أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ايلاف نوفل احمد العكيدي - التوجهات التركية في منطقة الشرق الاوسط في منافسة الدور الايراني والروسي















المزيد.....


التوجهات التركية في منطقة الشرق الاوسط في منافسة الدور الايراني والروسي


ايلاف نوفل احمد العكيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4433 - 2014 / 4 / 24 - 18:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التوجهات التركية في منطقة الشرق الاوسط في منافسة الدور الايراني والروسي

مما لاشك فيه ان البيئة الاقليمية للدول (بما تشمله من بعد جغرافي وعرفي وتاريخي...) تلعب دوراً بارزا في تشكيل مسار سياستها الخارجية، وتعد تركيا من اكثر النماذج التي تشكل بيئتها الاقليمية محدد واضحاً على سياستها الخارجية، لما تكشفه هذه البيئة في مجالات واسعة للحركة والتأثير المتبادل فنجد ان القوقاز يحدها من الشمال، والبلقان يحدها من الغرب، واسيا تحدها من الشرق، اما الشرق الاوسط فانه الى الجنوب منها.
فعلى صعيد (الشرق اوسطي) فقد اتسم الدور التركي بوجه عام بعدم القدرة على فرض ارادته او المشاركة بصنع القرارات الخاصة بالمنطقة، حيث لم تلق المحاولات التركية الراقية الى الخروج من هذا الوضع خلال العقود المنصرفة أي تجاوب مباشر مع الدول المجاورة، لابل اثار احياناً ردود فعل سلبية بسبب فقدان الثقة المتبادلة في ضوء ثقل وطأة العامل التاريخي، وعلى الجاب الاخر كانت تركيا تتقرب الى المنطقة عند حدوث تناقضات اقليمية تمس المصالح الوطنية للطرفين او عندما يقع تصدعاً سطيحاً ومؤقتاً في علاقاتها مع الغرب خصوصاً ان اهمية تركيا اخذت تتمدد في ضوء اعتبارات الامن الاوربي، بما اضفى عليها عدم القدرة على تكييف سياسات ايجابية نحو دول (الشرق الاوسط)، بما يجعلها (دولة شرق اوسطية)، ولذلك غدت تبحث عن اطار اقليمي تشارك في علاقاته، نجد ان تركيا لها منظورها الخاص التي تنطلق منه لتمديد مصلحتها باعتبارها دولة اقليمية مجاورة تتمتع بموقع جغرافي هام في السياسة الدولية، اضفى عليها حضورا وقدرة على التأثير في منطقة الشرق الاوسط، خصوصاً وان تركيا تحتل المرتبة (34) في العالم من حيث المساحة، والمرتبة (19) في العالم من حيث عدد السكان، وتتمتع بقوة عسكرية ضخمة، فضلاً الى عضويتها في حلف شمال الاطلسي، وتكمن الاهمية ايضاً، من الدور الذي تؤديه تركيا في المنطقة يأتي تحقيقاً لمصالحها وزيادة نفوذها، ووزنها الاقليمي الى جانب مصالح خارجية تتعلق بالتحالف الغربي سيما وان هذا الدور استمرت تركيا في ممارسته في مثلث الحرب الباردة والتي شهدت تطوراً ملحوظاً في علاقات تركيا مع المنطقة، فضلاً عن ان هذا الدور يتم عبر عدة مسالك ابرزها ارتباطه بقضايا المياه والاقليات وامكانية تحويل المنطقة الى نظام اقليمي شرق اوسطي.
بحيث اصبح هناك علاقة واضحة بين الدور التركي في منطقة الشرق الاوسط وبين التوجه الغربي الطابع لسياستها، دون اغفال أي تغيير يطرأ على اشخاص صناع القرار في تركيا، لا يؤثر في ثبات مصالحها الوطنية وهذا يعبر عن رؤية ثابتة وواضحة في تقرير المصالح القومية التركية وفي العمل على تحقيق صرف النظر عن أي تغيرات في اشخاص صانعي القرار، والتي قد يتبعها تغير في ترتيب الاولويات والمصالح او آليات تحقيقها ولكن دن تغير جوهري في تقدير هذه المصالح.
يتجسد عنصر الاستمرار في السياسة التركية عبر التزامها عموماً في علاقاتها مع المنطقة بعدد من الثوابت والتي يصعب تجاوزها، دون المساس بمصالح اساسية للدولة التركية، وتتبلور اهم هذه الثوابت في: استمرار النظام العلماني والعلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة الامريكية، والتوجه نحو الغرب عموماً وفهم من ذلك، انه كلما تعقدت الاوضاع الاقتصادية داخل تركيا، زاد حماسها في التوجه نحو سياسة اقليمية نشطة في الشرق الاوسط وان التواصل الى تسوية سلمية للصراع العربي (الاسرائيلي) سيزيد من فرض دورها، باعتبار ان الدور الاقليمي التركي الامني يستند بالضرورة على استمرار البيئة الدولية القائمة على هيمنة الولايات المتحدة الامريكية على النظام الدولي( ). وهذا يعني بان أي تغير في هذه المعطيات الدولية من شأنه ان يقلب المعادلات والتوازنات السياسية القائمة وبما يؤسس وقائع ومعادلات جديدة على اساس البيئة الناشئة قد يحجم مدى هذا الدور، ومن جهة اخرى تقدم علاقات تركيا مع الغرب بعض الدلالات بالنسبة للدور التركي وقدرته على المناورة والذي يؤكد على ضرورة التقاء المصالح بين تركيا والغرب( )، حيث تشمل مصالح تركيا منه على الامن القومي، والمعونة الاقتصادية سيما تتركز مصالح الغرب على ان تشكل تركيا مجالاً حيوياً لحماية مصالحه في المنطقة، وتدرك السياسة التركية ان مصداقية مكانتها الاقليمية لن تكتمل في الدائرة الغربية او الدائرة الشرق اوسطية الا بالقدر الذي تحقق فيه التوازن من خلال تطور العلاقات مع المنطقة في المجالات السياسية والاقتصادية وحتى الامنية، باعتبارها احد مكونات السياسة، دون ان تفقد توجهها الغربي المميز في الجوانب السياسية والاجتماعية مما يوفر لها مجال للحركة او النفوذ( )، وفي هذا الاطار فان اقصى ما يلائم مصلحة تركيا الاقليمية هو سياسة مستقلة تهدف الى تطوير العلاقات الثقافية مع المنطقة، والتقليل من تدخل الولايات المتحدة الامريكية في هذه العلاقات. الا ان تبعية تركيا للعالم الغربي يفرض عليها التأثير بعملية توزيع الادوار/ الوظائف التي تحددها الاستراتيجية الامريكية.

اولاً: دور ايران
ايران وتركيا دولتان اقليميتان منافستان قويتان وتحاول كل منها فرض تأثيرها على منطقتي اسيا الوسطى والقوقاز، ومع ذلك حتى هذا التاريخ، لم تحقق ايران نسبا الا القليل في اسيا الوسطى والقوقاز، ولم تبذل جهداً ايجابياً لنشر نهجها المتطرف الذي يميز اسلامها، وبدلاً من ان تصدر الثورة، ركزت على تقديم المساعدات التكنولوجية والمالية وتوسيع الروابط الثقافية( )، وان سياسة ايران نحو اسيا الوسطى والقوقاز، مدفوعة بصورة رئيسية باعتبارات جيوبولتيكية واصبحت الاهداف الايديولوجية مثل الترويج للإسلام في الموقع الثاني من الاهمية بالنسبة لها( )، واصبح اهتمام طهران الرئيسي منع انتقال عدم الاستقرار من اسيا الوسطى والقوقاز اليها، والتأثير على الاقليات فيها (5% من سكان ايران ليسو من اصول ايرانية وبنحو 30% فهم اذربيجانيين) وكان هذا سببا رئيسياً في اسناد ايران لارمينا ضد اذربيجان في نزاعها حول ناكورنوـ قرة باغ، في الوقت الذي كان صلة الدين والثقافة توحي منطقيا الى ان ايران ستقف الى جانب اذربيجان، الا ان الاعتبارات الجيوستراتيجية قادت طهران الى ان تساند ارمينا لإبقاء اذربيجان ضعيفة ولتضمن ان باكو لن تكون في وضع تستطيع معه انارة القلائل بين السكان الاذربيجانيين الموجودين بكثرة في ايران، وفي المستقبل القريب من المحتمل ان يكون نفوذ ايران محدوداً في اسيا الوسطى والقوقاز لبضعة اسباب( ):
1- ان النخبة المسلمة المتأثرة بالعلمانية في اسيا الوسط والقوقاز لها تعاطف قليل مع التوجه الايراني لنشر التطرف الاسلامي.
2- من المحتمل ان تنشغل ايران بأسبقياتها الداخلية وبتوسيع نفوذها في الخليج وهذا لا يترك وقتا كافياً لإيران لتتابع سياسة نشيطة في اسيا الوسطى والقوقاز.
3- يجب ان تكون ايران حساسة تجاه اهتمامات روسيا الامنية في اسيا الوسطى والقوقاز. ومن المحتمل ان يعزز اعتماد ايران المتزايد على روسيا في التكنولوجيا النووية هذه الحساسية.
4- تفتقر ايران كما تفتقد تركيا الى الموارد لتكون لاعبا اقليميا رئيسياً.
5- تضعف الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الامريكية لعزل ايران قابلية ايران في ان تلعب دوراً اقليمياً رئيسياً، لاسيما في ميدان الطاقة.
هذه العوامل من المحتمل ان تحدد قدرة ايران على ان تلعب دوراً مهماً في اسيا الوسطى والقوقاز في المدى القريب او المتوسط، ويمكن ان يتغير الموقف اذ حصل انكسار في جمود العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية وايران او اذا رغبت الولايات المتحدة الامريكية في ان توقف او تقلل الجهود التي تبذلها لأبعاد ايران من الاسهام الجدي في لعبة الطاقة في منطقة بحر قزوين وفي حالة كهذه، يمكن ان تصبح ايران من اكثر العوامل المهمة في منطقة بحر قزوين، وان جهود روسيا في السنوات الاخيرة لتكثيف روابطها بإيران كانت مصدر قلق تركيا( )، وتتقاسم روسيا وايران مصالح مشتركة في منع توسع نفوذي الولايات المتحدة وتركيا في القوقاز واسيا الوسطى وكان دافعاً مهماً للتعاون المتنامي بين البلدين، وسعي البلدان الى اعاقة بناء خط انبوب (باكو ـ جيهان) ومنع انقرة وواشنطن من توسيع نفوذها في حوض قزوين وتكثف التعاون بين الطرفين في الميدان النووي ايضا في السنوات الاخيرة، وساعدت روسيا ايران في بناء مفاعل نووي في (بوشهر) ووقعت روسيا في تموز/ يوليو 2002 برنامج عمل مع ايران مدته (10 اعوام) لتوسيع التعاون تضمن خططاً لأنشاء (خمسة مفاعلات نووية) اخرى في ايران( )، ومع ان روسيا اصرت على ان تعاونها يقتصر على التطوير السلمي المدني للطاقة النووية، الا ان التعاون النووي المتنامي مع ايران اصبح مصدر قلق المسئولين في الولايات المتحدة الامريكية وتركيا (اسرائيل) وسبباً رئيسياً في توتر العلاقات (الامريكيةـ الروسية)، هناك في الوقت ذاته عقبات كبيرة في طريق بناء علاقات استراتيجية اوسع بين روسيا وايران. وتتنافس روسيا وايران بقوة باعتبارها منتجين كبيرين للنفط والغاز وتتملكان طرق مرور (ترانزيت) بديلة محتملة لنقل احتياطات الغاز والنفط عبر اراضيها، وكلا البلدين على اختلاف بشأن اقتسام قاع بحر قزوين( ).
ويضاف الى ذلك ان التقارب الكبير الذي حصل في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية بعد الهجمات الارهابية على الولايات المتحدة الامريكية في احداث 11/ايلول/سبتمبر 2001، يمكن ان تعيد تعاون روسيا وايران، خاصة في الميدان النووي.
ان علاقات ايران المتوترة (باذربيجان) هي ايضا عقبة في طريق طهران تمنع ايران من ان تلعب دوراً اقليمياً اكبر في القوقاز، وفي الوقت الحاضر، هناك احتمال ضعيف في ان تخوض ايران واذربيجان حرباً، الا ان هذا الاحتمال يحي عدم ابعاده نهائياً ما دلعت فكرة توجيه (اذربيجان) مع الجزء الاذربيجاني في ايران، لاتزال تحظى بدعم قوي، وهذه الفكرة دافع عنها الشابي الرئيس الاذربيجاني السابق خلال حكمه الذي يم يدم طويلا كرئيس الجمهورية، وصراع كهذا سوف يضع تركيا في وضع صعب ويمكن ان يخلق توتراً في العلاقات التركية ـ الاذربيجانية، واثار تهديد ايران باستخدام القوة لطرد سفينة استكشاف مستأجرة (لشركة النفط البريطانية British petroleum) تعمل في المياه الاذربيجانية في تموز/ يوليو 2001، تساؤلات واسعة حول اهداف ايران على المدى البعيد في منطقة قزوين( )، وفيما اذا كانت الحركة تدل على تحول في سياسة ايران نحو دبلوماسية اكثر تطرفاً او انها استهداف مجرد ارضاء الخط المتشدد في القيادة الايرانية، وهذه المسألة لم تتضح حتى الان، لكن مع امتلاك ايران من باطراد متزايد من القدرات الصاروخية ولربما النووية، قد تصبح سياستها اقل حذراً وتقيداً، ويمكن ان يمنح هذا سياسة ايران في قزوين والعلاقات (التركية ـ الايرانية) فاعلية وآلية جديدة اكثر حزماً.

ثانيا: دور روسيا
تكتسب العلاقات (التركية ـ الروسية) اهمية مضاعفة عند مقارنتها باي علاقة مماثلة في المنطقة بسبب ان كل منها لديه الامكانيات والموقع الاستراتيجي ضمن رقعته الجغرافية، يضاف سبب آخر هو انهما دولتان ليستا اعتياديتين بكل مقاييس الباحثين والمخططين، ويتجاوز حضورها الاقليمي الحدود السياسية لكليهما كانا واصبحا بلدين فاعلين في العلاقات الدولية الراهنة كونها يمتلكان ذلك الفعل وخاصة بعدما واضفى علاقة ثنائية كون ايران تعاني من الضعف الاقتصادي واعادا ذايت هيبتهم الدولية التي فقدت منها بعض الوقت نهاية الحرب الباردة وكان معين رئيسين فيها، واستطاعت تركيا خلال عقدين ولاسيما في عهد (رجب طيب اردوغان) رئيس الحكومة ان تجد لنفسها دوراً اقليمياً بديلاً عما كان عليه في حقبة الحرب الباردة، وليس من الصواب وضع خاتمة سريعة وبسيطة الا وهي ان روسيا ستصح البديل عن (الاتحاد الاوربي) بالنسبة لتركيا، ولكن ثمة شيئاً واضحاً هو ان حان الاتحاد الاوربي سينحسر تركيا فان روسيا تنتظر لتصبح شريكة تركيا الرئيسية( ).
وتشهد الساحة الدولية عودة روسيا مجدداً للخريطة الاستراتيجية والاقتصادية العالمية بعد ان نجحت في تحويل نفسها من قوة عظمى عسكرية منهارة الى قوة عظمى ناشئة بمجال الطاقة واصبح الاسهام الاكبر لروسيا منذ عام 2000 في امن واستقرار الدول الواقعة على جنوبها يعتمد على القوة الناعمة مثل تصدير الغاز الطبيعي الى محيطها الاقليمي، واقتصاص الملايين من العملة الفائضة بهذه الدول الى مختلف المدن الروسية( ). الا انه وبحكم اليقين ان الطبيعة الخاصة لعلاقات كل من روسيا وتركيا مع الغرب والولايات المتحدة الامريكية هو العامل الحاسم في علاقاتها الثنائية خاصة وان روسيا اجرت مؤخراً تعديلاً على نموذج الامن الدولي عبر احياء الفكرة بان امن امدادات النفط والغاز قضية استراتيجية مستقبلية كبرى، لهذا من حيث المبدأ وافقت الدول الاوربية عام 2006 على تنسيق مواقفها بشكل فعال في هذه المسألة، وترى روسيا انها تستخدم الثروات النفطية الجديدة لإعادة تكوين كبريائها واستعادة نفوذها و ما يزال من غير الواضح ما اذا كانت افتراضات روسيا هذه عن حسن نية لدى الاخرين منطقية على المدى الطويل( ). فيما يتعلق بالملفات الاقليمية في القوقاز واسيا الوسطى والتي توظفها واشنطن لتحقيق مصالحها والتي تعتبرها استراتيجية وتعمل على تحريكها بصفة معادية لروسيا في مجالها الحيوي الخاص مع ملف شبكة الدفاع الصاروخية، وملف ازمة البرنامج النووي الايراني، لذلك فان التقارب (الروسي ـ التركي) هذا قد يعني تراجع النفوذ الامريكي في القوقاز واسيا الوسطى وهو بالتأكيد يشكل خسارة استراتيجية نوعية لأمريكا ولكن في المقابل فان تركيا متمسكة اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية مع امريكا( ). عند ذلك يرى وزير الخارجية الاسبق "هنري كيسنجر" ان العالم يشهد منذ عملية اعادة تركيب الخريطة الجيوستراتيجية وهناك مخاطر وصدامات عسكرية ومنافسات عنيفة على الموارد وفقا لذلك فان الولايات المتحدة الامريكية تعيد ترتيب وهيكل مناطق مختلفة من العالم على قاعدة تدفق (لعدادات النفط والغاز) باستخدام آلياتها العسكرية، الا انه من المثير للاهتمام ان خريطة ما يسمى بالإرهاب والدول المارقة التي وضعتها الولايات المتحدة الامريكية هي ذات الخريطة الرئيسية للمناطق الحيوية للنفط والغاز سواء في ارواسيا او القرن الافريقي او الشرق الاوسط( ).
ولكن في الواقع مهما تعاظمت المصالح لا تظل المواقف الروسية الى حد المواجهة العسكرية مع الولايات المتحدة الامريكية وانما يقتصر الامر في اقصى درجاه على المواجهة الدبلوماسية داخل المنظمة الدولية وقد يستخدم حق النقض ضد الادارة الامريكية دون ان يترجم الى مواجهة عسكرية روسية ـ امريكية او حتى توتر في العلاقات بينها انطلاقا من وجود مصالح اشرافية تربط روسيا والولايات المتحدة الامريكية لا يجوز المساس لها او تهديدها نتيجة خلافات بسيطة يمكن تجاوزها( )، وتعتبر روسيا اهم دولة في انتاج وتصدير الطاقة (النفط والغاز) وبالذات الى اوربا، الامر الاهم وهي نقطة مهمة تضاف الى توجه تركيا نحو تعميق علاقاتها مع روسيا هو من شأن الاعتماد المتبادل بمجال الطاقة هو ابقاء العلاقات مع الاتحاد الاوربي وروسيا مستقرة على المدى المتوسط والبعيد.
وتجدر الاشارة هنا ان روسيا تمتلك او تتحكم بمعظم خطوط الانابيب في منقة بحر (قزوين واسيا الوسطى)، ولكبح ذلك فقد تدخلت الولايات المتحدة لترسم خطوط نفطية بابعاد سياسية( )، فقد وقعت الولايات المتحدة الامريكية والحكومة الاذربيجانية على مذكرة تفاهم في 12 اذار 2007 تعرب عن عزمها اقامة حوار على مستوى عالي يكون هدفه وصل خط الانابيب الحالي لنقل الغاز والذي يمتد من (باكو عبر جورجيا الى ميناء ارض روم التركي) على البحر الاسود مع خط جديد يستمر من تركيا عبر اليونان الى ايطاليا ويمكن ان يتم نقل الغاز الطبيعي هو ايضا في بعد عبر خط انابيب (نابوكو) من تركيا ا بلغاريا ورومانيا والمجر الى نمسا( )، ويهدف هذا المشروع تقليل اعتماد اوربا على الغاز الروسي، كما وجدت هذه الفكرة اعتراضاً حاداً من قبل روسيا ووصفته بانه معادي لها، لهذا يمكن السبب وراء الازمة القائمة بين روسيا وجورجيا هو ميل جورجيا سياسيا باتجاه الغرب الامر الذي يسمح للشركات الغربية ببناء خط انابيب لنقل الغاز من منطقة بحر قزوين الى اوربا دون المرور عبر روسيا( ).
بما يعني ان المنطقة اصبحت محور صراع بين روسيا التي تعتبرها امتداداً استراتيجياً لها والولايات المتحدة الامريكية التي تسعى ترسيخ اقدامها من اجل حماية مصالحها وغلق الابواب امام روسيا وايران للعمل في منطقة مهمة لإنتاج الطاقة والتي تقدرها وزارة الطاقة الامريكية الاحتياطي فيها والمحتملة بما يقارب (200 مليار برميل).
ويمكن عد هذه التفاعلات التي تدور حاليا ومستقبلاً في منطقة القوقاز وما حولها بشأن موارد البترول والغاز وقد ظهرت تجلياتها فيما يمكن ان تسميه مجازا بحرب انابيب البترول وكانت فحوى هذه الصراعات هي العمل على تحقيق نوع من السيطرة على هذا المورد، وهي بدورها موضوعة داخل سياقات سياسية اوسع تصب في مجملها في محاولة روسيا استعادة سيطرتها السابقة على المنطقة ومحاولة دولة اخرى مجاوره، وبتشجيع امريكي واوربي العمل على تحدي تلك السيطرة او عدم التمكن منها بشكل كامل( ).
من هذا وجدت تركيا نفسها وبحكم موقعها الاستراتيجي الحاكم ومنافذها البحرية المهيأ لنقل موارد الطاقة انها من اكثر الدول المعنية بهذه التفاعلات الجارية وعلى استثمار ذلك بشكل دقيق دون التفريط بهذه الاهمية، وند كذلك بان العلاقات الروسية التركية تمر بمر حلة تغيير واضحة الملامح وتظهر اثارها تباعاً لخلق صيغة عصرية لادارة هذه العلاقات وهي بالتأكيد علاقة واعدة وقد تكون جاذبة لعلاقات تعاونية اخرى في منطقة يسودها حراك جاهز الاخذ أي اتجاه وهي بكل ابعادها حركة جزئية من جانب تركيا المرتبطة مع الولايات المتحدة الامريكية والغرب بعلاقات استراتيجية والعضو الفاعل في حلف الناتو في محاولة منها لتوظيف هذه الحركة لخلق منافسات اخرى جديدة داعمة للثقة والتعاون ولتأكيد حضورها الدولي وخاصة في المسار الاوربي، وقد تتجاوز هذه العلاقة في ابعادها السياسية والاستراتيجية معاني أي علاقة ثنائية بين البلدين بسبب طبيعتها الخاصة التي تؤثر مباشرة في واقع المنطقة.

المصادر :

( ) ندوة للمركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية تناقش: تداعيات الازمة السورية على الامن القومي والدولي، مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، شبكة المعلومات الدولية (الانترنت)، على الرابط:
www.akhbar-alkhaleej.com/.50025.htm...
( ) عماد خضر، توجيه تركيا نحو الشرق الاوسط... الادوار والنتائج، 2/9/2007، شبكة المعلومات الدولية (الانترنت)، على الرابط:
www.almoslim.net/hode/85802.
( ) المصدر نفسه.
( ) بتول الموسوي، السياسة التركية والخليج، مركز الدراسات الاقليمية في جامعة الموصل، 2011، شبكة المعلومات الدولية (الانترنت)، على الرابط:
www.arabsfordemocarcy.org/.1531.
( ) بتول الموسوي، السياسة التركية تجاه منطقة الخليج العربي منذ عام 1991 وافاقها المستقبلية، رسالة دكتوراه، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 2005، ص253.
( ) ينظر الى: ادموند هيرزك في Iran and the former soviet south، لندن، المعهد الملكي للشؤون الدولية، 1995.
( ) ينظر الى: بريندس شافير في Partners in need. The strategic relationship between Russia and Iran، واشنطن دي. سي: معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى، ايار/ مايو، 2001.
( ) اف. سيفن لارابي، سياسة تركيا الخارجية في عصر الشك والغموض، ترجمة محمود احمد عزت البياتي، (بغداد: بيت الحكمة 2010)، ص191.
( ) للاطلاع على الابعاد بهذا التقارب ينظر الى: شافير في Partners in need: the strategic relationship of Russia and Iran ، وينظر الى ايوجين رومير في: Donerous drift: Russia s middle east policy، واشنطن دي.سي معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى، تشرين الثاني، نوفمبر، 2000، الفصل السادس.
( ) اف. ستيفن لارابي، سياسة تركيا الخارجية في عصر...، مصدر سبق ذكره، ص192.
( ) روسيا وقزخستان واذربيجان تريد تقسيم قاع البحر الابيض المتوسط الى قواطع وطنية مما يعني ان ذلك سوف يترك لايران 13 بالمئة من قاع البحر بينما ايران تريد تقسيم قاع البحر بالتساوي بين الدول الخمسة المتشاطئة مما يمنحها 20% من قاع البحر وان موقف تركمانستان بهذا الشأن اقل وضوحاً لكن يبدو ان اكباد تميل الى موقف ايران.
( ) ولو ان روسيا تؤكد على تعاونها مع ايران يتحدد بالتطوير النووي للاغراض المدنية كانت هناك بضعة مؤتمرات على ان روسيا قد تكون راغبة في اعادة التفكير في خططها وتواصل بناء المفاعلات النووية من ايران واخر يمثل منها المسئولين في الولايات المتحدة الامريكية من ان تستخدم برنامج سري لا تباح اسلحة نووية، ينظر الى: استيفن اي ميريس في: Russia says it may reconsider nuclear deal whith Iran، نيويورك تايم، 3 آب/ اغسطس 2001.
( ) ينظر الى: بولينت اراس في Postcoluwar: Israel s strategy in azerbijan and central Asia، سياسة الشرق الاوسط، المجلد5، العدد4، كانون الثاني/ يناير، 1998، ص69-70.
( ) اف. ستيفن، رابي، سياسة تركيا الخارجية في عصر...، مصدر سبق ذكره، ص193.
( ) هل تعد روسيا بديلاً عن الاتحاد الاوربي بالنسبة لتركيا؟ شبكة المعلومات الدولية:
www.Arabinforcenter.net.
( ) فيون هيل، موسكو تكتشف خبايا القوة الناعمة، ترجمة مروى صبري، شبكة المعلومات الدولية (الانترنت)، على الرابط:
www.islamonline.net/arabic/polities.
( ) بال دوناي وزدزسلو لانشوفسكي، الامن والمؤسسات الاور ـ اطلسية، التسلح ونزع السلاح والامن الدولي، الكتاب السنوي، 2007، ص130.
( ) بشير موسى نافع، الفترة والازمة الجورجية، مجلة العصر، 20/8/2008.
( ) عمر وكمال حموده، النفط في السياسة الخارجية الامريكية، مجلة السياسة الدولية، العدد 164، 2006، ص54.
( ) عامر علي راضي العلاق، ملامح جديدة في العلاقات التركية الروسية، دراسات دولية، مركز الدراسات الدولية، عدد 40، ميسان/ ابريل، 2009، ص129.
( ) ديتمرمي ترينين، روسيا تعيد تعريف نفسها وعلاقاتها مع الغرب، شبكة المعلومات الدولية (الانترنت)، على الرابط:
www.islamonline.net.
( ) انتوني زيتوني، مشاكل العبور.. انابيب نفط كمصدر للنزاعات، جريدة الشرق الاوسط، 2/5/2009.
( ) عامر علي راضي العلاق، ملامح جديدة في العلاقات التركية...، مصدر سبق ذكره، ص129.
( ) ديري ترينين، مشاكل العبور.. انابيب النفط ...، مصدر سبق ذكره.
( ) عبد الله صالح، انابيب النفط تشغل صراع بين موسكو وواشنطن، مجلة العصر، 18/3/2007.
( ) محمد يحيى، حرب انابيب البترول .. واتجاه روسيا للتضحية بإيران، وكالة الاخبار الاسلامية (نبأ)، 24/5/2007.
( ) عبد الخالق عبد الله، النظام الاقليمي الخليجي، مجلة السياسة الدلية، العدد 114، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة، 1993، ص39.
( ) هيثم الكيلاني، ماهية الوجود العسكري، قضايا دولية، العدد 354، مركز الدراسات الدولية، بغداد، ص19.



#ايلاف_نوفل_احمد_العكيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدور الخليجي في منطقة الشرق الاوسط في ظل المتغيرات الدولية
- تنافس القوى الكبرى على الموارد الاولية في الشرق الاوسط
- المشاريع الاميركية في منطقة الشرق الاوسط .


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ايلاف نوفل احمد العكيدي - التوجهات التركية في منطقة الشرق الاوسط في منافسة الدور الايراني والروسي