أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فادي أبو الحوف - في دمشق














المزيد.....

في دمشق


فادي أبو الحوف

الحوار المتمدن-العدد: 4464 - 2014 / 5 / 26 - 22:22
المحور: الادب والفن
    


كان جسدي
الحالم بأن يجلِسَ على حجرٍ
من حجارةِ الشام
القريبة منّي
والبعيدة مِن حُلمي
لتوقظني العتمة فجأةً
ظلَّ صراخٍ متواصل
بين قذيفتيّن هاوِن
سقطت واحدة على حلمي
وقالت لي:
لا تحلم مثل هذه الأحلام
الشام حزينٌ يا صاحبي
لونهُ لا يسمح لك الآن
بأن تسافر إليه.
قلتُ/
ودمشق؟!
خذني إليها
خذني,
أين تعجر حروف الضاد
عن وصف الحمامِ
الّذي يُألف أنشودةً كلّ يوم
للتراب,
وللجبل البعيد
على المُطلِّ
أين يطلُّ النهار كل يوم,
خذني إلى مكانٍ يشتهي جسدي المؤقت
أن يعيش فيه
إلى عجوزٍ تروي أساطير الثائرين
الّذين لم ترتعش أيدهم
بثورة الجلاء
وإخلاء كُلّ مُستعمرٍ
فرنسيٍّ مُحتل.

2
في دمشق
أخرجُ في ظلِّ الياسمينةِ
مُغلقَ العيّنين
وتقول لي:
فقط يسمح لكَ الآن
أن تشُمَّ
وأن لا ترى, ما سترى منّي.
خُذ قبلةً واحدةً
ودعني للندى
أخلعُ فستاني في الصباح
وأخرجُ لنهارٍ
يفوح عُطري به
بكل حارات مدينتنا
الّتي ولدتُ من البداية فيها
ولن أموت
إلا ليبعث الله عبادهِ
إليه.

3
في دمشق
ينامُ القمرَ مرتاحًا
على يدي
وخلفَ النافذة البعيدة منّا
نغماتُ الناي الحزينة
تغنّي لي
ويدمى عليّ,
وتُبقيني كالتمثالِ واقفًا
بين رصاصة
وأخرى صوت مدفع من السماءِ
يأتي,
يُعلنُ أن لا ليل
في ليل دمشق

4
في دمشق
أعدُّ غدي فيها
تحت الحُطام
وحاضري يشهدُ
على طفلةٍ في الساحات
تبكي طول الوقت
في يدها لعبتها القديمة
من بيتها القديم,
الّذي لم يعد فيه بيت.

5
في دمشق
ينامُ الغزال بجانبي
على حافةِ البئر
ينظرُ إلى إشراق الشمس من بعيد
وينظرُ إلى غروبٍ شاحبٍ أسود
في وجهي.
ينظرُ إلى جسدي
وإلى غدي
الّذي سيكون لي
في الغد هُنا
في دمشق.


6
في دمشق
لا الكلامُ كلامٌ
ولا الليلُ ليلٌ
بين الأرض والفضاء
صراخٌ وصوتُ بكاء
وجهي الأسود
الّذي يجلسُ مرتاحًا,
يضايقُني
كالّلون الّذي يأتي بعد الشفق الأحمر
في السماء البعيدة
وفي السقف الأزرق
الّذي لم يطلُّ بعد
في دمشق.

7
في دمشق
سربٌ من الحمام الأبيض
يُعلن دولةً في السماءِ
لا البشرُ بشرٌ هُنا
ولا الجنودُ جنود
في السماءِ يُريدون البقاء
ويعلنون:
لا الشجرُ لنا
ولا أنتم منّا
مللنا منكُم,
وإليكُم
ما لكُم عندكم.

8
في دمشق
يرسمُ الدخان المتصاعد
بين البيوت
وبين كلّ طيرٍ وطير
صورة طفل
من مخيّم اليرموك
كان لاجئًأ
والآن نازحًا
ينزحُ بالدم
فتقول صورته لدمشق:
لا تبكي عليَّ
فيكِ, ما يكفيكِ من قهرٍ
وفينا,
كُلَ ما فيكِ.

9
في دمشق
كان يقولُ العابر منها
يكفيني الآن
وترٌ يزفُّ ألحانًا على ليلنا
ورائحة الورود
الّتي تمشي في الّليل
وفي الشوارع
وبين المقاهي,
أما الآن,
فيكفيه العابر منها
رصاصةٌ تُحضرُ نفسها
لترمي أحدًا منها
شهيدًا,
في الغد.

10
في دمشق
أنظرُ إلى ظلّي
في الظلّ
تقول لي الألحان
وقدّ دقَّ من قبلها
جرسُ الكنيسةُ ألحانه الحزينة
الباكيةُ على ظلّي
وعلى الطفلة
وعلى الغزالِ
وعلى القمر في يدي
الّذي لم ينامُ
ولم أنام بعد..
ما زال الليل طويلٌ
يا دمشق.

11
في دمشق
لا الجمال فيها
عاد يهمُّ أمري
ولا المقهى الّذي كُنتُ أريد زيارته
عاد يهمُّني
ما يهمُّ همّي
وذاكرتي
وحاضري
الحالة الّتي وقعت هُنا
حالة الحصار
في كلّ شيء
في الهواءِ, الّذي أستنشقهُ
في الأملِ
والأحلام
وحتى الخيال,
الّذي أصبح رمادًا
تحت القذيفةُ الأخيرة.

12
في دمشق
القدسُ
في عين الفلسطينيّ
الّلاجئ منها.
رصاصٌ على العُزلِ
في بيت المقدس
والقذائف على الأبرياءِ هُنا
أين سنلجئ الآن؟
ومتى نكبتنا الثالثة؟
بعد نكبتنا الّتي هُنا.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نزلت حالًا مترجمة على جميع القنوات “مسلسل المؤسس عثمان الحلق ...
- دميترييف: عصر الروايات الكاذبة انتهى
- عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما ...
- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فادي أبو الحوف - في دمشق