أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مها فهد الحجيلان - ظاهرة المحاكمات الفكرية ضدّ الكتّاب














المزيد.....

ظاهرة المحاكمات الفكرية ضدّ الكتّاب


مها فهد الحجيلان

الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 12:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ليس هناك حاجة للتأكيد بأنّ العالم بأسره وليس فقط وطننا العزيز يمرّ اليوم بفترة حرجةٍ مع الفكر المتطرّف بشتى أنواعه وطرائقه. ورغم كلّ شيء، فإنّ التعاون الوطني بين الحكومة والشعب هو أفضل علاج لمحاربة هذا الفكر وتقنين تحركاته. ولقد كان صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله واضحاً وصريحاً في كلامه مع المواطنين في تأكيده على أنّ كلّ مواطن ومواطنه له/لها دور فعّال في محاربة التطرّف سواء في البيت أو في العمل أو على الصعيد العام من خلال الكتابة الصحفية أو الندوات والكتب أو المحاضرات. ولاشك أنّ هذا واجب وطني علينا جميعاً، ويعتبر أقلّ ما يمكن لنا فعله في الحفاظ على بلدنا آمناً سعيداً.
إنّ ثقافة الحوار والاختلاف تحتاج إلى تفعيل مناسب يتماشى مع ظروف هذا الوقت وتحدّياته. ولكي يُصبح التعدّد الفكري والثقافي جانباً فعّالاً في الثقافة العامّة فلابدّ من مناقشة المعوّقات الثقافية والفكريّة التي تقف في طريق التنوّع الفكري الصحي. إنّه من الواضح أنّ أُحاديّة الرأي -بوصفها نمطاً من التفكير- ليس من السهل التخلّي عنها عند البعض لكونها مدعومة أيديولوجياً وتربويّاً. وممّا لاشك فيه أنَّ أحاديّة الفكر تُعدّ مرضاً عُضالاً وتأسِر صاحبها في قوالب محدودة من التفكير وتحصره في أُطرٍ ثابتة لا تقبل التغيّر أو التطوّر في شتّى مجالات الحياة المتنوّعة. ولهذا فإنّ هذا النمط من الشخصيّات الأحاديّة قد ألِفَ التعامل مع رأي واحد وحكم واحد ونتيجة واحدة، ولم يتعوّد على قراءة أكثر من رأي أو يتعامل مع أكثر من حكم أو يتعرّف على مجموعة نتائج حول قضيّة فكريّة معيّنة.
إنّ الحاجة إلى تعلّم أساسيّات التفكير العلمي تستلزم استحضار كافّة الإمكانات المتاحة من المعطيات الفكريّة أو الماديّة والتعامل معها دون الجزم المسبق بصلاحية معطى على آخر؛ بحيث يُساهم العقل في رؤية القضيّة من مختلف الزوايا ويتجاوب معها بكيفيّة علميّة عادلة. بيد أنّه من الممكن الإشارة إلى أنّ التراكم الثقافي الذي سخّر الرأي الواحد في مجالٍ معيّن قد انسحب لكي يشمل كل المجالات فلم يعد العقل مميزاً لما يقبل التعدّد وما لا يقبله؛ لأنّ العقل يتعامل مع المعطيات المختلفة من خلال عرضها على القوالب الفكريّة الجاهزة في الدماغ؛ وهي قوالب تكوّنت من خلال التجارب السابقة للفرد؛ ولهذا فمن العسير على العقل النمطي أن يتقبّل شيئاً ليس له وجود سابق في عقله؛ أي أنّ خياله مرتبط بما مرّ به من تصوّرات فقط وغير قادر على تجاوز خبراته السابقة؛ وعليه فإنّ قيم "الحق" و"الخير" و"الجمال" تظل مرهونة بتلك القوالب الفكريّة المحدودة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض المهتمّين بدراسة أنماط الفكر يرون أنّ أحاديّة الفكر مشكلة ذات صلة بالعقل نفسه، وهناك من يرى كذلك أنّها مشكلة فكريّة تربويّة. وليس ثمّة سبيل يمكن لهذه المقالة أن تتعرّض له في الجانب العقلي. ولكن كون أحاديّة الفكر تمثّل مشكلة فكريّة في أحد جوانبها- فإنّه يمكن الإشارة إلى أنّ الكشف عنها ومحاولة دراسة أسباب وجود هذه الأحاديّة سوف يُساهم في التعرّف على سبل التغلّب عليها لدى البعض من أجل مستقبل بهيّ متنوّع وحضارة تقنيّة ليست محصورة بمصدر واحد.
والجدير بالذكر أنّه حينما شرع بعض الكتاب المخلصين لهذا الوطن وأهله في تحليل ظاهرة الإرهاب؛ ظهرت ردود أفعال دفاعيّة تتّخذ طابعاً هجوميّاً على شخص الكاتب وربما يناله بعض التهم الجاهزة في محاولة للإبقاء على الحال نفسها. وإذا كانت ردّة الفعل المعاكسة تُعتبر سلوكاً طبيعياً يمكن قبوله في دائرة الاختلاف في الرأي المشروعة لكل إنسان، إلاّ أنّها ينبغي أن تبقى قائمة في مجال الحوار الفكري لكي تستثمر المعطيات التي لم تكن تعرفها وتتعامل مع زوايا أخرى ربما كانت غائبة عن الذهن.
ولكن الغريب هو في ظهور بعض الأفراد الذين تركوا الحوار موضع الاختلاف في الرأي إلى اللجوء للمحاكم وتحويل القضيّة من كونها ظاهرة اختلاف فكري إيجابي إلى اعتبارها سخرية أو استدراكاً أو إساءة للدين تستلزم ردعاً ماديّاً من خارج قنوات الحوار موضع النقاش. وإذا كانت المعايير التي يستند إليها هؤلاء هي مجرد تأويلات شخصيّة وتكهّنات لا تعضدها براهين واضحة فإنّ وضعها في المحاكم هو مجرد تهرّب من المواجهة الفكريّة التي تقوم على الحوار والنقاش العلمي. ولعلّ في هذا المسلك إشارة إلى أنّ ثمّة تخوّفاً من النقد، وهو تخوّف يُوحي بوجود خلل معيّن؛ يقول المثل اللاتيني "لاتخف أن يلمسك الملح إلاّ إذا كان جسدك متقرّحاً!". ولاشك أنّ صاحب المنهج الواضح ليس لديه ما يستدعي الخوف من النقد والحديث الصريح؟ أو ليس هذا الخوف علامة واضحة على علّة ما مريبة؟!
إنّه من البديهي الإشارة إلى أنّ النقد العلمي يحتاجه كلّ مجتمع صحّي يتطلّع إلى التطوّر عن طريق جهود أبنائه وليس بعزلة عنهم. كما أنّ الكتابة عن الملابسات الأيديولوجية المتطرفة هي من صميم العمل الوطني الجادّ. وما من شك في أنّ هذا النوع من النشاط محلّ تقدير الجميع لأنّه مساهمة فكريّة فعّالة تسير بشكل متوازٍ ومتّسق مع جهود الدولة الأمنيّة في السيطرة على هذه الظاهرة والقضاء عليها. وممّا يجدر ذكره أنّ القضاء على الإرهاب يحتاج إلى المحاربة الأمنيّة وكذلك الثقافيّة. وحينما يأتي من يُشكك في جهود الأنشطة الثقافية المضادة للإرهاب فإنّما هو يسعى إلى إعاقة عمل وطني شريف. كما أنّ المجتمع حينما يقبل بمنطق رفض تغيير سلوك خاطئ أو فكر معيّن ويسعى إلى محاكمة من ينتقد الخطأ المألوف فإنّه بهذا يُسدل ستارة سميكة ربّما يحمي بها الفكر المنحرف ويبعده عن الرقابة والتمحيص، وبذلك قد يشارك عن غير قصد في تعميق التطرف الأيديولوجي وتأمين الفرص لأربابه ليتسنّى لهم رعايته ونشره على مأمن من الملاحقة القانونية. وحينما تخرج أصوات تطالب بالتكتّل ضد الكتّاب أو الأكاديميين ومقاضاتهم بسبب أفكارهم التي هي في سبيل صحّة الوطن فسوف نخسر ثراء فكرياً و مصدراً غنيّاً للحفاظ على وطننا البهيّ سالماً من كل شر.


* كاتبة سعودية



#مها_فهد_الحجيلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع الصحي يتكامل فيه الرجل والمرأة
- كيف تدعم المراكز الصيفيّة التي تقيمها وزارة التربية والتعليم ...
- لماذا لا تُسند المراكز الصيفيّة إلى مؤسسات أهليّة؟
- التعدّي على الخصوصيّة الفرديّة في المجتمع السعودي
- أسلوب التعبير عن الاختلاف في الرأي عند الإسلاميين
- العنف وثقافة الموت في مدارس البنات
- كيف يدعم الإنترنت الإرهاب في السعودية؟


المزيد.....




- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...
- اللجنة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانا بشأن -اسرائيل- ...
- إلهي صغارك عنك وثبتِ تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمتابع ...
- اختفاء مظاهر الفرح خلال احتفالات الكنائس الفلسطينية في بيت ل ...
- المسلمون في هالدواني بالهند يعيشون في رعب منذ 3 شهور
- دلعي طفلك بأغاني البيبي الجميلة..تحديث تردد قناة طيور الجنة ...
- آلاف البريطانيين واليهود ينددون بجرائم -اسرائيل-في غزة
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- ادعى أنه رجل دين يعيش في إيطاليا.. الذكاء الاصطناعي يثير الب ...
- “TV Toyour Eljanah”‏ اضبطها حالا وفرح عيالك.. تردد قناة طيور ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مها فهد الحجيلان - ظاهرة المحاكمات الفكرية ضدّ الكتّاب