أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - كيف تُحبُّ أبناءك














المزيد.....

كيف تُحبُّ أبناءك


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 4422 - 2014 / 4 / 12 - 20:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



فى باب الأسئلة والفتاوى جاءتنى هذه الرسالة من شاب مسلم يعيش مع ابيه وأمه وأسرته فى المهجر . لأهميتها أخصص لها هذا المقال .
فحوى الرسالة أنه تربى فى مصر طفلا ثم هاجر مع والديه وهو على أعتاب المراهقة ، وشهد مجتمعا مختلفا فى العادات والتقاليد ، وفى العلاقة بين البنت والولد . ليست هذه هى المشكلة الوحيدة ، المشكلة الاكبر فى نظره هى معاملة أبيه له ، فأبوه لا يتعامل معه ولا يتكلم معه إلا فى موضوع واحد وكلمة واحدة ، هى الأمر بالمذاكرة . لايعطيهم ـ وهو يتكلم عن اخوته ـ فرصة للتفاهم والنقاش ، بل حتى لا يجلس يتسامر معهم ، كل حياته فى العمل ، ويرى أن حياة ابنائه وبناته لا بد أن تدور فى المذاكرة والجد والاجتهاد . ويقول إنهم فعلا متفوقون و مجتهدون ، ولكن يريدون التمتع بالحلال ، النزهات و ( الفُسح ) ، وأهم من هذا جلسات المؤانسة مع ابيهم ، وأن يغير اسلوبه من الأمر والنهى والشجار الى التفاهم والمودة والرحمة . ويرى الشاب أن أباه مع هجرته من مصر وحياته فى أمريكا أكثر من عشر سنوات فلا يزال يفرض المناخ المصرى عليهم ، فى ( الزعيق ) والخصام والمنع والحظر ، وعدم التفاهم ، وأن هذا أدى الى مشاكل بينه وبين أمهم التى تتعاطف معهم ، وخلق فجوة بينهم من ناحية وبين أبيهم من ناحية أخرى، وأن هذه الفجوة تُنذر بعزلة الأب عن أسرته ، لأنهم منعا للمشاكل يضطرون الى عدم مصارحته ، وربما الكذب عليه . والشاب يريد منى أن أوجه كلمة للأب .
وأقول :
1 ـ هناك طرق مختلفة للتعبير عن الحب ، الأسوأ منها : الاهتمام الشديد والخوف الشديد على المحبوب . والأب الشرقى العربى المسلم فى أمريكا الذى يحب أبناءه وبناته بهذه الطريقة يعيش فى هوس الخوف عليهم ، ويرى نفسه مسئولا عنهم ، ومُلاما لو وقع لهم سوء ، أو إنحرفوا عن الطريق المستقيم . هذا الخوف يجعله يؤمن بالمثل المصرى القائل ( الباب اللى يجى لك منه الريح .. سدّه واستريح ) . وفى أمريكا الريح تأتى من كل إتجاه ، من المدرسة ومن النادى حيث سهولة الاختلاط الجنسى ، الى الانترنت ودنياه . هذا الهجوم الكاسح يؤدى بالأب الملتزم المرعوب على سلامة أبنائه وبناته ـ الى أن يعتنق الحظر والتحريم والمنع والتشديد . يظل هاجس الخوف مسيطرا عليه ، يخنق فيه التعبير عن الحب بطريقة مختلفة ، كالتفاهم والنقاش ، لأن النقاش قد يسلبه مكانته فى إصدار الأوامر والنواهى . لذا يبتعد عن هذا ليظل فى مكانه العالى يأمر وينهى ، غير مدرك أنه فى مكانه العالى هذا يجعله يقع فى الانفصال والانفصام عن واقع الأولاد ، وينتهى به الحال فى النهاية بعيدا وحيدا فى شيخوخته ، وقد تقطعت السُّبل بينه وبين اولاده وبناته الذين يشقون طريقهم فى تفاعل وتوافق مع مجتمعهم الأمريكى الذى ألفوه وتصالحوا معه . والخاسر هو الأب ، لأنه وقع أسيرا للطريقة الأسوأ فى التعبير عن حبه لأولاده وإهتمامه بهم .
2 ـ هناك الطريقة الأمريكية فى التعبير عن الحب ، وهى ترك الأولاد والبنات يمارسون حياتهم كيف يشاءون ، مع بعض النصائح الخفيفة ، إيمانا بأن هذه هى حياتهم وتلك هى مسئولياتهم .
3 ـ وأرى أن الطريقة الأفضل فى التعبير عن الحب هى التى تجمع بين هذا وذاك . النصائح والتوجيهات والمتابعة ولكن باسلوب محبب للأولاد خلال مشاركتهم فى النزهات والحفلات ، وتخصيص وقت للمؤانسة فى البيت ، وللنزهات فى الخارج ، وأن يكون الأب صديقا لبناته وأخا لابنائه ، والمثل المصرى يقول ( إن كبر ابنك خاويه ) أى إجعله أخا لك . لا بد للأب المصرى والشرقى أن يقوم بتجسير الفجوة بينه أولاده ، وهى فجوة فى العُمر وفى الثقافة، بأن يقترب منهم ، وأن يشجعهم على أن يحكوا له أسرارهم ، وألا يلجأوا للكذب عليه . وأن يوضح لهم إستعداده للغفران لهم إذا أخطأوا ، وأن يوضح لهم أنه هو فى شبابه لم يكن معصوما ، فقد وقع أيضا فى أخطاء ، وندم عليها ودفع ثمنا فادحا ، ، ومن المهم جدا أن يحكى لهم فى جلسات المؤانسة نوادر وطرائف وقصصا ومواعظ من حياته ومعاناته وذكرياته وذكريات الأهل والعائلة والأجداد ، وأن يختار موضوعات دينية وثقافية وعلمية للتناقش فيها ، لا يحتكر لنفسه الرأى الصواب ، بل يسمع منهم أكثر مما يتكلم ، ويدير النقاش بديمقراطية العلم حيث الانحياز للرأى الصواب ، سواء قيل من الابن او ابنت أو الأب أو الأم . التمسك بالروابط الأسرية لا بد أن يتم التعبير عنه بهذه الجلسات العائلية التى تُحبب الأولاد والبنات فى بيتهم ، وتبعدهم عن جلسات أصدقائهم الأمريكيين ، فطالما يجد الأبناء والبنات دفء الحنان الأُسرى ، ومُتعة التلاقى مع الأب والام فلا حاجة لحفلات الديسكو وجلسات أصدقاء السُّوء . إن الأسرة الأمريكية تفتقد ـ غالبا ـ هذا التلاقى ، مما يدفع الابناء الى البحث عن بديل فى الانتماء الى النوادى والتجمعات والروابط بديلا عن الدور الأُسرى المفقود . ولو قام الأب والأم بتوفير هذا الترابط ألأسرى فى البيت , وفى النزهات فى الخارج لأمكن تجسير الفجوة بين جيل الأب وجيل الأبناء ، والفجوة بين ثقافة أمريكا وثقافة الشرق .
4 ـ ومن المؤكد أنها مشكلة عامة تؤرق الكثيرين فى الجاليات العربية والمصرية والمسلمة . ويمكن بالتلاقى بين تلك الأسر التى تنتمى الى نفس الثقافة إجتياز هذه المحنة . فتتعدد اللقاءات بين العديد من الأُسر ، وتتكون فى إطارها صداقات نظيفة بين الشباب .
5 ـ هذا هو التعبير الأمثل عن الحب ، حب الأب لابنائه ، فلذات كبده . ليس بالمبالغة فى الخوف ، بل فى التعبير عن الحنان ، بالكلام والاهتمام والرفق ، والصبر والمصابرة . أرجو من الأب أن يجرب الجلوس مع ابنائه وبناته ، وأن يعبر لهم عن حبه بالاقتراب منهم والاستماع اليهم . وأن يُعطى من وقته نصيبا لهذا التلاقى ، ويجعل له أولوية فى حياته بقدر حبه لأبنائه وبقدر حرصه عليهم .
وندعو لهم بالتوفيق .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ف 16 ( قل ) فى التحدى بالقرآن
- ف 15 ( قل ) فى تأكيد أن الاسلام ضد الاحتراف الدينى
- ف 14 ( قل ) فى الرد على إنكار البعث
- (قل ) فى الرد مقدما على المحمديين فى أن النبى محمدا لن يشفع ...
- ف (12 ) : (قل ) فى الرد مقدما على المحمديين فى أن النبى محمد ...
- فى حوار حول الولاية والأولياء ( قل )
- ( قل ) فى الحوار فى الألوهية طلبا للدليل العملى والعقلى
- ( قل ) فى الحوار وعظا بقرب قيام الساعة
- ( قل ) فى الحوار فى الألوهية بإيقاظ الفطرة داخل الكافرين
- ( قل ) فى الحوار فى الألوهية تهديدا للكافرين
- ( قل ) فى الحوار فى الألوهية ردّا على الكافرين
- ( قل ) فى الحوار فى التأكيد على عبودية النبى لله جل وعلا وحد ...
- هذا العار ..الى متى ؟!
- ( قل ) فى الحوار مغ الكافرين حول ( الخلق )
- أهل القرآن هم الحلّ
- : ( قل ) فى الردّ على من زعم إتّخاذه جلّ وعلا ولدا :
- ( قل ) فى الشفاء بالاخلاص فى الدين لله جل وعلا
- الفصل السادس :أعراض مرض الكفر
- الفصل الخامس : الشيطان هو جرثومة مرض الكفر
- حوار مع أحمد صبحى منصور ، نشرته جريدة ( فيتو )


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - كيف تُحبُّ أبناءك