أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماري توتري - تدريس المدنيات كآلية لترسيخ يهودية الدولة وتقويض ديمقراطيتها















المزيد.....

تدريس المدنيات كآلية لترسيخ يهودية الدولة وتقويض ديمقراطيتها


ماري توتري

الحوار المتمدن-العدد: 4469 - 2014 / 5 / 31 - 11:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



د. ماري توتري ومحمد خلايلة


مادة التدريس الجديدة هي تسويغ نظري وقانوني لعدم ارتباط الحقوق الجماعية لمجموعة الأقليات التي تعيش في كنف الدولة ومجتمع المواطنين بالمبادئ الديمقراطية، واعتبار "مسألة الحقوق الجماعية للأقليات ليست مقياسًا ولا مؤشرًا على ديمقراطية الدولة"، بالرغم من أن المواثيق الدولية خصت الأقليات بامتيازات حقوقية من أجل الحفاظ على لغتها وثقافتها وحقها في الاختلاف


قامت وزارة التربية والتعليم بصياغة مادة جديدة لتدريس المدنيات، في المدارس العربية واليهودية، وهي مادة تستخدمها الدولة لتمرير سياساتها التربوية والقيمية نحو تعزيز الطابع اليهودي والجوهر الاثني للدولة، استجابةً لتوصيات معهد الاستراتيجية الصهيونية وخضوعًا لضغوطات فئات يمينية في المجتمع الإسرائيلي، حيث اجمعوا على أن جهاز التربية والتعليم لا يعمل بشكل منهجي على تعزيز مفاهيم الدولة اليهودية ويحاول طرح قضايا واقعية من أجل حرف النقاش الأيديولوجي والجوهري.
تستخدم مادة المدنيات (المشتقة من المواطنة والحقوق المدنية) كتعبير ونتيجة حتمية للصراع الهوياتي والمجموعاتي القائم بين المجموعات المتعددة في المجتمع والدولة المعنية، وهو عبارة عن تحصيل حاصل لصراعات بين أقطاب وفئات مختلفة، يتم حسمها في إطار المواطنة وبالتالي انعكاسها على البرامج التعليمية. إضافة إلى كونها ساحة حوارية تبادلية أخرى يتم فيها طرح مجمل القضايا وتنظيمها في إطار المواطنة والمعاني المترتبة على ذلك من خلال الانصياع للمنظومة وتطبيع الظواهر المشتقة منها كافة.
وفي هذه العجالة سنتطرق إلى الفصل الجديد في كتاب المدنيات، الذي كشف عنه مؤخرًا مركز دراسات، المركز العربي للحقوق والسياسات، الذي يتناول موضوع المفاهيم المتعددة للديمقراطيات الليبرالية، ويتم فيه استعراض ثلاثة نماذج ومفاهيم مختلفة: المفهوم الليبرالي الفردي، المفهوم الليبرالي الجمهوري والمفهوم الليبرالي المتعدد الثقافات، وفي كل محور يتم الإجابة على سؤالين مركزيين: كيفية تجسيد حقوق المواطنين بالطريقة الأنسب ضمن كل نموذج من الديمقراطيات الليبرالية، وما هو موقف الدولة من هوية مواطنيها في كل نظام على حدة.
ويظهر في هذا الفصل تسويغ نظري وقانوني لعدم ارتباط الحقوق الجماعية لمجموعة الأقليات التي تعيش في كنف الدولة ومجتمع المواطنين بالمبادئ الديمقراطية وذكر أيضًا بشكل جلي وواضح أن "مسألة الحقوق الجماعية للأقليات ليست مقياسًا ولا مؤشرًا على ديمقراطية الدولة"، بالرغم من أن المواثيق الدولية خصت الأقليات بامتيازات حقوقية من أجل الحفاظ على لغتها وثقافتها وحقها في الاختلاف.
ويستعرض الفصل الجديد تبريرًا نظريًا ونموذجًا لدولة ديمقراطية تبلور الحيز العام وفقًا لهوية ثقافية ومنظومة قيميّة أحادية وفيها قوى مهيمنة ومسيطرة تؤثر على رسم السياسات وعلى هوية الدولة، رموزها وبلورة المنفعة العامة، من أجل ترسيخ الوضع القائم في الدولة وتبرير التشريعات القانونية التي تريد رسم فوقية قانونية لمجموعة الأكثرية اليهودية وإخراج الأقلية العربية من دائرة التأثير واتخاذ القرارات وأيضًا من التعبير عن خصوصيتها الثقافية واللغوية في الحيز العام المشترك.
هذا الفصل ينضم إلى مجموعة الفصول الأخيرة التي أضيفت لكتب تدريس المدنيات في المدارس العربية واليهودية، والتي تعكس حالة عدم الدقة في طرح التوجهات النظرية وانعكاساتها، ويهدف هذا الفصل على غرار الفصلين الأخيرين أن يقوم بتعزيز الطابع اليهودي للدولة على حساب قيمها وطابعها الديمقراطي ويتم تحديده كخطاب موجه وحصري، فيه يتم منح أفضلية وفوقية للمواطنين اليهود وحقوق حصرية في البلاد، وتكريس دونية المواطنين العرب والانتقاص من حقوقهم القومية والمدنية، من خلال تسويغات نظرية وقانونية خاطئة، ويتم ضبط العلاقة بين مجتمع المواطنين والدولة من خلال الهوية الاثنية اليهودية كاعتبار حصري للمواطنة الكاملة.
وفي نقدنا لما ورد في الفصل الجديد على المستوى النظري والأمثلة الواقعية:
1. في الادبيات النظرية والتعريفات الرسمية وردت المصطلحات التالية: المفهوم الليبرالي، المفهوم الجمهوري والمفهوم المتعدد الثقافات وهنالك تناقض مركزي في هذا الإطار لان المفهوم الجمهوري ليس ليبيراليا إطلاقًا فمفهوم الليبرالية يعني ان على النظام والدولة أن تضع الانسان - الفرد مهما يكن - في المركز، والتعامل مع مجتمع المواطنين بعقلية "عمى الألوان"، وهذا يناقض المفهوم الجمهوري الذي يضع المجموعة او الدولة في المركز، فالمفهوم الجمهوري يتعامل مع الاشخاص على اساس انتمائهم الجمعي وليس كونهم مواطنين.
2. الفصل يستعرض وجهات نظر وأطرًا نظرية عديدة لباحثين حول ماهية تعريف دولة اسرائيل، ولكنها تراوح في فلك الاجماع الصهيوني ولا يتم التطرق إلى وجهات نظر نقدية، فهناك ضرورة لاستعراض الأطر النظرية والتصنيفات كافة بما في ذلك تعريف اسرائيل كديمقراطية اثنية او اثنوقراطية.
3. الفصل يبرز توجه كاتبي ومعدي الفصل وتوجهاتهم السياسية وهنالك بروز للتوجه المفضل لديهم حول المفهوم الجمهوري ويظهر على انه افضل نظام من أجل تبرير انحياز الدولة لمجموعة الأغلبية وترسيخ سياساتها وطابعها.

ويحتوي الفصل الجديد على مثالين من الحياة اليومية في الدولة بهدف استعراض المادة النظرية المذكورة في النص وتطبيقها على التطورات الأخيرة والتي تعكس أيضًا جدلية العلاقة بين تجسيد حقوق المواطنين وهوية الدولة وممارساتها، ففي المثال الأول يتم سرد قصة عائلة عربية تعيش في إحدى المدن المختلطة التي يعيش فيها عرب ويهود، وقامت العائلة العربية بتقديم طلب للبلدية على تعليم ابنها في صف بستان يهودي وذلك بعكس سياسة البلدية التي تراعي التباين الثقافي وتسجل الأولاد للمدارس بحسب انتمائهم القومي والثقافي وقدم الأهل تبريرًا لرغبتهم أن يتقن ابنهم اللغة العبرية وأن يندمج بالتعليم بصورة أفضل.
في هذا المثال تطرح قضية التعددية الثقافية من زاوية مغايرة للنظرية القائمة على حق المجموعات السكانية كافة أن تعيش في كنف ثقافتها وأن تطور من خلال الحفاظ على لغتها وثقافتها وديانتها ولا يتم السماح ببناء منظومة ثقافية وقيمية تميل لصالح مجموعة الأغلبية وتكرس فوقيتها على حساب دونية المجموعات الأخرى، في هذا المثال يتم منح شرعية لسياسة الفصل التي تقوم بها الدولة تحت ذرائع " الحفاظ على الخصوصية الثقافية" وتقوم بترسيخ سياسة "بوتقة الصهر" وإقصاء المواطنين العرب من الحيز العام المشترك وتعزيز الهويات المنفصلة بين المجموعتين، وإذا كان الحديث النظري في هذا السياق عن النظام الديمقراطي الليبرالي فإن حق الفرد في اختيار مساراته ومؤسساته التعليمية وحقه في الاندماج والاختلاف يتمثل في السماح له في الانتقال للمدرسة اليهودية وأما في حالة الرفض فهو عزوف عن حماية حقوق الفرد والمجموعة في آن.
وأما المثال الثاني فيطرح مسألة التشريع القانوني "المساواة في العبء العسكري" وهو يقع في صلب خانة ربط الحقوق بالواجبات رغم وضوح التوجه الديمقراطي الذي لا يمنح حقوقًا أوتوماتيكية لمجتمع المواطنين وينظر للمتخلِّفين عن أداء الواجب ضمن الآليات القانونية المختلفة ولا يرهن حقوق مجموعات سكانية بأداء واجب أو خدمة عسكرية، ويقوم المثال على وضع المواطنين العرب الذين يعارضون الخدمة العسكرية من منطلقات قومية تتعارض مع انتمائهم القومي والوطني في ظل الصراع الإسرائيلي– الفلسطيني مع المواطنين الحريديم الذين يحصلون على حقوقهم بالكامل وعلى حقهم بالاختلاف الثقافي والاجتماعي والتربوي دون أن يقوموا بأداء الخدمة العسكرية، ويتساوق هذا المثال مع المحاولات والمساعي الحثيثة التي تقوم بها الدولة وأذرعها الأمنية من أجل تجنيد المواطنين العرب المسيحيين وسلخهم عن انتمائهم القومي والثقافي وصهرهم في البوتقة الأمنية الإسرائيلية وبالتالي تقسيم المجتمع العربي إلى طوائف وتقويض قضية الحقوق الجماعية للأقلية العربية.
*كاتبا المقال: رئيسة قسم المدنيات في كلية أورانيم، ورئيسة الهيئة الإدارية لمركز دراسات،المركز العربي للحقوق والسياسات؛ وطالب للقب الثاني في موضوع السياسات الجماهيرية في جامعة حيفا



#ماري_توتري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماري توتري - تدريس المدنيات كآلية لترسيخ يهودية الدولة وتقويض ديمقراطيتها