|
محاولة لفهم الوضع الطبقى الراهن فى مصر
ممدوح مكرم
الحوار المتمدن-العدد: 4525 - 2014 / 7 / 27 - 10:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حتى نستطيع تغيير الواقع ، يجب علينا كماركسيين أن نننطلق من الفهم الجدلى/ الديالكتيكى لهذا الواقع ؛ بدون ذلك سنتخبط كما يتخبط الآخرون ، و بتقديرى المتواضع أن البداية تكون من معرفة وقراءة الخريطة الطبقية قراءة علمية ؛ مبنية على أسس نظرية مستقاة من المادية التاريخية ( علم تطور المجتمعات) ..ولكن يجب أن يأخذ فى الحسبان أنه لا توجد مقولات أو أحكام جاهزة مسبقا فى الذهن ؛ القراءة تبدأ من الملموس و الواقعى ، وهذا ما تعلمناه من كارل ماركس و فردريك أنجلز و باقى مؤسسى و مناضلى الإشتراكية العلمية ، ليس هذا فقط بل ربط المادية بقسميها ( المادية الجدلية ، و المادية التاريخية) بكافة فروع العلوم الإنسانية ؛ التى يتناول كل منها جزءا من نشاط الإنسان الإجتماعى ( علم الإجتماع، و السياسة ، و التاريخ ، و الفلسفة ، و الإقتصاد ....إلخ. عندما نطبق ذلك على الوضع فى مصر ؛ سنجد أنفسنا أمام خارطة طبقية / إجتماعية شديدة الصعوبة فى فهمها و التعاطى معها و هذا عائد إلى :- 1- التطور الإجتماعى الخاص بمصر عبر الحقب التاريخية المختلفة ..يحتاج إلى قراءة معمقة للوقوف على فهم حقيقى للتشكيلات الإقتصادية - الإجتماعية وهى مثار جدل نظرى بين الماركسيين ( هل هو نمط إنتاج خراجى ..أم شرقى .. أم إقطاع شرقى) 2- نشاة الرأسمالية المصرية و جذورها ؛ التى خرجت من أحشاء الإقطاع فتشبعت فى بنيتها ببعض خصائص الإقطاع وهذا واضح بشكل جلى و ظاهر فى سيادة فكر و ثقافة القرون الوسطى ( أيديولوجية الإقطاع)؛ يضاف إلى ذلك دور الإستعمار / الإمبريالية فى عملية كبح التطور الطبيعى للتطور الإجتماعى فى مصر ؛ بما فيها حدود وسقف الرأسمالية المصرية.. 3- نتج عن ذلك سيولة الخريطة الطبقية و تغيرها بشكل سريع كما حدث فى المرحلة الناصرية ثم الساداتية - الإنفتاح وما ترتب عليه من آثار شديدة العمق على كل المستويات- ثم فترة مبارك ( سياسات التكيف الهيكلى 1991) وربط ذلك كله ببنية التخلف و التبعية المتجذرة أصلا فى تطور المجتمع منذ الإحتلال الإنجليزى؛ و أفرز ذلك هذا الهراء الذى نعانى منه الآن و هذا يعد تربة صالحة لإنبات تيارات اليمين الدينى و اليمين الليبرالى( خلق مايسمى بالراسمالية التابعة - الكمبرادور- ).. 4- بنية الطبقة العاملة نفسها و هذه الإزداوجية فى الإنتماء الطبقى ، و ضعف وعى الطبقة العاملة بذاتها كطبقة ثورية قادرة على قيادة تحالف طبقى مع الطبقات الكادحة الأخرى؛ وضعف تنظيمتها النقابية و الحزبية بسبب موروث الإستبداد الطويل منذ العهد الناصرى. 5- وجود القسم الأوسع من الطبقات و الشرائح الإجتماعية الوسيطة ..و فى الأعم الغالب هو جزء يميل للوسط و التلفيق حتى فى الأفكار ( يعنى عين فى الجنة ، و أخرى فى النار) هى تريد أن تلتحق بالأعلى طبقيا ؛ ولكن الحراك الإجتماعى يقودها إلى اسفل ؛ فتنتقل إلى الرط الثورى و من ثم تهتز مواقفها ..هى دائما معلقة بين السماء و الأرض.. 6- ماسبق سرده يتلخص فى عدم إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية ؛ لنقل المجتمع إلى درجة تطور أعلى يكون فيه فرز إجتماعى حقيقى ؛ وهذا سبب بلبلة لكثر من المناضلين - بعضهم ينطلق من روءية عدمية لوجود عمال على سيل المثال- يرتبط بذلك أن تعدد أنماط إنتاج بعضها قبل راسمالى( إقطاعى / خراجى) مع وجود إنتاج بضاعى صغير/ منفكتورى؛ مع وجود نمط رأسمالى متخلف و تابع ؛ مع بعض ملامح باهتة لبقايا المشترك القروى- تعبير لللدكتور عبد عبد المعطى- مشاعية باهتة ( هنلاقيها فى فكرة الجمعيات ( ننزل جمعية يعنى) تعبير عن تضامن إجتماعى / جماعى للتغلب على سوء أحوال المعيشة. ذلك أدى على مستوى الفكر و الثقافة إلى صراع مابين الأفكار المحافظة و الأفكار الحداثية ؛ صراع مابين الدولة الحديثة العلمانية ؛ و الدولة الإقطاعية / الخراجية التى تتسربل بالدين ؛ ومن هنا يصبح اللجوء للغيبيات / الميتافيزقا لحل هذه التناقضات المركبة.. 7- لابد أيضا من تحليل الوضع الأجتماعى فى الريف المصرى لمعرفة طبيعة الحيازات و شكل الثقافة السائد مع التشوه المصاحب للحداثة المشوهة أصلا ؛ خاصة فى ظل العولمة و ما انبثق عنها من قيم .. 8- هناك أيضا الطبقات شديدة التهميش التى لا يوجد لها مكان فى السلم الإجتماعى ( يمكن هى حتى تحت السلم أصلا) مثلا خدم المنازل ، ماسحوا الأحذية ، الساقطون أخلاقيا / أبناء الشوارع- أطفالا و كبارا- ..إلخ لأن هؤلاء يتم إستخدامهم و توظيفهم كوقود إجتماعى( ظاهرة البلطجة؛ و ما رأيناه فى التظاهرات من 25 و ما بعدها و 30 و ما بعدها) هذا يصعّب من مهمة الباحث فى فهم هذه التعقيدات ؛ وللعلم ما ذكرناه يمثل بعضا من التعقيد ..و لذلك ما يحدث على الساحة هو بمثابة تهريج و لعب أطفال . التغيير فى مصر صعب جدا ولكنه ليس مستحيلا ؛ إذا حاولنا أن نفهم و نحلل و من ثم نبنى حزبا ثوريا قادرا على التحرك وسط الجماهير و الإرتقاء بوعيها الفطرى المحدود ؛ والذى يحمل بذور جنينية للتطور إلى الإمام .. و الجدير أن نذكره أن غياب صناعة حقيقة فى مصر قد زاد من تعقد الوضع الطبقى و الإجتماعى ..فانطبع السائد و تأثر بالإقتصاد الريعى ..و بالتالى الأفكار المصاحية له ( الربح السريع ، الأنانية ، ثقافة الفهلوة ، و بالتالى الإنحطاط الأخلاقى ، و إنحطاط الذوق الأدبى و الفنى).. هذه كانت خطوط أولية لمحاولة الفهم أضعها بين أيدى المهتمين بالشأن المصرى ..لمناقشتها و تطويرها ؛ أو حتى رفضها ، تبقى فى النهاية مجرد روءية متواضعة ينقصها الكثير و الكثير ؛ أجادت بها قريحتنا المتواضعة ، تحت ضغط الواقع المرير..
#ممدوح_مكرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
د. نصر حامد أبو زيد و تاريخانية النص ( جدل النص و الواقع )
-
العراق من التقسيم ؛ إلى تقسيم التقسيم
-
عمال أسمنت أسيوط ( سيمكس ) : العودة للمربع صفر( متابعات )
-
التطرف اليمينى هو سمة أساسية للعقود المقبلة
-
تثوير الفن ، و تنوير التثوير
-
خطاب الهزيمة ، وهزيمة الخطاب ( سبعة و أربعون عاما على هزيمة
...
-
بنية التخلف فى مصر
-
مع هادى العلوى الذى جمع بين الماركسية و التراث الاسلامى و ال
...
-
حول إعادة الإعتبار للجيو-بو لتيكس
المزيد.....
-
بينهم أطفال وصحفيون.. إصابات في قصف إسرائيلي على مستشفى في غ
...
-
بينما يستعد المراسل للبث.. كاميرا CNN توثق قصفاً إسرائيليًا
...
-
مجدي.. مسعف بغزة متشبث بمهنته
-
بين -ابتهاج- و-خشية-، كيف تنظر الدول الخليجية للتصعيد بين إي
...
-
عام على هجوم حماس ـ أمن إسرائيل و-مصلحة ألمانيا الوطنية-
-
ألمانيا: لقاءات بين شباب مسلمين وأفراد من الشرطة لتعزيز الثق
...
-
أسرار صمود -حماس- على مدى عام.. وكم تبقى لديها من مقاتلين؟
-
بري: واشنطن لا تفعل شيئا لتنفيذ النداء المشترك الداعي لوقف إ
...
-
خبير روسي يضع سيناريوهات محتملة للرد الإسرائيلي على هجوم إير
...
-
الدفاع الروسية: تدمير 21 مسيرة أوكرانية خلال الليل
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|