أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المتوكل طه - صورة (الآخر) في شعر عز الدين المناصرة















المزيد.....

صورة (الآخر) في شعر عز الدين المناصرة


المتوكل طه

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 17 - 10:41
المحور: الادب والفن
    


صورة (الآخر) في شعر المناصرة:
(القلوب المقفلة)
• د. المتوكل طه (فلسطين)
أما الشاعر عزالدين المناصرة، المسحور والمشغول بإعادة الكنعانية ورموزها وطقوسها باعتبارها الجذر الثقافي الأعمق للفلسطينيين حسب رأيه، فيكتب في قصيدته (حجر كنعاني):
الآن صرتَ منارة الضالين عن هذا السبيل
الآن صرتَ مدينة ومخيماً وقرى وحارسةً
لأبواب الخليلْ
قد كنت من ملح يطل على البحار الميّتة
قد كنت من هلع تنادين الصقور مع المساء
والآن صرت شجاعة وكريمة ومحاصرة
والليل رغم مقامه حول الجموع الهادرة
أيذوب هذا الليل رغم الليل في هذي الدماء!!
ناديت يا حجر الخليلْ
كن نجمة أو نيزكاً أو كهرباء
كن طائراً – منقاره كالمقصلة
سددْ سهامك للقلوب المقفلة.
لنلاحظ كيف يطلب الشاعر وماذا يطلب من حجر الخليل أن يصير؟!
المهم في موضوعنا هنا أن المناصرة حدد "آخره" بالقلوب المقفلة!!، وهو تعبير وجداني يحتمل كل "الآخرين". يتوجس المناصرة في شعره كثيراً، ولهذا لم يظهر "الآخر العدو" في شعره بشكل واضح، إن عودته إلى الكنعانية أشغلته كموضوع ثقافي عن الانتباه إلى التفاصيل اليومية، كانت عودته إلى هناك أشبه بالاحتجاج العميق على اللحظة المعيشة.
يستعيد الشاعر مازن دويكات، في أحد دواوينه، يستعيد التجربة الكنعانية، ويحاول كتابة القصيدة الزراعية الكنعانية – بما يشبه تجربة عزالدين المناصرة –. إن العودة إلى الثقافة الكنعانية هي محاولة لسحب القناع عن المرحلة الجديدة، والعودة بها إلى أعماق التاريخ حيث كانت سوءات العدو مكشوفة ومفرودة. الشاعر عزالدين المناصرة يحاول أن يجعل من كنعانيته أكثر من إقليمية وأكثر من نظرة ضيقة إلى التاريخ والمكان، يريد هذا الشاعر من "آخره" الكنعاني أن يكون ليس صورته فحسب بل صورة الجميع، يقول هذا الشاعر في قصيدة "في أعالي كنعان":
إن رفرفت – أيها الحبيب – في أعالي كنعان
إن وصلت إلى جبال جرجرة
إن هربت – قبل الميلاد – من الجفاف
فأنت يمامة كنعان
تبربرت في أثينا
وانزرعت في سفوح الأطلس
- هن بنات عمي إغريقيات
اقتلعن أشجار الوحشة عند مساقط المياه
- هن بنات عمي أمازيغيات
حملن التفاح في أطباق السماوات السبع
- هن بنات عمي النوبيات
يتناثر النرجس في أنحائهن الدموية
- هن بنات عمي صحراويات
يرعبن الواحات والرمل والسيوف والأغاني
(لجدّي نعيم الداري) ينشدن بين الكروم:
هذه الأرض لذرية السيد الجليل
ثم أصبحن عنباً في أعالي الخليل
يغتاظ (البحر الميت) حين يراهن في الأعالي
مثل عناقيد البلور الصافي في مزرعة القلب
لأنّهُ مالحٌ كحرقةِ قلبي في المنفى
- هن بنات عمي خليجيات
في قاع بحر اللؤلؤ يصدن قلائد التعب
- هن بنات عمي مؤابيات
كمقالع المرمر والرخام في قاع الأردن الولهان
ينشدن للخيول أغاني الثلوج
أكان لا بد أن ننتظر كلام الرواة قروناً لكي نعرف :
كنعانيات كالأبنوس في غابات الفلين
كنعانيات كزبيب بنات الشام
رعين نقاء المتوسط في قلبه الأبيض
خلعن شتلات الزيتون شرقي بيت لحم
وزعنها على النوارس والحمام الزاجل.
- يعيب الشاعر المناصرة علينا أننا انتظرنا طويلاً المؤرخين ليثبتوا لنا أن الكنعانيين هم سكان حوض البحر الأبيض المتوسط والجزيرة العربية، وأن الكنعانية التي يدعو إليها هي كنعانية الأصل والمولد والنشأة، وأن ما نراه الآن من قوميات ما هي إلا تجليات لذلك الأصل الفريد. (تجدر الملاحظة هنا أن ما اعتمد عليه الشاعر ما هو إلا رواية ضمن روايات تاريخية متعددة مختلفة ومتعارضة.
قصيدة التوقيعة
من الأشكال الجديدة التي ظهرت بعد العام (1993) القصيدة "الومضة" أو القصيدة "التوقيع" الشبيهة بذلك الشكل الياباني الذي يسمى "الهايكو – تانكا". ويكتب الشاعر عزالدين المناصرة عن هذا الشكل ما نصه: "التوقيعة المستقلة أفضل، لأنها تأخذ شخصيتها المتكاملة من هذه الاستقلالية، وحين تكون التوقيعة مكثفة تكون جملتها الشعرية متوترة، لكن الشرط الثاني بعد شرط الكثافة هو الختام الحاسم القطعي المفاجئ المدهش، بحيث يتم التمهيد له تدريجياً بنمو طبيعي متصاعد، وكلما كان "الختام الحاسم" في السطر الشعري الأخير حاسماً مفاجئاً ينبغي أن يكون مفتوحاً على فضاء المعنى، فالحسم هنا نقيض الانغلاق، وهناك شرط ثالث هو مفارقة خرافية اللغة، وليس البقاء عند قشرة الفكرة العقلانية". الاستقلالية والكثافة والحسم وطزاجة اللغة والابتعاد عن الفكرة العقلانية والتركيز على الصورة الشعرية هي عناصر هذا النوع من الشعر الذي بدأه الشعراء في الثمانينيات، ثم ازداد شيوعاً بعد اتفاق أوسلو بشكل لافت للنظر، ويقول الشاعر المناصرة أن (تقنية التوقيعة) تقنية مركزية في كل دواوينه.
قصيدة النثر
شغلت هذه القصيدة النقاد والشعراء والقراء معاً، لكنها – على رغم كل هذا – أثبتت حضورها وانتشارها – لأسباب عدة لسنا بصددها الآن -، أما فلسطينياً، فإن الهجوم الأشد والأكبر جاء من طرف الشاعر والناقد عزالدين المناصرة في كتابه (قصيدة النثر، المرجعية الشعارات)، جنس كتابي خنثى". على رغم أنه نشر مجموعتين من نوع قصيدة النثر: (مذكرات البحر الميت، 1969) و(كنعانياذا، 1983)، وقصيدة النثر يرى فيها منظروها أنها "تمرد أعلى في نطاق الشكل الشعري". وقصيدة النثر تتصف بالوحدة العضوية، بمعنى أن قصيدة النثر تفترض إرادة واعية للانتظام في قصيدة، وينبغي "أن تكون وحدة عضوية مستقلة، وتتصف هذه القصيدة بالمجانية؛ بمعنى أنه ليس لقصيدة النثر أية غاية بيانية أو سردية خارج ذاتها، ويحدد فكرة المجانية فكرة اللازمنية في الحد الذي لا تتطور فيه القصيدة نحو هدف، ولا تعرض سلسلة أفعال أو أفكار، ولكن تظهر للقارئ كتلة زمنية، كما تتصف هذه القصيدة بالإيجاز، إذ تبتعد عن الاستطراد في الوعظ الخلقي وغيره، كما تبتعد عن التفاصيل التفسيرية، وكل ما قد يؤول بها إلى عناصر النثر الأخرى، لأن قوتها تأتي من تركيب مضيء". ويحدد ريفاتير في كتابه "الأسلوبية البنيوية" الصادر العام (1971) أن الأسلوب هو العلامة المميزة للكلام داخل نسج الخطاب اللغوي، وقد اعتبر الأسلوب بمثابة البنية النوعية للنص، وإذا كانت اللغة تقوم بوظيفة تعبيرية، فإن الأسلوب هو الذي يبلور المعاني ويبرزها.
إضافة مهمة في هذا المجال قال بها الفرنسي (جان بيار ريشار) في نقده الموضوعاتي للغة الشعر، في إشارته إلى أن الأثر الفني لا يفهم بكلية إلا كتنغيم موسيقي لا نهاية له، وأن هناك ما سماه بـ"الجذر" الذي هو تجربة أو سلسلة تجارب تؤسس وحدة محدودة في النص تشبه الخلية الرحمية، والجذر ليس الفكرة الرئيسة في النص كما يقول، فالفكرة الرئيسة هي كل عنصر لغوي يعود بإلحاح في الأثر الأدبي، إنها متعلقة بمفردات اللغة ومصطلحاتها، أما الجذر فهو الذي يفصح عن ما سماه الناقد بـ"الهوة" التي يصرخ بها المبدع طيلة الوقت، مثل "الحشرة" عند كافكا التي نجد أنها ذات تنويعات ضمنية كثيرة في نصوصه.
لكل مبدع "هوة" يصرخ بها، بحيث إن هناك جذراً واحداً يتفرع إلى ملايين الغصون، وعلى الناقد أن لا يخدع، وأن يدقق ليصل إلى الجذر الأصلي، ولهذا فإن هذا النقد الجذوري أو الموضوعاتي إلى معرفة كيف يمكن لعدد محدد من التراكيب اللغوية والمشاعر والانفعالات أن تؤكد على عدد لا نهاية له من العبارات ذات بعد معرفي ودلالي؟
- مساهمة أخرى تقدمها "حلقة براغ" لتحليل لغة الشعر يلخصها (صلاح فضل) كالآتي:
• لا بد لوضع مبادئ وصف لغة الشعر مع مراعاة الطابع الثابت المستقل لها، وتتميز اللغة الشعرية بأنها غالباً ما تكتسب صفة الكلام، وترتكز على أساسين: أحدهما هو التقاليد الشعرية الراسخة، والثاني هو لغة الحياة المعاصرة.
• من خواص اللغة الشعرية أنها تبرز عنصر الصراع والتعديل بدرجات متفاوتة، وكلما اقتربت لغة الشعر من لغة التفاهم تعارضت على التقاليد الشعرية.
• المستويات المختلفة للغة الشعر(صوتية وصرفية ونحوية وبلاغة... إلخ) ذات صلات حميمة فيما بينها، بحيث يستحيل عزل أحدها عن الآخر، كما أن جميع مستويات النظام اللغوي تكتسب في لغة الشعر قيمة مستقلة ذات أهمية خاصة.
• تختلف درجة معاصرة العناصر المختلفة في اللغة والتقاليد الشعرية من حالة إلى أخرى، العمل الشعري هو بنية وظيفية لا يمكن فهم عناصره المختلفة خارج نطاق علائقها المشتركة، ويمكن لهذه العناصر نفسها أن تلعب دوراً مغايراً تماماً، أي وظيفة عكسية في بنية أخرى.
• تعد القيم الصوتية في لغة الشعر نقطة الانطلاق في وصف البنية الشعرية، وتشمل مقارنة استخدام الحروف المعينة بلغة التفاهم ومبادئ تجميع الحروف وتكرارها ومشاكل الإيقاع والنغم.
• الطريقة الفعالة في دراسة جميع مستويات لغة الشعر تتمثل في رسم شبكة توازي أبنيتها المختلفة، وهو توازٍ متداخل متفاعل : فتأثير القافية، مثلاً، لا يقف عند حد النظام الموسيقي الصوتي، وإنما نجده وثيق الصلة بالنظم الصرفية والنحوية والأسلوبية وحتى بمعجم الشعر وكلماته.
• ينبغي بحث المعاصرة في لغة الشعر بدراسة العلاقة بين معجمه والتقاليد الشرعية ولغة التفاهم، فالكلمات التي يستحدثها الشعر تختلف عن المفردات العادية، فالكلمات الشعرية هذه هي التي توقظ في السامع الإحساس بمستويات اللغة المختلفة.
• المبدأ الأساس في فن الشعر هو أن القصد فيه يتركز على الرمز في ذاته، على التعبير ذاته، وليس على الدلالة.
- أما مجموعة النقاد التي التفت حول مجلة "تيل كيل" الفرنسية التي صدرت العام (1960) وبدأت ماركسية ثم انتهت إلى اليمين الديني والصوفي المسيحي، فقد رأت النص كالحجر الذي اقتلع من مكان ما، ويعرض علينا بشكل جديد وإطار مختلف غير الإطار الذي كان فيه من قبل، ولفهم هذا الحجر لا بد لنا من أن نسلط عليه الأضواء عندما كان في المحجر الأصلي، وأن نربطه بمحيطه الذي نشأ فيه، ثم نتبع رحلته إلى أن أصبح جزءاً من منزل، فندرس علاقته الجديدة بباقي أحجار المنزل، فالنص ليس خيطاً في قماش، بل هو قطعة القماش المكونة من خيوط كثيرة ومتقاطعة، ودراسة هذه الخطوط بلغة "تيل كيل" تقاطعات النص، فالنص ليس جزءاً من كل وليس جزءاً لا يتجزأ يدرس بمفرده، إنه تاريخ حيوي لأنه نابع من تاريخ الإنسان، لذا فهو محرِّك (بالكسر) ومتحرك ويسير في عدة مسارات. وأضاف نقاد هذه المجلة مفهوم "النص الأقصى"، بمعنى أن النص له دينامية لا تنتهي، أو أنه مادة لا متناهية، أو غير مكتمل في الزمان والمكان بسبب عدد القراءات المختلفة لكل قارئ.
من جهته، أشار جان كوهين – الفرنسي اليهودي – في كتابه الذي نشره في العام (1966) تحت عنوان "بنية اللغة الشعرية" إلى أن الشعر واقعة قابلة للملاحظة علمياً والتحديد كمياً، ويؤدي إلى صدم الإحساس العام، ولهذا فإن تذوق النص غير معرفته، ومعرفة النص غير تذوقه، وأشار، أيضاً، إلى صنفين من الصور البلاغية: صور إبداع وصور استعمال، ويجب التمييز بين الشكل والمادة، فالشكل هو العلاقة التي تجمع الكلمات، والمادة هي الكلمات نفسها، فالشاعر عندما يخلق استعارة أصيلة فإنما يخلق الكلمات وليس العلاقة، فهو يجسد شكلاً قديماً في مادة جديدة، وهنا يكمن إبداعه الشعري. إن الصور الإبداعية ليست جديدة في شكلها بل في الكلمات الجديدة، وقد يحدث أن يعاد استعمال هذه الإنجازات فتتحول إلى مستوى الاستعمال، فإذا كانت الصورة البلاغية انحيازاً، فإن صيغة صورة الاستعمال لا تخلو من تناقض، إذ الاستعمال هو نقيض الانزياح.
بعد هذا كله، نحاول أن نرصد اللغة التي استخدمها الشاعر الفلسطيني في الفترة قيد البحث، معتمدين في ذلك على ما تمنحه إيانا المناهج التي نشعر معها أنه يضيئها ويقترب منها دون أن يضغطها أو يغتصبها أو يحولها عن هدفها، بمعنى أن المنهج قد يكون ظالماً إذا استخدم فيه تقنيات أقل أو أكثر من النص ذاته، فهناك مناهج نقدية تهدم دون أن تبني، أو تقترح أكثر مما تتذوق، وتحلل أكثر مما تجمع المشهد بشكل كلي، وكما قال أحد النقاد الغربيين، فإن الناقد يعيد قطع المسافة – وهو يدرس النص – تحت الأضواء الكاشفة بعد أن قطعها المبدع في الظلام، أو كما قال غيره: "النقد يضطهد الأثر"، ثم إن هناك أنواعاً من مناهج النقد الأيديولوجية التي تحمل فكرة مسبقة تريد أن تراها أو تبحث عنها في النص.
- وفي رصدنا للشعر الفلسطيني في الفترة قيد البحث، لوحظ أن الصورة الشعرية – على اختلاف أنواعها – لم تعتمد الأساطير اليونانية أو البابلية أو الفرعونية، كما كان يحدث فيما سبق، صحيح أن (الرموز الكنعانية) حضرت إلى حد ما، ولكنها استعملت بذكاء ودقة وتوظيف مبرّر، كما في شعر عزالدين المناصرة.
- قصيدة محمود درويش اتجهت منذ التسعينيات إلى الوضوح والجهر والاقتصاد والتقشّف والوصول سريعاً إلى المعنى بعد المرور من ممر الصور الشعرية الأخّاذة. وكذلك فعل عزالدين المناصرة في ديوانه "لا أثق بطائر الوقواق" الذي صدر العام (2000)، وكان واضحاً وصارخاً وعنيفاً كعادته، أيضاً. كان هناك تخلٍّ عن " الأناقة " الشعرية من أجل الهدف أو المضمون. وموسيقى الشعر تصدر عن الموسيقى الخارجية التي يحققها الوزن العروضي والقافية الثابتة، وعن الموسيقى الداخلية التي تنتج عن تآلف الحروف وانسجام الكلمات وعن تناسب موضوع الكلام مع الكلام ذاته. المشكلة هنا أن القصيدة الحرة (التفعيلة) وقصيدة النثر أسقطتا من حسابهما الموسيقى الخارجية أو الشكل التقليدي للقصيدة العمودية التقليدية، وبإسقاطهما هذا العنصر بدأ الحوار والجدل، كما بدأ الحديث عن الموسيقى الداخلية أو "الإيقاع" بتعبير مجلة "شعر"، في تسمية غامضة تحتمل كل شيء. وفيما يعتقد البعض أن ما يسمّى الشعر الحر أو Free verse، أي المتحرّر من القافية، من أصل غربي مثل عزالدين المناصرة. ولكن (عزالدين المناصرة) نفسه يفرق بين ثلاثة مصطلحات تخص هذا النوع من الشعر كما حددها النقد الغربي وهي :
1- قصيدة النثر Prose poem: وهي نص نثري يتميّز بعناصر شعرية مثل الإيقاع المنتظم والأساليب البلاغية والوزن الداخلي والسجع وتناغم الأصوات والصور المجنحة، وقد كتب كل من رامبو وأوسكار وايلد وت. س. إليوت على هذا النمط.
2- الشعر الحر Free verse: وهو شعر متحرّر من النمط الثابت في الوزن والقافية، ويعتمد نمطاً آخر لتحقيق الوحدة والترابط، باستعمال الصور الشعرية والبلاغية والقوافي المتناثرة، وبتنظيم خاص في الفقرات لربط الأفكار وتحقيق تأثيرات إيقاعية متنوعة من خلال استعمال مفردات معينة وأشباه جمل مع ضبط طول السطر.
3- الشعر المرسل Blank verse: وهو شعر غير مقفى يتبع نظاماً موسيقياً معيناً مع الأخذ بعين الاعتبار علامات الترقيم وتراكيب الجمل، وقد كتب على نمطه شكسبير.
ولكن لا نجد شيئاً شبيهاً بالشعر المرسل عندنا، إذ إننا وبعد جدالات عنيفة في بعض الأحيان، تحدد لدينا نوعان من الشعر الحديث : قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر – على رغم أن هذه الكلمة فيها ما فيها من الجدل والتناقض وعدم الدقة في الوصف، وربما هذا ما دعا المناصرة إلى أن يعيد الأمر إلى أصحابه الغربيين وأن يعتبر أصلاً أن قصيدة النثر تأخذ شرعيتها من خارجها -.
ويعتقد أصحاب قصيدة النثر – وعندنا في فلسطين من كتابها كثيرون – أنهم يخلقون موسيقاهم باعتمادهم على ما يسمّى الإيقاع، فما هو الإيقاع بالضبط ؟
الإيقاع Rhythm في الشعر والنثر هو الحركة أو الإحساس بالحركة من خلال ترتيب المقاطع المنبورة والمُسكَّنة ومدى هذه المقاطع، وفي الشعر يعتمد الإيقاع على النموذج الشعري المقفّى، كما يكون الإيقاع في الشعر منتظماً، أما في النثر فقد يكون منتظماً أو لا يكون. ويبدو أن مسألة (أصول قصيدة النثر) كانت في بال الدكتور عزالدين المناصرة، حيث أعاد الأمر كله إلى أصوله الإنجليزية والفرنسية في نقاشه حول قصيدة النثر. ويعود السبب إلى أن (جبرا وصايغ) من ذوي الثقافة الإنجليزية، بينما كان (أدونيس وأنسي الحاج) من ذوي الثقافة الفرنسية، كما يقول المناصرة. وتظهر موسيقية النص عند محاولة غنائه أو تلحينه، ففي الوقت الذي تم فيه تلحين قصائد للشعراء (درويش والقاسم والمناصرة) – بسبب طبيعة تلك القصائد الموزونة – لم يقدم أحد من الملحنين أو المغنين على تلحين قصيدة من قصائد النثر لافتقارها ذلك النغم الطربي الحسي فيها.
 -;-
المراجع
عزالدين المناصرة: الأعمال الكاملة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، عمان، ط1، 1994، والقصيدة مأخوذة من ديوان "حيزية" المنشور العام 1990.
عزالدين المناصرة: جمرة النص الشعري، مقدمات نظرية في الفاعلية والحداثة، منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب، دمشق، 1995.
عزالدين المناصرة: قصيدة النثر (المرجعية والشعارات)، جنس كتابي خنثى، بيت الشعر، رام الله، 1998.



#المتوكل_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المتوكل طه - صورة (الآخر) في شعر عز الدين المناصرة