أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ماجد محمد - مزايا داعش















المزيد.....

مزايا داعش


ماجد محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4498 - 2014 / 6 / 30 - 14:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



"في الظروف القصوى والمتطرفة يمكن أن
تتداخل القذارة بالسمو في السلوك البشري"
كنعان مكية
"عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيراً لكم"
القرآن الكريم
لا نعتقد البتة بأن يكون ثمة عاقل مشّبع بالقيم الانسانية في أن يميل إلى نظرية التضحية ببعض الناس لقاء اكتمال شروط السعادة للباقي منهم، أو بفكرة التنازل الكلي لجزءٍ معين من الجغرافية الكونية حتى تنعم بالسلام الأبدي باقي الأجزاء من هذا العالم، أو التخلي عن فئاتٍ بعينها تشفياً أو نكايةً بجهاتٍ أخرى لا تقل سوءً عنها، لكن عندما تقرع المصيبة بابك، الوقائع ماثلةً أمامك، فلا وقت لديك للتنظير أو التفكير والتأمل المريح بالذي كان من الممكن أن يحدث، لأن اتخاذ المواقف على وجه السرعة من الوقائع والتعامل مع الأحداث المتسارعة يبقى الأقرب الى الصواب.
وبالعودة الى الظروف العسيرة التي تمر بها المنطقة والتي تُعبر بعض الفئات فيها عن جورها ونتانتها السلوكية من خلال تعسفها المستمر وانتهاكاتها اليومية في الدنيا كرمى عيون الآخرة، علماً أن هذه العدوانية لم ولن تكون غريبة عن تربتنا، هذا إذا ما تخلصنا من نظرية المؤامرة الحاضرة في كل خلوات الساسة والكتاب، وذلك حتى لا يشعروا بالذنب بكونهم لم يقوموا يوماً بالدور المنوط بهم ولا كانوا يوماً على مستوى المسؤولية التاريخية، لذا نؤكد بأن هذه أو تلك الطفيليات القميئة لم تأتي من العدم كما قد يحلو للبعض قوله، إنما كان المناخ العام في بلادنا مهيأ لبروزهم، ولا يخفى على منصف بأن هذا الوباء المنتشر بشكله المريع والمتسارع في الآونة الأخيرة جاء لاستكمال شروط بروز العوامل الذاتية للعلة نفسها، مع مساعدة بعض العوامل الخارجية على انتشارها المرعب في أكثر من بقعة جغرافية في منطقتنا، وذلك كامتداد الزيت على وجه المياه، ولكن رغم كل الدموية والغطرسة والمشاهد اللاإنسانية التي نراها في وسائل الإعلام أو نسمع بها من أفواه من نجوا من المذابح، فنرى بأنه بقدر ما للراديكالية البشعة من مساوئ نتوقع بأن يكون لها بعض مزايا أيضاً، وذلك بناءً على إفراطها في استخدام العنف المتأصل في نفوس من يحملون تلك الأفكار الجامدة والمتعجرفة، وبالأخص فيما يتعلق بالتطرف الديني المفرط لتنظيم داعش الذي استطاع أن يفرض سيطرته على مناطق شاسعة بزمن قياسي، وقدرته الفائقة على خلخلة ليس فقط ركائز التجمعات البشرية، إنما الأركان الفكرية للكثير من الشخصيات التي استساغت واستطابت تقدم وتطور الدواعشة، بل كان بعض النخبة يبشرون بهم كطليعة ثورية حقيقية، وتراهم منسجمون مع وقع خطواتهم ويراقبون تطورهم بمنتهى الحماس العاطفي، يشجعون انطلاقهم وكأنهم في ملعبٍ لكرة القدم، إذ كادت صيحات بعض الرموز أن تعلن عن فرحتها الكبرى بالفلاح الذي سيتم على أيدي هؤلاء الخارجين لتوهم من مغاور التاريخ، وهي منطربة أي تلك الفئات التي تسمى بالنخبة مع انشودة ونغمة "بالذبح جيناكم" ومشتاقة بالمتفرجة عن بُعد لرؤية أولئك القادمين من غابات القرون الوسطى وهم بكامل تخلفهم في أن يصبحوا الأسياد في البلاد، حيث كان رد الفعل بادياً عند الكثير من الساسة، وكذلك عند البعض من نجوم الشاشات الذين تداخلت النضارة والقذارة، الدناءة والطهارة في رغباتهم الشخصية والتي مارسها الدواعشة على الأرض بالنيابة عنهم، فردود الأفعال كانت جلية عند أصحاب الفكر الذين كان يتطلب موقعهم العقلي أن لا يسقطوا بسرعة من على منصات السمو، نقول سمو بما أن السمو قيمة أخلاقية مضافة إلى صاحب الفكر، لأن صاحب الفكر قد يكون عنصرياً أو عاهراً او مجرماً، إن خلت أفكاره من القيم الانسانية المتعارف عليها في الشرائع السماوية أو القوانين الوضعية أو المواثيق الدولية، فالدولة الاسلامية لا شك ساهمت في إخراج بواطن لم تكن لتظهر لولا فضيلة ظهور القوى المتطرفة، وداعش ساعد في الحد من الذبذبة لدى الكثير من النخب والأحزاب السياسية، حقيقة هم محكٌ مهم في هذه الفترة الحرجة من تاريخ المنطقة، داعش خيميائي المرحلة لقدرته على تمييز المعادن البخسة من النفيسة، والمساهمة في تخليص المنطقة من التقية السياسية التي تمارس منذ قرون، ونتيجةً لعنفهم الممنهج حتماً ستظهر مخبوءات العقود والسنين تباعاً أو دفعة واحدة، فستُلفظ الأحقاد الآسنة الى السطح لأن الناس ستُعبر عن كل ما تستبطنه من روح العدوانية بالفتك والسفك من خلال فيالق التطرف، فداعش قناع سوف يستخدمه كل فاتكٍ وسفاح وكل طائفي وعنصري، باسم داعش أو تحت غطائهم ستنتهك الحرمات وتُغتصب النساء، داعش جزء مهم من حقيقة ثقافة هذه المنطقة وليس صحيحاً بأنهم مدفوعون أو مرتزقة رغم وجود الغرباء بينهم، إلا أني ومن باب تجربتي الشخصية ورؤيتي لهم، لم أرى داعشياً نذلاً ومنحطاً إلا وكان سورياً، فما يسمون بالمجاهدين كانوا أكثر أدباً وضبطاً للشهوات، فالقتلة الحقيقيون من الداعش السوري هم سوريون ويعبرون عن ثقافتهم وحقدهم المتأصل تجاه الفئات الأخرى من المجتمع السوري، شخصياً رغم لا دينيتي وابتعادي الكلي عن عالم الثيوقراطيات، إلا أني لستُ متشائماً فوق اللازم، بل قد أبدو متفائلاً بنتائج إجرام هؤلاء القتلة، فلا غرابة بأن يكونوا مبادرين الى تعميق الشروخ بين الكتل الاجتماعية في الشرق الأوسط، وربما سيكونوا سبباً رئيسياً لإعادة رسم الحدود الجغرافية في العالم الاسلامي، فهذا العالم المسمى بالاسلامي يجب أن يعيش تجربة الشرخ والفصل بين المقاطعات، وكذبة التشارك والعيش المشترك الذي تفرضه جهة ما ضد الأخرى يجب أن تنتهي، فبقدر ما للدواعشة من آثامٍ ومقابح لا شك سيكونوا سبباً التغييرات الشرق الوسطية، وذلك بناءً على سيطرتهم على أماكن مهمة وتوسيع رقعة تواجدهم طولاً وعرضاً، كما أن تطرفهم لا شك سيخلف التطرف المضاد، والتطرف المضاد سيحتاج الى عوامل كثيرة للدفاع عن الذات والى حجج وبراهين لإثبات حق الذوات، عند اللجوء الى ذلك الخيار المبني على ضرورات الظرف الراهن، ليس حباً بالتميز أو الشقاق، إنما تلبية للرغبات المضادة وحالة الصراع المبنية أساساً على عواملها السابقة، التي كانت طي الكتمان في العادة حيث يتم تأجيل مخاطرها الكامنة كل فترة بوسائلها المختلفة حتى بلغت أوان الانفجار، وهي كحالة يجب التفاعل مع مستجداتها كما هي رغم صعوبة التعامل معها، إذ أن الانخراط في العمليات العدوانية ولو فقط من باب الدفاع عن الذات، أحياناً يكون أهم من تأجيل حدوثها أو العيش في قلقٍ دائم تحسباً لأي انفجارٍ محتمل فيما بعد، لراديكاليي هذه المرحلة لا شك دور مهم في عدم الابقاء على أي شيء مستتر أو مستبطن رغم كل قباحتها الظاهرة، فلندع الجهات مؤيدين لهم أو معارضين لمشروعهم الساعي الى تفجير بنية المجتمعات وكذلك للإطاحة بأنظمة الحكم، فليُعبروا عن مكامنهن في المحبة أو البغضاء في الوئام أو الاجرام، داعش عامل مهم ليس فقط لتدفع الدول والأنظمة والمجتمعات لتحديد خياراتها، إنما لتحدد الفئات النخبوية أيضاً موقفها من قوى الشر والظلام، حتى لا يبقوا متحصنين كما اعتادوا خلف أغشيةٍ تخفي خباياهم ورغباتهم المكتومة، إذ مثلما كشفت الثورة السورية النقاب عن حقيقة ما يخبئه الشاعر أو الكاتب أو الفنان، فالدواعشة أيضاً سيساهمون وبأساليبهم وطرقهم الخاصة في تعرية ما تبقى منهم، الدولة الاسلامية في العراق والشام تضع المنطقة كلها على مفترق طرق، وسيقللون حتماً من الخيارات والتفضيلات أمام الكل، بل ستضع الدولة الاسلامية المجاميع البشرية أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما الوقوف مع من يمثلون جبهة الشر أو الانضمام الى قوى الألفة والسلام، إما الانتماء الى جمهورية الجاهلية والعيش على مضض بين كثبان التخلف والتحجر، أو التطلع الى التحرر من سلطان عشاق الخراب والوقوف بصدرٍ رحب مع الطرف الساعي لإحلال المحبة والوئام والعيش بأمان على وجه البسيطة، ونرى بأنه كلما تمادى الداعون الى سحب العالم الى الوراء وكلما استمر الراديكاليون في ممارسة الوحشية، كلما استفادت من إجرامهم أصحاب الرؤى والأفكار والنظريات المنتمية الى هذا العالم، وظهرت بناءً على تعسفهم المتواصل والمتأصل، طلائع القوى الداعية الى التمسك بحق الحياة والعيش بكرامة على أديم الكرة الأرضية وليس في الفردوس المفترض، وبالتالي بروز الرأي العام الداعي الى العلمنة من عامة الناس هذه المرة وليس فقط من أولئك المشبعون بالأقوال العلمانية في كتبهم ومقاهيهم على أرصفة المغتربات، فهذه مرحلة مهمة جداً لتثبيت بذور وأفكار فصل الدين عن الدولة في تربة الشرق، ليس بفرضها من الأعلى الى الأسفل كما كانت العادة، إنما ستفرضها بدايةً حاجات البنى التحتية في هذه المجتمعات التي تعيش الآن التغيير والمخاض العسير في أغلب نواحي الحياة.



#ماجد_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الإمارات تشهد هطول -أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث-.. وم ...
- مكتب أممي يدعو القوات الإسرائيلية إلى وقف هجمات المستوطنين ع ...
- الطاقة.. ملف ساخن على طاولة السوداني وبايدن
- -النيران اشتعلت فيها-.. حزب الله يعرض مشاهد من استهدافه منصة ...
- قطر تستنكر تهديد نائب أمريكي بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع ا ...
- أوكرانيا تدرج النائب الأول السابق لأمين مجلس الأمن القومي وا ...
- فرنسا تستدعي سفيرتها لدى أذربيجان -للتشاور- في ظل توتر بين ا ...
- كندا تخطط لتقديم أسلحة لأوكرانيا بقيمة تزيد عن مليار دولار
- مسؤول أمريكي: أوكرانيا لن تحصل على أموال الأصول الروسية كامل ...
- الولايات المتحدة: ترامب يشكو منعه مواصلة حملته الانتخابية بخ ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ماجد محمد - مزايا داعش