أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد السعيد عبده - رؤية نقدية لقيم مجتمعية















المزيد.....

رؤية نقدية لقيم مجتمعية


عماد السعيد عبده

الحوار المتمدن-العدد: 4415 - 2014 / 4 / 5 - 20:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



لو تأملنا قيم وثقافة " المجتمع " المصري وسلوكياته ازاء مشكلات الحياة ، سنجد أن هناك تماثلا وتطابقا في السلوك ، مهما اختلفت طبقات المصريين الاجتماعية وتباينت درجاتهم التعليمية . بمعنى أنه بداية من الاستاذ الجماعي ، الى الطبيب ، الى الحرفى ، الى سائق الميكروباص ، الى راعى الغنم ، وهلم جرا ، كلهم متساوون وواقفون على مسرح واحد يمثلون تلك الثقافة ، كل حسب ما تخوله له طبيعة دوره ووظيفته المرسومة فى الحياة . بل أكاد أجزم ولا أظننى مبالغا، أنه بداية من أستاذ الجامعة مرورا بالطبيب انتهاء براعى الغنم وسائق الميكروباص ، كلهم شخصية واحدة من حيث نمط الحياة وجوهر التفكير والسلوك العام ..

بداية ، لابد من تعريف وتحديد ماهية هذه المصطلحات ما المقصود بـ" المجتمع " ، وماهى " الثقافة " التى نقصدها ، وما هى منظومة " القيم " ..

فما المقصود ب(المجتمع) أولا ؟ ..
المجتمع هو ( اتحاد ذو طبيعة فيزيقية ، سيكولوجية ، أخلاقية ، لافراد يشملهم شكل معين من التجمع الشامل والمستقر والفعال ، مستهدفا غاية عامة يسعى لها الجميع )..
ويعرف أيضا بـ( تجمع أفراد توحد بينهم روابط تضامن ، ويتصف بطبيعته البيولوجية والسيكولوجية والتقنية والثقافية )... أى هو أى هم تجمع من البشر يسكنون أرضا مشتركة ويتفاعلون فيما بينهم فى اطار ثقافى واحد، ويتعاملون على أساسه فى سلكوهم ازاء مشكلات الحياة ، كوحدة اجتماعية متميزة .

وما هى (الثقافة) التى نقصدها ؟..
هى _ بتعريف "يادانوف " _ : ذات علاقة وظيفية بالجماعة ، فالثقافة عنده : فلسفة مجتمع ..

وهى أيضا : ذات علاقة وظيفية بالانسان ، فالثقافة هنا : فلسفة الانسان ..

وما هى (القيم ) ؟:
القيم معتقدات عامة راسخة تملى علي الانسان فى مجتمع بشري مترابط ، اختيارات سلوكية ثابتة فى مواقف اجتماعية متماثلة .

لماذا هذه المقدمة الطويلة ؟
جالت فى خاطري هذه الخواطر حينما قرأت خبرا عن عملية تحرش جماعي لطالبة فى محيط حرم جامعة القاهرة ، فكيف تتأتى هذه العملية الهمجية فى مكان هو من المفترض بمثابة محراب لطليعة شبابية ، هم أيضا في الاساس نواة تنويرية من المفترض يتسمون بكل القيم الانسانية التى تُعلي من شأن المرأة وتنظر اليها نظرة اجلال واكبار ؟
هذا الخبر الذي قرأناه ، ذكرنا بأخبار مماثلة قرأناها قبل ذلك ، بين كل طبقات المجتمع ، عن أساتذة بالجامعات المصرية قاموا بالتحرش بطالبات ،ومنهم من أجبر بعضهن على ممارسة الجنس ، وغير ذلك من حكايات نسمعها كل يوم هنا وهناك عن عمليات اغتصاب وتحرش بفتيات تحدث بطريقة شبه يومية بداية من قاع المتجمع وهي الطبقات الفقيرة ، الى أعلى قمته المتمثلة فى الحرم الجامعي وبين مجتمع الاساتذة الجامعيين . فما الرابط بين كل ما سبق؟ الاجابة هى أن هناك ظاهرة ما وثمة نظرة مجتمعية الى المرأة على أنها لا يعدو كونها الا وعاء جنسيا فقط ، يجب أن تُستغل متى توافرت الظروف ومتى حانت الفرصة ..!!

نحن ازاء ظاهرة مجتمعية تجاه المرأة ، تنعكس تلك الظاهرة فى منظومة القيم التى تمتثل لها تلك الشخصية الاجتماعية العامة التى تعيش داخل كل المصريين . هذه الشخصية الاجتماعية عند "جاك بيرك" و " كاردنر" تسمى (الشخصية الاساسية) وتعنى: (التشكيل المشترك بين كل أفراد ثقافة معينة " ومن ثم فهى تعبر عن السمات النفسية والعقلية العامة التى يشترك فيها معظم أفراد مجتمع الثقافة الواحدة حسب تعبير الدكتور محمود قمبر..

وهى عند "أريك فروم" تسمى ( الشخصية الاجتماعية )، حيث تمثل نمط البيئة العامة للشخصية أو الطابع الاجتماعى العام الذي يتحقق فى جميع الافراد الذين ينتسبون الي ثقافة معينة بحيث يصبحون متميزين عن أفراد الثقافات الاخرى .. أو هى "النمط السيكولوجى الاجتماعي للشعب " بتعبير "هارولدرج" ..وطالما نحن بصدد ظاهرة اجتماعية فلا مناص من استدعاء مؤسس علم الاجتماع الاول العلامة " ابن خلدون" ، ثم استدعاء المؤسس الثاني العلامة الفرنسى " أوجست كونت" لنستعير منهجيتهما ونحاول تطبيق أيهما أقرب لفهم الظاهرة التى نحن بصددها ، علنا نضع أيدينا على الاسباب المباشرة والقوانين التى تقف وراء تلك النظرة الى المرأة والتى تملى على أفراد المجتمع بكل طبقاته ..

من المعروف أن ابن خلدونا هو مؤسس علم الاجتماع ، لكنه لم يقم بتعريف وتحديد معين للظاهرات الاجتماعية ولم يبين خصائصها على النحو الذي عنى به المحدثين من بعده كالعلامة "دوركايم" فى كتابه " قواعد المنهج الاجتماعى"، وانما اكتفى بالتمثيل لها فى "المقدمة" من حيث تعريفها المجمل والتى عبارة عن قواعد واتجاهات عامة يتخذها أفراد مجتمع ما لتنظيم شئونهم الاجتماعية .. غير أن منهجية ابن خلدون تجاه الظواهر الاجتماعية ، كانت فى الاساس لتخليص البحوث التاريخية من الاخبار الكاذبة . أما عند" أوجست كونت " فمنهجيته تدخل الى لب موضوعنا بطريقة مباشرة، لذلك سنستبعد ابن خلدونا ونكمل بمنهجية أوجست كونت ، فحرصه على انشاء دراسة جديدة لظواهر الاجتماع كانت من أجل حرصه على اصلاح حال المتجمع وتخليصه من عوامل الاضراب والفساد ، فاتخذ من فلسفته الوضعية نقطة انطلاق أو الاساس المتين الوحيد لاعادة تنظيم المجتمع ، فالتحليل الدقيق عنده يثبت أن الازمة السياسية والاخلاقية الكبرى التي تمر بها المجتمعات انما هى ناشئة عن الفوضى العقلية ، وفساد التفكير واضطراب طريق الفهم ، وبيان ذلك عنده أنه رأى الناس يسلكون منهجين متناقضين كل التناقض لفهم الأشياء وطبيعتها . وعلى حين أن الاستقرار فى المبادىء الاولى هو الشرط الاول للنظام الاجتماعى الأمثل ،ولابد أن تكون الظاهرات الاجتماعية خاضعة لقوانين ، لا وفق الاهواء أوالمصادفات ، فهذه الظاهرات ناحية من نواحى الكون ، وجميع نواحى الكون تجرى وفق قوانين لاوفق أهواء أو مصادفات ..

فماذا لو ترجمنا تلك الظاهرة المشينة الى صور مجردة لنرى ماهى نظرة مجتمعنا تجاه المرأة لو انطلقنا من المبادىء الاولى . هل نحن متفقون فيها أم مختلفون ؟، لنحدد نظرة مجتمعنا وهو المجتمع الذكورى الذى يقيس فحوليته وذكوريته ورجولته فقط بمدى أداؤه أثناء العملية الجنسية .. هل النظرة العامة لها أنها كماٍ ً مهملاً وعورة متحركة بوجهها وأيديها وصوتها، يجب أن تختفى وتتوارى عن الاعين ؟ . أم هى كيفاً يجب أن تقاسم الرجل كل مهام الحياة ويجب أن تخرج الى سوق العمل لانها نصف المجتمع ؟ .. واذا كان هو الرأى الاول أو الثاني ، فما هى النتائج المترتبة على كليهما ؟ ..لكنى قبل أن أشرع فى اجابة هذا السؤال أود أن أقول أنه منذ أن بدأ وعيى يتكون ، وجدت نفسى بين تيارين ينظر كل منهما تجاه المرأة بنظرة جوهرها واحد على ما أعتقد : أحدهما وهو التيار الليبرالي حيث كنت أقرأ فى أدبياته أو أسمع منه ما معناه : بأنه يجب على المرأة أن تخرج الى سوق العمل وتشاركه وتقاسمه كل مهام الحياة .. أو ربما هى دعوة فى جوهرها تنادى ب (حرية المرأة ) .. ثم كان هنالك التيار الاخر وهو التيار المحافظ أو الاصولى ، فكان بمثابة رد فعل على الدعوة الاولى بقوله : (انهم لا يريدون الحرية الى المرأة ، بل يريدون حرية الوصول الى المرأة ..). ولسنا نرى فى الاقاويل التى تقولها على حقوق المرأة أدعياء تحريرها ، أو الذين يطالبون بابعادها عن المجتمع الا تعبيرا عن نزعات جنسية لا شعورية _كما يقول مالك بن نبي _ ولتوضيح هذه الحقيقة يجدر بنا أن ننظر الى الدوافع النفسية العميقة التى تدفع كلا الطرفين الى القول بأرائه ، وحينئذ _ والكلام مازال لمالك بن نبى _ لن يصعب علينا معرفة هذه الدوافع على حقيقتها ، وانها جميعا تصدر عن شىء واحد هو : دافع الغريزة الجنسية طبقا لتحليل فرويد . فهذه النقطة كانت مبدأ الانطلاق لكلا الفريقين، غير أنهما سارا بعد ذلك فى طريقين مختلفين ....

وهكذا منذ أن بدأ وعيى يأخذ فى التكوين وجدت أن هناك ثمة فوضى عقلية واختلاف فى المبادىء الاولى رغم أن الجوهر واحد .. ورغم أن دعوة الاصوليين ذعن لها المتجمع وامتثل لها فظلت المرأة قابعة فى بيتها لا تبارحه الى الخارج الا لضرورة ، على الرغم من ذلك ، سجلت مصر مع ايران وباكستان وأفغانستان أعلى نسب التحرش فى العالم .. ترى ما الرابط بين تلك الدول ؟؟!! . وأى النظرتين الى المرأة فى جوهرها تنظر اليها على أنها وعاء جنسيا ؟ . كان أدونيس يقول : أنت لا تكرهنى ، أنت تكره الصورة التى كونتها عنى ، وهذه الصورة ليست "أنا" ، انها " أنت" .. بمعنى أنه رغم أن المجتمع ذعن وامتثل للاصوليين الا أنه من جراء دعوتهم بمنعها وحجبها لان خروجها تحت مسمى الحرية هى فى جوهرها دعوة الى حرية الوصول الى المرأة ، فتكون فى اللاوعى العام لدى المجتمع أنها وعاء جنسيا فقط ، وبمجرد أن تحين الفرصة للتحرش بالمرأة أثناء خروجها ، يحدث التحرش بها فى وسائل المواصلات والجامعات ، وفى جنبات الطريق بصورة يومية ..

سأطرح بعض الاسئلة لنرى ، هل الاجابة عليها من الممكن أن يكون حلا لمشكلة المرأة والتى هى فى الاساس مشكلة مجتمع .. هل الحل هو خلعها الحجاب ؟ هل اطلاق العنان لها فى كل شىء ؟ ، هل هو مساواتها فى كافة الحقوق والواجبات مع الرجل ؟ هل ...؟ هل ....؟ هل لو ترجمنا هذه الاجابات الى واقع من الغد ستحل مشكلة المرأة وستتغير نظرة الرجل الشرقي اليها ؟ أم ستظل هى نفس النظرة ؟ وهل من الاساس مشكلة المرأة _ان كان يوجد ثمة مشكلة_ هى مشكلة ذاتية قائمة ومستقلة ؟ أم ما نراه من كل مظاهر العنف ضد المرأة هو فى جوهره أعراضا لمرض عام أخر ؟ !!.. ان المجتمعات المتخلفة هي فى حقيقتها مجتمعات تربيتها متخلفة ، وبما أن كل مظاهر التخلف تكون جلية واضحة فى مظاهر الحياة سواء من عنف ضد المرأة ، أو من ممارسة ارهاب فكرى ، أو عنف معنوي ،أو عنف مادى، او من تخلف حضاري ، أو ..، أو ...، الى اخره . كل هذه مظاهر متعددة متنوعة لمرض عام واحد ، سنحاول فى قادم المقالات أن نضع أيدينا عليه ومن ثم تقديم الحلول ..



#عماد_السعيد_عبده (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- الصحة في غزة ترفع عدد القتلى بالقطاع منذ 7 أكتوبر.. إليكم كم ...
- آخر تحديث بالصور.. وضع دبي وإمارات مجاورة بعد الفيضانات
- قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة ...
- بوريل من اجتماع مجموعة السبع: نحن على حافة حرب إقليمية في ال ...
- الجيش السوداني يرد على أنباء عن احتجاز مصر سفينة متجهة إلى ا ...
- زاخاروفا تتهم الدول الغربية بممارسة الابتزاز النووي
- برلين ترفض مشاركة السفارة الروسية في إحياء ذكرى تحرير سجناء ...
- الخارجية الروسية تعلق على -السيادة الفرنسية- بعد نقل باريس ح ...
- فيديو لمصرفي مصري ينقذ عائلة إماراتية من الغرق والبنك يكرمه ...
- راجمات Uragan الروسية المعدّلة تظهر خلال العملية العسكرية ال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد السعيد عبده - رؤية نقدية لقيم مجتمعية