أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هناء سليمان - الجوانب النفسية لنظرية المؤامرة















المزيد.....

الجوانب النفسية لنظرية المؤامرة


هناء سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 01:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يشيع اعتقاد في العالم العربي عمومًا، أن الشعوب العربية تميل إلى تبني نظريات المؤامرة، بل يذهب البعض إلى الاعتقاد أن نظريات المؤامرة لا تلقى أنصارًا في البلاد المتقدمة. وقد يتعجب هؤلاء إذا عرفوا أن هناك في الغرب أنصارًا لنظريات عن أن بن لادن مازال حيًا أو أنه كان قد مات قبل الإعلان بفترة طويلة، و أن الأميرة ديانا أشاعت أنها ماتت لكي تواصل حياة سرية بعيدًا عن الأضواء ونظرية أخرى عن مؤامرة قتلها، أو أن الهبوط على سطح القمر لم يحدث. وهناك مواقع على الإنترنت يلتقي فيها المؤمنون بهذه النظريات ويتبادلون من الحجج ما يعتقدون أنه يدعمها.
ومن المؤكد أن هاك مؤامرات تحاك في الواقع وأنها بطبيعة الحال لا يعلن عنها، وقد تكتشف بعد زمن أو يعلن عنها بعد انتفاء أسباب سريتها. لكن تعبير نظرية المؤامرة يصف الاعتقاد بوجود شبكة واسعة من المتآمرين قادرة على الإتيان بأفعال مريعة شديدة الضرر. فلماذا تشيع نظريات المؤامرة عبر الثقافات المختلفة؟ وهل هناك ميل لدى مجموعات من البشر للوقوع أسرى لتلك النظريات أو لنسجها؟
يوضح علماء النفس من الاتجاه التطوري أن تصميم المخ يشبه جهاز كشف الدخان، أي أنه يصدر ضوءًا أحمر عند مجرد احتمال الخطر فالإنسان لا يستطيع أن ينتظر توافر أدلة ثابتة قبل الفعل لمواجهة الخطر لأن الوقت يكون قد فات والضرر قد وقع. وهذه الوظيفة ضرورية لحفظ النوع. يشكل هذا الأساس النفسي للاستعداد لرؤية الخطر في أحداث أو أنباء خارجية دون أن يكون الخطر ماثلا في الواقع.
وقد لاحظ علماء نفس آخرون أن لدى المخ البشري آليات معرفية للبحث عن الأسباب الخفية والمعقدة نتيجة للحاجة إلى فهم دوافع الآخرين داخل المجموعة التي ينتمي إليها الأفراد أو خارجها. وقد فسر العالمان بوير ونورنزايان شعبية أعمال أدبية كشرلوك هولمز وجيمس بوند وهاري بوتر إلى قدرة كتابها على تنشيط ممارسة تلك الآليات عند قراءة مثل هذه الروايات. لكن العمليات المعرفية قد تؤدي إلى نوع من التحيز والخطأ ومنها التحيز الإثباتي confirmation bias أي البحث عما يؤكد وجهة النظر الأصلية وإغفال ما يدخضها. فمن الثابت وفقًا للتجارب التي أجريت على مجموعات من المؤيدين لأحد الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة أن الأفراد يواصلون التمسك بما وصلوا إليه من اعتقاد بصرف النظر عن توافر الأدلة على العكس، فالتجارب تثبت أن أصحاب أفكار متعارضة ينتهون إلى البحث عما يدعم وجهة نظرهم فقط إذا ما قدمت إليهم حجج وأدلة متوازنة على أفكارهم وعكسها.
وهناك ميل في عمل المخ لرؤية أنماط وأشكال مألوفة في صور عارضة أو جزء من شكل خارجي كأن يرى البعض في تعرجات الأشجار وجها أو شكلا لحيوان وتسمى هذه الظاهرة pareidolia. وقد ترتبط تلك الأنماط التي يسقطها المخ على الخارج بالحالة المزاجية للأفراد، كما ترتبط بالحاجة إلى محاولة لفهم أنماط داخل الفوضى الخارجية. ففي صورة شهيرة لانفجار برجي التجارة العالمي تبادل بعض الأمريكيين جزءًا من الصورة يشبه الصورة النمطية للشيطان وسط الدخان حتى أن صاحب الصورة اقتنع بذلك فيما بعد. وقد استخدم سلفادور دالي الفنان السيريالي الشهير صورا أخذت من زوايا مختلفة يشجع بعضها على هذا االإسقاط وسمى تلك الظاهرة "الطريقة النقدية الاضطهادية". ومحاولة فهم نمط داخل ركام من المعلومات والمعطيات قد يكون الخطوة الأولى للاكتشاف العلمي، ولكنه قد يقود أيضًا إلى البحث عن تفسيرات مناسبة للشخص حتى لو كانت غير حقيقية. ومن الواضح أن تلك الخطوة الأولى ليست كافية لبناء نظرية علمية أو نظرية للمؤامرة بل يجب أن يتبعها بحث وتمحيص للوقائع وإخضاعها للتجريب والتثبت في حالة الكشف العلمي، وربما يتبعها تفسيرات غير قابلة للفحص في الحالة الثانية. فمن الممكن أن يدرك الشخص الذي يرى شكلا مألوفًا في سياق غير محتمل أن يعزو ذلك للصدفة أو يضيف تفسيرًا آخر بأن تلك رسالة ذات معنى خاص من قوى فوق الطبيعة.
وتؤكد الدراسات الحديثة على العلاقة بين القلق والشعور بالاضطهاد والاعتقاد بوجود مؤامرة خارجية. فقد أثبت دانييل فريمان ومجموعة من الباحثين في معهد الطب النفسي بجامعة لندن في دراسة على عدد كبير من الأفراد لا يشكون من مرض نفسي أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين القلق والشعور بوجود مؤامرة للإيذاء قد تنتقل في درجاتها الشديدة من الشك إلى الاعتقاد الراسخ. وبينما يبدو أن نظريات المؤامرة يجب أن تؤدي إلى القلق من وجود خطر خارجي هناك جانب متناقض في الظاهرة يجعل أصحابها يشعرون بالارتياح. فالغموض الذي يحيط بظاهرة ما قد يثير القلق بينما الوصول إلى فهم أو تفسير، حتى لو كان غير صحيح، عادة ما يٌشعِر الإنسان بزوال القلق أو التحكم في درجته. والحاجة إلى الفهم والتفسير تشكل دافعًأ أساسيًا في سلوك البشر.
هل يختلف الأفراد الذين يتبنون نظريات المؤامرة عن غيرهم؟ أجرت كارين دوجلاس مع مجموعة من الباحثين في جامعة كنت ببريطانيا مجموعة من الأبحاث لفهم الأفراد الذين يميلون لتبني نظريات شائعة للمؤامرة أحاطت بوفاة الأميرة ديانا أو تكذيب هبوط نيل أرمسترونج على القمر وتوصلت إلى أن من لديه استعداد لقبول فكرة المؤامرة في موضوع ما يميل إلى تصديق قصة متعارضة عن الموضوع نفسه، مثل كون حادث موت ديانا مؤامرة مدبرة أوأنها دبرت الحادث لتغطي على استمرارها في حياة سرية بعيدة عن الأنظار. وفسرت النتائج بوجود نظرية أشمل للمؤامرة تجمع تلك النظريات الفرعية وتتضمن تلك النظرية الشاملة قدرة الحكومات على إخفاء الحقائق. وفي دراسة أخرى توصل الباحثون إلى أن الأفراد الذين يميلون إلى تصديق نظريات المؤامرة لديهم استعداد للقيام بدور ما في خطة حقيقية للتآمر إذا ما أتيحت لهم الفرصة وهو ما فسِّر بالإسقاط أي ان هؤلاء الأشخاص يسقطون ميولهم للتآمر على الواقع.
وفي الختام يثور سؤال عما إذا كان الاعتقاد بنظريات المؤامرة يندرج في إطار المرض النفسي. والأرجح أن ذلك ليس صحيحًا بالضرورة. فهناك أشخاص لا يعانون من أي مرض نفسي يؤمنون بتلك النظريات ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي تمامًا. وهناك فروق بين الشك والاعتقاد الراسخ لم تشر إليها معظم الدراسات.



#هناء_سليمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- الصين تتحدى رسوم ترامب الجمركية وتسجل نموا أفضل من المتوقع ف ...
- محاكمة مراهق سوري في برلين على خلفية مخطط لاستهداف حفل تايلو ...
- إصابة أربعة أشخاص في آخر جولة لمهرجان سان فيرمين للركض مع ال ...
- ترامب يزود أوكرانيا بأسلحة متطورة ويمهل روسيا 50 يوما لإنهاء ...
- الجمع بين دواء تيرزيباتيد والعلاج الهرموني لانقطاع الطمث يعز ...
- وداعا رفيقنا مراد بن يونس، لقد كنت أقوى مَن قَهر المرض
- ميتا تعلن استثمار مئات المليارات في تطوير الذكاء الاصطناعي ا ...
- مستوطنون يضرمون النار بعشرات المركبات وقوات الاحتلال تقتحم م ...
- أول تعليق روسي على إعلان ترامب بيع أسلحة لأوكرانيا
- تحليل لـCNN: لماذا تشعر أوكرانيا بالأمل والإحباط معا تجاه إع ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هناء سليمان - الجوانب النفسية لنظرية المؤامرة