أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - اشرف بلحاج - السكن العشوائي والمراقبة الاجتماعية















المزيد.....



السكن العشوائي والمراقبة الاجتماعية


اشرف بلحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4518 - 2014 / 7 / 20 - 21:29
المحور: المجتمع المدني
    


مقدمــــــــة
لقد أدى النمو الحضري المتزايد في المغرب كما في العديد من الدول العربية والدول النامية في ظل غياب رؤية استراتيجية وسياسات عمرانية مبنية على دراسات علمية تأخذ بعين الاعتبار التحولات الاقتصادية والاجتماعية الحاصلة والمتوقعة على المدى المتوسط والبعيد، إلى عــدة مشاكل بنيويــة وتعتبــر أحزمة البؤس التي تحيط بالمدن خاصــة المدن الكبرى كالدار البيضــاء فا س ، سلا ، مراكش و طنجة من أهم هذه المشاكل، حيث ظهرت الأحياء العشوائية التي تفتقر في كثير من الأحيان للخدمات الضرورية مثل الكهرباء ومياه الشرب وشبكة الصرف الصحي كما أن العديد من البيوت في هذه المناطق تتسم بالهشاشة وهي مهددة بالإنهيار، في أي وقت مما يزيد في تأزم وضعية سكان هذه المناطق ، ومن جهة أخرى أدى تغيير وضعية السكن في البيوت المتواجدة داخل المدن العتيقة. وحتى المدن الجديدة حيث الاكتظاظ وغياب الصيانة والتجهيزات العصرية إلى تدهور حالات المساكن حيث أصبح العديد منها مهددا بالانهيار.

و يمكن التطرق لمفهوم السكن العشوائي في المغرب، من خلال مجموعة من العناصر كظروف الإسكان ، واستعماله وخاصياته وتجهيزاته ومستوى وقايته من العوامل الطبيعية والمشاكل والاختلالات المرتبطة بالبناية ومواد البناء المستعملة، كما تدخل في تحديد مفهوم السكن العشوائي عوامل خارجية ليست لهل علاقة مباشرة بالسكن في حد ذاته، والتي يمكن أن ترتبط بالمجال والبيئة التي يتواجد بها السكن أو الحي، وبمستوى اندماجه في النسيج الحضري خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية والولوج للخدمات الحضرية والتجهيزات الاجتماعية.

و فــــي هذا الصــــدد يصعب تحديد مفهوم السكن العشوائي أو السكن الغير اللائق بشكل دقيق حيث يرتبط هذا المفهوم بعوامل مختلفة منها ما هو مرتبط بظروف النشأة ، ونوعية البناء وجودته ومنها ما هو مرتبط بالتجمعات السكنية التي يكونها. لكن على العموم يعتبر سكنا عشوائيا كل سكن لا يخضع للقوانين والمعايير المعمول بها في مجتمـــع وفي مجال معيـــن . فعلى سبيل المثال يختلف السكن العشوائي بين دولة وأخرى كما يختلـــف بين المجال الحضري والمجال القروي في الدولة الواحدة.

=1=

و يخفي مصطلح السكن غير اللائق حقائق متعددة و متباينة و هذا ما يجعل المتخصصين يختلفون حول تعريفه فعبارة " غير لائق " تعني وجود انماط من السكن تفشت في جل المدن المغربية بشكل غير عادي و استحوذت على اهتمام السلطات العمومية ، لكن دون ان يترجم هذا الاهتمام عبر نص تشريعي و تنظيمي خاص بالسكن غير اللائق .

لذلك فاننا لا نصادف اليوم تعريفا قانونيا للسكن غير اللائق لسبب بسيط هو ان المشرع المغربي لم يتصدى لهذا النوع من السكن من خلال نص تشريعي محدد و المصطلح ذاته لم ترد الاشارة اليه في النصوص القانونية الا مؤخرا في المادة 38 الفقرة 3 من الميثاق الجماعي الجديد التي تحدد اختصاصات المجلس الجماعي في ميدان التعمير و اعداد التراب " يقرر -اي المجلس – في انجاز برامج اعادة الهيكلة العمرانية و محاربة السكن غير اللائق و حماية و اعادة تاهيل المدن العتيقة و تجديد النسيج العمراني المتدهور ".

أما المادة 102 المتعلقة باختصاصات مجلس المقاطعة الذي له الحق في ان " يقترح كل الأعمال التي من شانها لانعاش السكن و تحسين مستوى الحياة و حماية البيئة و ان يبدي رايه حول برامج اعادة الهيكلة و القضاء على السكن غير اللائق و حماية و إعادة تأهيل المدينة العتيقة و اعادة تجديد النسيج العمراني المتدهور " .

كما استعمل المصطلح ايضا في المادة 36 من القانون رقم 79.00 المتعلق بتنظيم العمالات و الاقاليم الذي اسند لمجلس العمالة او الإقليم " المشاركة في انجاز برامج الإسكان او اعادة هيكلة النسيج الحضري و السكن غير اللائق بالوسط الحضري و القروي"

و من خلال هذا العرض سنحاول التطرق لأهم أسباب السكن العشوائي و تجلياته في الجزء الأول اما في الجزء الثاني سنخصصه للسياسات المتبعة للحد من هذه الظاهرة



=2=
الجزء الأول : أسباب ظهور السكن العشوائي و تجلياته
ترجع ظاهرة السكن العشوائي في المغرب الى فترة الاستعمار حيث ادت السياسات الاستعمارية في المجال الحضري المرتكزة على التمييز بين السكان الأصليين و المعمرين الى تدهور المجال المخصص للسكان الأصليين ، فالمدن الأوروبية شيدت طبقا وفق معايير تتميز بالجودة العالية و كافة التجهيزات في حين تفتقد مثيلتها في المغرب الى هذه المعايير، و تم تهميش المدن المغربية العتيقة مما سرع في تدهورها ، وهكذا ارتفعت الكثافة السكانية داخل هذه المدن و نشات و تنامت الاحياء الصفيحية التي تفتقد بدورها للخدمات الاساسية .
و بعد الاستقلال عرفت هذه الظاهرة تزايدا ملحوظا حيث أصبحت تهم ربع سكان المدن حسب تقرير 50 سنة للتنمية .
تاسيسا على ما سبق يمكن القول ان هناك مجموعة من العوامل و الاسباب التي ادت الى تنامي هذه الظاهرة و لقد خصصنا ( كفقــرة والى) اما في ( الفقرة الثانية) فسنتطرق بالشرح و التحليل لأهم تجلياتها.
الفقـــرة الأولى : أسباب ظهور السكن العشوائي
عرفت حركة التعمير بالمملكة المغربية في العشرين سنة الأخيرة نموا سريعا و متزايدا فاق بكثير معدل النمو العمراني الذي عرفته في بداية القرن. وترجع هذه الظاهرة لعدة أسباب منها على وجه الخصوص:
اولا : العوامل السوسيو اقتصادية
ترتبط ظاهرة السكن العشوائي بالنمو الحضري فخلال الثلاث العقود الاخيرة -عرف سكان الحواضر نموا متزايدا بحيث انتقل من 29 في المائة من مجموع السكان سنة 1960 الى 58.30 في المائة سنة 2011 حسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط و- تعتبر الهجرة القروية العامل الاساسي في النمو الحضري و الذي يرتبط بطلب متنامي على الوحدات السكانية ، و لم تستطيع الوحدات المنجزة من طرف الدولة او الخواص ان تلبي الطلب المتزايد خاصة بالنسبة للاسر ذات الدخل المحدود من جهة ،
=3=
و من جهة اخرى ادى الفقر و تدهور القدرة الشرائية لشرائح كبيرة من المواطنين سواء أولائك القادمين من القرى بسبب تهميش العالم القروي ( غياب البنية التحتية ، الجفاف ، العزلة ...) او سكان المدن انفسهم الذين لم يعد بامكانهم اقتناء مساكن لائقة وغياب سياسة عمرانية ذات بعد اجتماعي الى تنامي ظاهرة السكن العشوائي بكل تجلياته .
ثانيا : العوامل الخاصة بنوع السكن العشوائي
يعتبر السكن الصفيحي ملجأ لشرائح كبيرة من المواطنين الذين يضطرون بفعل الجفاف و تدهور أوضاعهم المادية و غياب أي استراتيجية للدولة للنهوض بالعالم القروي للهجرة من القروى وان كانت اثمنة هذا النوع من السكن عرفت ارتفاعا كبيرا ابتداءا من سنوات الثمانينات اضافة لما يضطر هؤلاء السكان لدفعه كرشاوى لرجال السلطة و أعوانهم حتى يتمكنوا من اقامة مساكنهم و قد ساهم الفساد المتفشي في الأوساط الادارية و السياسية في تفشي هذا النوع من السكن نظرا لما يمثله من وعاء انتخابي تلجا السلطات و المنتخبون الموالون لها لاستعماله في كل المحطات الانتخابية محلية كانت ام وطنية لترجيح كفة مرشح بعينه .
أما بالنسبة للمدن العتيقة و المدن الجديدة فيشكل السكن غير اللائق مظهرا من مظاهر تدهور أحوالها حيث تصبح هذه المساكن غير صالحة نتيجة لتدهور ظروف السكن المزرية بهذه المساكن غير صالحة نتيجة لتدهور ظروف السكن المزرية بهذه المساكن و ليس نتيجة لغياب التجهيزات الاساسية .
و يعتبر السكن الغير القانوني تعبيرا عن التغيرات التي تمس النسيج الاجتماعي الحضري ، فهو يهم جزءا من الطبقة الوسطى في غالبيتهم من المدينة .و يعد ظهور هذا النوع من السكن كنتيجة لحركة
=4=
السكان داخل المدنية و ليس للهجرة القروية الناجمة اساسا في تدهور مستوى عيش السكان و المضاربات العقارية .
ثالثا : مختلـــف العوامـــــل
بالإضافة الى العوامل السالفة الذكر هناك عوامل لا تقل اهمية عن سابقتها و تتمثل فيما يلي :
-;- تركز التصنيع في المدن وعدم اعتماد مدن صناعية منفردة.
-;- تكوين أنسجة حضرية متفككة ناتجة عن التمدن المفرط وانعدام الانسجام في المباني.
-;- تقاعس الأجهزة المسؤولة في تدبير ومراقبة التعمير والبناء.
-;- تعدد وتداخل المتدخلين في ميدان التعمير.
-;- غياب التكوين التقني والقانوني لدى المنتخبين وبعض المسؤولين عن القطاع .
-;- عدم الإسراع في إخراج برامج إعادة الهيكلة إلى حيز الوجود .
-;- تجاهل بعض رؤساء المجالس الجماعية قانون التعمير وتسخير هذا القطاع من اجل تحقيق أغراض ذاتية وأهداف انتخابوية على حساب المصلحة العامة.
-;- غياب التعاون بين الجهات المتدخلة في ضبط مخالفات التعمير، الذي يحتاج موارد بشرية كفيلة بالقيام بمهامها على أحسن وجه ، ولمراقبة فعالة للحركية العمرانية ، فالمراقبة التي تمارسها الإدارة الجماعية تظل مقتصرة على الوثائق والمستندات أكثر من ارتكازها إلى المراقبة في عين المكان بشكل دوري ومباغت كما انها تبقى مراقبة بعدية أي بعد انتهاء أشغال البناء.
-;- عدم تمكن رؤساء المجالس الجماعية من ممارسة صلاحياتهم في مجال رخص التعمير نظرا لكثرة الاختصاصات في مجال الضبط الإداري أو مجالات أخرى مما يسمح له المشروع بالتفويض بقرار مكتوب في بعض سلطاته إلى أحد النواب طبقا للقانون المنظم للتعمير .
-;- الرغبة غي احتكار السلطة في مجال التعمير من طرف رؤساء الجماعات نظرا لأهمية بالنسبة لمراكزهم .
-;- التفويض في بعض الحالات لبعض نواب الرئيس وانعدام التخصص القانوني الملائم في القطاع مما يجعل منح رخص البناء رهينة مزاج المنتخبين وفق مصالحهم الخاصة.
-;- عدم توفر بعض الجماعات على تقنيين مؤهلين ومهندسين بإمكانهم استيعاب محتوى الوثائق ومن تم اتخاذ القرار الملائم بشأن العديد من المشاريع.
=5=
-;- تعقيد المساطر والمراحل القانونية والإدارية.
-;- عدم التطبيق الصارم لزجر المخالفات الناتجة عن عدم احترام ضوابط البناء العامة وقوانين التعمير 12-90 أو 25 -90 ما يفسر محاضر المخالفات التي تظل رهينة الرفوف وعدم إرسالها إلى وكيل الملك كما تنص على ذلك القوانين الجاري بها العمل.
-;- عدم الإسراع في إخراج قانون 04-04 المتعلق بالتجهيز إلى حيز الوجود.
-;- عدم تطبيق الدوريات الوزارية في الميدان وخاصة الدورية المشتركة المتعلقة بزجر ومراقبة التعمير والبناء الصادرة بتاريخ 12 ماي 2008 .
-;- غياب تحديد المسؤوليات وتوضيح مسؤولية كل الفرقاء المتدخلين في القطاع لبتر الفساد الذي أفضى إلى وجود ارض ثقيل ترجمه تفشي كل أنماط السكن الغير اللائق .
-;- غياب التنصيص الدقيق على لائحة الأشغال التي تتطلب رخص الإصلاح نظرا لاتصالها في البناء الأساسي.
-;- عدم اعتماد دفتر الورش وغياب التتبع والمراقبة التقنية من قبل المصالح المختصة.
-;- دراسة الملفات على ضوء وثائق التعمير دون الأخذ بعين الاعتبار تواجد التجهيزات الأساسية وبالتالي يتم إحداث تجمعات سكنية غير مهيكلة .
-;- عجـــز الدولــــة عـــن توفيـــر سكـــن لائق لشرائح واسعة من المواطنين الذين يتصفون بضعف دخلهم و التي تقع على الدولة مسؤولية كبيرة في توفير سكن مناسب ولائق لها.
-;- الارتفاع الحاد لأسعار الأراضي بسبب المضاربات العقارية مما أبعد شريحة من المواطنين الفقراء من إمكانية حصولهم على قطعة سكنية يمكن بناؤها بالإمكانيات الذاتية.
-;- تقاعس الأجهزة المسؤولة في تدبير ومراقبة البناء والتعمير.
الفقــــرة الثانية : تجليات و مظاهر السكن العشوائي
كما سبقت الاشارة فقد نشات ظاهرة السكن العشوائي في المغرب و ترعرعت مند الحقبة الاستعمارية حتى أصبحت تهم سنة 2003 نحو 900 الف أسرة اي ما يعادل 5 مليـــون شخص و اكثر من 30 في المائة من سكان المناطق الحضرية .
و تتواجد في المغرب أشكال مختلفة من السكن العشوائي او الغير اللائق من حيث خصائص النسيج الحضري الذي ينتجه و من حيث النشأة و التنمية ، و يدخل في هذه الخانة كل من السكن الصفيحي ، السكن غير القانوني ، السكن الهش او العتيق ، السكن القروي الهامشي و احياء السكن الاقتصادي الأهلة بالسكان..، و يتميز في معظم الأحيان بغياب الحد الأدنى من الخدمات
=6=
الأساسية من التجمعات السكنية بالإضافة الى عدم توفر الحد الأدنى من الجودة و التي تعتبر ضرورية لضمان شروط الراحة و الصحة و السلامة كما انه يتميز بضيق المساحة تضاف الى دلك ظاهرة اشتراك اكثر من اسرة في مسكن واحد ...
أولا : السكن الصفيحي
يشكل السكن الصفيحي اقدم انواع السكن غير اللائق و هو يتكون من سكن هش يعتمد على مواد قصديرية او خشبية في غالب الاحيان و يفتقر الى مقومات السكن اللائق و تتميز التجمعات الصفيحية بانعدام ابسط التجهيزات التحتية و شبكات الماء و الكهرباء و قنوات الصرف الصحي
هي احياء تتكون من مساكن من الصفيح او القصدير تتواجد على هوامش المدن او بداخلها حيث اصبحت تتشكل مكونا هاما في المجال الحضري للمدن الكبرى خاصة ( حوالي 13 بالمائة من سكان المجال الحضري يعيشون في سكن صفيحي سنة 2004 ) و تتميز باستعمالها لمواد بسيطة ( الصفيح او القصدير ، الخشب البلاستيك ......) و يمكن ان تستعمل أيضا مواد عادية في البناء خاصة بالنسبة للجدران .
بالنسبة للأراضي التي تقام عليها هذه الاخيرة فهي في غالب الأحيان أراضي الجموع او الاحباس او اراضي مخزنية و قد تكون في ملك خواص ، وعلى العموم يتم استغلال تلك الاراضي بدون اي سند قانوني لكن في بعض الأحيان يتم اما شراؤها او كراؤها و تقام غالبا في ضواحي المدن على شكل انوية متناثرة و تعتبر اغلب المنازل الصفيحية في ملكية السكان حتى و ان كانت الأراضي في ملك الغير.

كما انها تتميز بافتقادها للبنية التحتية الأساسية و خاصة المياه و الكهرباء و الصرف الصحي و قد نجد بعض الاحياء مجهزة بشكل بسيط من طرف السكان أنفسهم و يتزود السكان بالماء الشروب عن طريق سقايات جماعية تقام من طرف المجالس التي تتكلف بدفع الفواتير للشركات المكلفة بتوزيع مياه الشرب ، اما فيما يخص الانارة العمومية فتقتصر في غالب الاحيان على الشوارع الجانبية التي تحد الحي الصفيحي و التي توجد بالقرب من احياء اخرى عادية .


و من بين خاصيات السكن الصفيحي كذلك إشكالية الاكتظاظ داخل الحي و داخل المسكن الواحد حيث لا نجد داخل الحي سوى أزقة ضيقة جدا لا تسمح بمرور العربات و تنعدم فيها الأنشطة التجارية و الخدمات كما ان المساكن تحتضن في غالب الأحيان اكثر من اسرة.
=7=
و تتسم الأحياء الصفيحية بالتنوع حيث نجد الأشكال العفوية او التلقائية التي تمت اقامتها بدون اي تصميم أولي للحي و الأشكال المنظمة في بنيات استقبال .
ثانيا : السكن الغير القانوني
يعتبر السكن الغير قانوني نوعا خاصا من السكن الحضري او الموجود على هوامش الحواضر و يتميز عن باقي انواع السكن العشوائي بخصائص سوسيو اقتصادية متنوعة و متغيرة، فسكان هذا النوع من السكن هو غالبا من الطبقة الوسطى ( موظفين مدرسين ) الذين لم يعد بإمكانهم اقتناء سكن لائق بسبب تقهقر مستواهم الاقتصادي كما توجد في هذه الأحياء شرائح اجتماعية اخرى اقتناء هذا النوع من المساكن كمؤشر على الارتقاء الاجتماعي بالنسبة لها.

و يتميز السكن الغير قانوني بالتنوع من حيث الخصائص الفزيائية و طرق استعمال المجال و ايضا من حيث الاشكال .

فيما يخص التنظيم المجالي ، و كما بالنسبة للسكن الصفيحي هناك انواع مختلفة من السكن الغير قانوني حيث نجد احياء منظمة نسبيا طبقا لتصاميم هندسية كما نجد احياء تلقائية بدون اي تصميم مسبق غير انه لا يعاني من ظاهرتي الاكتظاظ و ضيق الطرق بنفس الحدة، و يمكن لهذا النوع من السكن ان يشكل تجمعات كبيرة في وسط المدن او مجموعات متناثرة على هوامشها و تتوفر هذه الاحياء على الانشطة التجارية و الخدمات مختلفة.

و يتميز السكن الغير قانوني بغياب البنية التحتية الاساسية و في بعض الاحيان تتوفر هذه على شبكات مياه الشرب و الكهرباء لكن دون قنوات التطهير و دون طرق معبدة .

و يقع السكن الغير قانوني في بعض الاحيان في اماكن خطرة من حيث الخاصيات الطوبغرافية للاراضي المقامة عليها ( اراضي مهددة بالفياضانات ) و يتواجد غالبا على اراضي ذات الملكية الخاصة و ان كان في بعض الحالات يقام على اراضي جماعية ( ارضي الجموع الاحباس الجيش) و يتميز بغياب الصريح بالتجزئ و البناء و عدم احترام معايير التعمير و البناء و يمتلك معظم قاطني السكن غير القانوني لمساكن، و يتوفرون على رسم الملكية العدلي و فردي او جماعي بدل رسم التحفيظ العقاري لكن ظاهرة الإيجار متواجدة اكثر مما هو عليه الحال في السكن الصفيحي .
=8=
ثالثا: السكن العتيق او المتقادم
يتواجد السكن المتقادم بشكل كبير في مختلف المدن المغربية العتيقة التاريخية و حتى في المدن الجديدة ، و ترجع أسباب تنامي هذا النوع الى تغيير وضعية السكن في البيوت القديمة الناتج خصوصا عن انخفاض مستوى السكان و الى الاكتظاظ او عدم استعمال هذه البيوت ، و الى غياب الصيانة و التجهيزات العصرية .

و ترتبط أهمية السكن في المدن العتيقة باختلاف مساحته و عدد سكانه و دور المدينة في النسيج الحضري ، يمكن ان تهم هذه الإشكالية المدينة كلها او جزءا منها و تعد المساكن المهددة بالانهيار اهمم مظاهر السكن غير اللائق في المدن العتيقة.

و ترتبط اشكالية السكن غير اللائق في المدن العتيقة ايضا بالتعقيدات التي تهم الوضعية العقارية حيث هيمنة نظام الملكية التقليدية مع وجود حالات كثيرة للملكية الجماعية و في بعض الاحيان حقوق الانتفاع كما ان العديد من هذه المساكن توجد في ملكية الاحباس التي تتنازل عن حق الانتفاع او تؤجرها باثمان زهيدة لا تكمن من صيانتها

و تتميز مساكن المدن العتيقة بكونها مبنية بواسطة المواد و التقنيات التقليدية ( جدران من الاسمنت و الطوب ارضيات من الخشب و من التراب ) و لا زالت هذه التقنيات جلية في هذه المباني رغم الإصلاحات التي همت بعضها و المتمثلة في استعمال الاسمنت المسلح .

و على عكس السكن الصفيحي و السكن غير القانوني تتوفر المدن العتيقة على التجهيزات الاساسية ، من قنوات لمياه للشرب و شبكات الصرف الصحي لكنهــا في وضعيـــة مهتزئة و مختلفة و تنظيم الاحياء داخل المدن العتيقة بشكل غير منظم بواسطة ازقة ضيقة حيث تتواجد اهم التجهيزات و الخدمات .

و ينتمي سكان المدن العتيقة الى شرائح سوسيو اقتصادية مختلفة حسب المدينة نفسها و داخل نفس المدينة من حي لأخر ، حيث نجد أحياء الفقر و التهميش التي تسود فيها ظاهرة التشارك و احياء اخرى يعاد تأهيلها و تسكنها شرائح ميسورة ( مراكش ، فاس ، الصويرة ) .

و لا تختلف المدن الجديدة كثيرا عن المدن العتيقة لكنها اكثر فوضوية بسبب السياسات التعميرية المتبعة و يعود انشاء المدن الجديدة الى فترة ما بين الحربيين العالميتين ، حيث كان يقطن المغاربة و قد شيدت طبقا لخصائص التعمير التقليدية المغربية و قد عرفت هذه المدن تغيرات عميقة تتمثل في رحيل السكان الميسورين و تنامي ظاهرة الاكتظاظ داخل هذه المدن ، حيث تشترك اكثر من أسرة في البيت الواحد مما يؤدي الى تدهور المباني و ضعف التجهيزات ( حي العكاري بالرباط حي فاس الجديد بمدينة فاس ...)


=9=
و تجدر الاشارة ان هناك مظاهر اخرى للسكن العشوائي مثل السكن القروي الهامشي الذي يتواجد بضواحي المدن، و قد يكون على شكل مجموعات سكنية او مساكن متناثرة ، و بحكم التوسع الحضري اصبحت هذه المساكن تدخل ضمن المجال الحضري ، و يتميز هذا النوع من السكن باستعمال الطين في البناء و بافتقاره للتجهيزات الأساسية و يشبه السكن القروي في غالب الاحيان و كذا وجود سكن كالاكواخ و الغرف على اسطح المباني و مرائب السيارات ، و تنتشر هذه الظواهر في المدن الكبرى كالدار البيضاء ، طنجة ، فاس و مراكش .
الجزء الثاني : السياسات المتبعة للحد من ظاهرة السكن العشوائي
لقد اهتمت السلطات المغربية بإشكالية السكن غير اللائق منذ الاستقلال حيث وضعت اول برنامج للسكن الجماعي للقضاء على السكن العشوائي و منذ ذلك الحين نهجت مجموعة من السياسات في مجال السكنى و التعمير، ففشلت في القضاء على ظاهرة السكن العشوائي او حتى الحد منها بسبب تركيزها على الهاجس الامني و توفير بعـــض الخدمـــات الاساسية كالماء و الكهرباء .
و لقد عملت خلال التسعينيات بعقد شراكة مع القطاع الخاص باعتباره فاعلا اساسا و مهما في تنفيذ البرامج التي تطمح الدولة انشاءها، بهدف الحد من ظاهرة السكن العشوائي ، و تعتبر السياسات المتبعة للحد من هذه الظاهرة و متجسدة في اطار المراقبة الاجتماعية التي تشكل بدورها وسيلة ناجعة و فعالة للتصدي لهذه الظاهرة ، و سوف نتطرق في (الفقرة الاولى) الى الشراكة بين القطاع العام و الخاص للحد من ظاهرة السكن العشوائي فيما ( الفقرة الثانية) سوف نخصصها لدور المراقبة الاجتماعية في هذا الخصوص.
الفقرة الأولى : الشراكة بين القطاع العام و الخاص للحد من هذه الظاهرة
اولا : القطــــــاع العــــام
و لم تكن السياسات العمومية في البداية تولي اهتماما كبيرا بالسكن الصفيحي ، حيث كان ينظر اليه كظاهرة مؤقتة و لم تكن تعترف بالسكن غير القانوني .علما انه كان يشكل نوعا من التوازن بالنسبة للولوج الى السكن بالنسبة لذوي الدخل المحدود ، و انطلاقا من أوساط السبعينيات تم الاعتراف بالسكن الصفيحي و السكن غير القانوني العشوائي عن طريق برنامج التنمية الحضرية الذي يهدف لإدماج هذا السكن بواسطة تحسين تدريجي لظروف السكن ، و يتركز هذا البرنامج على مفهوم إعادة تأهيل الأحياء العشوائية عبر تجهيزها بالتجهيزات الأساسية و تقنين السكــن و ذلك عبر اصلاح المباني من طرف السكان انفسهم بتاطير تقنين و بواسطة قروض تصرف
=10=
لهم على شكل ادوات البناء كمـــا يرمي هذا البرنامج الى انشاء تجهيزات جماعية و تاطير السكان من خلال برنامج التكوين المهني و كذلك انشاء مناطق حيوية تهدف الى توظيف اليد العاملة المحلية .
و بمساهمة من البنك الدولي تم تفعيل البرنامج لأكبر الاحياء الصفيحية في اربعة مدن ( الدار البيضاء ، الرباط ، مكناس ، القنيطرة ..) لكن سرعان ما تم التخلي عن مدينة الدار البيضاء ففشل هذا البرنامج في تحقيق أهدافه المعلنة، بل ستتفاقم الأوضاع في بعض المواقع التي كانت مهددة بالانهيار بعد ذلك ستحاول الدولة إعادة تاهيل الأحياء الصفيحية الصغيرة عبر برنامج الإحياء الصفيحية الصغيرة و المتوسطة، حيث يقتصر تدخل السلطات في توفير الخدمات الأساسية كمياه الشرب و الكهرباء و الصرف الصحي و الطرق استنادا الى معايير معينة حددها البرنامج .
و امام فشل هذه السياسات و خاصة تلك الموجهة لاحياء الصفيحية الكبرى ستلجأ الدولة الى سياسة إعادة إسكان قاطني دور الصفيح و هكذا تم منح هؤلاء السكان بقع ارضية مجهزة مقابل اثمان مدعمة من طرف الدولة على ان يتحمل المستفيدون اثمان البناء، بدون أي دعم و لا أي مساعدات للحصول على قروض بنكية، و قد تم تمويل البرنامج في البداية من طرف الميزانية العامة للدولة ، و سهرت على تنفيذه المصالح الخارجية للوزارة المكلفة بالقطاع ، فقد تم احداث مؤسسات عمومية خاصة ممثلة في الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق و الشركة الوطنية للتجهيز و البناء، التي ستتكلف بتنفيذ البرنامج لصالح المصالح الخارجية للوزارة . و قد ساعدت هذه الالية لتعويض نقص الموارد المالية ، لكنها لم تتمكن رغم ذلك من القضاء على ظاهرة البناء العشوائي .
ثانيا : القطــــاع الخــــــاص
ابتداءا من الستعينيات لجأت الدولة الى مجموعة من البرامج بشراكة مع القطاع الخاص مع اقتصار تدخل القطاع العام في محاربة السكن الصفيحي و السكن غير القانوني ، حيث استفاد المنعشون العقاريون من مجموعة من الامتيازات، نذكر منها تخفيض نسبة الأرباح على القروض تسهيلات ضريبية، تفويت أراضي الدولة لفائدة المنعشين العقاريين في القطاعين العام

=11=
و الخاص بأثمنة منخفضة ، تفويت اراضي الدولة و تسهيلات للحصول على رخص البناء اعتمادا على مجموعة من البرامج :
-;- برنامج 200 الف سكن الذي تم اعتماده ابتداءا من سنة 1995 و الذي كان الهدف منه توفير السكن للشرائح ذات الدخل المحدود ( اقل من 3600 درهم في الشهر ) .

و لقد تم تسجيل مجموعة من النقائص من بينها نقص في الخدمات الاساسية في الاحياء الجديدة كالمدارس و المرافق الصحية و وسائل النقل بالإضافة الى نقص في جودة البناء . كما ان البرنامج ركز على المدن الكبرى و غيب المدن الصغرى و القرى و ركز على الشرائح الاجتماعية المتوسطة و على المقاولات الكبرى .

-;- البرنامج الخاص لمحاربة السكن غير اللائق الذي كان الهدف منه هو محاربة السكن غير اللائق و انجاز 100 الف وحدة سكنية لفائدة ذوي الدخل المحدود .
-;- برنامج بدون صفيح يهدف هذا البرنامج للقضاء على السكن الصفيحي في افق سنة 2012 و يهم 326 الف أسرة موزعة على 85 مدينة مغربية و الى غاية نهاية سنة 2010 استفادت 164700 أسرة من هذا البرنامج. كما تم اعلان 42 مدينة بدون صفيح
الا ان هذا البرنامج اصطدم بمجموعة من المعيقات اهمها :
• صعوبة الحصول على عقار في بعض الاحيان.
• العسر المادي لكثير من سكان دور الصفيح.
• عدم صلاحية المساكن او المجالات التي تم ترحيل السكان اليها .
• نقص التجهيزات في مجالات الاستقبال.
• عدم التزام بعض الفرقاء المحليين.
• نقص الرعاية الاجتماعية للاسر
• مشكل ضبط أعداد سكان الصفيح
كما ان التلاعبات التي عرفها هذا البرنامج و التي تهم جميع أطواره ابتداءا من احصاء السكان المعنيين الى عملية توزيع المساكن أو البقع الارضية، و المتمثلة اساسا في الرشوة و المحسوبية
=12=
و التي يتزعمها رجال و اعوان السلطة المحليون، حالت في الكثير من الاحيان دون استفادة اسر كثيرة من هذا البرنامج مما فتح الباب على مصراعيه لاحتجاجات السكان على هذه الممارسات .
-;- برنامج تأهيل السكن المهدد بالانهيار الذي تم وضعه سنة 2005 و يهدف الى معالجة المباني الايلة للسقوط عبر عمليات الترميم، و ان اقتضى الامر إعادة تاهيل النسيج الحضري للمدن العتيقة عبر اصلاح شبكات الصرف الصحي و الطرق و الأسوار و عرف هذا البرنامج صعوبة في التنفيذ نظرا لعدد الأسر المستهدفة ، و اهدافه التي تبقى غير واضحة بحيث يجمع بين عملية الإصلاح من جهة و بين التدخل الاستعجالي في حالة المباني المهددة بالانهيار من جهة اخرى و التي تحتاج الى استراتيجية عامــة و مندمجة تخص جميع المجالات الحضرية المعنية .
-;- برنامج تأهيل أحياء السكن غير القانوني يرمي هذا البرنامج الى فك العزلة و ادماج هذه الاحياء عبر انشاء الطرق و تاهيل المحيط بعد توفير الخدمات الأساسية من مياه الشرب و الصرف الصحي و الكهرباء ، من طرف السكان أنفسهم عن طريق جمعيات الأحياء او من طرف المصالح المكلفة بتلك التجهيزات في تلك المدينة .
-;- برنامج السكن دون 14 الف درهم يرمي هذا البرنامج الى توفير السكن لذوي الدخل المحدود الذين لا يستطيعون الاستفادة من البرامج الاخرى حيث لا يتعدى ثمن هذه الشقة ذات المساحة بين 50 و 60 متر مربع 14 الف درهما و يتم تنفيذ هذا البرنامج بشراكة مع القطاع العام و الخاص .
-;- برامج التنمية و البناء كبرنامج المناطق الحضرية الجديدة الذي أقيم على أراضي الدولة او اراضي الجموع و برنامج المدن الجديدة الذي يرمي الى تخفيف حدة الكثافة السكانية عن بعض المدن الكبيرة كالرباط و البيضاء مراكش و طنجة حيث يتم تجهيز هذه المشاريع من طرف مؤسسة عمومية كمؤسسة العمران ليتم تفويتها بعد ذلك للخواص في اطار الشراكة بين القطاع الخاص و الدولة .

و يمكن ان نستنتج من السياسات المغربية في مجال السكن انها لم تنجح في القضاء على اشكالية السكن العشوائي لانها افتقرت دائما لرؤية مندمجة و ارتكزت بالاساس على الهاجس الامني في
=13=
سياستها الخاصة بالمدينة مع محاولة التوفير بعض الخدمات الاساسية كمياه الشرب و الكهرباء فبعد انتفاضة مدينة الدار البيضاء سنة 1981 ادى الهاجس الامني الى تغيير السياسات المنتهجة في مجال المدن بصفة عامة و في مدينة الدار البيضاء بصفة خاصة حيث سيتم تقسيم الدار البيضاء الى عمالات و اعتماد تصميم التهيئة الحضارية تم سيتم انشاء الوكالة الحضرية للدار البيضاء سنة 1984 .

و في سنــة 1985 و بعـــد الانتفاضات التـــي عرفتها بعض المدن على راسها مراكش فاس و الناظور تم الحاق مديرية التعمير و مديرية التنمية المجالية لوزارة الداخلية ، و تم تقسيم كل من مدينة فاس ، مراكش ، مكناس اكادير الى عمالات على غــرار مدينة الدار البيضاء و قد تم تم في نفس السياق تعميم الوكلات الحضرية في اغلب المدن .
و إجمالا يمكن القول بأن مجموع السياسات الإصلاحية التي قامت بها الدولة في هذا الباب كإعادة إسكان قاطني دور الصفيح تظل غير كافية ، اذا ما علمنا بأن السكن العشوائي يتزايد يوما بعد يوم وبشكل لافت للنظر، الأمر الذي يتطلب من الدولة اعتماد مقاربة تشاركية تقوم بإعداد إستراتيجية واضحة المعالم ، يتم من خلالها رصد سقف زمني من أجل القضاء على هذه الظاهرة، هذا دون أن ننسى بأن تطبيق العقوبات الزجرية على كل المخالفين ستكون بطبيعة الحال ركيزة أساسية من ركائز إصلاح الخريطة السكنية ببلادنا.
الفقرة الثانية: المراقبــــة الاجتماعيــــة
إن الغاية التي كان يسعى إليها المشرع من خلال المهام التي أسندها على المجالس الجماعية وتحديدا في شخص رئيسها هو مسايرة التطور العمراني السريع، وضبط حركة البناء في المدن والقرى ، في إطار قانوني ورقابة إدارية وتقنية فعالة. غير أن الواقع المعاش اثبت وجود تجاوزات في مجال حركة البناء، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن جدوى وجود الجهات المعنية والمسؤولة، مع العلم أن اغلب حالات المخالفات تتم عن مرأى من مجالس الجماعات ، و باقي الأجهزة المختصة و كذا افراد المجتمع دون تحريك ساكن في هذا الشان .
و أول أمر أدى إلى تفاقم الوضع هو تحمل الجهات المكلفة لمسؤوليتها كاملة وتحويلها الاختصاصات المخولة إليها كأداة زبونية وانتخابية لجلب الأصوات بمنح رخص غير قانونية =14=
والتشجيع الضمني للسكن الغير اللائق و سوف نعالج هذه الفقرة من خلال التطرق الى دور الاجهزة الدولة الادارية المختصة (اولا) ، تم فيما بعد سوف نقترح مجموعة من الحلول للقضاء على هذه الظاهرة ( ثانيا )
أولا : دور اجهزة الدولة المختصة في هذا المجال
دور السلطة الإدارية ، يتجلى دور السلطة الإدارية في الأمر:
- إما بإيقاف أشغال البناء او التجهيز.
- إما إعادة الحالة إلى ما كانت عليه.
- هدم الأبنية المقامة حسب ما تقتضيه الحالة.
و ذلك بواسطة السادة ولاة وعمال بطلب من السادة رؤساء الجماعات أو من أنفسهم على حد السواء.
و يلزم عامل العمالة أو الإقليم بإصدار أمر يرمي إلى إيقاف أشغال التجهيز أو البناء الجاري فيها العمل و التي تهدف إلى إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية غير مأذون لها في:
- الأملاك العامة.
- الأملاك الخاصة التي لا يسمح بالبناء فيها بموجب وثيقة من وثائق التعمير.
و يحق للسادة الولاة و العمال أن يأمر بإعادة حالة العقار موضوع التجزئة إلى ما كانت عليه باتخاذ قرارات عملية تعتبر بمثابة أمر فوري بإيقاف الأشغال و إعادة الحالة إلى ما كانت عليه إن اقتضى الحال ذلك مع تحديد المدة الزمنية بتطبيق هذا الأمر.
و إن لم يجد أمر العامل آذانا صاغية لدى مرتكب المخالفة بحيث لم ينفذ كلا أو جزءا مما هو مأمور به في الأجل المحدد له يحل السيد العامل أو الرئيس المعني محله في ذلك ليتحمل المخالفة ومصاريف الأشغال المنجزة )المادة 71من القانون المنظم للتجزءات العقارية )
دور السلطة القضائية:
دور السلطة القضائية جد جلي إذ تبقى المحاكم في جميع الحالات مختصة للنطق بالعقوبات الجنائية سواء تدخلت السلطة الإدارية أو لم تتدخل، أم عدل مرتكب المخالفة عـــــن مخالفتـــه, فالمحكمــة ملزمـــــــة بالأمر بهدم الأبنية أو التجهيزات المنجزة بدون سابق على نفقة المخالف دون اعتبار هل هي موجودة بمنطقة مسموح بالبناء فيها أولا)المادة 68 من نفس القانون (.
غيــــــر أن الهدم سواء صدر عن السلطة الإدارية أو السلطة القضائية لا يمكـــــن أن يشمــــــل إلا الأشغال المنجزة بدون الحصول على الإذن الإداري دون سواه
=15=
ثانيا : الحلول المقترحة للحـــد على ظاهرة السكن العشوائي
ولتجاوز هذه الظاهرة ومعالجتها يمكن طرح مجموعة من الحلول من بينها :
-;- تسهيل الإجراءات المعتمدة في تدبير ملفات الحصول على رخص البناء خصوصا ما يرتبط بملكية العقار والتصاميم النموذجية و مراجعة الرسوم المفروضة لفائدة الجماعات.
-;- تسريع معالجة الملفات وتبسيط المساطر المتعلقة بإحداث التجزئات.
-;- تقليص أجل الترخيص و إحداث شباك وحيد خاص بالتجزئات .
-;- تدخل مباشر من الدولة من خلال بناء وحدات سكنية جديدة بأثمان منخفضة .
-;- إشراك المجتمع المدني عند انجاز تصاميم التهيئة الأولية وفي الرقابة (رسالة الملكية بتاريخ 3 أكتوبر 2005) .
-;- تعميم الوكالات الحضرية بجل مدن المملكة المغربية .
-;- العمل على ملائمة وثائق التعمير مع الواقع المحلي و ذلك بتحديد "قواعد" التعمير بدل "وثائقه" .
-;- ضرورة إنشاء جهاز مستقل يقوم بمعاينة المخالفات المرتكبة في هذا المجال وهو الأمر الذي يسعى إليه المشروع من خلال مشروع 04-04 المتعلق بالتعمير ، فهذا الأخير تم إعداده من طرف وزارة التعمير ومن دون إشراك الجماعات المحلية المنتخبة ، الأمر الذي سيمنع على رؤساء الجماعات تسليم رخص البناء أو الإذن في إحداث التجزئة العقارية ، وهو إجراء سيقزم من دورها . وهذا التوجه يدل على انه بمثابة رد فعل ضد الجماعات المحلية التي أتبتت التجربة العملية فشلها في لعب الدور الذي انيط بها في التعمير.
-;- الاسراع في اخراج القانون 04-04 الذي سيأتي لتدارك العجز في تأهيل المجال ، وصيانة مشروع أرواح المواطنين وممتلكاتهم وضمان الجودة والسلامة والمهنية في الانجاز وتحديد المسؤوليات في قطاع يشكل النهوض به وتنظيمه الأولويات المستعجلة ، فهو يحدد خمس محطات رئيسية تشكل أساسا مباشرا في تفشي السكن الغير اللائق ، وثائق التعمير، الترخيص، الانجاز ، المراقبة والزجر، رخصة السكن .
-;- فعلى صعيد وثائق التعمير يجب التحيين الكلي لها والأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الزلزالية والأخطار بالنسبة للمناطق المغرب المختلفة إلزامية وثائق التعمير في العالم القروي ، تشجيع السكن المنخفض التكلفة و تسمية الوكالات الحضرية بوكالات التعمير لتكريس اختصاصاتها في الوسط القروي.

=16=

-;- وبالنسبة للترخيص يجب أن يحدد في اجل معين وان تسلم رخصة البناء على أساس شهادة مهندس معماري مختص، و توحيد نماذج رخص البناء والسكن وشهادة المطابقة في مجموع التراب الوطني بما فيها العالم القروي ، وملء الفراغ القانوني بخصوص إشكالية السكن المهددة بالانهيار و السقوط .
-;- ضرورة متابعة الورش من طرف المهندس المعماري المختص مع الاحترام التام لدفتر الورش.
-;- وفي باب المراقبة والزجر يجب أن تحدد المسؤوليات بشكل دقيق مع وضع مقتضيات جديدة ترمي حماية الملك العام، ومنع كل تغيير في واجهة المباني. ومعاقبة المشاركين بعقوبات سالبة للحرية.
-;- الضرب على أيدي المضاربين والمتاجرين في الميدان دون سند قانوني .
-;- وضع معايير للبناء وتقنين استعمال مواد البناء مع مراقبة جودتها.
-;- إلغاء شرط الحد الأدنى للمساحة بالنسبة للراغبين في العالم القروي.
-;- تفادي الازدواجية : جهة ترخص هي" الجماعة " وأخرى تراقب "السلطة المحلية".
-;- تجريم المخالفات في ميدان التعمير مع تحديد مسؤوليات جميع المتدخلين.
-;- حذف مسألة التنازل المخولة لرؤساء المجالس في مباشرة المتابعة القضائية.
-;- عدم فتح الباب في قضايا التعمير للاستئناف المقصود منها إطالة امد الدعوى.
-;- تكوين فرق مختصة ومتكونة في ميدان البناء ومراقبة الفرق ذاتها عبر التفتيش من خلال العينات الإحصائية "contrôle par sondage" والصرامة في تحميل المسؤولية لمن اخل بنظام المراقبة.
-;- إدراج المخالفات ضمن المس بالبيئة و التنمية و إلحاق الضرر بالجمالية و الرونق الهندسي
-;- إعفاء الأعوان والمنتخبون بالجماعات المحلية من عملية المراقبة وإسنادها لهيئة تتمتع بصلاحيات واسعة و وسائل مادية و بشرية خاصة للتدخل في الوقت المناسب
-;- ملائمـــة النظـــام البنكي لتمكين جميع الشرائح الاجتماعية من الحصول على قروض من اجل هذا الغرض .
-;- التقليص من الاختصاصات المخولة لرؤساء المجالس في ميدان التعمير نظرا لضعف التكوين والاختصاص في القطاع.
-;- إدراج القانون رقم 80 - 22 لحماية التراث في بنود القانون الجديد 04-04 وذلك حفاظا على التراث العمراني وتنميته .
=17=
-;- إدماج مقتضيات القوانين المتعلقة بالبيئة ضمن مدونة التعمير والمتمثلة في : القانــون رقم 03-12 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة والقانون رقم 05-11 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة و القانون رقم 95-10 المتعلق بالماء. واعتبار عنصر الموافقة البيئية من عناصر الملف لطلب الحصول على رخصة البناء.
من هنا يظهر في نظرنا أن حل المشاكل المتعلقة بالتعمير و السكن الغير اللائق رهين بتطبيق القانون الجديد 04-04 الذي أضفى صبغة إضافية وتغيير ضمني لقوانين 12-90 و 25-90 من حيث الإحاطة بجميع أصول وجذور المشكل.

.













=18=

خاتمـــــــة

و تأسيسا على ما سبق و بعد عرضنا لمختلف المشاكل الهيكلية و البنيوية و القانونية التي يعاني منها قطاع الاسكان في بلادنا ، باعتباره قطاعا حيويا يضمن كرامة المواطن و حقه في الحصول على سكن تتوفر فيه جميع المعايير المعمول بها دوليا ، و باعتبـــــار هذا الحق منصوص عليـــــــه في الدستـــــور و المواثيق الدولية كان لزاما على الدولة و القطاع الخاص و المجتمع المدني و باقي الفعاليات الأخرى، الانخراط في ايجاد حلول انية و ناجعة على المدى المتوسط و البعيد للمحافظة على هذا الحق دون الإضرار بالمجال البيئي و كذا المحافظة على رونق المدن و جماليتها .

و يبدو أن الخطاب الملكي الأخير الذي تحدث عن المشاكل التي جعلت من الدار البيضاء مدينة فاشلة لا ترقى أن تكون قطبا ماليا دوليا، كان محفزا لمجلس المدينة لينتبه للاختلالات التي تعرفها هذه المدينة فيما يخص مجال التعمير و البناء و المحافظة على البيئة .





=19=
قائمة المراجع المعتمدة
كتب باللغة العربية
* متمير فاطمة : المسؤولية المعمارية للمقاول بين ازمة النص و متطلبات الاصلاح 2010 مطبعة الامنية الرباط .
* محجوبي محمد : قراءة عمليـــة في قوانين التعميــــر المغربيـــة الطبعة الثانية 2011 دار النشر المغربية 2006.
كتب باللغة الفرنسية
Mohamed Anis, 2010 .L’habitat Insalubre au MAROC a la fin du xxéme siècle. UNIVERSITY OF CRAIOVA séries : Geography. Vol 13( new series) 2010.
المنشــــورات
الفاخوري ادريس : السكن في ظل التشريعات العقارية الخاصة .الحق في السكن و تدبير مجال العقار اعمال الندوة العلمية التي نظمها مختبر الدراسات القانونية المدنية و العقارية و مختبر الدراسات و الابحاث في حقوق الانسان 8 و 9 ماي 2009 جامعة القاضي عياض منشورات كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية مراكش ، سلسلة الندوات و الايام الدراسية العدد 36/2010 .
شويكي المصطفى : الاتحاد الجغرافي المغربي منشورات فرع الدار البيضاء عين الشق ( السكن غير اللائق المفاهيم و الدلالات ) EURO- IMPRESSION s.a.r.l 2004
حفيف عز الدين : الاتحاد الجغرافي المغربي منشورات فرع الدار البيضاء عين الشق ( السكن غير اللائق من زاوية قوانين و وثائق التعمير ) EURO- IMPRESSION s.a.r.l 200



#اشرف_بلحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الرئيسان التركي والألماني يبحثان بأنقرة وقف الحرب على غزة وت ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق مستقل حول المقابر الجماعية في مس ...
- مخيمات واحتجاجات واعتقالات.. ماذا يحدث بالجامعات الأميركية؟ ...
- ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع الأونروا
- -طيور الخير- الإماراتية تُنفذ الإسقاط الـ36 لإغاثة سكان غزة ...
- إيران.. حكم بإعدام مغن أيد احتاجات -مهسا أميني-
- نداء من -الأونروا- لجمع 1.2 مليار دولار لغزة والضفة الغربية ...
- متوسط 200 شاحنة يوميا.. الأونروا: تحسن في إيصال المساعدات لغ ...
- -القسام- تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يندد بفشل نتنياهو بإستعاد ...
- إيطاليا.. الكشف عن تعرض قاصرين عرب للتعذيب في أحد السجون بمي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - اشرف بلحاج - السكن العشوائي والمراقبة الاجتماعية