أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهتدي رضا الموسوي - الديمقراطيّة والتغيير السياسي















المزيد.....

الديمقراطيّة والتغيير السياسي


مهتدي رضا الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 4414 - 2014 / 4 / 4 - 22:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُعتبر التغيير من أهّم العناصر الرئيسيّة في النّظام الديمقراطي والسياسي, وإنّ فهم وتطبيق هذا التغيير في مجتمع ما . يتطلب أولاً حيّزا زمنيا ويتطلب ثانيا توفير عدة آليات إجتماعية تنبعث من ذاك المجتمع نفسه وتكون كفيلة بإحداث هذا التغيير ضمن سيرورة تاريخية متواصلة . فمتى توفر هذان العاملان إستطاع المُجتمع أن يستوعب معنى وقيمة التغيير وإستطاع أن يقوم به وبالتالي إستطاع أن يُحقّق الديمقراطية . فشرط تحقيق الديمقراطية مرهون بفهم أو وعي الأفراد بمدى أهمية التغيير السياسي , وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الديناميكية الثلاثية المُتمثّلة في الفهم والتغيير والديمقراطيّة , لا تتحقّق بين ليلة وضحاها, بل إنها تتجذّر في وعي وسلوك الأفراد شيئا فشيئا. ولعلّنا إذا ألقينا الضوء على مختلف الديمقراطيات الراسخة منها والحديثة فسنجد أن درجة فهم المجتمعات لعنصر التغيير متباينة جدا بقدر تباين تاريخها وإمكانياتها ووسائلها, ففي الدّول ذات الدّيمقراطيات الراسخة عبر التاريخ يكون لدى المجتمعات مفهوم واضح للتغيير, أمّا في الدول ذات الديمقراطيات الحديثة فيكون مفهوم التغيير مٌبهم لدى مجتمعاتها, وهو ما يعود إلى الظروف الإجتماعية والثقافيّة والنفسيّة والسياسيّة والإقتصاديّة لتلك المجتمعات . وإن كل الظروف التي سبق ذكرها عادة ما تكون مستقرة إلى حدّ ما في المجتمعات المتقدمة, فتنعكس إيجاباً على الوعي الإجتماعي ويصبح النظام الديمقراطي القائم مترسخا ويمارس الشعب حريته السياسية بدرجة عالية من الشفافية . وهذا على عكس المجتمعات حديثة الديمقراطية التي تكون جميع ظروفها غير مستقرة , وهو ما يُولّد خلطا في مفاهيم التغيير وتوترا إجتماعيا وسياسيا حادا جداً, يكون في الأغلب موروث نظام دكتاتوري سابق إستأثر بالحكم عقودا طويلة وجعل المجتمع في حالة ركود سياسيّ تام وسلبه حقّه في الثّقافة السياسيّة وفي ممارسة الديمقراطيّة طيلة فترة حكمه الدكتاتوريّ , وهو ما ينتج عنه عدم القدرة على إدراك النظام الديمقراطيّ الجديد الّذي لم يتعوّد عليه من قبل. وإذا كانت عملية التغيير تتطلّب دافعا لتحدث في المجتمع فهل هي تحدث عن طريق الإحتلال الخارجي أم عن طريق القيام بثورة شعبية, أو عن طريق القيام بإنقلاب على النظام الديكتاتوري القائم؟ وهل أن لهذه الأسباب الثلاثة دورٌ في عملية بناء النظام الديمقراطي في المجتمع ؟
بدون شك فإن لكل هذه العوامل دورٌ في عملية بناء النظام الديمقراطي في المجتمع, وبالتالي فإن نجاح التغيير في النظام الديمقراطي راجع بالدرجة الأولى إلى تفعيل الديمقراطية الإجتماعية فإذا كانت هناك ديمقراطية إجتماعية في المجتمع فسيكون هناك تغيير نحو الأفضل في النظام السياسي, أما إذا كان هناك ديمقراطيّة سياسيّة تنعدم فيها الديمقراطية الإجتماعيّة فإن عملّية التغيير تكون بطيئة ومتلكئة جدا وهو ما يتمخّض عنه نشأة دكتاتوريات صغيرة (خفيّة وسريّة وأحيانا مُعلنة) لاتظهر بصفة مباشرة في العمليّة السياسيّة , ممّا يؤدّي إلى إنهيارات سياسيّة في الدولة , وبالتالي يؤدّي إلى حالة ما لا يُحمد عقباه في المجتمع بأسره .
وهو ما يلاحظ كثيراً عند استقراءه الواقع العراقيّ , فالعراق دولة نظامها الديمقراطي حديث الولادة, إضافة إلى أنه رزح ثلاثة عقود ونصف تحت ظل نظام دكتاتوري بأتمّ معنى الكلمة , فقد عمل هذا النظام على إبعاد الشعب عن الفهم السياسي وجعله مشاركته وتفكيره السياسي غائما ومحدودا, ممّا أدّى إلى زرع الديكتاتورية في النمط الثقافي العام للمجتمع بصفة آليّة. كما أنّ التغيير السياسيّ الّذي حدث في العراق عن طريق الإحتلال فرض بطبيعته ظغوطات خارجية ولم يُعطي الحكومة العراقيّة الصلاحيّة الكاملة للممارسة السياسيّة. وأمّا على مستوى فعل أفراد الشعب فإن توجّههُم كان ولازال توجها دينيّا وذلك بتصويتهم لرجال الدين الذين يتبنون دين السياسة في عملهم ومساعدتهم للولوج في عالم السياسيّة وهو ما أفرز إخفاقات كبيرة لرجال الدين هؤلاء . كما أدت سيطرة القلق الإجتماعي على ذهنيّة الفرد العراقي إلى عدم التصويت على كتل سياسيّة معيّنه أو مرشّحين جدد وذلك إمّا لعدم ثقته فيهم أو لإحتكامه بمُبرّر ديني أو طائفي أو قومي أو كذلك لخوفه من عملية التغيير ذلك أنه يخاف خسارة شخص تتوفر لديه الخبرة السياسية بمجيئ شخص آخر تنعدم لديه المسؤولية ولا يمتلك القدرة على إدارة شؤون الدولة. وهو ما يوضّح لنا كيفيّة تغلغل الثقافة الدكتاتوريّة في أعماق المجتمع(أسطرة الشخص), وهذا فضلاً عن تقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وتقديم الإنتماء على الولاء الوطني . لقد أدّى كل هذا إلى فشل العمليّة السياسيّة والديمقراطيّة في السنوات السابقة التي تلت النظام الدكتاتوري . ولعل ما زاد الطين بلة وما عمّق هذا الفشل هو أن المجتمع العراقي بطبعه ذو شخصيّة ثقافيّة إزدواجيّة كما يقول الدكتور علي الوردي .
كتبت مقالي هذا لكي أعطي بعض التوصيات التي تؤكد على أهميّة التغيير في المرحلة السياسيّة القادمة وذلك سعيا للنهوض بنظام ديمقراطيّ حقيقيّ وفعليّ نبني به المستقبل ونتخلص من الدكتاتوريات والجهويّات والفئويات والطائفية والعرقية والإثنية ونُعلي الولاء الوطنيّ فوق كل الإنتماءات الفرعية لأنّه لمن قٌبح العقل تقديم المفضُول على الفاضل . أما أهميّة التغيير في المرحلة القادمة فإننا نستخلصها في النقاط التالية :
1-إن الديمقراطية في المجتمع العراقي حديثة الولادة وكل مولود جديد بطبعه يعاني من مشكلات وصعوبات إثر نموّه, وإن هذه الصعوبات تتلاشى رويداً رويداً مع تقدم الزمن ومع المتابعة والحرص والرعاية والأمان , أي أن تلاشي هذه المشكلات يكون بالتغيير المُستمرّ للعمليّة السياسيّة (التداول السلمي للسلطات) والتي تتم عبر الإقتراع . وهنا أقترح أن يمارس الحزب الحاكم حكمه دورة واحدة فقط .
2-إعطاء فرصة إلى نخب سياسيّة جديدة أولا لصعودها إلى سدّة الحكم علما وأن هذه النخب يجب أن تكون على دراية تامة بالتلكإ واللإخلالات والفلول التيّ حدثت في الدورات السابقة حتى يضعوها نصب أعينهم ويعتبروا منها . وثانيا لمُمارسة أنشطتها الجديدة كي تُرسي واقعا أفضل . وهذا فضلاً عن التغيير المستمر الذي يُعطي صورة تحذيريّة أو تنبيهيّة للمسؤول بأن نجاحه مرهون في عمله الذّي يقدّمه للمجتمع.
3-في المرحلة الجديدة يجب أن يكون هناك تغيير جذري بسبب فشل الحكومة الحاليّة في إدارة شؤون الدولة . لأنّه وعلى مدى إحدى عشر سنة كاملة من عمر الديمقراطية في المجتمع العراقي لم يحدث أي تطور أو تقدم في شتى المجالات وعلى كافة الأصعدة. بل الأخطر من ذلك ظهور خلافات وتوتّرات حادّة بين الكتل السياسيّة وهذه الخلافات لن تنتهي بطبيعة الحال إلا بتعويض الأشخاص الحاليين بأشخاص جدد.
4-إنّ التغيير المستمرّ في النظام السياسيّ الذّي يكون يوم الإقتراع يُعزّز الوعي الثقافيّ والسياسيّ لدى المواطن ويكسبه حسّا وطنيّا عالياّ, وُيعمّق إدراكه بأنّ نجاح الحكومات مرهون بالإختيار الأمثل . بل إنّ النتيجة الأعمق والأفضل من كل هذا هي إحساس المواطن العراقيّ بأنّه فاعل في المجتمع وفي عمليّة التغيير وبأنّه مشارك في إرساء النظام الديمقراطيّ الّذي سيضمن حقوقه وحريّاته, وووعيه التّام بأنّ الحُكم للشّعب لا للحاكم وهذا هو المعنى الحقيقيّ لكلمة (الديمقراطيّة).



#مهتدي_رضا_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبناء المثقفين: كيف ينشئوّن ؟
- مخادعات حب
- الجهل المركب في الثقافة الاجتماعية


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهتدي رضا الموسوي - الديمقراطيّة والتغيير السياسي