أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشرى رسوان - جسر السراب














المزيد.....

جسر السراب


بشرى رسوان

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 18 - 23:40
المحور: الادب والفن
    


هُنـاك-;- أشْـيـاء -;- تَبـقَى مَـحْفورَةً في الـذّاكـرةِ كَالثُـقـوبِ،إرث الأيـام الصدئـة ،دبـابـيس صغيـرة مغـروزة في جـدار الـقلب ،من خـراب الذاكرة يُبـاغـتنـي حِـزام والـدي الجـلدي ، ينـزلُ على مـؤخرتـي

الصغيـرة۰-;-۰-;- أصـرخ۰-;-۰-;- و أصـرخ الى أن يـضـيـق صـدر أمـي ۰-;-۰-;- ، الجـرح الغـائر مـازال موشـوما أعلـى فخـدي ۰-;-

إنـها تلك الأشـياء التـي لا تـموت أبـد-;-ا ، منـجـل النسيـان لا يأتـي على رؤوسـها ،عالقـة كالنـدوب على وجـه الـذاكرة، يـعسـر مـحـوها ، مقـاطع فـيلم بـاهت تُـعيـدُ نـَفسـها باسـتـمرار ۰-;-۰-;- رواق المدرسـة البـارد

حيث أقـف على سـاق واحدة للان، قنـاعـة أمـي أمـام القُـفّة الـخـاوية، جـيب والدي الـمـسحوق بـين فكـي الغـلاء ، حبل الغـسيل الممتد الى عنقي ، لون الصحن

الـحزين فوق الـمائدة ، سطـور الجـريدة العتيـقة الملفوفـة حول الخبز (ثقافة الجوع) ، روائـح صناديق القمامة خـلف سور المدرسـة ،قـذارة المرحاض المشتـرك ،شتـائم جارتـنا البـدينـة ۰-;-۰-;-۰-;-۰-;-

تـتـعاقب الـمشاهـد ،عـبثـا أحاول الانسـلاخ عن المـاضي،هل أستحق كل هذا؟؟؟؟لا أدري


عنـدما أوصدتْ الثـانوية بابـها الكبيـر أمامي ،كُنْـتُ أؤمـن أَن أبْـوابا ﺃ-;-ﹸ-;-خرى ستفتح٬-;- كـنتﹸ-;- مـحبا للتجارة ٬-;- في " سوق الدبان القريعة " شمـرتﹸ-;- عن ساعدي أَبـيـعُ الأحْذيـةَ الرياضيـة المستعملـة ، صـار ﹶ-;- والدي

أكثـرﹶ-;- هدوء-;-ا ، كـان يرمقنـي بعينـيـه-;- الحـزينتيـن-;- ، لومـه المكتوم يـمزقني ۰-;-

(يسحب السم من سيجارته، وينفث عمره في الضبا ب ، تائــه في الحائط الرمادي، يُتمـتم أصغـي اليه ،يسب۰-;-۰-;- يلعـن۰-;-۰-;- يرمي عقب سيجـارتـه على الأرضية العاريـة)


في هــدأة اللـيل حزمتُ أمتعتـي ، غـادرتُ هـربا من الغرفة الوحيـدة التي تَسـتر عُرينـا ، من محطة (أولاد زيان ) (كـازا) الى ( طنـجـة )

في اليوم التـالي ، كنت أجـوب( طنجـة)، في أزقـة الضيـاع قابـلت مـلامح أشبـاهي ، ممن أعماهم وهـج (أوربـا)،غالـبيـتهم في مثـل عمـري ، جيـل كامـل من الهاربـيـن ، جـيـل كفـر بـكل الأشيـاء، أعـناقـهم

تشرئِـب-;- لمعـانـقـة جـنـان ( اسبانيا )

بعد مـغـيب اليـوم المـوعـود وبعيدا عن العيون ، تسـللنا لمضيق ( جبـل طـارق ) ، و بـدأت رحـلة مـنتصف اللـيل ٬-;- تـكدسنا فوق بعض٬-;- كـومة أعـواد ثقـاب ٬-;- البـرد جـمد كل شـيء فينـا٬-;- ﺇ-;-لا أمـل

العبـور الى حيث تـرقد أحـلامنا الصغيـرة ٬-;- يخـلو وجـه العـالم ﺇ-;-لا مـن أبـصارنا الدائـخة في عرض البـحر ، تعـوي الريـاح تصفـع بلا هـوادة أجسادنا ،يهتـز القـارب الهـش ، المـياه العاليـة مـلأ ت قاعـه

٬-;-يتـرنح ذات الشمال ،وذا ت اليميـن ،يسقـط أحـدهم ٬-;- صيحـاتـه تـملأ المـدى رعبًا ٬-;- غـاب صوتـه وسط العتـمة ، سـاد الصمت الرهيب ٬-;- يقشـعر بـدني الأزرق ٬-;- ، تـتقلص معـدتي٬-;- يسـري في أطـرافي سم

المـوت
فتـح فـاه هذا البـحر ليـبتلعنـا ٬-;- يسخـر من أرواحنا المـعلقة بين أصابعـه ٬-;- حشـد أنيـابه ليقتـص مـنا ۰-;-۰-;-۰-;-۰-;- من غيـاهب الجب أطـل وجـه أمـي


" قد يلفظك البحر ٬-;- وتنتـهي في مستـودع للأمـوات مـجهول الـهوية ٬-;- ستـمزق الأسـماك عـيونك، و ينتفـخ جسمـك ، ويـجرفـك التيار الى حيث لا تدركك العيون ، لا تحرمني البكاء على قبـرك أيها الشقي ؟ "

أتـوق لـحضنك الدافئ ، لعـيونك الـمـتعبـة ٠-;-٠-;-٠-;- سأعود أمي أعدك

(لاذ بالصمت ) عدت بـحلم مكسـور ٬-;-كل الأبواب الـتي طرقتـها لا تفـضي ﺇ-;-لا الى فراغ لانهـائي، الى ثقـوب سـوداء ابتعلتنـي ٠-;-هنا في السجن ، فصل شتـاء بارد يـمتد لألـف وجـع ۰-;-

مغلقـة كل الأشياء يا صاحبـي أشبـه بدائرة،لاتـناسبـنا الأحلام لأنـها أكـبر مـن أن تتحـقق ، ولا يناسـبنا هـذا الواقـع لأنه أقسـى مـن أن يعـاش۰-;-






محطة أولاد زيان : المحطة الطرقية أولاد زيان حيث موقف الحافلات الرابطة بين مدن المملكة المغربية

كازا :كازابلانكا مدينة الدار البيضاء الساحلية تقع في الجهة الغربية للمملكة

طنجة : مدينة ساحلية تقع في شمال المملكة المغربية

سوق الدبان :سوق عشوائي لبيع الادوات والملابس المستعملة



بشرى رسوان
ابريل 2014



#بشرى_رسوان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشرى رسوان - جسر السراب