|
مقال تحليلي جديد حول داعش
منعم وحتي
الحوار المتمدن-العدد: 4486 - 2014 / 6 / 18 - 16:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بين لَوْثَة "داعش" و الهلال الخصيب : ....................................................
منعم وحتي / المغرب . عضو الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. عضو الهيئة التنفيذية لفيدرالية اليسار الديمقراطي. ............................................................................
إن جدلية التاريخ مُحَدِّدَة في استيعاب التطورات المتسارعة في منطقة الهلال الخصيب، وهي تسمية قديمة تضم المناطق من حوض نهري دجلة و الفرات إلى بلاد الشام، نظرا لِغِناها حضارةً و شعوباً، وَ أُورِدُ هذه التسمية لضرورة استحضار الخَيط الناظم للوقائع السابقة في تفسير الجيوستراتيجة الآنية، لهذا لا بد من التركيز على إشارتين أساسيتين : الأولى تتعلق بالرجوع إلى أُصول معاهدة سايكس-بيكو 1916 التي قسمت المنطقة و أبقت على امتدادات التدخل الخارجي الاستعماري. الثانية مرتبطة بدراسة النموذج اللبناني في فهم دواليب الطائفية التي تأطر الاصطفافات و العصبيات المتحكمة في الوضع الإقليمي. هذه المعادلة الثُّنائية تُفضي إلى َسِتِّ خلاصات تحليلية للوضع :
1) كل المُعطيات و الدلائل، حتى من داخل المطبخ الاستخباراتي الأمريكي، تُأشر على أن شبكة الإرهاب العالمي للقاعدة، و منذ نشأته، تنتهي خيوطها عند اللوبي العالمي للتصنيع التسليحي و النفطي، و هي مقولة تجد سندها عبر التسريبات الأولى لاحتضان الاستخبارات الباكستانية (الأمريكية) لخلاياها الأولى، التمويل السعودي لمدارسها الخيرية و تأطير أيديولوجيتها الدينية، و كذا وضع خط أحمر كشرط للموساد لتغطيتها بالامتناع عن تنفيذ أي عملية إرهابية داخل الكيان الصهيوني، وهو ما يتأكد للحظة، و لابد من وضع الأصبُع حول هذا الاتفاق الأساسي الذي وفر البيئة الحاضنة ل"داعش" و أخواتا الآن.
2) إن تَنَبُّه تحالف الناتو إلى خطورة تراكم قوة جبهة الحِلف الإيراني و الهلال الخصيب (العراق، سوريا، 8 آذار لبنان، الفصائل الفلسطينية)، و بمظلة روسية و زحف هادئ للصين، فرض على الحلف الأمريكي تغيير أولوياته خصوصا مع إنهاك الجبهة السورية، بإعادة خلق بؤرة جديدة بالعراق تحت تسمية "داعش"، و التسميات لا يُصبح لها معنا إذا حُسِمت الخيارات الاستراتيجية الكُبرى، و المَطلوب تجييش كل الغاضبين على الأخطاء الفادحة للتسوية السياسية (المالكي) تحت الاحتلال اتجاه بقية الطيف العراقي، و الهجوم السريع لخلق كيان سُني في وسط العراق مع الاحتفاظ بخطوط الربط الشمالية لحماية قواعدها بسوريا، و هو ما يُحيل على مؤامرة سايكس-بيكو ثانية لمحاولة تقسيم العراق لشمال كردي، وسط سني و جنوب شيعي، و مخطط البقية يُحاكُ في الخفاء، آخرها الانسداد الطائفي المُوَجَّه في لبنان و الذي عطل لحدود اللحظة الفرز الرئاسي بين 8 و 14 آذار.
3) إن خلاصات الدرس السوري تأشر على نجاح النظام في استمالة كل الطوائف إلى صفه في مُقابل نُفورِ هذه الأخيرة من همجية المُقاتلين الأجانب ل"داعش" و أخواتها، فقَدَّم البَعث نفسه كضامن و حام للتنوُّع الطائفي و الديني في مقابل العصبية "السنية" الإرهابية، إلى درجة نجاح النظام في جَذْب أصوات السنة المعتدلة و رموزها في الانتخابات الأخيرة، بغض النظر عن سياقها، كما أن العداء كان متأصلا بين الأكراد و التيارات "الجهادية" التي أبادت أُسرا كردية بكاملها و قصفت كنائس تاريخية لمسيحيي الشرق. معطيات فرضت على حلف الناتو استجداء التعاون الأمني للنظام السوري، و البحث عن جسور مشرفة لقادة الجيش "الحر"، المُندحر، لإيجاد مخرج للتحكم في تهديدات مقاتلي التيارات "الجهادية" بعد العودة لأوربا، تخوفا من أي ضربات ارتدادية تعيد للأذهان "غزوة" البُرجين و تفجيرات لندن و مدريد و ما أحاط بها من تكتم، و محاولة فرض تسوية بعيدة المنال مع تغير معطيات الأرض.
4) أكيد أن الوجه الجديد ل"داعش" بنسختها العراقية، سيبحث على التأصل القبلي لضمان أريحية أفضل للانسياب في النسيج العراقي، و هو ما حدى بها لفتح الجسور مع العشائر السنية الغاضبة، الطوائف و الجماعات الطُرُقية (النقشبندية، كتائب العشرين، الراشدين...) المُهمشة من الغالبية الشيعية المستأثرة بالسلطة، و حتى مع بقايا القوة المٌنَظمة من البعثيين، إلا أن هذا المشهد اللحظي غير ثابت بل سيكون مُتغيرا وفق تقدم العمليات اتجاه بغداد، خصوصا و أن التعاقد مع تنظيمات دولية إرهابية، تتعدد رؤوس إمارتها، ضرب من العبث، و لا يدخل إلا في باب البراكماتية الآنية. و لا بد من تسجيل الحياد السلبي وتَدَبْدُبِ جيش البشمركة الكُردي أثناء مرور فيالق "داعش" شمالا، مما يزكي التحليل بوجود توافقات كبرى، بتغطية من الناتو و اللوبي الامريكي لتحييد آبار نفط الشمال من الصراع.
5) إن حجم هذا الارتباط التواطُئي الدولي تمويلا و تسليحا، بنسق مؤسس على قاعدة المصالح الجيوستراتيجية للكولونيالية الجديدة، يفرض طرح قراءة مضادة لهذا المخطط التقسيمي للمنطقة، إن المقاومة المبدئية تقتضي : - أولا : الدفاع عن الدولة الوطنية الديمقراطية الضامنة لحقوق كل الطوائف، بما يضمن انخراطها كأفراد و ليس تكتلات في بناء مشروع الدولة / المؤسسة القوية و العادلة. - ثانيا : ضرورة التسريع بالتقارب السوري - العراقي و ما يمكن حشده إقليميا لمواجهة خيارات التجزيء الذي طُبِلَ له كثيرا تحت يافطة "الشرق الأوسط الجديد"، و تقليعة "داعش" إحدى تمظهراتها.
6) إن الفوضى المُنَظَّمَةَ لمتغيرات الشرق الأوسط لا بد أن ترخي بظلالها على المنطقة المغاربية، التي يطبعها الاستبداد و الفساد، باعتبار فوضى السلاح بليبيا و قوة امتدادات القاعدة بهذا البلد في ظل غياب شبه كلي للدولة، كذلك قوة فعل الخلايا "الجهادية" بتونس، دون إغفال هيكلة خلايا تنظيم القاعدة بالساحل و الصحراء، و ما تشكله من تهديد للمنطقة، مخاطر تفرض نفس خيارات التكتل، ببناء وحدة مغاربية قوية، على أساس سيادة الشعوب، الديمقراطية الشاملة و العدالة في توزيع مقدرات الثروة، ما سيؤدي بالضرورة إلى مواجهة شعبية لبؤر الإرهاب و تجفيف منابع توظيف القاعدة و روافدها لشبابنا المُحْبَطِ، فكما ينتعش الإرهاب في تربة التهريب و الانغلاق المَرَضِي.
فلنفتح حدودنا على مُوَاطَنَةٍ مغاربية مؤسسة على الديمقراطية الحقيقية، وأكيد أن هذا المدخل سيؤدي إلى عزل جماهيري لبُذور الإرهاب الدولي وضَحْدِ أُطْروحات غُلاةِ الطائفية.
منعم وحتي.
#منعم_وحتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال
...
-
طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال
...
-
اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ
...
-
مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
-
-سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان
...
-
بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
-
السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
-
مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار
...
-
محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ
...
-
-إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|