أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عدنان مهدي الطائي - الماورائية بين دوغماتية (كانط) وبين نقدية ديكارت















المزيد.....

الماورائية بين دوغماتية (كانط) وبين نقدية ديكارت


عدنان مهدي الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 4466 - 2014 / 5 / 28 - 15:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يتشكل الجانب الروحي الأساس المهم في بناء شخصية الإنسان المتزنة ، بل يكاد هذا الجانب أن يكون الكفة الراجحة في تحقيق الشخصية المثالية بما نحققه من سلوك واضح وإيمان بالقيم الأخلاقية بحيث أن أي إخلال في الجانب الروحي يفضي إلى انحراف في هذه الشخصية . ولكن هذا لا يعني بان هناك إخفاقات في الحكمة والمنطق ؛ فمثلما يولد انسجام بين العقل والمادة يولد أيضا انسجام بين العقل والروح لمعرفة الظواهر الكامنة في ماوراء الطبيعة بعد أن جعل الفلاسفة المادة المبدأ الأول والأخير للوجود فقد اعتقد ديكارت إن المفاهيم (المادة ، الحركة ، السبب ... الخ) أنها فكرية شكية وهي من مستلزمات المعرفة من دونها لا يمكن صياغة قوانين علمية ، وبمعنى آخر أن علينا أن نطبق المفاهيم على المدركات لكي نحصل على معرفة ، لا أن نكتفي بالقول أن العقل لا يصنع المفاهيم من معطيات الحس (الحواس الخمسة) بل دعنا نسميها انطباعات بدلا من أفكارا ، كون العقل يقسو على الحواس لدرجة انه يتحدث عن استلاب العقل للحواس ونحن علينا أن نثق ونؤمن بالعقل لا بالحواس ؛ فالحواس يمكن أن تخدعنا بينما العقل يهدينا إلى الصدق والحقيقة (كوبرنكوس 1473 – 1543) كالشمس تبدو لنا تمر عبر السماء ، ففي الحقيقة إن الشمس لا تمر عبر السماء ، فان العقل يبين لنا إن الأرض هي التي تتحرك والشمس هي ساكنة ثابتة . لأن هناك علاقة جدلية بين العقل والمادة في الوصول إلى المعرفة ؛ فالمادة تحفز العقل ، والعقل سيقوم تلقائيا بتحويل ما نناله حسيا إلى غرض مكاني وبنفس الوقت يعمل كمميز بين الصحيح والخطأ . فلنأخذ مثلا إذا أحس أو أدرك العقل رغبة الإنسان في الحصول على راحة في جلسته من خلال مفاهيم الاستراحة سيبادر العقل من تحويل تلك المفاهيم إلى غرض مكاني كصناعة كرسي مثلا . ومن هذا يعني أن العقل قد أنتج شيئا وبالتعاون مع المفاهيم فطالما أن العقل قد أنتج إذن فهو موجود ، وهذا ما يؤكده قوله تعالى في كثير من آيات القرآن الكريم (أفلا تتفكرون وأفلا تعقلون وأفلا تتدبرون) وهذا يعني بان هناك مؤاخاة بين العقل والفطرة . ولكن يمكن تعطيل العقل كما يبدو من تساؤل سبينوزا : ما الذي يمكننا أن نقصد المعرفة إذا تعذر على العقل اكتشاف روابط حقيقية . كما لوح كانط (1646 – 1716) من خلال رؤاه إمكانية تعطيل العقل والقبول بما يدرك من نصوص خفية تعتمد على رؤيا ميتافيزيقية ؛ وهذا ما يؤكد بان هناك انسجاما بين العقل والروح . فقد جاء تعليقه بكتابه (نقد العقل المحض) متوافقا مع ذلك التعطيل ليعطي للشرع مصداقيته عندما يعجز العقل عن الإدراك بالقول : هو أن الميتافيزيقا بوصفها معرفة نظرية يصوغها العقل صياغة معزولة تامة تقفز تماما فوق تعاليم الخبرة ؛ فالعقل وحده غير قادر على تقديم الدليل على وجود الله كما انه غير قادر على تفسير الكون والوجود ، أي انه غير قادر على معرفة أو تفسير المطلق ، لأنه (كانط) اانطلق انطلاقة دوغماتية تدل على كل مذهب ينطلق من يقين مسبق ، لذلك تابع تعليقه بذلك الكتاب بالقول : كل المشكلات الماورائية في خلود النفس واصل العالم ووجود الله يقضي إلى يقين . أي الوصول إلى إجابات جاهزة تعتبر مسلمة ويقينية بعد أن لخص فلسفته بالقول : لقد وضعت للعلم حدودا لأفسح في المجال أمام الإيمان . كون الإيمان بالله وبعالم آخر هو موضوع فطري في أي إنسان بغض النظر عن حدود الزمان والمكان التي تحدد هذا الإنسان كما يستدل من مقولة كانط : (هو أن الإيمان بالله وبعالم آخر متواشج مع طبيعتي الأدبية لدرجة انه لا يمكن للأول أن يزول أكثر مما لا يمكن أبدا انتزاع الثاني مني) وهذا ما أعلن عنه رب العزة منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة في قرأنه الكريم بالقول : (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم .) وكذلك معنى الإيمان قرآنيا بقوله تعالى : (من آمان بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر) ، لأن هناك توافق بين عالم الإدراك وعالم العلم (وايتهد 1861 – 1947) ولأن الحس العام ينبئنا بان العالم يملك واقعا خارجيا عنا ألا انه في الوقت عينه يصعب علينا للغاية تقديم البرهان على ذلك ( بركلي 1685 – 1753) إذا ما كان الوجود يجري إدراكه فيمكن أن لا يكون العقل المدرك موجودا حين لا يكون مدركا ، لأن قوانين الطبيعة هي سياقات نظامية لإرادات الله ؛ وهذا يأتي متناغما مع قوله تعالى : ( ولن نجد لسنة الله تحويلا ولن نجد لسنة الله تبديلا) وكذلك جاء متناغما مع فرضية لوك من أن العقل هو ورقة بيضاء خالية من العلامات من دون أفكار ، فكيف يتم تجهيزها ؟ من أين أتى بذلك الخزين الهائل من تلك العلامات ؟ من أين له كل مواد العلة والمعرفة ؟ عن هذا يكون الجواب بالخبرة . إن الملاحظة والخبرة تعطينا معرفتنا وتضعان حدودها وهذه قاعدة أو مبدأ النظرية التحديسية بالتضاد للنظرية العقلانية الاستدلالية التي توغل بالاستدلال العقلي الذي يكون مصيرها الفشل كما حصل للمعتزلة من ضمور حركتها ولأفكارها . فمثلما العقل قاعدة الأفكار فان المادة قاعدة القوى والخواص ، بل أن العقل يستعمل أفكاره لوضع المسائل أو إنشاء الفرضيات ولا تتضمن أفكاره أية أغراض وجودية وهي ليست شبابيك تنفتح على الحقيقة . لأن الأشياء في هذا العالم الحقيقي تؤثر في حواسنا فهي تملك القدرة (التي يستمد منها فكرة السبب أو العلة) لإثارة بعض الأفكار نعتقدها من المسلمات جدلا بوجود عالم خارجي ، بل تُعد أفكارا منطقية في الذهن تتوافق وخواص الأشياء الخارجية ؛ وتفسير ذلك وضع لوك مفارقة بين الفكرة (Idea) والخاصية (Quality) : إن كل ما يدركه العقل بذاته هو اسميه فكرة . والقدرة على إنتاج أية فكرة في عقلنا هي ما اسميه خاصية الذات حيث تكمن القدرة . فان الخواص الأصلية أو الأولية هي التي تنتج فينا أفكارا سهلة مثل الثبات ، التمدد ، الشكل ، الحركة ، العدد . لأننا لا نستطيع أن نستبعدها عنا فكريا إذا كانت حواسنا حادة بما يكفي ، فنستطيع آنذاك أن نتأمل ويكون الإنسان قد امتلك بنية ذهنية (الحكمة) إلى جانب البنية الروحية (الأخلاق والقوانين ... الخ) وخير شاهد على ذلك ما تمثل لدى الأنبياء كإبراهيم الخليل حيث تجسدت عنده الحكمة من منطلق ميتافيزيقي حين أراد معرفة خالق الوجود بالقول إن القمر ربي واستدرك بالقول إن الشمس اكبر فلما أفلا قال إني لا أحب الآفلين . وأخيرا يختم لوك قوله : إن الإدراك غير الواعي هو تناقض في المصطلحات وان العقل نشيط في الاستخراج والدمج لصياغة أفكار معقدة ، لكن لا توجد أفكار كامنة فيه . إذن فان العقل منتج للمعرفة سواء كان حسيا أو بالخبرة أو بالاستقراء والملاحظة ؛ وان وجوده حقيقة لا وهما ، يكمن في الخلايا الدماغية التي هي في الحقيقة خازنة للأفكار والمفاهيم والمعرفة المتراكمة عن الخبرات ولذلك قال سبحانه وتعالى أفلا تعقلون أفلا تتفكرون بما هو مخزون من معارف ومفاهيم داخل تلك الخلايا ؛ من هذا يعني أن العقل ليس عضلة أو مجموعة أعصاب أو حاوية تقوم بانتاج بتلك الواجبات .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ماذا قال مبعوث ترامب عن المفاوضات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار ...
- هل ستندلع حرب قريبة بين إيران وإسرائيل؟
- ما الذي فعله كمين بيت حانون بحسابات نتنياهو أمام ترامب؟
- ماكرون: لا نكيل بمكيالين ونريد وقف حرب غزة بدون نقاش
- ماذا قال محمد بن سلمان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل ...
- حريق مهول يلتهم آلاف الهكتارات في كاتالونيا بسبب موجة الحر ا ...
- عواصف عنيفة تضرب وسط وشرق أوروبا وتخلّف قتلى ودماراً واسعاً ...
- تونس ـ أحكام بالسجن بحق سياسيين ومسؤولين سابقين بينهم الغنوش ...
- 110 قتلى في فيضانات تكساس وعمليات البحث مستمرة
- الحوثيون يبثون مشاهد لإغراق السفينة -ماجيك سيز-


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عدنان مهدي الطائي - الماورائية بين دوغماتية (كانط) وبين نقدية ديكارت