|
البغايا: بنات الشّعب المفقّر
سيف الدين عفانة
الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 00:31
المحور:
ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
كلّنا أبناء الشّعب.. وهنّ منا، من المفقّرين والمعدمين. ولكلّنهنّ بغايا. لماذا لا يتمّ النّظر إليهم إذا إلاّ بعينين: الشّفقة حينا والإشمئزاز حينا آخر؟ فهنّ جزء منّا. بل هنّ نحن في ظرفيات قذرة وعلاقات قذرة وآفاق ضيّقة. بنات اللّيل، بنات الهوى.. أو العاهرات.. كلها مفردات تعني مفهوما واحدا.. وهو ما تتصوّروه في أذهانكم في هذه اللّحظة.. وهو ما أشاهده الآن. لم أدر لم قرّرت أن أكتب عنهنّ وأنا أنظر إليهنّ.. أظنّ أنّ مشيتهنّ تفسّر الكثير، ووقفتهنّ.. كلّ جسدهنّ يروي تاريخا كئيبا...موحشا..وحزينا.. ترى البكاء حيث لا ترى الدّموع. اخترت اليوم أن أكتب عنهنّ في حضورهنّ كي لا تكون غٍيبة. ولكني تصوّرت قبل ذلك إن هنّ شعرن بذلك ماذا سيفعلن بي؟ لا حول ولا قوّة إلاّ بالله. كلّ واحدة منهنّ تمتلك أسلوبا خاصّا: في اللّباس تكون واحدة شبه كاسية، وأخرى شبه عارية، وأخرى ملتحفة كلّها ولكن يلتصق بجسدها القماش كالتصاق الجهل بالشعوب العربيّة. في الكلام كلّ لها معجمعا: فمن المعجم الكلاسيكي اختارت الأولى ألفاظها، وأخرى تنمّق بضحكاتها مجون لسانها. وثالثة حتىّ وإن جاملتك يصيبك إحساس بالحموضة أو قل وكأنّك مزجت في شرب"الماغون" ( نوع من الخمر الأحمر التونسي ) بالياغورت الطبيعي المنتهي الأجل.. أنا لم أقصد أن أجلد هذه الشّريحة من أبناء الشّعب التي ضلّت وازورّت، مثلها مثل تجّار " الغبرة" ( المخدرات) أو قطّاع الطّرق أو المواطنين الرقباء ( المخبرين) أو غيرهم... كلّها وظائف خارجة عن المنظومة الأخلاقية العامة ولكن أيضا لا أظنّ أنّ الإنسان يولد مجرما.. بل العكس هي الفطرة.. والفطرة هي الخير على ما أعتقد إذا استثنينا ضرورة البقاء. فقط أردت أن أقول أنّهن ليسوا على ماهنّ عليه إلاّ بما يوفّره لهم أولئك الذّكور الذين لا يهمهم منهنّ إلا ثلاثة: إشباع غاية جنسيّة والإستفادة منهنّ ماليّا.. ثمّ الثالثة التي تعمّقت فينا واستفحلت جدّا وهي حين ترى شابان الأولى في العشرين والثاني في السّتين... مرض التّصابي أو المراهقة المتأخّرة.. باقتضاب أقول، في موضوع لطالما بعث فيه العديد وسالت من أجله بحارا من الحبر : أبناء الشّعب إذن.. وبناته ليسوا أولئك المتعلمين فقط، بل والذين همّشوا وتُركوا للجهل وللحياة القاسية التي لم نعد نرى منها غير نتائجها.. فنحن المسؤولين عن فساد هذا المجتمع لا نقدر إلاّ على سبّ نتائجه.. أنا لا أبرّر فعل أيّ كان ولكن، ألم يئن الأوان كي نكفّ عن اللّوم والتّعالي عن مشاكل الشّعب؟ ألم يئن أن نعترف أنّنا جزء من الأسباب المباشرة لفساد مجتمعنا؟ أعتقد أنا حين ندرك ذلك سنتغيّر إلى الأفضل حتما.. أعتقد أن على الشعوب العربية التيقّظ لمرض نفاقها المستديم.
#سيف_الدين_عفانة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رجال الأمن والسّلاح... كيمياء للتّرهيب أم ضرورة قوميّة ملحّة
-
المهدي جمعة للشعب التونسي : شدوني لا ن... عليكم
-
الشباب التّونسي قادر... آخر رهان قبل فوات الأوان
المزيد.....
-
نيكاراجوا تعلن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل
-
رئيس وزراء لبنان يشعل تفاعلا بكلمة قالها عن الضربات الإسرائي
...
-
جملة قالها حسن نصرالله بفيديو قبل مقتله تثير تفاعلا بعدما أع
...
-
ما الذي يريده زيلينسكي من الولايات المتحدة؟
-
رفضُ زيلينسكي وقف القتال يمنح روسيا فرصًا جديدة
-
خبير ألماني: الولايات المتحدة سترغم الاتحاد الأوروبي على قبو
...
-
نصائح لتعزيز صحتك العقلية
-
أيهما جاء أولا الدجاجة أم البيضة؟.. العلماء يقدمون الإجابة م
...
-
ما الذي يخفيه القمر داخل أعماقه؟
-
إعصار -ميلتون- بعدسات قمر صناعي روسي (صورة)
المزيد.....
-
الروبوت في الانتاج الراسمالي وفي الانتاج الاشتراكي
/ حسقيل قوجمان
-
ظاهرة البغاء بين الدينية والعلمانية
/ صالح الطائي
المزيد.....
|