أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علي طالب جواد - الديموقراطية مصطلح يوناني ولكن ....















المزيد.....

الديموقراطية مصطلح يوناني ولكن ....


علي طالب جواد

الحوار المتمدن-العدد: 4497 - 2014 / 6 / 29 - 13:25
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يتكون مصطلح الديموقراطية لغوياً من الكلمتين اليونانيتين ديموس (demos) و التي تعني الشعب و كراتيا (kratia) و التي تعني الحكم و مع بعضهما (demoskratia) حكم الشعب .
حكم الشعب لنفسه هذه هي القاعدة الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم الديموقراطي، ولكن كيف يتم ذلك؟
حكم الشعب لا يمكن أن يطبق بمعناه الحرفي في المجموعات البشرية الكبيرة، حيث من الصعب أن تتم السيطرة على هذه المجاميع الكبيرة و لربما تنشأ صراعات بين هذه المجاميع دون وجود سلطة مركزية يعود اليها الجميع, ولذلك إن حكم الشعب بالمعنى الحرفي لربما يكون ممكناً في التجمع البشري الصغير (كأن تكون قبيلة على سبيل المثال) حيث يمكن أن تحكمهم الأعراف و التقاليد و ربما بعض القوانين البسيطة التي من الممكن أن يلتزم بها الجميع.
إذاً كيف يتم تطبيق حكم الشعب على المجاميع الكبيرة التي لربما تختلف عاداتهم و تقاليدهم عن بعضهم البعض ؟
حُلّت هذه المشكلة في اليونان القديمة بأن يُمثل كل مجموعة عدد من الأشخاص، و يجمع هؤلاء الممثلين تحت مجلس واحد ليتخذ القوانين التي يتفق عليها الجميع.
و لفهم هذه الطريقةو كيف نشأت علينا ان نلقي نظرة على الطبيعة التكوينة للشعب اليوناني في دويلة مدينة أثينا على سبيل المثال، كانت هناك عشر قبائل في آثينا القديمة، كل قبيلة من هذه القبائل تقدم خمسين رجلاً من رجالها المعروف عنهم الحكمة و الكياسة كممثلين عنها بالتالي يكون مجموع الممثلين من جميع القبائل هو خمسمائة و يسمى هذا المجلس بمجلس الخمسمائة و هذا ما يمثل مجلس الشيوخ أو مجلس الأعيان او الحكماء كما نعرفه اليوم، أما بالنسبة إلى التنظيم الآخر فهو ما كان معروفاً بالجمعية أو المؤتمر العام، حيث إقتصرت الجمعية على المواطنين الأثينين الأحرار غير الأرقاء أو الأجانب كما و إقتصرت على الذكور دون الإناث و هذا يمثل ما نعرفه اليوم بمجلس العموم أو مجلس الشعب.
و هذان المجلسان هما السلطة الحاكمة التشريعية و القضائية و التنفيذية.
ولكن هل استخدم هذا الشكل من الحكم لأول مرة من قبل اليونانيين ؟ هل كان اليونانيون أول من إكتشف أن الشعب يجب أن يشارك في القرار السياسي و التشريعي و القضائي ؟
علينا أن نعلم أنهُ لو أردنا أن نبحث عن أصل شيءٍ ما، فعلينا أن نلتمس أي إمارة ترد عنه و إن كانت صغيرة، مثال على ذلك الكتابة و أصلها حيث بدأت برموز صغيرة و قليلة ثم تطورت شيئأً فشيئأ إلى هذه اللغات التي نراها اليوم، فإن أردنا أن نبحث عن أصل الكتابة فعلينا الأخذ بأقدم الإمارات على وجودها وهي هذه الرموز القديمة الصورية، و هذا يقودنا إلى الأرض التي تعود إليها أصول أكثر الأشياء... أرض الرافدين.
و هل وردت بعض الامارات على نظام الحكم الديمقراطي في العراق القديم؟

الحقيقة نعم هناك الكثير من الإشارات على معرفة النظام الديموقراطي في الحكم لدى العراقيين القدماء و قد تكلم في هذا اكثر من باحث و نشرت اكثر من مقالة و لا بأس بالتنويه الى هذا الامر مرة أخرى في هذه المقالة لمن لم يطلع عليه او لمن لا يجد وقتا للعودة الى الكتب....
ذكرت بعض تلك الأمارات على النظام الديموقراطي في نصوص مسمارية كحوادث تاريخية تارةً و بالأعمال الأدبية تارة أخرى و سنتناول النصين التاريخي و الأدبي في هذه المقالة.

مرة أخرى كلكامش يقدم لنا حواهر العراق القديم في نص تأريخي كأنه كتب ليثير فينا هذا التساءل عن شكل الحكم في العراق القديم ففي هذا النص بعض الإشارات على ظهور مفهوم الحكم الديموقراطي في العراق القديم وإن لم يكن لهذه الطريقة في الحكم مصطلح صريح كمصطلح الديموقراطية إلا إنها كتطبيق يشابه بصورة كبيرة ما حدث في اليونان فيما بعد.
يعود هذا النص التأريخي إلى منتصف الالف الثالث قبل الميلاد، بين دويلتي المدينة كيش و أوروك و صراعهم الازلي حيث يذكر النص إن ملك كيش ارسل مرسالاً إلى ملك أوروك الخالد كلكامش يقول له بأن على أوروك أن تعترف بسلطة ملك كيش عليها و إن لم تفعل فالحرب.
فما كان على كلكامش أن يقرر قبل أن يطلع أبناء شعبه على مضمون الرسالة , فتوجه إلى مجلس الحكماء و الذي يضم حكماء و شيوخ و أعيان المدينة كما يشير النص و هو ما يمثل مجلس الشيوخ.
طرح كلكامش الأمر على هذا المجلس و حاول إقناعهم بالحرب فلم يقبلوا ورأوا أن السلم أفضل للمدينة و سكانها ( نلاحظ إن كلكامش يحاول أن يقنعهم لأنهُ يحتاج إلى موافقتهم لأنه لا يستطيع أن ينفرد بقراره) .
ولكن مع رفض مجلس الشيوخ كان البت في الرفض أو القبول يقع على عاتق مجلس المقاتلين....لماذا؟ لأن مجلس المقاتلين يمثل الشعب.....كيف؟
لأن المقاتل في عرف العالم القديم " ولربما الحديث أيضاً " هو كل شاب قادر على حمل السلاح،
ومن معرفتنا بأن المجتمع العراقي القديم هو من المجتمعات التي تؤمن ببركة كثرة الإنجاب (كما تشير ترجمة اللوح الثاني عشر من ملحمة كلكامش في كتاب مقدمة في أدب العراق القديم أو ملحمة كلكامش للأستاذ العلامة طه باقر) هذا يعني وجود شاب واحد على الأقل قادر على حمل السلاح في كل بيت عراقي (كمعدل) وبالتالي هذا يقودنا إلى الإستنتاج بأن لكل أسرة عراقية قديمة شاب يمثلها في مجلس المقاتلين كما أن هذا المجلس لربما أقتصر على الذكور دون الإناث لان المقاتلين كانوا عادة من الذكور، وهذا المجلس يمثل مجلس العموم، و بعد طرح الأمر على مجلس المقاتلين قرر المجلس أن يحارب من أجل أوروك و نلاحظ أن قرار الشعب و كلمته كانت فوق قرار مجلس الشيوخ. ( لاحظ تفاصيل القصة في كتاب مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، الجزء الأول، فصل الدولة و المجتمع أو في مقدمة في أدب العراق القديم أو في ملحمة كلكامش الإصدارات الأخيرة للأستاذ العلامة طه باقر أو في كتاب من ألواح سومر للأستاذ صموئيل نوح كريمر ترجمة الأستاذ العلامة طه باقر).
لذا نلاحظ فكرة حكم الشعب لنفسه وجدت عند قدماء العراقيين قبل اليونانيين بحوالي الألفي عام.
أما إذا أخذنا بنظر الإعتبار إن قدماء العراقيين يؤمنون أن الآلهة خلقت البشر على هيئتها (كما يؤمن التوراتيون راجع سفر التكوين الإصحاح الأول) و امتدت إلى ان ما يقوم به البشر اليوم من أعمال كانت الآلهة تقوم بها قبل خلقها للبشر، بل أن البشر قد خلقوا من أجل أن يقوموا بهذه الأعمال عن الآلهة حيث أن الآلهة تحرث الأرض و تأكل وتنام و تحب و تتزوج و تنجب، إذاً الكثير من القصص التي تصورها قدماء العراقيين عن الآلهة ما هي إلا حوادث شاهدوها أمامهم في مجتمعهم البشري و أضافوا إليها الخوارق فاصبحت إلآهيّة.
يذكر الدكتور خزعل الماجدي ما يلي " وتحفل الأساطير السومرية بمبدأ التشبيه الإنساني حيث تُشبّه الآلهة بالبشر تماماً في كل سلوكها وشكلها وولادتها وأحياناً موتها ( وهو نادر لأن الآلهة تتصف بالخلود ) وأحياناً لا نشعر مطلقاً أننا أمام إله بل أمام إنسان عادي أو ملك حكيم " (راجع كتاب متون سومر للأستاذ خزعل الماجدي)
إذن إذا إعتقد العراقيون أن الآلهة كانت تجتمع معاً للبت في الأمور الحاسمة فهذا لا يعني إلا أن البشر كانوا يفعلون ذلك.... هناك الكثير من النصوص التي تنقل قصص و اساطير الآلهة يظهر في بعض مشاهدها اجتماعات للآلهة في مجالسها للبت بالقرارات المصيرية و الاتفاق عليها و يظهر احاينا النقاش محتدما يتطرف فيه الآلهة بين رأيين.
في أسطورة الخليقة البابلية تجتمع الآلهة الكبيرة (الآباء) لتقرر قتل الآلهة الصغيرة فتعترض الآلهة الأزلية (الام الأولى) تيامة... تعلم الآلهة الصغيرة (الأبناء) بما يبيت لها فتجتمع لتقرر قتل أبسو (الاب الأول) ثم تجتمع من جديد بعد مقتل أبسو لتعيين مردوخ ملكاً عليهم و قتل تيامة... ترسم الأسطورة اجتماع الآلهة و تعدد أسماءهم و مكاناتهم و تصف حواراتهم لا بل حتى حركاتهم بطريقة تعطيك الصورة واضحة ( راجع انجيل بابل للدكتور خزعل الماجدي).

كما و تذكر لنا أعظم ملحمة في التاريخ الإنساني ملحمة كلكامش إن الخالد كلكامش إستشار مجلس الشيوخ و الحكماء بشأن رحلته إلى غابات الأرز (الرحلة الأولى) ثم عندما قتلَ خمبابا و أهان عشتار و قتل الثور السماوي إجتمعت الآلهة لمعاقبة كلكامش و إنكيدو فكان النقاش حاداً حتى توصلوا إلى قرار قتل أنكيدو و في كل قرار مصيري كان لابد من اجتماع و نقاش و لم يحسم الامر الها واحدا قط.
و في اسطورة الطوفان سواء كانت في ملحمة كلكام شاو في نسخها المستقلة نلاحظ ان الآلهة تجتمعع لتقرر احدث الطوفان وسط اعتراضات من انكي (اله الحكمة السومري) إلا ان مجمع الآلهة ينصت الى قرارات انليل (اله الهواء السومري) في احداث الطوفان.
و بعد ان ينجح انكي في تحذي اوتونبشتم (نوح) تجتمع الآلهة بعد ادراكها لخطأ قرارها في أحداث الطوفان و تدمير الانسان فرحا بنجاة اوتونبشتم (نوح) و تتخذ قرار في تخليد أوتونبشتم (أو زيوسودرا أو أترا حاسس أو نوح)، كما و يذكر لنا أوتو نابشتم إشارة أخرى عند زيارة كلكامش له طالبا الخلود فيتكلم معه اوتونبشتم مبينا صعوبة طلبه قائلا " من سيجمع لك الآلهة ؟! " إذاً البت في قرار مهم مثل هذا يتطلب إجتماع الآلهة.
كما و نلاحظ في الكثير من الأحيان إن الآلهة المذكرة كانت تجتمع جنباً إلى جنب مع الآلهة المؤنثة مثل عشتار و تيامة و ننسون و ننخرساك و مامي و أيرشكيجال و غيرهم.
و إن سلمنا برأي البعض في أن هذه الأمور لربما لم تحصل فعلياً على أرض الواقع فهذا لا ينقص من الأمر شيء و ذلك لأن الكاتب عندما بثّ هذه الفكرة في قصتهِ كان ذلك بدافع من إيمانهِ بأن هذه الطريقة في الحكم هي الطريقة المُثلى، بالتالي تكون فكرة الكاتب هي الإشارة التي نبحث عنها ( في حين إن ما حدث بين كيش و أوروك هو نص تأريخي و ليس اسطوري و هو معروف لدى علماء الآثار في ورود الإشارة إلى النظام الديموقراطي ).

المصادر لمن أراد الإستزادة/
مقدمة في أدب العراق القديم للأستاذ طه باقر
ملحمة كلكامش للأستاذ طه باقر
مقدمة في تأريخ الحضارات القديمة الجزء الأول للأستاذ طه باقر
الواح من سومر للأستاذ سامويل نوا كريمر ترجمة الأستاذ طه باقر
متون سومر للدكتور خزعل الماجدي
إنجيل بابل للدكتور خزعل الماجدي



علي طالب



#علي_طالب_جواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرجون الأكدي الملك العلماني... كيف تمكن من توحيد العراق القد ...
- هل كنا فعلا شعبا واحدا قبيل التاسع من نيسان 2003 ؟؟
- وقفتي احتجاج و لكن....
- لماذا يجب الوقوف ضد تمرير قانون الأحوال الجعفري


المزيد.....




- برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع ...
- إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه ...
- ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
- مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
- العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال ...
- اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
- هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال ...
- ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
- مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد ...
- موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علي طالب جواد - الديموقراطية مصطلح يوناني ولكن ....