أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم حياني التزروتي - أصول التسلط السياسي بالمغرب















المزيد.....

أصول التسلط السياسي بالمغرب


ابراهيم حياني التزروتي

الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 05:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ابراهيم حياني

في أصول التسلط السياسي بالمغرب..
إن الحديث عن ظاهرة التسلط بالمغرب يحيلنا مباشرة على تحديد طبيعة النظام السياسي القائم، كما يقودنا للسعي إلى تفكيك وتحليل البنيات التي يستند إليها.حيث يعد النظام المخزني بالمغرب بمثابة منظومة شاملة من البنى والشبكات لتوزيع السلطة والثروة ،وبنية اجتماعية وسياسية عميقة و متجذرة منذ القدم وممتدة جغرافيا ،تعتبر المهيمن الرئيسي على الثقافة والسلوك المجتمعي ومتأقلمة بشكل متجدد ودائم مع حاجيات كل مرحلة وعصر.
من هذه المنطلق فإن الحديث عن الملكية بالمغرب ليس بالسهل وذلك لصعوبة ضبط خاصياتها وآليات الإشغال التي تتمتع بها, وكذلك بالنظر لديناميكيتها في تجديد ذاتها وقدرتها على التكيف.. فقد ظلت في جوهرها هي نفس المؤسسة ولو اتسع مضمار وظائفها واختصاصاتها.
تتأسس بنية النظام الملكي في المغرب على مرتكزات وقناعات اعتقاديه تاريخية ودينية وسياسية متعددة ومتنوعة, بشكل يجعلها متصلبة وقوية أمام التمثل العقلاني، الحداثي والمؤسساتي المعتاد حول الملكيات. فقد تتبلور المعاني التي تعطى للمتمثلات حول الملكية، وقد يعتقد الكثير أنها جديدة، بل قد توهم أحيانا أن ثمة تغير جدري وجوهري في نظرة ورؤية المجتمع حولها، وتغير في ثقافته ووعيه اتجاهها، غير أن استمرارية نفس الصورة يترك التخيلات الجديدة مؤكدة على استمرارية نفس الاعتقاد، بشكل يجعل المخيال يدور في نفس المجال.
وقد ساهم هذا في تمكن الملكية من تجاوز كل أزماتها السياسية التي عرفتها، كما يساهم في الحد من الخطاب المضاد والمعارض لها ,وقد ساهم هذا في عملية انتقال الحكم من الملك إلى ولي عهده خلال أواخر القرن الماضي بشكل سلس ،كما ساهم في مساعدة النظام الملكي على تجاوز الفترات الصعبة والحاسمة في تاريخه والتي كانت أخرها الثورات والاحتجاجات التي عرفتها العديد من الدول في المنطقة والتي نجا منها المغرب وخرج منها بأقل الخسائر حتى الآن .
وإذا كانت العديد من الدراسات والأبحاث، تذهب إلى الاعتماد على مقولة المخزن، في بعدها القمعي التسلطي، لتفسير قوة النظام السياسي، وقوة الملكية بالأساس، ونخبتها المساعدة لها، فإننا نرى بأن خضوع أغلبية الشعب للنظام، ورضاها بذلك لا يتعلق فقط بمجرد الإكراه المسلط عن طريق القمع الفيزيقي، بل يتعلق بنوع من الإيمان الشعبي بروحانية المركز الموزع للسلطة، وروحانية القائم عليها
ورغم ما يبدو ظاهريا من الوجه الحداثي للملكية بالمغرب, من خلال اعتماد مؤسسات حديثة موازية للنظام(دستور، حكومة، برلمان، قضاء عصري ، حريات فردية..) إلا أن هذا يدخل ضمن طبيعة وبنية النظام نفسه ،حيث إن المؤسسة الملكية لا تعد فقط رمزا للاستمرارية التاريخية وذلك في سعيها بإدامة التقليد ،وإنما تسعى إلى دمجها لبعض عناصر الحداثة وذلك بقبولها ببعض المتغيرات ضمن أسس الأنظمة الحديثة، فهو يشتغل ضمن هذا النسق العقلاني ومؤسساته الحديثة و يتطور أكثر مما نتصور مع حفاظه على آليات اشتغاله المازجة بين ما هو عصري وتقليدي. وهذا ما نجده من خلال المرجعيات الثلاث الرئيسية التي يستمد منها النظام مشروعيتها ويضمن من خلالها استمراره .
فالمرجعية الدينية مثلا ومن خلال "إمارة المؤمنين" بالأساس, فدائما ما يحيل النظام الملكي بالمغرب على هذه المرجعية ،لما لها من قدرة على إخضاع الأشخاص والعامة بشكل شبه تام وذلك لما للدين من أهمية في حياة العامة والمجتمع بشكل عام، بل أكثر من هذا سعى النظام إلى إعطاء ذلك صبغة حداثية وقانونية لها وذلك خلال العديد من الفصول في مختلف الدساتير التي عرفها المغرب خلال تاريخه الراهن, وهي التي تقف دائما ضد أي مشروع أو محاولة تسعى لخلخلة أو السعي لإحداث أي تغيير في بنية النظام. فالملك بوصفه أميرا المؤمنين يعد مرجعية قانونية أساسية سابقة على القانون الوضعي برمته، فالظهير مثلا كشكل من أشكال القرار الملكي كان دائما تشريعيا من الناحية التاريخية ،كما أن عراقة وأصالة الملكية لا تنبثق من البنية المدنسة، فالأسبقية القدسية للعاهل تجعل منه مرجعية يمكن أن تعصف بالقانون الوضعي في أي لحظة .
وفي ظل هذه المرجعية –البيعة وإمارة المؤمنين– تنتفي الوسائط بين -الإمام والرعية-، وتتركز جميع السلط (التنفيذية والتشريعية والقضائية) في يد واحدة، ويصبح الرأي المعارض خروجا عن الإجماع، وتمارس باقي الأجهزة السياسية والمدنية والعسكرية والعلمية اختصاصاتها بالتنفيذ فقط دون صلاحيات في التفويض.
كما تستند المؤسسة الملكية على المشروعية التاريخية لترسيخ أقدامها كقوة مركزية متعالية على جميع الفرقاء والفاعلين.حيث يتم الاعتماد والإحالة على المشروعية التاريخية للملكية ودورها التاريخي التحكيمي، وذلك باعتبار الملك (الصالح) الذي ينحدر من النسل والنسب الشريف، مما يمنحه قدرات وامتيازات لا تتأتى لغيره،حيث تكتسب السلطة السياسية ميزة خاصة تصبح بموجبها العلاقة بين الملك ورعاياه قائمة على الطاعة والخضوع لرمز وحدة ،كما أنه يضفي على العلاقة مغزى خاص ،حيث إذا كان الدستور والقانون الوضعي يجعل هذا الانضباط واجبا مدنيا، والشريعة من خلال البيعة تجعله واجبا شرعيا،فإن الأصل والنسب الشريف يحول هذا الانضباط والخضوع إلى مصدر للحصول والاستفادة من البركة التي يمنحها الصالح (الملك).
كما يمكنا أيضا إدخال مرجعية ثالثة في هذا المضمار وهي المرجعية الحداثية..من خلال الملكية الدستورية "المنفتحة والمتنورة" , هذه المرجعية تدخل ضمن التأويلات والتجديدات التي يسعى النظام إليها دائما لتكييف بنيته ومشروعيته حسب كل مرحلة, وتستند هذه المرجعية على وجه الخصوص على توظيف العديد من المفاهيم السياسية الحديثة (دستور وضعي، قانون، إدارة، أحزاب، برلمان..)، والتي يسهر النظام بنفسه على وضع أسسها ووضع شكلها وتحديد شروطها ووضع حدودها واختيار لاعبيها وتشريع قوانينها. وفي حالة وجود مخالفين أو معارضين لشروط هذه اللعبة، فإن الملك لا يتوانى في توظيف مشروعيته الدينية كسلاح قابل للاستعمال وفي أي ظرف من الظروف ودون أن يكون مضطرا للرجوع إلى الدستور.وبالتالي فحتى مع وجود هذه المرجعية فذلك لا يمنعه من الاستئثار بالحكم عن طريق توظيف الشرعية الدينية لمن لا يخضع لشروطه في اللعبة السياسية ،وذلك إما بطرد مخالفيها، أو محاصرتهم أو تهميشهم .
وبهذه المرجعيات الثلاث تكون المؤسسة الملكية هي المتحكمة في الحقل السياسي برمته وتهيمن على سائر المؤسسات وتحتكر مصادر القوة والسلطة والمجتمع ،وذلك من خلال الشرعية الدينية والدنيوية التي تجعلها فوق المحاسبة أو المساءلة كما تبقى هي المخول لها بشكل حصري كل المبادرات والسياسات الإستراتيجية الكبرى في البلاد، وتتدخل في جميع الملفات خاصة الملفات ذات الصدى الإعلامي والشعبي (حيث تكون الفرصة الأمثل للتسويق والترويج للسياسات المتبعة للنظام).وبذلك ورغم الطابع المؤسساتي و الحداثي الذي يسعى النظام إظهارها دائما , إلا أن السلطة والكلمة العليا تبقى متمركزة ومحتكرة دائما في شخص الملك.
فالملكية تبقى هي المتحكمة في قواعد اللعبة وهي التي تعدد أدوار كل فاعل داخل الحقول الأخرى،مع السعي إلى تكريس نفسها كسلطة مهيمنة تتمتع بقوة تحكيمية تحكمية تجعلها فوق كل الفاعلين والقوى السياسية الأخرى.



#ابراهيم_حياني_التزروتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم حياني التزروتي - أصول التسلط السياسي بالمغرب