وللقومية الصومالية في منطقة القرن الافريقي, لما أظهرته بإلتزام جاد تجاه القضايا الصومالية على شتى المستويات, إذ اصبحت سادو بعضو بارز وفعال في الفرقة وقدمت خلال مسيرتها الفنية أشكال متعددة من المساهمة والعطاء الفني, أكان كمطربة ذات صوت جميل وجاذب,ممثلة مسرحية وفنانة استعراضية استطاعت أن تمزج ما بين أصالة الرقص الصومالي التقليدي والحداثي الغربي, وبذلك شاركت في تقديم الكثير من الأغاني الطربية,والغناء للوطن,كما جسدت أدوار مسرحية غنائية عكست إختراق العولمة والطرب الغربي في للأوساط الفنية والاجتماعية الصومالية, لاسيما في عقد الثمانينيات من القرن الماضي, وجسدت الأصالة الصومالية والحداثة الغربية في المسرحيات التي شاركت فيها,وقد شاركت في مناسبات وأعمال قدمتها فرقة وابري Waaberi في دول منها السودان,نيجيريا,بالإضافة إلى أعمال خاصة فنية أقامتها في دولة الإمارات العربية المتحدة,جيبوتي وكينيا, وذلك خلال مسيرتها الفنية الطويلة.

وكانت الفنانة سادو علي ورسمه, كفنانة ملتزمة مع القضية الصومالية في التعاطف مع حركة التحرر الوطني في الإقليم الصومالي الخاضع للدولة الإثيوبية, وقد قدمت الكثير من المساهمات الفنية في إطار التعاطف القومي والانساني مع سكان الإقليم الصوماليين, والذين خاضوا النضال في سبيل حق تقرير مصيرهم من السلطات الإثيوبية, والتي أحكمت سيطرتها على إقليمهم في عامي 1948-1954 حين منحت بريطانيا هذه الأراضي للدولة الإثيوبية.

ومع حلول عام 1987 ونظرا لمدى تردي الأوضاع في جمهورية الصومال الديمقراطية, حضرت فرقة وابري Waaberi مسرحية غنائية على المسرح الوطني بمدينة مقديشو, وضم ذلك العمل بإحدى الأغاني السياسية الوطنية والناقدة للوضع العام في الصومال, وتم ذلك بحضور الرئيس الصومالي محمد سياد بري, وقبيل أداء الأغنية بفترة تمت مشاورات بين الفنانيين من أعضاء الفرقة, لإختيار المطرب الذي سيؤدي تلك الأغنية الحساسة والمستفزة سياسيا, أنتهى الأمر بتجنب الفنانيين لأداء الأغنية والتي كان عنوانها لاندكروزر(Land Cruser), فتقدمت الفنانة سادو الصفوف معلنة انها ستقوم بأدائها نيابة عن بقية المطربين, وهو ما تم.

إذ وقفت على المسرح في مواجهة الرئيس محمد سياد بري, بصورة مباشرة وهي تشير له باصبعها مرددة " أنت يا رجل أنت يا رجل" مقارنة ما بين قوة العربة اليابانية ذات الدفع الرابعي وبين قوة الرئيس الصومالي, ومدى استبداده على أبناء شعبه الذين ساحقهم هنا وهناك, وهو ما استفزه وأغضبه, وقد تعرضت الفنانة سادو للاعتقال من قبل جهاز الأمن بعد أدائها للأغنية, حيث أمتدت يد أحدى ضباط وصفعها, وهو ما أثار أزمة اجتماعية, إذ وجه أبناء قبيلتها (الذولباهنتي-Dhulbahante) دعوة الاحتكام القبلي إلى قبيلة الرئيس محمد سياد بري(المريحان-Marexaan), وذلك انطلاقا من مراعاة العرف الاجتماعي الصومالي والذي يعاقب على تعدي الجسدي المرتكب من قبل الرجل على المرأة, وانتهت تلك المصالحة بتقديم الاعتذار لأقارب الفنانة سادو علي ورسمه, من قبل الطرف المعتدي, رغم سيطرته على سلطة الدولة الصومالية حينها, ولم تقف الفنانة المناضلة عند تلك الواقعة بل ظلت تعلن مواقفها الوطنية الواضحة, ومؤكدة علانية عن إسثيائها للحرب الأهلية التي أنطلقت في محافظات الشمال الغربي من الصومال عام 1988 ما بين الحكومة الصومالية والحركة الوطنية الصومالية(القبلية), وأشارت الفنانة المناضلة في مواقف عديدة لتجاوزات التي تقوم بها الحكومة الصومالية ضد المواطنيين في شمال غرب الصومال, وبذلك نالت الفنانة المناضلة التقدير العالي لدى المجتمع الصومالي, والذي قدر دورها النضالي ضد استبداد النظام الحاكم في الصومال, وما كانت تناضل دون الحيلولة لوقوعه فقد تم في ديسمبر عام 1990, حيث حصلت المواجهة المسلحة ما بين الحكومة والمؤتمر الصومالي الموحد(القبلي) في مدينة مقديشو, وبذلك أنهارت الدولة الصومالية في يناير 1991, حيث تم طرد الرئيس محمد سياد بري من مقديشو, ودخلت معها الصومال في حرب أهلية طويلة المدى.

وحينها غادرت الفنانة المناضلة سادو في إتجاه العاصمة الكينية ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية, حيث قام العداء الصومالي الدولي عبدي بيله عبدي, باستضافتها في أمريكا, وظلت ما بين المقيمة والمتنقلة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول عدة, منها جيبوتي,جنوب افريقيا,الإمارات العربية المتحدة,كندا,أوروبا والصومال, ووصولا إلى 25 يوليو 2014 تاريخ اغتيالها برفقة سائقها بمدينة مقديشو, من قبل مجموعة مسلحة لاحقوا سياراتها, وهي في طريقها إلى الفندق الذي كانت تقيم فيه, إذ كانت عضوة في مجلس النواب الصومالي وممثلة عن إدارة أرض البونت في الصومال منذ عام 2012 والذي شهد عودتها مجددا إلى مقديشو.

وكانت من ضمن التجارب النضالية التي خاضتها الفنانة سادو علي ورسمه, تمسكها المبدائي بوحدة الصومال كدولة, وواجهت بكل شجاعة مشروع تقسيم الصومال والنيل من وحدته الوطنية, ناهيك أنها دافعت ودعمت قضايا العدالة الاجتماعية من حقوق المهمشين الصوماليين من قبائل الجبويه(Gabooye) ومعارضتها لتعديات القبلية والتي تتم تحت غطاء قوات وميليشيات قبلية موالية للحكومة الصومالية الحالية في محافظة شبيللي السفلى, والتي راح ضحيتها الكثير من الصوماليين, ناهيك عن حركة النزوح الواسعة من المحافظة.

وفي اتجاه أخر لعبت الفنانة والمناضلة سادو علي ورسمه, بدور بارز في تعبئة الشعب الصومالي لمواجهة حركة الشباب الإرهابية, وقد ساهمت بالعديد من الأعمال الأغنائية التي كشفت محتوى حركة الشباب وتعدياتها على المجتمع الصومالي, وفي اتجاه أخر دافعت عن الحقوق المدنية للمهاجرين الصوماليين في دولة جنوب افريقيا, وما يتعرضون له من إعتداءات من قبل فئة الفئات الإجرامية الخارجة عن القانون في هذا البلد, وكانت قد تقدمت بمبادرتها لدى السلطات جنوب افريقيا في سبيل حماية الصوماليين المقيميين في هذا البلد.

وقد أكدت السلطات الصومالية أنها تمثلك معلومات بصدد الجهة التي اغتالت الفنانة الصومالية المناضلة سادو علي ورسمه, في حين ينتظر الشعب الصومالي, عن الإفصاح عن نتيجة التحقيقات التي أجريت لتتبع الجهات التي تقوم باغتيال أعضاء مجلس النواب الصومالي والفعاليات المختلفة في العاصمة الصومالية مقديشو.

رحلت الفنانة والمناضلة الصومالية والتي ردد الصوماليين أغانيها لعقود طويلة كجزء أصيل وعضوي من ذاكرتهم الثقافية وتقديرا لخطها النضالي الوطني المستمر, كما أن الصومال بكت لرحيل نموذج انساني رفيع أحب شعبه وترابه بصدق في ظل زمن الصراع والتمزق الصومالي.



#خالد_حسن_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - خالد حسن يوسف - الصومال تودع المناضلة سادو علي ورسمه