أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى بحر محمد - عنف اللغة و إشكالية التواصل














المزيد.....

عنف اللغة و إشكالية التواصل


مصطفى بحر محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 16:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المقدمة :
إن الانسان أرقى الكائنات الحية و أوسعها إدراكا، و لسعة إدراكه كثرت حاجاته كثرة لا يستطيع الواحد منه الاستقلال بها وحده ، فاحتاج إلى التعاون مع بني نوعه ، و لكن هذا التعاون يحتاج إلى تفاهم و إلى معرفة كل المتعونين ما عند الآخر ، و إلا تعذّر العمل ، لذلك فهو محتاج إلى واسطة ، و اللغة (المنطوقة) هي هذه الواسطة ،فهي تلك الأصوات التي تخرج من فم الانسان بصورة مرتبة لتعبر عن أفكاره و تصوراته الداخلية و التي يستطيع من خلالها توصيل ما يريد إلى الآخرين.
يضاف إلى ذلك أن النشاط الإنساني يتجلى في إطار إجتماعي، فمن البديهي أن نتحدث عن التواصل وأن نطلق تسمية اللغة على الجهاز الرئيسي الذي يستخدمه الناس من أجل التخاطب بين بعضهم البعض في المجتمع، وإستنادا إلى دوسوسير (Ferdinand de Sausure) المؤسس الشهير لعلم اللسانيات ، أن هناك فرقا بين الكلام و اللغة ، بين نشاط الكلام والإطار الذي يتيح له الممارسة، وعليه يمكن التمييز بين الكلام و اللغة وفق أسس عديدة منها:
- أن الكلام يرتبط باللغة ويتحقق كنتيجة لإستعمال اللغة .
- اللغة واقع إجتماعي ثابت بينما الكلام عمل فردي .
- اللغة نتاج يرثه الفرد تقريبا بينما الكلام عمل إرادي.
- اللغة ظاهرة إجتماعية والكلام ظاهرة فردية.
أولا : في اللغة و العنف
عُرفت اللغة بأنها : " قدرة ذهنية مكتسبة يمثلها نسق يتكون من رموز إعتباطية منطوقة يتواصل بها أفراد مجتمع ما "و هي أقرب التعاريف التي تلم بموضوع بحثنا ، وبصفة عامة فإن اللغة تُعبّر عن السلوك الفظي سواء كان شفهي أو مكتوبا، أو و الذي يسمح للفرد بالتعبير عن الأفكار من أجل التواصل مع الآخرين.
و العنف في اللغة العربية يدور حول محور السلوكيات التي تتضمن معاني الشدة والقسوة والتوبيخ واللوم، فهو قد يكون سلوكا قوليا أو فعليا أو إيحاءا ورمزا.
ويعد العنف الرمزي اللغوي أحد أكثر أشكال الصراع إنتشارا في المجتمع ، و هو المعنى المراد في هذا المقام.
فصور العنف لا تقتصر فقط على الفعل المادي الذي يمارسه الفرد ضد الآخر، بل يتعداه إلى الحدث اللغوي أو الفعل الكلامي و الذي يعبر عن موقف سيكولوجي ينبئ عن إنفعال لحظة التواصل، ما يولد في كثير من الأحيان الصدام والعداء ما يطرح إشكالية للتواصل بين الأفراد .
ثانيا: عنف اللغة و مشكلة التواصل:
ومن هنا فإن اللغة لها وظيفة " الفعل" أو التوجيه العلمي المباشر، ففي عقد القران مثلا: يتم الزواج بمجرد النطق بألفاظ معينة، وكذلك في المحكمة، فيما يقول القاضي: حكمت المحكمة بكذا، ومن هذا المنطلق فإن اللغة العنيفة قد تتحول إلى فعل، كأن يسال شخص آخر سؤالا عاديا لا يستوجب الغضب أو التوتر، ليكون رد فعل المتلقي عنيفا، فهذا فعل يترجم عدم القبول وإشارة إلى ضرورة قطع حبل التواصل معه، والرد العنيف يعبر هنا عن إشكالية التواصل التي ستطرح بينهما مستقبلا والتي كان سببها عنف اللغة .

وكما أكدت " باربرا وتمر" أن العنف أصبح جزءا من التاريخ الفعال لبيئة الخطاب الرمزي الاجتماعي، الذي يؤثر في فهم الذات و السياق، و الذي يجد المشاركون أنفسهم فيهما، كجزء من موروث محفوظ في التاريخ، وهو هنا موروث الأنماط الثقافية للعنف، والتي تعتبر اللغة أحد مكوناتها خصوصا في المجتمعات العربية التي كثيرا ما عانت لسلب الذات و قولبة للشخصية المعقدة و المتشبعة بثقافة العنف في كثير من الأحيان.
و لعلي سأطرح نقطة أخرى مهمة حول موقع المتكلم (الفاعل) في التبادل اللغوي، فلا يعتبر جميع أعضاء التبادل اللغوي من وجهة نظر علم الإجتماع اللغوي متساويين في منزلة واحدة، فإن موقف القوة الذي يكون فيه المتكلم تجاه مستمعيه يمكنه أن يوجه إليهم كلمات من دون الشعور من أدنى تهديد بشيء من العقوبات، ولو كانت رمزية، فلكي يدلل على موقف القوة الذي يتمتع به بين من يتبادل معهم الحديث فإنه يجيز لنفسه فعل ما هو محرم على الآخرين، بل إنه ليقوم أحيانا بصياغة كلمات ظنا منه أنه لا يمكن لمخاطبيه ملاحظة الجدة فيها.
ومن هنا يبقى هذا الموضوع الواسع من حيث البحث و التعقيد و الإنتشار مُثارا بإستمرار، ما يفتح الباب حول التساؤل عن من توكل إليه مهمة المسؤولية عن هذه الظاهرة ، هل الفاعل أم المجتمع نفسه، أم اللغة و طبيعتها ، تلك الأداة التي تصاحب الإنسان أينما ذهب .

مصطفى بحر محمد
باحث في علم الإجتماع / الجزائر





قائمة المراجع :
1- أحمد محمد المعتوق، الحصيلة اللغوية، عالم المعرفة، الكويت، العدد 212، 1996.
2- باربرا وتمر، الأنماط الثقافية للعنف، ترجمة: ممدوح يوسف عمران، عالم المعرفة، الكويت، العدد 337، 2007.
3- بيار أشار، سوسيولوجيا اللغة، ترجمة: عبد الوهاب تزو، منشورات عويدات، بيروت ، 1996.
4- مها محمد فوزي معاذ، الأنثروبولوجيا اللغوية، عالم الكتب الحديث، الإسكندرية، 2008.
5- جان بريفو و جان فرانسوا سابليرول، المولّد ( دراسة في بناء الألفاظ)، ترجمة: خالد جهيمة، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 2010.
6- جمعة سيد يوسف، سيكولوجية اللغة والمرض النفسي، عالم المعرفة، الكويت، العدد 145، 1990.



#مصطفى_بحر_محمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ميغان ماركل تنشر فيديو -نادرا- لطفليها بمناسبة عيد الأب
- مصدر لـCNN: إيران تبلغ الوسطاء أنها لن تتفاوض مع أمريكا لحين ...
- منصة مصرية لإدارة الأمراض المزمنة والسمنة
- لماذا يستخدم الكثير من الأطفال السجائر الإلكترونية، وما مدى ...
- إسرائيل تستشيط غضبًا بعد إغلاق أربعة أجنحة تابعة لها في معرض ...
- إيران تهدد بالانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية وسط التصعيد م ...
- مفوض أممي يحث على إنهاء الأزمة الإنسانية في غزة
- اكتشاف دور للسكر في حماية الدماغ من الشيخوخة
- طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد
- ما الذي يسبب العدوانية غير المنضبطة؟


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى بحر محمد - عنف اللغة و إشكالية التواصل