أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمر محمد الجيار - المشرحة














المزيد.....

المشرحة


سمر محمد الجيار

الحوار المتمدن-العدد: 4455 - 2014 / 5 / 16 - 21:34
المحور: الادب والفن
    



أفتح عيني بصعوبة.. أين ذهب الميكروباص؟ سأفوت ميعاد الحضور.. تبأ إنه الخصم! سأجوع. لماذا يتحول الميكروباص إلي سرير؟ وماتلك الرائحة البغيضة؟ قطط ميتة؟ كلا.. حولي أناس تتحدث.. أري أشباح بيضاء مموهة، وأسرة وطاولات.. أدوخ من رائحة نفاذة.. فورمالين؟ أنا لا أحلم.
طبيب " ضعهم علي الأرض.. لا أسرة كفاية، وهؤلاء أسرلهم للغسل ثم ضعوهم في الثلاجة"
ماذا؟ ثلاجة ماذا؟ صدمتني العبارة فأفقت تماما.. سحقا أدرك ببطئ أنني في مشرحة! كت متوجهة إلي عملي والآن أنا ميتة؟ أنا لست ميتة..
صرخت" أنا لست ميتة"
الطبيب بوجه بارد: " شخص آخر حي! "
الممرض: "لقد استلمناهم كجثث و الثلاجة بانتظارهم"
الطبيب: " لقد مضيت باستلامهم موتي ولا يمكنني تزوير توقيعي.. وهناك من يريد تسلم جثتها وقد سرعنا له الإجراءات لموافقته علي أنها منتحرة. لا يمكنني تسليمها له وهي حية.. أليس كذلك؟"
ميتة ماذا؟ لم أمت بعد أيها الكفرة! سأقتل هذا المعتوه! آآآآآآآه ضلوعي مكسورة.. وساقي وأنا عارية تماما، وعشرات الجثث علي أسرة وعلي الأرض فوق بعضها البعض.. هذا مريع! أشعر بكل شعرة في جسدي وهي تقف.. ماذا حدث لكل هؤلاء؟ كيف أخرج من هنا؟ لا أفهم ما الذي يقوله هذا الطبيب المعتوه! ربما هو مجرد كابوس وسوف أصحو.. لكن الكوابيس لا تحمل كل هذا الألم! هاهي ساقي السليمة أنزلها ببطئ لأقف عليها.. ألم ضلوعي يجعلني أنثني علي نفسي.. لكن رغبتي في قتل ذلك الطبيب فاقت كل شئ.. ذلك اللعين يراقبني بهدوء وهو يبتسم! يعرف أنني لن أستطيع التحرك!
الطبيب: "أنتِ جميلة للغاية! لم أعرف أن أمثالك يغشون المظاهرات!"
- "أية مظاهرات أيها الأبله؟ كنت في (الميكروباص) متجهة إلي عملي.. ثم أفقت هنا! "
- "الكل يقول هذا"
-"أخرجني من هنا! "
-"ربما كنت سأفعل إن تبقت لي أية ذكورة تمتعني بجسدك الجميل!.. لكن العمل هنا صعب.. سلبني ذكورتي كلها"
-"عليك اللعنة.. عليك اللعنة"
البكاء يضغط ضلوعي المكسورة التي أشعر بها توخز كبدي.. أضعف شيئا فشيئا.. شابان يتلويان ألما في صمت علي الأرض. يبدو أنني أقوى الأحياء المتبقين هنا. استسلمت لألمي علي الطاولة المعدنية مصغية لصوت مبضع يمزق جثة ما جواري. لم أشارك في أية مظاهرات فبالكاد أكسب قوت يومي ولم يترك لي والديَّ معاشا، وقوانين العمل صارمة في المصنع.. خصم مائة جنية علي الغياب بدون إذن أو شهادة مرضية! لابد وأنهم خصموا اليوم آآآآه ولم أهتم يوما بالسياسة ولا أفهم لماذا يموت الشباب جواري نزفا بسبب مواجهتهم للشرطة! أنا أخشي المرور من أمام القسم وهؤلاء يقذفونهم بالحجارة فترد الشرطة بالرصاص؟ هل سأخرج من هنا؟ ربما تزوجت أحد هؤلاء الذين لا يخشون الشرطة ولا الموت كي أتعلم اسلوب الحياة الجديد هذا، عوضا عن حياتي الرتيبة المملة فلا أستطيع تغيير عملي ولا سكني ولا زيادة دخلي من عمل آخر، وإن غضب علي صاحب العمل لأي سبب سأكون في الشارع ولا أخشي الجوع أكثر من خشيتي الذئاب البشرية التي حاولت وتحاول استدراجي بالترغيب والترهيب.. عندما ألقي في الشارع سيأخذونني عنوة.. سيأخذون الشئ الوحيد الذي أمتلكه تماما وهو جسدي. ضعيفة جدا وربما أعاني نزيفا داخليا لكن لدي أمل يسير في الخروج من هنا.. لايمكنني التنفس لأن الرائحة فظيعة.. هي نتانة المقابر عندما كنت أزور أبويَّ ولكن مضاعفة عشرات المرات مضافاً إليها صنة كيماويات حفظ الجثث. لم أكن أحلم أن أدخل إلي هنا ولا كنت سأدخل بإرادتي حية أبداً.. حية؟ هاهاهاهاه آآآآآه الضحك مؤلم للغاية.. إنهم لا يعترفون بكوني حية..
نطق شاب مطروح أرضاً مجيباً:
"لهذا فضلنا أن نموت بالرصاص.. ليشعروا أننا أحياء ولنا وجود ولا نخشاهم! ولا نخشى الموت نفسه!"



#سمر_محمد_الجيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمر محمد الجيار - المشرحة