أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خضرعواد الخزاعي - قراءة في شخصية الأنسان العراقي ودورها في صناعة أولى الحضارات الأنسانية















المزيد.....

قراءة في شخصية الأنسان العراقي ودورها في صناعة أولى الحضارات الأنسانية


خضرعواد الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 18 - 15:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قراءة في شخصية الأنسان العراقي ودورها في صناعة أولى الحضارات الأنسانية
خضر عواد الخزاعي
الحديث عن شخصية الفرد العراقي هو حديث عن أمة حضارية ظهرت للوجود قبل الألف السادس قبل الميلاد حين أستقر شعب العبيديون بجنوب العراق وكونوا المدن السومرية الرئيسية مثل أور وكيش واريدو ونيبور ولارسا ولكش وهذه الشخصية كانت نتاج صراع تأريخي أو جده التحدي الكبير في أنها كانت أمام مفترق طريق بين أن تظل أمة خامدة بدائية في وسائل حياتها وأنتاجها أو أن تستثمر الضرف البيئي الذي تهيأ لها وأن تقوم بتأسيس أول الحضارات الكونية لها على سطح الأرض كما يطرح المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي في نظريته ( التحدي والأستجابة ).
يقول عالم الأجتماع الأمريكي تشارلز كولي ( أن الفرد والمجتمع توأمان يولدان معاً ) وهذه المقولة أقرب ماتكون في تطبيقاتها على الشكل والمسار الذي أتبع في تشكيل أولى الحضارات في وادي الرافدين أو فيما عرف (Mesopotamia) حيث أتحدت مكونات الشخصية العراقية التي أستوطنت منطقة جنوب العراق مع طبيعة البيئة المكونة لضروف مجتمعية خاصة لهذه الأرض لتنشأ الدولة الحضارية الأولى بكل مكوناتها من أنظمة حكم وقوانين ولغة ومعارف ومؤسسات دينية ومدنية.
أن العراقي بكل ما أحتوته شخصيته المتوارثة من وجوه متباينة شديدة التناقض في بعض الأحيان من خلال أدوارها الوطنية والتاريخية والاجتماعية وما جبلت عليه خلال حقب متلاحقة لآلأف من السنين لايمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها بالشعوب الأخرى حتى وأن كانت قريبة من محيطه أو انها بحكم الضروف التاريخية كانت لصيقة ومؤثرة به .
فأن أكثر ماكان يميز هذه الشخصية أنها كانت شخصية مبدعة على الدوام ومنتجة ومتمردة على حالات الركود والسطحية والبداوة التي كانت ظاهرة عيانية وحياتية في العصور الأولى لفجر التأريخ وأن هذه الشخصية لم تكن لترضى أن تكون هامشية وغير مؤثرة بالأحداث وصانعة لها ولقد هيأت ضروف البيئة من أرض رسوبية طينية خصبة ووفرة المياه في الأراضي التي أستوطنها العراقيون منذ بداية الألف السابع قبل الميلاد وفي التحديد المنطقة الممتدة من جنوب بغداد حالياً وحتى حوض الخليج جزيرة دلمون البحرين حالياً بين نهري دجلة والفرات ليضع العراقيون أولى لبنات التحضر وبناء الدول الأمبراطورية وأن يأخذ العراقي دوره القيادي ويتصدى لأقامة أولى الحضارات الأنسانية على وجه البسيطة ويقدم ذلك التراث العالمي الفخم في العلوم والرياضيات والفلك والقوانين والطب والأساطير واللغة والفروسية والأدب الذي مازالت تنهل منه الأمم الأخرى كمرجعية حيوية تدرس في أرقى الجامعات والأكاديميات العالمية الرصينة إلى الآن فالعراقي العقلاني المتنور هو الذي قدم للعالم أول مخطوطاته المدونة فيما عرف بالكتابة المسمارية وهي كتابة تصويرية عثر عليها

منقوشة بألواح من الطين والمعادن والشمع في بلاد سومر جنوب العراق والتي أرخت لتأريخ مهم لتلك المرحلة حيث سطرت سيرة الحكام والمعارك الحربية وطرق المعيشة والعلاقات الأجتماعية والمراسلات والأحوال الشخصية والآداب حيث ترجع أول هذه المخطوطات إلى 300 عام قبل الميلاد .
أن مايميز حضارة وادي الرافدين انها كانت حضارة كونية رائدة أحتوت كل ما أصبح بعد ذلك تراثاً مشاعاً للبشرية مثل التدين وقصة الخليقة والطوفان وأن المحرك الجوهري لهذه الحضارة هو الأنسان الرافديني الذي قبل التحدي في أكثر من جولة تاريخية يقول طه باقر في معرض توضيحه لنشوء تلك الحضارة (بعد أن قضى الإنسان القسم الأعظم من حياته في أطوار التوحش والهمجية ، فيما يسمى بعصور ما قبل التاريخ التي استغرقت أكثر من 99% من حياة الإنسان والتي تقدر بنحو مليوني عام دخلت البشرية في أخطر تجربة وامتحان لا تزال تعانيهما بانتقالها الى طور الحضارة الناضجة ، وقد تحقق ذلك لأول مرة في تاريخ الإنسان بانتقال وادي الرافدين ووادي النيل في أواخر الألف الرابع قبل الميلاد .. الى حياة التحضر المدنية) أما ملامح ذلك التحدي فهو الأنتقال الحاسم بين أسلوب حياتين أولهما البداوة وما رافقها من أنتقال دائم للحصول على المياه والمراعي وكذلك كأسلوب دفاعي أستخدمته تلك الأقوام لتحمي نفسها من غزوات قبائل وأقوام أشد منها قوة وكانت الوسائل البدائية هي المظهر العام لتلك المرحلة وتلك الحياة وثانيهما كان الانتقال الحضاري من مرحلة البداوة إلى مرحلة التحضر وأستخدام الزراعة والري وبناء البيوت والمدن كمظهر أستسي لهذه المرحلة .
أما مانقصده هنا بكونية الحضارة العراقية هو عدم قابلية فصل الإنسان عن محيطه الحضاري الكوني من ناحية وعدم اعتباره شيئا ثانوياً أو قطعة منه من ناحية أخرى وما ملحمة جلجامش وحكاية نزول عشتار للعالم السفلي والطوفان إلا أنعكاساً لقيم هذه الشخصية وموروثاتها الفكرية والعقائدية والدينية والتي سبقت ما عرف من نظريات فلسفية جعلت من الأنسان قطعة ديكور مكمل للبيئة التي ولد وعاش فيها كما جاء بالنظريات المثالية لأفلاطون وارسطو ومن سبقهم من علماء اليونان حيث تبنت هذه الحضارة وركزت على الأنسان كقوة ووجود محرك لهذه الحضارة خلافاً لحضارات اخرى ركزت على سمة الموت والأعتناء بهذه الظاهرة كقوة محفزة ومؤسسة لتلك الحضارات والقاريء لهذا النص ( ملحمة جلجامش) يرى بوضوح أن بطل الملحمة جلجامش ملك أوروك رغم أنه كان من مصاف الآلهة بثلثين من الآلهة وثلث من البشر الذي رفض أمر الآلهة ببحثه الدؤوب عن الخلود حينما أمرنه الآلهة بالكف عن البحث عن الخلود لأن ذلك من شأن الآلهة ..
(حينما خلقت الآلهة العظام البشر
قدرت الموت على البشرية
واستأثرت هي بالحياة الأبدية )


رفض جلجامش أمر الألهة وأستمر في رحلته الطويلة للبحث عن عشبة الخلود في قاع البحر وحيازتها ورغم أن هذه الملحمة تنتهي بخسارة جلجامش لصديقة أنكيدو وسر الخلود إلا أنها كانت تأكيد على هوية أنسان هذه الحضارة ومدى قوته وأصراره في بلوغ الحياة والتمسك بها
المظهر الآخر من مظاهر حضارة وادي الرافدين هو الدين أو التدين بمفهومه السحيق من نشوء وخلق وتعاليم وعبادات ومؤسسات دينية كانت لصيقة بالانسان وحاجته المستمرة إلى حضور أبوي يشرف على تنظيم حياته ويكون مرجعية له في تفاصيل حياته اليومية من معيشة وزواج وسن القوانين وأستشارة في مواضيع مهمة مثل الحروب وعلاقة الملك بالرعية او المعبد بالأنسان ولقد تجلى ذلك واضحاً في قصة نشوء الخليقة البابلية أو قصة الخلق ( إنوما إليش ) أو ( عندما في العلا ) والتي أكتشفها الآثاري هنري لوبارد في العام 1849 في مكتبة آشور بانيبال في نينوى والتي تحتوي على ألف سطر كتبت على سبعة ألواح فخارية باللغة البابلية القديمة والتي يعتقد أنها كتبت في العصر البابلي الأخير ( 1500-1400 ق.م ) تؤكد على أن فهم تلك الشعوب للدين والخلق لم يكن بدائياً بل كان فهماً ناضجاً ومتقدماً بالنسبة إلى الحقبة التي عاشت بها تلك الأقوام وهي في صورة منها مقاربة لمفهوم الدين والخلق التي جاءت في كتب التوراة والأنجيل والقرآن وكانت تقام لذلك الأعياد مثل أعياد رأس السنة البابلية ( أكيتو ) الذي كان يعاد فيها قراءة الأسطورة وتمثيلها بواسطة الموسيقى والرقص وهي عبارة عن رحلة عميقة في جذور الكون وبداية تكوينه سبقت الأديان السماوية أي قبل الف وخمسمائة عام من تدوين أسفار التوراة العبرية في عرض بداية الخلق وفيها كان بداية نشوء أولى البذرات التوحيدية رغم الاحتفاض الواضح بخصوصية التعددية الألهية ..
(اللوح الأول
عندمافي الأعالي لم يكن هناك سماء
وفي الأسفل لم يكن هناك أرض
لم يكن (من الآلهة) سوي آبسوأبوهم
وممو،وتعامة التي حملت بهم جميعا
)
اما السمة الخالدة في حضارة وادي الرافدين والتي تعتبر تتويج للجهد الأنساني الذي أبتدعته مخيلة أنسان الحضارة العراقية القديمة هو الآثار المادية التي شكلت عماد تلك الحضارة ووجه الرقي والتفوق فيها مثل بوابة عشتار التي بنيت في عهد نبوخذ نصر في العام ( 575 ق.م ) في شمال مدينة بابل وكانت أهداء من الملك إلى الآله عشتار والتي كشف عنها المنقب الألماني روبرت كولدواي في عام (1899م) مكسوة بكاملها بالمرمر الأزرق والرخام الأبيض والقرميد الملون وكانت مزينة بـ 575شكلا حيوانيا بارزا منها التنين المعروف بالسيروش

والثيران وعلى جدرانها تماثيل جدارية تمثل الأسد والثور والحيوان الخرافي المسمى مشخشو) وهو رمز الآله مردوك) في الأصل كان يعتبر البوابة كونها جزءاً من أسوار بابل وواحدة من عجائب الدنيا السبع في العالم حتى في القرن السادس وكانت المواكب تدخل من هذه البوابة إلى شارع الموكب الذي يعتبر الشارع الرئيسي لمدينة بابل والطريق المقدس الذي يربط المدينة ببيت الأحتفلات الدينية المعروف ببيت أكيتو و يبلغ أرتفاع باب عشتار مع أبراجه خمسين متراً وعرضها ثمانية أمتار وهو محاط بالأبراج الجميلة والعجيبة والأثر العراقي الخالد لهذه الحضارة هو الجنائن المعلقة أو حدائق بابل إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، وهي العجيبة الوحيدة التي يُظن بأنها أسطورة، يُزعم بأنها بنيت في المدينة القديمة بابل وموقعها الحالي قريب من مدينة الحلة بمحافظة بابل، العراق نسبت حدائق بابل المعلقة إلى الملك البابلي نبوخذنصر الثاني الذي حكم بالفترة ( 562- 605 ق.م ) وذكر بأن سبب بنائها هو إرضاء زوجته ملكة بابل والتي كانت ابنة أحد قادة الجيوش التي تحالفت مع أبيه والذي بذل الجهد الكبير في قهر الآشوريين. وكانت تدعى اميتس الميدونية والتي افتقدت المعيشة في تلال فارس وكانت تكره العيش في مسطحات بابل. لذلك قرر نبوخذنصر أن يسكنها في بناء فوق تلال مصنوعة بأيدي الرجال ويبلغ أرتفاعها ( 100 متر) وكانت المياه تصل إليها من نهر الفرات بواسطة مضخات تدار بأيدي العبيد والثور المجنح هو تمثال ضخم يبلغ طوله 4.42 م ويزن أكثر من 30 طناً. وهو فرداً من زوج يحرس باباً من أبواب سور مدينة (دور شروكين) التي شيدها الملك الاشوري سرجون الثاني (721- 705 ق.م) بالحقيقة تعتبر هذه المنجزات الحضارية شاهداً على ماقدمه شعب حضارة وادي الرافدين المبدع في العمارة والنحت والفنون وكذلك في الأختراعات واذا كان قٌدّر لهذا الانسان في فترات لاحقة أن يعيش مراحل من التخلف والانحطاط فأن ذلك ليس في صميم شخصيته المحلية الحضارية بقدر ماهو تكالب مجموعة من الضروف والأسباب التي أحاطت بحضارته وما توفر له من حكام وقاده لم يسلكوا الطريق الصحيح في أدارة الدولة وشؤونها ولابد لنا في الختام من تذكر مقولة العلامة الآثاري طه باقر وهي رسالة بالغة لكل العراقيين (نحن العراقيين علينا ان نكتشف تاريخنا بجهدنا ودماغنا والمنطق الذي نحمله ) .

.......................................................



#خضرعواد_الخزاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جواد سليم الانسان والفنان والمبدع


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خضرعواد الخزاعي - قراءة في شخصية الأنسان العراقي ودورها في صناعة أولى الحضارات الأنسانية