زيارة أمنية

خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد
(Kalil Chikha)

الحوار المتمدن-العدد: 1259 - 2005 / 7 / 18 - 09:19
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    

في الساعة الثالثة بعد الظهر قرع جرس الباب . لم أكن على موعد مع أحد . فتحت الباب فرأيت شاب في الثلاثينات من عمره , يرتدي بدلة وربطة عنق وظننت في أول الأمر أن الواقف من مجموعة شهود يهوى . وبدون وعي نظرت الى يديه كي المح كتاب أو منشورات . الا انه اوقف تخيلاتي بابراز بطاقته الحكومية وقال بلهجة اظن انه تدرب عليها من قبل : اف-بي –أي. ممكن لي أن أدخل وااخذ من وقتك خمس دقائق . بادرته بسؤال قبل أن ادعيه الى الدخول : وماسبب هذه الزيارة . صمت قليلا قبل أن يقول بلهجة غير رسمية الا أنها مازالت جافة : نحن قد اجرينا كثيرا من الزيارات مع الجالية التي لها أصول شرق أوسطية . كان يحمل دفتر ملاحظات صغير مثل الذي يحمله الصحفين . ودون أن يشرح أو يفسر سأل : الأسم الكامل والعنوان . اعطيته اسمي الا أني قلت له العنوان تعرفه والدليل هو انك تجلس في بيتي . واستمرت اسألته - متى أتيت ومتى غادرت الولايات المتحدة ومتى عدت ولماذا وماهي مهنتي . لاحظت من خلال لهجته الانكليزية بانه له اصوله عربية . فاوقفته عن الاسئلة وبادرته بالسؤال : من أين انت . فقال بالانكليزية : أنا أصلي اردني . فابتسمت ثم قلت بامكانك سؤالي بالعربية . وأحسست باني اخطات في ذلك الطلب لأني لم اعد اعرف التعامل معه . سألني هل بعت أي شيء أو اشتريت . فأجبت بأني بعت بيتي السنة الماضية . وتتالت اسألته حول البيت لماذا بعت ومالدافع وكيف . فقلت اسألتك عميقة ومن الممكن أن توجه الى شخص متهم بجريمة . فتراجع وبعد صمت رجع يسألني مرة أخرى عن البيت الذي بعت .فأطلقت زفرة دليل الضجر. فهم من ذلك بأني مللت اسألته واحس أن سؤاله القادم سأرفض الاجابة عليه . فشغل نفسه بالخربشة على دفتره . ثم نهض مودعا دون أن يصافحني . فسألته عن بطاقة عمله فرد بأنه لايملك أي بطاقات . اتصلت مع بعض الاصدقاء كي اعرف اذا ال ( ف-بي-أي) قد زار احد منهم , فعرفت بأن ثلاثة غيري قد زاروهم وطرحوا عليهم نفس الأسئلة .
في هذه الولاية النائية أوقف الشرطي بعض العرب وسألهم عن اوراقهم الثبوتية ولما تحقق من وجودهم الغير قانوني اتصل بدائرة الهجرة ورحل هؤلاء الى بلادهم . ظاهرة مثل هذه لم تحدث من قبل . فالاوضاع تسوء بالنسبة للجالية العربية يوما بعد يوم رغم كل الجهود المبزولة من المؤسسات العربية لحماية الجالية من النزعات العنصرية المتصاعدة .
فالاعلام الامريكية المعلقة على السيارات ليست هي تعبيرا عن تعاطف الشعب مع الكارثة في نيويورك فقط بل هي احضار هذا الاحتياط العنصري المشحون ضد الاجانب بشكل عام والعرب بشكل خاص .

#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات