أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - حسن أحمد أنور - اليسار الجذري و العنف السياسي (الفصائلي): لترفع راية الحريات عاليا















المزيد.....


اليسار الجذري و العنف السياسي (الفصائلي): لترفع راية الحريات عاليا


حسن أحمد أنور

الحوار المتمدن-العدد: 4439 - 2014 / 4 / 30 - 16:09
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


كلما بزغت بارقة أمل في زعزعة المياه الأسنة للحركة الطلابية بما تبدله تيارات يسارية من جهود، إلا وقابلتها أعمال متشنجة غايتها وأد المحاولة. ما أن تظهر محاولة وحدة وتعاون نضالي حثى تتصاعد أصوات منددة بخيانة المتعاونين وألصقت بهم تهم العمالة والتحريفية وخدمة أجندت الأعداء، والأخطر تنظيم جولات من الهجمات البالغة العنف تخلف ضحايا يجرون معهم طوال العمر عاهات مستديمة وأوضاع نفسية خطيرة لا يسلم منها حثى المعتدون بعد أن يكتشفوا أن درجهم في سلم الإجرام كان عاليا جدا.


ما الدافع ليتحول مناضل من اجل الحرية الشاملة للكادحين إلى أداة تمارس عملية اضطهاد الرأي المخالف؟ ما الحصيلة السياسي للعنف الدموي بالجامعة المغربية ؟ ما مواقف اليسار الجذري إزاء العنف الطلابي بالجامعة ؟

إن العنف اليساري المنظم الذي يخيم علي المواقع الجامعية المغربية في العقدين الأخيرين أحد أطرافه الثابتة تنتسب إلى مجموعة من مجموعات "النهج الديمقراطي القاعدي"(البرنامج المرحلي)، وهذا الفصيل بالإجمال، يعتبر نفسه تيارا ماركسيا لينينا وامتدادا إيديولوجيا وسياسيا لتجربة منظمة "إلى الأمام" الثورية، ضد ما يعتبره صنوفا للتحريفية والإصلاحية... خاض هذا الفصيل مواجهات مسلحة ضد خصوم يختلفون حسب اختلاف الأوضاع وتباين قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم، إلى أن دوامة العنف الجهنمية بدأت تأكل جنباته بالذات جراء اكتشافاته الدورية "لمرتدين و تحريفين جدد ومنتحلي الصفة"، فمن بمقدوره اليوم حصر عدد المجموعات الحاملة لنفس الاسم، والتي تنهل من ذات المصدر والتي تنسب لها نفس أسماء الشهداء وكل البطولات المجيدة، لكن الغارقة في خلافات لا يفهمها إلا الراسخون في علم الشلل.

إن العنف القاعدي بدأ ليتواصل، فاليوم هناك مجموعات تتربص بأخرى، وتتحين الفرصة للافتكاك، وأخرى تديل بياناتها ببند عريض يؤكد عزمها مواجهة كل التحريفيين والانتهازيين و أعداء الذات، انه الوعد بأن كتاب العنف السياسي مازالت صفحاته ستلطخ بدماء الأبرياء.

• أية حصيلة سياسية للعنف بالجامعة المغربية؟

العنف بالجامعة غزير ومتنوع، و أكبر صنوفه ما يمارسه النظام من عنف اقتصادي بفرض شروط عيش البؤس على طلاب ينحدر أغلبهم من أوساط شعبية دخلها بسيط، مما يجعل الطلاب في مصاف الفقراء الجدد وهم شباب مفعم بالحيوية وله سلم حاجيات ورغبات طويلة، مؤجلة إلى يوم غير مضمون يمتلك فيه دخلا ولنا تصور حجم الضغط النفسي والمعاناة اليومية التي يقع تحتها الطلاب. أما النزوع نحو التحرر والنظر إلى الحياة وضوابطها الاجتماعية المفروضة على شباب يريد نمط عيش مختلف عن ما هو سائد اجتماعيا، يجعله إما خاضعا للضغوط و"سوء الوضع الاجتماعي"، أو متمردا يعاني من رفض مجتمع محافظ. أما اخطر أنواع العنف فهو العنف المادي للدولة بهجماتها المتواصلة ضد التحركات الجماعية للطلاب، و إهانات البوليس الجامعي المتغلغل في الجامعات بزيه العلني أو مخبريه المندسين أو يتم تجنيدهم في أوساط الطلاب باستغلال أوضاع بؤسهم.

أما العنف السياسي بين الفصائل الطلابية فليس وليد اليوم، إلا أنه عرف تغيرات نوعية خطيرة من حيث أنه لم يعد استثناء، بل لا يمر موسم دون وقوع صدامات أغلبها لا يتحدث عنها أحد، وبلوغه درجات بالغة الخطورة من ناحية ما يرصد لتلك المواجهات من لوجستيك وما يخلفه من ضحايا، بل إننا أمام حالات موت محقق.

تزامن صعود العنف السياسي بالجامعة مع أزمة منظمتها النقابية التنظيمية وكان من النتائج المرة لفشل المؤتمر السابع عشر 1979 وما تلاه من نشوب أزمة فصيل الطلبة القاعديين وبروز وجهات نظر تختلف حول تفسير حال الحركة الطلابية، والحلول المقدمة للخروج بها من الأزمة، وحول منظورات وتنظيم الفصيل القاعدي ذاته، انتهت بصدامات بين أطرافه سنة1984. لا توجد إلا الرواية الشفوية لما وقع ولا أدب مكتوب حول الأمر.

مع بروز قوة الرجعية الدينية كانت الجامعة أحد أعشاش تفريخها ومرتكزات البناء، لكن تعترضها عقبة التواجد اليساري بالرغم من أزمته البرنامجية والتنظيمية وحالة الضياع التي وقع فيها جراء تحولات بالغة الضخامة عالميا، بسقوط الاتحاد السوفيتي وما يجري من نقاشات في صفوف اليسار الجذري خارج الجامعة. رغم ذلك كان يحافظ علي المبادرة النضالية الميدانية رغم تشوشه الحاصل. لم تجد الرجعية السلفية بدا من إزاحة عقبة اليسار، بتنظيم غارات عنيفة على قلاعه الرئيسية (فاس – وجدة...) وتعنيف وتأديب لاحقا في مواقع أخرى (القنيطرة – تطوان- مراكش...). خلفت الهجمات تلك، سقوط قتلى (محمد بنعيسي بفاس- المعطي بوملي بوجدة) وسقوط جرحى واعتقال مناضلين (جرير نور الدين و سلام العوينتي). لم تخلف الهجمات السالفة، رغم كلفتها العالية، سوى ملف صحفي يضم بعض البيانات والتغطيات الصحفية، وكرونولوجيا أحداث من إعداد الطلبة القاعديين التقدميين.

ظل العنف اليساري مع الرجعية الدينية بالرغم من انخفاض حدته مخيما إلى نهاية التسعينيات. بدء من 2000 إلى اليوم. أضحى العنف السياسي في غالبه تصفية حسابات تنظيمية داخل النهج الديمقراطي القاعدي. عنف بالغ الشدة والخطورة ولا يصل إلى آذان عموم المناضلين ولا يسمع عنه أحد، إلا أن ما خلفه يكشف درجة إجرامه ورجعيته. عشرات الضحايا بعاهات مستديمة ستلاحقهم طول العمر وآخرون لم يستكملوا مشوارهم الدراسي والبعض الأخر سرقت منه شهاداته المحصل عليها، والباقون يعانون اضطرابات نفسية ستكلفهم غاليا فيما بعد.

انه نزيف خطير يحرم نضال شعبنا من طاقات نضال نشطة بددت في معارك خاسرة. فماذا قدمت المواجهات الدامية تلك لقضية تحرر الكادحين؟ ومادا أضافت من رصيد نضالي لمرتكبيها؟ أليس الأرباح الفائضة من نصيب النظام؟ ماذا استفادت الحركة الطلابية من كل الجنون الدموي ذاك ؟ ألم يزيدها ضعفا و تشظيا ونفورا جماهيريا؟

الحصيلة السياسية للعنف السياسي بالجامعة جلية الوضوح لكل من ينظر بأعين مصلحة تحرر الكادحين، إنها حصيلة إجرامية كيفما كانت الأوهام النضالية لمرتكبيه فباستمرار تعدم إمكانية نضال موحد وتعاون بين يسار متنوع، و أبعد إلى الأبد طاقات نضال شابة ذنبها أن لها رأي سياسي مخالف وفوت إمكانية تبلور مجموعات طلابية يسارية متنوعة سياسيا وتنظيميا وموحدة نضالية ضد العدو الطبقي.

إن العنف السياسي داخل الجامعة ممارسة تخدم النظام، وتخرب صف العازمين على مواجهته إنه عنف رجعي كممارسة، ورجعي بنتائجه. كل مصوغات ممارسة ذاك العنف هي حجج احتيالية، تلاعبية. وكل اجتزاء مقولات خارج سياقها لهذا الماركسي أو ذاك مناورة دنيئة لتدنيس الماركسيين في مستنقع العنف الإجرامي. راية الماركسية والثورة بريئة من جرائم ممارسة العنف بمبرر الخلافات السياسية والإيديولوجية والتباينات التنظيمية.

• ما مواقف اليسار من العنف السياسي بالجامعة ؟

إن غياب أدب مكتوب يؤرخ لحيثيات ومواقف التيارات من العنف بالجامعة لا يرجع إلى طغيان الطابع المنبري (الشفوي) للسجالات والنقاشات بالجامعة المغربية الذي بلغ في فترات مستوى يدعو إلى السخرية في تبرير ذلك. بل لكون التيارات اليسارية تلتزم بقاعدة غريبة، فالأقوى يمارس العنف ويقدمه لأتباعه علامة للبطولة والجذرية والصلابة في الدفاع عن "الذات" والأضعف يطحن في صمت حتى لا يتهم بالتباكي والضعف بغض النظر عن قوة حججه وسلامة موقفه. حتى ضحايا بالعاهات المستديمة يتحايلون كي لا يتوجهوا إلي المستشفيات العمومية .أما نشر بيانات تحمل المسؤولية للمعتدي فهي من صنوف العمالة للنظام وتقديم المناضلين حاملي السيوف والسلاسل إلي العدو الطبقي في طبق من ذهب.

قد يستغرب القارئ من مدونة الأخلاق السالفة الذكر، التي توفر الغطاء لمن أجرموا ليفلتوا من تبعات ما اقترفوه، فلا فضح ولا كشف لهم أمام شعبنا ولا متابعات من طرف عدالة البرجوازية... هنا يكمن تفسير المفارقة في أن تظل الكوارث التي سببها العنف مجهولة، وأسطوانة شفوية تروي لتعبئة مجرمين جدد يجددون أخطاء من سبقوهم تحت مشاعر توسل البطولة وتمثل صلابة المناضلين.

لعب الماركسيون الثوريون دورا واضحا في رصد وكشف جرائم العنف السياسي وأخضعوها للنقاش العلني الواسع بالوسط الجامعي ونقلوها إلى باقي الطلائع المناضلة. وأبرزوا الحقيقة الرجعية للعنف، ونسفوا نسفا مبرراته، لكن الأهم، مارسوا ما يدعون إليه بالرغم من الضغوط الرهيبة أحيانا لكنهم رفضوا الانجرار إلى دوامته. لا يعود ذلك إلى خصال أخلاقية (وهي مطلوبة) بل إلى قناعة سياسية أكدتها الوقائع باستمرار: لن تكون للحركة الطلابية المناضلة قائمة باستمرار العنف السياسي.

لا بد من الإقرار بالتطورات الايجابية منذ ذلك الحين، حيث أن تيارات يسارية أخرى، التقت في مبادرة تاريخية من أجل العمل الموحد نضاليا، ورفض العنف السياسي والدفاع عن الحريات السياسية وهو ما أثمر لجنة المتابعة لخلاصة ندوة 23 مارس بمراكش. وراكمت عملا يساريا ديمقراطيا يضمن التعبير الحر عن الرأي والنقاش المفتوح الديمقراطي، ووحدة المبادرات النضالية. وقد واصلت التيارات المذكورة عملها بمبادرة نضال غير مسبوقة إنها الوقفة الوطنية أمام البرلمان والتي استجاب لها طلاب من مختلف المدن الجامعية وكانت نقطة ضوء كبير وفرصة لا تعوض لكل تيارات اليسار الجذري بالجامعة، لبناء حركة طلابية مناضلة وجماهيرية. فرصة لتمرين تدبير الاختلافات على أسئلة النضال الراهن وامتحان وجهات النظر على محك الواقع الملموس.

بينت جولات العنف السياسي في العقد الأخير أن اليسار الجذري متباين المواقف والممارسة، في مواجهة العنف السياسي. فمن أقلية لا تعبر عن أي موقف إدانة للعنف، بل تواصل ممارسته ضد أعداء شخوصهم تتغير حسب الظروف. و آخرون مترددون يدينون ممارسات بعينها ويتأففون عن تبني موقف علني قطعي يدين اللجوء للعنف المنظم لحسم خلافات رأي سياسية، والطرف الثالث قطعي في إدانته لأي اضطهاد سياسي كان مصدره من كان.

• نماذج عنف سياسي راهنة:

اختطاف واستنطاق بجامعة وجدة.

"تعرض خمس طلبة من فصيل اليسار التقدمي يومي 2-4 أبريل 2014 للاختطاف والتعذيب والاستنطاق من طرف عصابة إجرامية مدججة بالسيوف والسكاكين من أمام كلية العلوم بجامعة محمد الأول بوجدة. كما تمت ملاحقة آخرين في الأحياء السكنية المجاورة للكلية حيث تم الاعتداء الجسدي عليهم وسلبهم بطاقة الطالب ومبالغ مالية كانت بحوزتهم وكذا هواتفهم النقالة "أصدر المتهمون بارتكابهم للجريمة بيانا لم يتبرؤوا من الاتهام صراحة، بل تكرار لكلام معتاد عن مؤامرة تستهدفهم وختموا بعزمهم مواجهة (قل قتال) كل الرجعيين من إصلاحيين وتحريفيين ومنتحلي الصفة. راسلت الكتابة الوطنية لحزب النهج الديمقراطي الوزير الأول ذاهبة إلى أن ما يتعرض له مناضلوه الطلاب من تدبير مجموعات إجرامية وأن لأجهزة البوليس يد في الأمر ما دامت الوقائع تجري أمام أعينها، و يمتنع قضاء الدولة البرجوازية متابعة المتهمين رغم التقدم بشكاوي حول الموضوع.

لم يدن ذاك العنف الإجرامي بصراحة منسجمة إلا النهج الديمقراطي القاعدي الماوي، فيما باقي تيارات ندوة 23 مارس انكفأت عن نفسها لأسباب تخصها لكن واقع الحال يؤكد أنها ارتكبت خطئا يمس مبدأ مماثلة الأقوال بالأفعال.

ما مورس من عنف بجامعة وجدة ضد طلبة اليسار التقدمي جريمة يجب إدانتها بصوت عال لا لبس فيه وعلى التيارات المناضلة قطع دابر اللبس وفصل رايتها عن مرتكبي الجرائم. وعلى كل المنتسبين إلى ماركس ولينين، وراية الثورة أن يتبرؤوا من المتسترين خلف العناوين البراقة وأن يبينوا أن الجرائم تلك تخدم أعداء الاشتراكية والديمقراطية.

لكن الأمر الغريب أن بعض التيارات وبعض المناضلين تعاملوا بانتهازية مرفوضة مع الوقائع. فالصراع المستعر على ارث الحركة الماركسية اللينينة واتهام النهج بخيانته والسطو عليه، مما خلق هديان نفسي خطير باسم الفضح السياسي للنهج، دفع البعض إلى تخفيف نبرته من إدانة جريمة الاختطاف والاستنطاق بمبرر انه سليل وجهة نظر مخالفة لكنها تنتمي إلى خندق النضال، في نفس الآن إبداء شراسة في نقد رسالة النهج الديمقراطي بركام هائل من الحجج الخاطئة بكل بساطة. جريمة جامعة وجدة ليست انفلات صادر عن معسكر النضال بل جريمة تخدم الثورة المضادة وأسلوب مدان. هل يمكن تبرير جرائم السلب والاغتصاب والنهب الذي يقوم به يوميا ضحايا الرأسمالية من أبناء طبقتنا المتساقطين؟ فلماذا قبول نفس الممارسات الإجرامية الصادرة عن متساقطين من أبناء صفنا؟ على مخففي نبرة الإدانة والصامتين أن يعوا أنهم متواطئون مع ممارسات تضرب بناء الحركة الطلابية في مقتل، وعليهم أن يسدوا أبواب التبرير لتلك الفضاعات بغض النظر عن لون الضحية واسم الجاني.

لنعود إلي مراسلة النهج الديمقراطي للوزير الأول، وهو أمر قابل لبروز وجهات النظر لكن خلطها مع إدانة العنف يخفي لا مبدئية فاقعة، وهذه وجهة نظر في الأمر:

الرسائل المفتوحة ممارسة نضالية معهودة في تاريخ الحركة العمالية، سواء الموجهة إلى طبقة عاملة لبلد ما أو إلى قيادة حزب سياسي أو إلى مؤتمر وحتى الموجهة إلى رؤساء المقاولات أو الحكومات... وهو أسلوب استعمله ماركس ولينين وتروتسكي وكل القادة العماليين. ومحليا وجهت النقابات رسائل مطلبية مفتوحة ونفس الأمر بالنسبة لجمعية المعطلين والفروع النقابات الكفاحية. الرسائل المفتوحة وسيلة نضال يستعملها الثوريون للتحريض النضالي باختلاف الجهة الموجهة إليها. يبقى مضمون الرسالة هو معيار الفصل بين الرسائل المفتوحة كأدوات نضال وبين رسائل زرع الأوهام والتباكي وتوسل رحمة المضطهدين بما لها من نتائج شل عزيمة وثقة الكادحين في قدراتهم ولنا مثال مذكرات "الكتلة الديمقراطية" وتوسلاتها للملك حول تعديل الدستور. فأي خطاء ارتكبه النهج الديمقراطي بمعيار المصالح الطبقية والتراث النضالي للكادحين.لا خطأ.

أما مضمون الرسالة والاختلاف حوله فمرده إلى وجود من يريد مواصلة التعامل مع جرائم العنف السياسي الصادرة عن تيارات يسارية وفق قاعدة قديمة كارثية سبق لنا تفصيلها، بالنسبة لنا " لا ميثاق أخلاقي مع المجرمين" وهنا لا بد من الوقوف ضد عرف درجت عليه الجماعات القاعدية المتذابحة بالجامعة، عرف يقضي بالتزام كل الأطراف بعدم تقديم أي شكاية إلى القضاء ضد الاعتداءات حتى الدموية منها. إنه نوع من الميثاق الضمني بين "الرفاق القاعديين" يلزم باحترام قواعد لعب معينة، ويرى في الوصول إلى القضاء وشاية بمناضلين.

لن يقبل هذا المنطق المجنون غير من يؤمن أن الاعتداء بالأدوات الحادة وسيلة تعامل بين المناضلين. إنه الحمق، فكل من يضرب شخصا آخر لأنه يحمل رأيا مغايرا يراه تحريفيا، أو حتى رجعيا، ليس مناضلا، ناهيك عن استهداف حياته بأدوات حديدية "جرى شحذها بمبرد كهربائي".

قد تقع تدافعات بين مناضلين غير منضبطين، وحتى درجات ضئيلة من العنف، لكنها تكون حالات استثنائية، عبارة عن انفلات يتدخل الأكثر تعقلا من كلا الطرفين لتطويق المشكل وحله بروح رفاقية. يقع هذا مثلا في مسيرة عمالية بين مناضلين مندفعين أكثر من اللازم، غير منضبطين للجنة التنظيمية. أما أن تقوم جماعة باستنفار قواها للانقضاض بعد ترصد على مناضلين من تيار آخر، فلا علاقة لذلك بالنضال. إنه اعتداء، كأي اعتداء آخر، قد يقبل عليه مجرم لأجل السرقة. وبالتالي فلا مسوغ لامتناع المناضلين المضروبين بحديد "البرنامج المرحلي" عن تقديم شكايات إلى القضاء ضد المجرمين مقترفي الاعتداء. ونتحدى أيا كان أن يأتي بحجة تقنع عاقلا بغير هذا."هذا ما لم نتوقف على تكراره منذ سنوات، والوقائع الجديدة لا تزيده إلا راهنية.

إن المستنكفين عن إدانة جريمة ما وقع بجامعة وجدة بمبرر رسالة النهج الديمقراطي، عليهم النظر بتمعن في دلالة سلوكهم و أن يعوا أنهم ضحية ضغوط نابعة من منظور خاطئ يؤدي إلى انتهازية خطيرة.

عنف وموت بفاس:

العنف المفضي إلى الموت بالجامعة المغربية، تربعت على لائحته غير المشرفة، تيارات الرجعية الدينية بجرائمها أوائل التسعينيات، وتواصل بسقوط طالبين ينتميان إلى النهج الديمقراطي القاعدي، جراء مواجهات ضد "الحركة الأمازيغية" وأخيرا توفي طالب ينتمي إلى "منظمة التجديد الطلابي" في صدامات مع النهج الديمقراطي بفاس.

للنظام أن ينتشي بالحصيلة الموفقة للاحتراب الفصائلي، يتركها تتقاتل وعند سقوط جرحى يدعهم ينزفون حتى يموتون، ويعتقل لائحة يوزع عليها سنين معتبرة و يطلق آلته الإعلامية لتحريض الرأي العام ضد المناضلين الذين استباحوا الجامعة وحولوها إلى مسلخ، وتصدر دعوات تحت الطلب بتحمل "الأمن" لمسؤوليته في الحفاظ على أرواح الطلاب العزل. تلك هي الدوامة التي تتكرر، فلما توفير الحجج لمن يريد استمرار الوضع؟ ومن يخدم توفير التغطية على جرائم بشعة أخلاقيا ومضرة سياسيا بمبرر أنها نابعة من وجهة نظر سياسية؟. انه العمى السياسي.

فأي موقف سليم مما جري بجامعة فاس؟

بدون تردد، إدانة مطلقة للعنف وما أفضى إليه من قتل. لا يمكن تبرير ما يجري بكونه دفاعا عن رجعية دينية بل دفاع عن حرية الطلاب في سلامتهم البدنية ودفاعا عن الحريات السياسية للجميع وغيرها تفاصيل لا تبرر ما جرى.

إن من يعتقد أن دفن الرأس في التراب وتجنب تحمل المسؤولية النضالية في الدفاع عن الرأي السليم في إدانة العنف بما يخدم بناء الحركة الطلابية، جماهيرية ومكافحة وترك معالجة ذلك للزمن الجميل وتمرير الانتقادات "الرفاقية" بدون ضجيج، عليهم أن ينظروا في عيون الضحايا وهم كثر وأن تكون لهم الشجاعة الأدبية في إقناعهم بصواب رأيهم، وعليهم تحمل المسؤولية السياسية في ما آل إليه وضع اليسار المتدحرج من طليعة النضال إلى مستنقع تنظيم الجريمة.

إلى قدماء مناضلي اليسار الطلابي، منكم من نظم وساند العنف الدموي بالجامعة، وتبين له لاحقا الخطأ البالغ الذي ارتكبه، باسم نضج مستوحى من التجربة تنظرون إلى ما يجري من أخطاء قاتلة وتتأسفوا من جيل جديد يكرر مساركم الخاطئ. لا تبرئوا أنفسكم فانتم تتحملون مسؤولية معنوية طالما لم تعمموا تجربتكم وتنتقدوا أخطاء ممارساتكم علنا ليستفيد منها المناضلون الشباب، لا تتمترسوا خلف راحة الضمير الزائفة النابعة من اعتبار ما جرى مضى والسلام. تحملوا مسؤوليتكم التاريخية في صيانة الحركة الطلابية من التدمير المتواصل باسم أمجاد الماضي الزائفة. تحملوا المسؤولية في إنقاذ مناضلين يساريين شباب ضحايا وجناة مدفوعين بمنظورات لارتكاب الجرائم في حق بعضهم البعض.

• من أجل أن يظل التشهير بالعنف السياسي الفصائلي بالجامعة متواصلا

نحن على يقين تام أن الأمر لن يقف عند اختطاف واحتجاز واستنطاق ولن يتعظ بالقتل الإجرامي. نحن مقتنعون أننا سنشهد صنوفا من العنف الدموي اليساري اليساري، ونحن على اطلاع أن هناك تربص وحشد القوى وتجيش الأتباع للإجهاز باسم خلافات سياسية وتباينات تنظيمية. مازالت لوائح ضحايا القتل ستضم ضحايا جدد، ومازال الموشومة أجسادهم بآثار الضرب بالحديد والنار سيسقطون تباعا. وفي الأول والأخير حصاد نظام الاستبداد معتبر، ومطمئن أن لا حركة نضال بالجامعة طالما لغة السيوف والسواطير قائمة.

موقفنا لا يقبل التأويل، إدانة سياسية صارخة ضد الجرائم المرتكبة باسم النضال، ولا يشرفنا الانتماء لنفس الخندق مع كل من يمارس العنف المنظم لمصادرة رأي سياسي لفرد أو جماعة بأي مبرر كان. مع الدفاع بدون قيد ولا شرط عن الحريات السياسية والثقافية والنقابية بالجامعة المغربية للجميع. اقتناعنا بتفوق الماركسية الثورية وعلو حججها على باقي المنظورات وإيماننا أن البديل الاشتراكي كفيل بالإقناع وهزم كل الأطروحات الرجعية، الساعية لإدامة نظام الاستبداد، يعزز ثقتنا في آراءنا ومواقفنا السياسية ونطالب بحريتنا في الدفاع عنها ولغيرنا نفس الحق.

من أجل تيار يساري ثوري متسلح بالماركسية لا بالسيوف والسواطر.

من أجل طلائع نضال حازمة في رفض كل صنوف اضطهاد الرأي المخالف.

دفاعا عن راية الماركسية ناصعة من أدران الجريمة.

ضد العنف السياسي بين الفصائل ومن أجل الحريات السياسية والثقافية للجميع.

حسن أحمد أنور



#حسن_أحمد_أنور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مداخلة النائب رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية في الج ...
- أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة أمستر ...
- على وقع حرب غزة.. مشاهد لاقتحام متظاهرين في اليونان فندقًا ي ...
- هل تقود الولايات المتحدة العالم نحو حرب كونية جديدة؟
- م.م.ن.ص// -جريمة الإبادة الجماعية- على الأرض -الحرية والديمق ...
- تمخض الحوار الاجتماعي فولد ضرب الحقوق المكتسبة
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 554
- الفصائل الفلسطينية ترفض احتمال فرض أي جهة خارجية وصايتها على ...
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي


المزيد.....

- اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض ... / سعيد العليمى
- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - حسن أحمد أنور - اليسار الجذري و العنف السياسي (الفصائلي): لترفع راية الحريات عاليا