أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ماهر عزيز بدروس - الفحم على مائدة الرئيس القادم















المزيد.....

الفحم على مائدة الرئيس القادم


ماهر عزيز بدروس
(Maher Aziz)


الحوار المتمدن-العدد: 4457 - 2014 / 5 / 19 - 22:48
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الفحم على مائدة الرئيس القادم

د.م ماهر عزيز
استشارى الطاقة والبيئة وتغير المناخ


« نشرت الشروق فى عددها الصادر يوم الثلاثاء 6 مايو 2014 مقالاً يهاجم الفحم واستخدامه فى مصر ويدعو الناخبين إلى إعطاء أصواتهم للمرشح الذى يقول لا للفحم استناداً إلى تجاهل مطلق لكل الحقائق الثابتة عالمياً عن التكنولوجيا النظيفة للفحم والاستخدام الواسع عالمياً للفحم فى كل دول العالم المتقدم، ويعارض هذا المقال ما نشر فى مقال الشروق مجافياً للواقع».

تجثم على الساحة المصرية قبل انتخابات الرئاسة، والانتخابات البرلمانية المقبلة الفاصلة فى التاريخ المصرى كله، حزمة من المشكلات الملتهبة التى تنتظر حلولاً ناجعة للخروج بالوطن المصرى من مأزقه الوجودى الحاد الذى يعانيه حالياً إلى شاطئ الأمان.

وتتقدم الطاقة حزمة المشكلات الملتهبة بما يضع مصر، ربما لأول مرة فى تاريخها القديم والمعاصر، على عتبات مجاعة طاقة هائلة تسببت فيما سبق من عصور التاريخ فى انهيار حضارات مزدهرة، قضت نحبها بطعنة الطاقة النجلاء، ففنيت على أثرها من صفحة الوجود.. مما حدا بحكومة المهندس إبراهيم محلب أن تتخذ قرارها الشجاع دون إبطاء فى إطار النهوض بمسئولياتها الوطنية التى تمليها عليها مقتضيات الحفاظ على الوطن من الإنهيار، وذلك بتنويع مزيج الطاقة فى مصر، ودخول الفحم المستورد كمصدر عالمى للطاقة ليسد النقص الحاد فى إمدادات الوقود، وذلك وسط معارضات متعددة المستويات تزعم حماية البيئة ضد استخدام الفحم كوقود، وتزعم خطورته على صحة المصريين، مما أضفى على القرار شجاعة فريدة أمام هذا الزعم الذى رفعه بقوة رهط من حملة الشهادات العلمية الذين ساقوا خلفهم بعض جماعات الضغط المدنى.

ولقد وضعت هذه الأحداث الفحم بقوة على مائدة الرئيس القادم وعلى رأس البرنامج الانتخابى لكل من المرشحين الرئاسيين مطالبة إياهما بإعلان موقف حاسم تجاه هذا الخلط واللبس المفتعل، الذى حاق باستخدام الفحم كوقود، وهو الخلط الذى راح خلاله معارضو الفحم يكيلون الاتهامات لحكومة المهندس إبراهيم محلب بأنها اتخذت قراراً عجولاً عشوائياً، وهى بعد حكومة مؤقتة، ترجع به مصر - والعياذ باللـه- إلى الوراء مرة أخرى إلى عصر الفحم.

وأمام هذه الاتهامات يواجه كل من المرشحين الرئاسيين موقفاً يضطر فيه لأن يعلن بجلاء لأية كفة ينتصر، وإلى أى جانب يطمئن لأن يضع ثقله ويمضى بخطى الواثق إلى المستقبل. وهنا فإن تفنيد مزاعم المعارضين يصبح واجباً لا مناص من القيام به.

فأسطورة الفحم الملوث قد انتهت اليوم من العالم بعدما تقدمت نظم التحكم فى التلوث منذ الثورة الصناعية الأولى قبل أكثر من 160 سنة مضت تقدماً مذهلاً على مرّ السنين جعل التكنولوجيا النظيفة المستخدمة للفحم الآن تسمى "بالتكنولوجيا ذات الانبعاثات الصفرية" أو "التى تقترب من الصفر"، وتستخدمها حالياً 75 دولة فى العالم من بينها جميع الدول الكبرى المتقدمة.. فهل ألمانيا أو اليابان -على سبيل المثال- لديهما كارثة تلوث وهما تستخدمان الفحم بكثافة منذ عشرات السنين الماضية بينما هما معاً أكبر دولتين من حيث حماية البيئة ونظافتها فى العالم؟

فمعارضو الفحم لا يزالون قابعين فى كهف الثورة الصناعية الأولى ظانين أنه الفحم الذى تستخدمه البشرية الآن بعد مضى أكثر من 160 عاماً.. وهذه الأسطورة قد تهاوت تماماً وتجاوزتها البشرية إلى غير رجعة. والآثار الكارثية التى يتشدقون بها فى معارضتهم قد قضت عليها تكنولوجيا الفحم النظيف، وجميع تحذيرات واعتراضات الزاعمين تخصصهم فى قضايا الطاقة والبيئة أو السياحة تنصب على فحم الثورة الصناعية الأولى، كأنهم لم يخرجوا بعد من كهف التاريخ، والكارثة الحقيقية تكمن فى عدم استخدامه للخروج من مأزق الطاقة.

وأسطورة عوار استيراد الفحم تتهاوى أمام حقيقة أن أكثر من 40 دولة فى العالم تستورده، بل إن بعض أكبر منتجى الفحم فى العالم يستوردونه أيضاً كألمانيا التى أنتجت عام 2012 من الفحم 197 مليون طن، واستوردت عليها 45 مليون طن أخرى لاستكمال احتياجاتها منه.

أما أسطورة أن العالم يسعى للتخلص من الفحم باعتباره خطراً على البيئة والصحة الإنسانية فتتهاوى عاجلاً أما حقيقة أن 75 دولة فى القارات الست فى العالم تبنى خلال السنوات العشر القادمة أكثر من 1160 محطة كهرباء جديدة بالفحم تولد أكثر من مليون و388 ألف ميجاوات جديدة، أما ما يتخلص منه البعض فهو التكنولوجيا القديمة التى يحل محلها الآن التكنولوجيا النظيفة للفحم، وها هى أمريكا وألمانيا أوضح مثالين على ذلك، فلقد تزايد توليد الكهرباء بالفحم فيهما من 43% و43.6% عام 2012 إلى 49.6% و45.5% على الترتيب من إجمالى كهربائهما عام 2014.

أما أسطورة أن الطاقة المتجددة تستطيع أن تفى، بالاحتياجات الضخمة من الطاقة لدولة من الدول فتتهاوى سريعاً أمام حقيقة أن مشاركة الطاقة المتجددة العالمية الآن لم تزد منذ عام 1973 على 3% فقط عام 2012، ومشاركتها فى مصر لم تتجاوز 1% من إجمالى استهلاكها للطاقة، وأمام محدداتها الاقتصادية والفنية لا يزال الشوط طويلاً حتى تصل مشاركتها إلى 20% أو 25% بعد حوالى 20 سنة على أفضل تقدير.

أما أسطورة أن القرار اتخذ تحت تأثير رجال الأعمال وسطوتهم وسعيهم للربح السريع فتتهاوى تماماً أمام حقائق موضوعية تقول بأن نصف خطوط الأسمنت متوقفة لانعدام إمدادات الغاز إليها بما صار يهدد الوطن بتوقف صناعة التشييد، وارتفاع سعر الأسمنت لنقص المعروض منه، وبطالة نصف القوى العاملة فى قطاع الأسمنت، وخراب بيوت أصحابها وأسرهم.. وتسقط تحت سنابك هذا التهديد الخطير أكاذيب وافتراءات زواج المال والسلطة التى يفتعلونها ليضعوا الحكومة والصناعة كلها فى قفص الاتهام، ويصيبوا بالعجز والعوز اقتصاد الدولة فى مقتل؟

أما تهمة إصدار القرار "بهذه السرعة" (كما يعيبون على الحكومة) من "حكومة مؤقتة" (كما يريدون أن ينتقصون منها) فتتهاوى تماماً أمام حقيقة أن الحكومة إذا تخاذلت أمام أزمة طاحنة تعصف بالوطن بدعوى كونها "مؤقتة" تكون قد ارتكبت جرماً فى حق الوطن والشعب المصرى، وكونها مؤقتة لا يمكن أن يسلبها صلاحياتها فى اتخاذ أى قرار بمسئولية كاملة إذا ما تعرضت البلاد للخطر.

أما ضرب الحائط بكل الدراسات التى حذرت من استخدام الفحم فكان أمراً لازماً وواجباً مستحقاً أمام تهافت هذه الدراسات، واحتجازها فى كهف التاريخ.. وتخلفها بمسافة 160 سنة مضت إلى عصر الثورة الصناعية الأولى.

أما أسطورة عدم وجود هياكل بنية أساسية لاستقبال الفحم المستورد، ونقله على الطرق، وتداوله واستخدامه فى الصناعة وتوليد الكهرباء، فتتهاوى تهاوياً مروعاً أمام حقيقة أن الأردن تستورد فحمها عن طريق موانينا، وتنقله آمناً نظيفاً على طرقنا إلى داخل حدودها، وأن مصانع الأسمنت - مثلاً - بتعديلات تكنولوجية طفيفة لاتستغرق أكثر من ثلاثة شهور تستطيع أن تستخدم الفحم فوراً بديلاً عن الغاز الطبيعى غير المتوافر للصناعة، أما ملايين الدولارات المطلوبة للاستثمار فى هذه المستجدات فمتوافرة لدى صناعة الأسمنت بما لا يتعطل أمامه هذه الانجاز.

هذه الأساطير المتهاوية المنسوجة من خيال العجز والقصور وعدم المبادرة والاستسلام لطغيان الأزمة، التى يفتعلها تخوف كليل يقبع فى كهوف الثورة الصناعية الأولى، لمجموعة من المختصين الذين تجاوزهم الزمن تماماً، وتجاوزتهم التكنولوجيا النظيفة للفحم إلى غير رجعة، تقدم تشجيعاً قوياً للرئيس القادم كى يتخذ القرار واضحاً صريحاً لا لبس فيه، ضارباً بعرض الحائط كل تحفظات الخائفين المرتجفين الذين ينكصون للخلف فزعاً من أوهام لا سند لها من واقع أو حقيقة.

فعلى الرئيس القادم أن يتخذ القرار واضحاً وصريحاً ليعزز على نحو ساطع قاطع القرار الشجاع الذى اتخذه مجلس وزراء وضعته أقداره على حافة المسئولية الجسيمة لوطنه وقت امتحان وهول فكان مكافئاً لها بمقدار ما لأمته من مكانة سامية عبر التاريخ.

ولعل الرئيس القادم لمصر أن يسقط بجسارة هذه الأساطير المغرضة التى تستهدف احتجاز الوطن فى أزمته، وانكفائه على جراحة، وانهياره -لا قدر الله- أمام أزمة الطاقة الطاحنة.

وإننى لأدعو أبناء الشعب المصرى للوقوف خلف الرئيس القوى القادر أن يدوس بقدميه هذه الأساطير المتهاوية، ويقول نعم للفحم فى مصر.. نعم لتنويع مزيج الطاقة.. نعم لأن نكون عضواً فى مجموعة دولية قوامها 75 دولة تستخدم الآن تكنولوجيا الفحم النظيف وعلى رأسها كل دول العالم المتقدم التى نتخذها مثالاً للرقى والرفاهية.

وأخيراً فإننى أطالب رئيس مصر القادم بألا يضيع وقته فى الاستماع لخبراء العجز والقصور والنكوص والفزاعات المتهاوية التى ألقت البشرية بها فى مزبلة التاريخ.. فالقرار واضح ناصع ساطع اتخذته قبلنا 75 دولة لم تسأل أحداً قط حين استخدمت الفحم أساساً لنهضتها الإنسانية الشاملة.. وحين يفعل ذلك فهو فارس مصر المنتظر أن يخرجها من ظلمات انعدام الطاقة إلى نور وفرتها وتنوعها وكفايتها لصنع التقدم، والبيئة الصحية النقية، والرفاهية لكل المصريين.



#ماهر_عزيز_بدروس (هاشتاغ)       Maher_Aziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمانى المصريين فى الرئيس السيسى
- لماذا سيبقى الفحم أساساً للتوليد الكهربى لمعظم دول العالم؟
- مصر.. والفحم.. وخزعبلات علمية -2-
- مصر.. والفحم.. وخزعبلات علمية
- الفحم المفترى عليه..
- ... لم يعد فى قوس الصبر منزع
- قرار رئاسى بقانون


المزيد.....




- صندوق النقد: مصر ستعالج تسهيلات السحب على المكشوف من البنك ا ...
- كيكة شوكولاتة غرقانة بصوص رهيب.. اقتصادية جداً ومفيش أسهل من ...
- المغرب وفرنسا يسعيان لتعزيز علاقتهما بمشاريع الطاقة والنقل
- مئات الشاحنات تتكدس على الحدود الروسية الليتوانية
- المغرب وفرنسا يسعيان إلى التعاون بمجال الطاقة النظيفة والنقل ...
- -وول ستريت- تقفز بقوة وقيمة -ألفابت- تتجاوز التريليوني دولار ...
- الذهب يصعد بعد صدور بيانات التضخم في أميركا
- وزير سعودي: مؤشرات الاستثمار في السعودية حققت أرقاما قياسية ...
- كيف يسهم مشروع سد باتوكا جورج في بناء مستقبل أفضل لزامبيا وز ...
- الشيكل مستمر في التقهقر وسط التوترات الجيوسياسية


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ماهر عزيز بدروس - الفحم على مائدة الرئيس القادم