أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - مها فهد الحجيلان - التعدّي على الخصوصيّة الفرديّة في المجتمع السعودي















المزيد.....

التعدّي على الخصوصيّة الفرديّة في المجتمع السعودي


مها فهد الحجيلان

الحوار المتمدن-العدد: 1244 - 2005 / 6 / 30 - 14:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


لا أستطيع فتح بريدي الإلكتروني بسبب العدد الهائل من الرسائل التي تصله في كل لحظة من مجموعات بريديّة مختلفة لا أعرف عنها شيئاً ولم أشترك فيها ولم أطلب منهم وضعي في قائمتهم. لقد أوضحت تبرّمي من هذا الإزعاج وطلبت من أصحاب تلك الرسائل شطبي من مجموعاتهم لكنّ ذلك لم يحصل. أعتقد أنّ كثيرين ربّما لديهم مثل هذه المشكلة، خاصّة ممّن يعرف الناس عناوينهم البريديّة؛ إذ سرعان ما تجد العنوان البريدي قد وُضع في أيّ قائمة مهما كان توجّهها مخالفاً أو موافقاً لصاحب الإيميل. لقد أصبح البريد الإلكتروني منتهكاً ومباحاً لكل من هبّ ودب بينما صاحب البريد لا يملك الحق في رفض أو قبول هذه الرسائل التي تفرض نفسها فرضاً لا نقاش فيه.


يبدو أنّ المشكلة ليست مقتصرة على البريد الإلكتروني، فرسائل الجوّال كذلك تصل من جهات لا نعرفها تسبب إزعاجاً وانتهاكاً لراحتنا؛ وهي رسائل يغلب عليها طابع الوعظ والنصح أحياناً، وفي أغلب الأحيان تتضمن تحريضاً وتحريشاً ضد شخص أو أشخاص في المجتمع وتأليب الناس عليهم ليقوموا بمفاكسة السلطات لكي تحقّق رغبتهم في قمع هذا الشخص أو الأشخاص أو إيقاف حفلة ما أو الموافقة على مشروع معين. ويلاحظ أنّ مضمون تلك الرسائل يعبّر باستمرار عن رغبة شخصيّة لفئة معيّنة في المجتمع وليس بالضرورة أن يكون معبّراً عن رغبة كل فرد؛ ولكن هذه الفئة تستخدم هذا النهج في تحقيق رغباتها لتكثير الأصوات والإيحاء بأنّ رغبتهم تمثل رغبة الأكثريّة. ولعلّ مثال موضوع قيادة المرأة للسيارة الذي تعرّض فيه عدد كبير من الناس إلى سيل جارف من الرسائل التي استقبلوها على جوّالاتهم تحمل طابعاً أيديولوجيّاً مُحرّضاً- خير مثال للتعدّي على خصوصيّة الناس وانتهاك حقّهم الشخصي في حماية أنفسهم من هذا الإزعاج.
ومن الواضح أنّ هذه الممارسات التي نمرّ بها وتتعدّى على البريد الإلكتروني والجوّال هي امتداد للتعدّي الذي يمارس علينا في البيوت وفي المكاتب كذلك؛ فقد اعتاد الناس في بعض مناطق المملكة وبخاصة في الرياض أن يجدوا تحت أبواب منازلهم منشورات وكاسيتات وعظيّة، وهي في الغالب تكثر في المناسبات، ففي الصيف مثلاً تكثر المنشورات التي تدعو لعدم السفر للخارج وتبيّن أضراره بشكل مبالغ فيه، وفي فبراير تنتشر الكاسيتات والنصائح حول تحريم عيد الحب، وفي ديسمبر توزّع المطويّات حول تحريم أعياد أهل الكتاب.. وهكذا نجد أنّ رواج هذه الممارسات يتّبع نمطاً من العمل مستغلا أي مناسبة لكي يفرض وجهة نظر معينة يلزم الناس بها.
ولابدّ من التأكيد على أنّ لكل فرد الحق في عرض رأيه وفق ظروف صحيحة تجعل المتلقّي أمام فرصة الاختيار بين أن يقبل أو لا يقبل سماع الرأي. فحينما يُعلن عن محاضرة معيّنة فإنّ المتلقّي يكون أمام فرصة أن يذهب أو لا يذهب دون أن يلزمه أحد بأي من الاختيارين؛ ومن هنا فإنّه يُفترض في الحاضرين أن يكونوا راضين عن اختيارهم في الحضور، وعليهم -في هذه الحال- أن يتقبّلوا سماع وجهة نظر المتحدّث حتى وإن خالفت آراءهم. لكن الشيء الذي يحصل في مجتمعنا هو الإلزام في كثير من الأمور؛ فطلاب وطالبات المدارس مثلا يجبرون على سماع محاضرات من خارج المنهج تُفرض عليهم بالقوة ولا يُسمح لهم مع ذلك بإبداء أي رأي يخالف وجهة نظر المتحدّث. وعلى هذا فإنّ الثقافة بدأت تتّخذ نمط فرض الوصاية على الناس بالقوّة على اعتبار أنّ الناس لا يعرفون مصلحة أنفسهم أو أنّهم قاصرون وبحاجة لمن يوجّههم؛ ولا أعلم إن كان لهذا السلوك علاقة بالمعلمين في المدارس أم لا لأنّ هذه الطريقة لم تكن متفشيّة في مجتمعنا في السابق، لكن الشيء المؤكّد أنّ هناك من يقوم باختراق بيوت الناس أو مكاتبهم أو بريدهم أو جوالاتهم التي ينبغي أن تبقى ملكاً لأصحابها فقط، ويكدّسون كمّاً هائلاً من الإعلانات والوصايا والمواعظ الأحاديّة.


أعتقد أنّ القضاء على هذه الظاهرة يحتاج إلى سنّ قانون صارم يجرّم من ينتهك خصوصيّة الناس بصرف النظر عن مدى شرعيّة العمل الذي يقوم به. ففي كثير من الدول يوجد قانون يحمي الفرد من التعدّي على حقّه في الراحة ويوفر له الحماية من التعرّض لأفكار أو قناعات معيّنة تُفرض عليه؛ ففي الولايات المتحدة الآن هناك قانون يحدّ من الرسائل الإلكترونية الدخيلة على الإيميل والمسمّاة بـ Spam mail كما أنّ النظام في ولايات كثيرة يُلزم صاحب الرسائل الدعائيّة أن يلغي أي شخص يطلب ذلك من القائمة فوراً وإلاّ يحقّ للمتضرر رفع دعوى قضائية تغرّم المعتدي وتفرض عليه عقوبات شديدة. كذلك في المكالمات التلفونية التي تقوم بها شركات تجارية أو مؤسسات خاصة أو حتى أفراد لأغراض تجارية أو خيرية Telemarketing، فمجرد تسجيل رقم هاتفك في قائمة عدم السماح لمندوبي الشركات بالاتّصال بك فإنّه لا يحق لأحد أن يهاتفك دون طلبك؛ فالقانون ينصّ على عقوبة واضحة لصور التعدي على الخصوصية التي سهّلت بعضها التكنولوجيا.


ومع أنّ فكرة الخصوصية الفردية ينبغي أن تكون فكرة أساسية في المجتمع المدني إلا أنها تكاد تكون معدومة أو غير واضحة لدى بعض الناس عندنا، أذكر أني ذات مرّة وجدت منشورات لمركز معين ملصقة بشكل مزعج على باب المنزل وبعضها مُدخل عنوة إلى البيت من تحت الباب، فاتصلت على الرقم المطبوع في الورقة وبيّنت مدى انزعاجي من هذا العمل فجاء الرد بأنّهم لا يعرفون أين الخطأ في عملهم ذلك، وأن رئيس المركز طلب منهم توزيع هذه المنشورات والملصقات. وهذا الرد السلبي مثال لكثيرين ممّن يرون في تذمر صاحب البيت أو البريد أو التلفون أمراً غريبا لأنك في النهاية تستطيع ألا تتجاوب معهم، ولكنهم غفلوا عن طبيعة تعدّي هذه العروض على المتلقي بشكل يلغي رأيه فيما يصله وما لا يصله.


فهل يمكن أن يوجد قانون يمنع هؤلاء المتطفّلين من إزعاج الناس والتنكيد على راحتهم؟ أعتقد أن تنظيماً للإعلانات الإلكترونية أو الورقيّة أو الكاسيتات يمكن أن يحلّ هذه المشكلة بأن تُوضع في أماكن معينة ومن أراد التعاطي معها فإنّه سيجدها دون أن تُُفرض على من لا يريدها؛ لأنّ تكوين ثقافة في احترام خصوصيّة الناس يحتاج إلى قانون يدعمه.



#مها_فهد_الحجيلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسلوب التعبير عن الاختلاف في الرأي عند الإسلاميين
- العنف وثقافة الموت في مدارس البنات
- كيف يدعم الإنترنت الإرهاب في السعودية؟


المزيد.....




- السعودية.. تداول فيديو -إعصار قمعي- يضرب مدينة أبها ومسؤول ي ...
- أبرز تصريحات وزير الخارجية الأمريكي حول غزة وهجمات إيران وال ...
- مصرع 42 شخصا بانهيار سد في كينيا (فيديو)
- رئيس الوزراء الإسباني يقرر البقاء في منصبه -رغم التشهير بزوج ...
- -القاهرة الإخبارية-: مباحثات موسعة لـ-حماس- مع وفد أمني مصري ...
- مستشار سابق في البنتاغون: بوتين يحظى بنفوذ أكبر بكثير في الش ...
- الآلاف يحتجون في جورجيا ضد -القانون الروسي- المثير للجدل
- كاميرون يستأجر طائرة بأكثر من 50 مليون دولار للقيام بجولة في ...
- الشجرة التي لم يستطع الإنسان -تدجينها-!
- ساندرز يعبر عن دعمه للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ويدين جميع أش ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - مها فهد الحجيلان - التعدّي على الخصوصيّة الفرديّة في المجتمع السعودي