أبعاد القضية البلوشية

أبوحنبل البلوشي

الحوار المتمدن-العدد: 1270 - 2005 / 7 / 29 - 07:49
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    

قد يتردد على الأسماع المقولة التالية ( القضية البلوشية ليست بقضيّة ) وقد يفجّر هذه المقولة حفيظة البلوش الوطنيين ويؤدي بهم إلى الإنفعال والصراخ بشرعيّة وأحقيّة البلوش بوطنهم التي هي الهدف النهائي للكفاح الوطني في القضيّة البلوشية.

الإختلاف في هذا الخصوص قد يعطي بعداً آخر للقضية البلوشية لأنه فعلاً لم تخطوا القضية البلوشية خطوات حقيقية نحو الإعتراف الدولي في شرعية القضية البلوشية ولم تلقى القضية البلوشية حقها دوليا ولم توجد لنفسها دوياً في منطقة شرق الأوسط ولا في جنوب شرق آسيا بدليل أن صيت القضية البلوشية لم تتخطى البلوش أنفسهم وهناك من البلوش من لم يسمع بالقضية البلوشية إلى يومنا هذا ! ..

إذا أمعنا النظر حول القضايا الشعوبية أو القومية أو حتى الحقوقية منها سنجد بأن هناك قضايا أصبحت دولية وعلى مسمع من جميع العالم لتدخل أطراف دولية وكذلك الأمم المتحدة وصار شأنها لا يقتصر على شعبها فقط وإنما شأنهم الداخلي أصبح قضية دولية وعالمية تمس المجتمع الدولي وعلى سبيل المثال القضية الفلسطينية بغض النظر عن تطوراتها وأيضا قضية جنوب السودان ( دارفور ) .. إلخ. على رغم أن القضية البلوشية متأزمة بثلاث دول مستقله ولها وزنها دوليا ( أفغانستان - ايران - باكستان ) إلاّ أن القضية البلوشية إلى الآن لم تثمر عن النجاحات التي تلامس شغاف قلوب وطنييهم.

الأكراد اليوم صار لهم دولة شبه كاملة في شمال العراق بعد سقوط نظام صدام ولم يتأتّى لهم ذلك كفرصة اغتنمتها الأكراد لقيام دولة كاملة في دولة أخرى وكأن الأمر ينقصه تحريك بعض المياه الراكدة حتى يعلن الأكراد دولتهم كدولة ضمن دول العالم التي لها سيادتها وشعبها ودستورها وذلك لأن الأكراد طوال العقود الماضية والسنين المنصرمة منذ الاتفاقيات الاستعمارية اجتهدوا على بناء بنيتهم التحتية ومؤسسات دولتهم المنشودة وبسقوط النظام البعثي في العراق أمسك الكرد زمام أمورهم وبدؤوا يديرون دفة شؤونهم لوحدهم لدرجة أنه استعان الأمريكان بجيشهم ( البشمرجه ) لمحاولة السيطرة على التمرد القائم في وسط العراق وجنوبها. وعدا ذلك فلا يخفى عليكم أنه رئيس الدولة العراقية ( السيد جلال الطالباني ) هو كردي وهو من أحد المناضلين الأكراد من أجل كردستان. ولا أعتقد أن ذلك سوف يثني الأكراد عن مطالبهم التاريخية بوطنهم كردستان المقسمة والمجزئه على العراق و إيران وتركيا وسوريا.

البلوش وللأسف الشديد لم يتمكنّوا من بناء تلك البنية التحتية ومؤسسات الدولة كما فعل الأكراد على رغم هيمنة البلوش على أراضيهم وخنق تلك الهيمنة البلوشية بسياسات احتلالية صارمة رادعة لكل أشكال التحركات الوطنية البلوشية والعديد من من أولئك الوطنيين هاجروا وحاولوا الحصول على اللجوء السياسي لإيجاد وسط يناسب تحركاتهم الوطنية من أجل وطنهم المحتل والمسلوب وراح على أثر هذا الوطن المسلوب الكثير من أبناء القبائل البلوشية بمختلف شرائح المجتمع البلوشي بما فيهم الأمراء أنفسهم وحتى البلوش الأبرياء والمستضعفين.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن ( هل يعتبر البلوش قوماً وسط الأقوام العالمية ؟ ) وإذا مالت الإجابة نحو الإيجاب ، إذن هل تجزيء بلوشستان الكبرى ينصف الشعب البلوشي خاصة وأنه هناك مصطلحات شائعة بين البلوش أنفسهم وهي ( بلوشي إيراني ) و ( بلوشي باكستاني ) و ( بلوشي أفغاني ). وكيف ينطلي ذلك على العاقل فالبلوشي الإيراني والبلوشي الباكستاني والبلوشي الأفغاني يجمعهم قوميتهم فهل من الإنصاف والعدل من شيء تفريقهم وهدم قوميتهم ؟ فهل سينتظر البلوش إلى أن يصبحوا مثل الهنود الحمر الذين اندثرت معالمهم في أمريكا ؟ ! ، وهذا الأمر يوجب البلوش على ايجاد مفاهيم راسخة وثابته في قضيتهم ووطنهم المقسّم والمجزّء وبما أنهم شعب مسلم يعتقد بالعقيدة الإسلامية فهذا يوجب عليهم ايجاد مفهوم اسلامي لقضيّة وطنهم وهل الإسلام مع القضية البلوشية أم لا ؟؟ !

لا أدري ما إذا سيتفق البلوش لبناء قوتهم الحقيقية أم أنهم يخشون عواقب هذا الأمر ! لأنه في بلوشستان أصبح بناء مستوصف جريمة وبناء مدرسة جريمة وحفر بئر جريمة وذلك من أثر الخنوقات السياسية الحاصلة تجاه رغبات البلوش العاديين نحو تطوير بلادهم وإعمارها وأي عمل إنساني في البلوش يعتبر دعما للحركة الوطنية البلوشية. أم أن البلوش أنفسهم لا يريدون مساعدة أنفسهم والنهوض ببني جلدتهم !! . ولا أدري أيضا هل استطاع أعداء البلوش بالجهل والفقر والمرض انهاك الأمة البلوشية وثنيها عن المطالبة بحقوقها ؟ فأصبحت أقاليم فقيرة يعمّها الجهل ويفتكها المرض.

إذا كان يزعج البعض تقبّل مسمّى ( القضية البلوشية ) ولا يجدون لها شرعية أو أحقية دوليّة فلما لا ينظرون لها كمطالب حقوقية ولا يخفى على أحد انتهاكات الحقوق الحاصلة في بلوشستان الكبرى لأنه قد يكون أولئك الوطنيين البلوش قد ضخّموا قضيتهم التي لا ترتكز على بنية تحتية ثابته وليس لها صدى دولي ولا حتى إقليمي كما يفرض الغيرمؤمنين بالقضية البلوشية ويعتبرونها قضيّة تطرفيّة وعرقية. وإن كان الوطنيين البلوش يقرّون بالقضية البلوشية فإن أعتبرت قضية تطرفية فالوطنيين البلوش متطرفين ومتشددين في تطرفهم وذلك ليس إلاّ تكريما لدماء الألوف التي ضحت بأنفسها من أجل القضية البلوشة وفي سبيل نصرة البلوش.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل