أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الفنجري أحمد محمد - قبيلة الهوارة وزعامة صعيد مصر















المزيد.....


قبيلة الهوارة وزعامة صعيد مصر


الفنجري أحمد محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4410 - 2014 / 3 / 31 - 00:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اختلف المؤرخون في تحديد نسب الهوارة ، فالبعض يذكر أنهم عشيرة أصلها من عرب بنى عون ، إحدى قبائل دمنهور بالديار المصرية،وقيل أنهم من عرب مصر ، وتنتسب إلى عرب الحجاز ، وتقيم بمديريه البحيرة ، ومنهم الهواوير-;- وهم من عرب الهوارة في صعيد مصر ( )
وقيل أن الهوارة هو اسم عائلي في الأردن ، ومصر ، وقيل أنه نسبه إلى الهوارة ، وهى من قبائل مصر ( ) .
ويقال أن بنو هوارة بطن من أوريغ ، من البرانس ، من البربر ، وهم بنو هوارة بن برنس بن بربر .
وقال الحمدانى: إنهم من ولد بر بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام ، وقيل في العبر أن بعضهم يزعم أنهم من عرب اليمن ، فتارة يقولون إنهم من عاملة إحدى بطون قضاعة ، وتارة يقولون إنهم من ولد المسور بن السكاسك بن وائل بن حمير ، وتارة يقولون إنهم من ولد السكاسك بن أشرس بن كنده ،فيقولون: هوارة بن أوريغ بن حيور بن مثنى بن المسور .
وذكر في مسالك الأبصار : أن منازلهم بالديار المصرية وبالبحيرة ، ومن الإسكندرية غرباً إلى العقبة الكبيرة من برقه ، ولقد ذكر في الأصول وصبح الأعشى أن الأمر لم يزل على ذلك إلى آخر المائة السابعة في الدولة الظاهرية الشهيدية " برقوق" حتى غلبتهم على البحيرة زناره-;- وحلفاؤها وبقية عرب البحيرة ، فخرجوا منها إلى صعيد مصر ، ونزلوا بالأعمال الأخميمية في جرجا وما حولها .
ثم قوى أمرهم واشتد بأسهم وكثر جمعهم حتى انتشروا في معظم الوجه القبلي ، فيما بين أعمال قوص إلى غرب الأعمال البهنساويه ، و أقطعوا فيها الإقطاعيات ( )
ويُذكر أن : قبيلة الهوارة جاءت إلى مصر من المناطق المجاورة لمدينة تونس ، بعد وقت قصير من هزيمة مصر على يد السلطان سليم ، وفى البداية أقامت على مشارف الصحراء ثم استولت فيما بعد بواسطة القوة ، والمهارة الحربية ، على جزء كبير من مصر العليا ، ودعمت وضعها هذا بدفع إتاوة إلى حكومة القاهرة ، وحين أصبح الهوارة من ثراة الملاك ، كانوا قد فقدوا تدريجياً عاداتهم الرعوية ، فاستبدلوا بالخيام بيوتاً ، وظل هؤلاء العربان في رخائهم ، يبدون أحسن حالاً من قومهم بالصحراء ، حتى أعلن عليهم ، على بك الكبير الحرب، بعد أن أثارت حفيظته قوتهم ، وطمع هو في ثرواتهم ( ).
وقال الحمدانى : قد صار لهم الآن بطون في الصعيد منها : بنو محمد ، وأولاد مأمن ، وبندار، والعرايا ، والشلله ، واشحوم ، وأولاد مؤمنين ، والروابع ، والروكة ، والبردكيه ، والبهاليل ، والاصابغة ، والدناجله ، والمواسية ، والبلازد ، والصوامع ،والسدادره والزيانيه والخيافشه ، والطرده ،والأهله ، وازلتين ، واسلين ،وبنوقمير ، والنية ، والتبابعة، والغنائم، وفزاره ، والعبابدة ، وساوره ، وغلبان ، وحديد ، والسبعة .( )
وعلى أية حال ، فإن الهوارة يرجعون نسبهم في فترة مبكرة إلى قبيلة قضاعه ، من بنى مالك ، بن حمد ، بن سبأ ، وابتداءً من عصر محمد على ، حاول الهوارة إرجاع نسبهم إلى الحسين بن على ، ونسبوا أنفسهم إلى أشراف مكة ، الذين هاجروا إلى المغرب استناداً إلى حجه شرعيه أصدرها قاضى مكة في عهد محمد على لإثبات صحة هذا النسب .
ويقال أن الهوارة في صعيد مصر مازالوا يحتفظون بهذه الحجة على الرغم من تشكيك بعض الباحثين في صحة هذه الوثيقة أو الحجة .( )والحجة صادره من قاضى مكة درويش العجيمى وبحضور كل من :الأمير " أبو على " بن الأمير على الهمامى ، القاطن بقنا ، والأمير عبد المغيث بن محمد ، القاطن بدشنا ، والأمير عبد الكريم بن الشيخ همام بن يوسف ، القاطن ببهجوره ، وبصحبتهم محمد علي باشا وإلى مصر وما يتبعها ، والسيد عمر مكرم نقيب أشراف مصر ، والسيد محمد المحروقى ، والشيخ محمد السادات .( )

وبعد أن هاجرت قبيلة هوارة من البحيرة إلى صعيد مصر ، وخاصة إلى جرجا وبعد أن انتشرت بطون هوارة في معظم الوجه القبلي ، زحفت هوارة جنوبا ( 815 هـ /1412 م) حتى وصلت إلى أسوان وكانت عواصم الصعيد حينئذ قوص وأخميم ، ولم تكن جرجا مشهورة شهرة غيرها ، حتى نزلت هوارة بالصعيد جهة جرجا ، فاشتهر أمرها وصارت جرجا فيما بعد ولاية منذ عهد محمد على .
ولقد استطاع الهوارة أن يسيطروا على الوجه القبلي فيما بين أعمال قوص والأعمال البهنساوية ، وصارت إمرة العيان كلهم لأحد رؤساء هوارة وهو عمر بن عبد العزيز الهوارى المتوفى سنة 799 هـ / 1396 م .
وأخذت بطون هوارة في الازدياد والنمو في صعيد مصر حتى كان لأولاد همام ( الهماميه-;-) في القرن الثاني عشر الميلادي شوكه عظيمة في صعيد مصر وشمال السودان .
وقد اتخذت قبائل هوارة جرجا مقراً لها ، وعاصمة لإمارة الصعيد ومهما يكن من أمر فإن كثرة الهوارة في صعيد مصر جعلهم ينزحون إلى السودان الشمالي .
واشتغل بعض هؤلاء الهوارة بالتجارة في منطقة شمال دارفور وهم يدعون حتى اليوم باسم هوارة الجلابة أو كما أطلقوا على أنفسهم جلابة الهوارة (أي التجار الهوارة) ( )
وكان استقرار الهوارة في الصعيد ، ومحاولتهم السيطرة عليه على غير رضا من القبائل العربية الأخرى القاطنة به ، والتي كان لها نفوذ واسع مثل أبناء الكنز( الكنوز ) ، الذين ناصبوا الهوارة العداء ، فهاجم الهوارة مقرهم في أسوان ، وأقصوهم عنها سنة 815 هـ / 1412 م ، ودفعوا بهم إلى النوبة ، وبإقصاء الهوارة لأبناء الكنز عن أسوان تخلصوا من أقوي منافس لهم على سيادة المناطق الجنوبية من الصعيد .
وقد كان للهوارة منافس آخر قوى في الصعيد كانت تمثله أسرة الأخميمى ، وهى أسرة من أصل عربي أخذت لقب الأخميمى نسبة إلى أخميم ، التي أخذ رجالها التزام أراضيها ، وكانت لهم السيطرة على منطقة أخميم ونواحيها ، وكان أشهر رجال هذه الأسرة في القرن الحادي عشر الهجري ، والسابع عشر الميلادي ، الأمير حسن الأخميمى ، الذي ناصب الهوارة العداء ، وصحب حملة عبد الرحمن بك عليهم في سنة 1107 هــ 1695 م ، واشترك في تخريب بلادهم ونهب أموالهم ، ولعل السبب في معاداته للهوارة حينئذ ، هو شعوره بمنافستهم له في السيطرة على التزامات الأراضي في جرجا ، فقد بدأ الهوارة يسيطرون على أراضى جرجا ابتداء من سنه 1105 هـ / 1693 م ، ومن الطبيعي أن يخاف الأمير حسن الأخميمى، ورجاله من سيطرة الهوارة على أراضى جرجا ، وبالتالي كان من الطبيعي أن ينضم إلى أعداء الهوارة .
وقد انقرضت أسرة الأخميمي من الصعيد، واستولى الشيخ همام الهوارى على أراضي الملتزمين الكبار من هذه الأسرة ، وهو الأمير عيسى كمالي الإخميمى في عام 1169 هـ / 1755 م بإذن من الدولة .
وبذلك نجح الهوارة في القضاء على سيطرة القبائل العربية الأخرى التي كانت لها السيادة من قبل الهوارة على الصعيد .( )
وعندما هاجرت قبيلة الهوارة إلى الصعيد كان عددها يصل إلى نحو أربعة وعشرين ألف نفس ،وقد بقيت بقايا من الهوارة في البحيرة لم تهاجر إلى الصعيد ، وما تزال حتى اليوم لها مقر، في مريوط ، وما حولها وقد عُرفت بقايا الهوارة بالبحيرة باسم هوارة بحري ، وكانت العلاقات بين هوارة بحري وهوارة قبلي ، تتأرجح بين تبادل الود أحياناً ، والعداء الشديد في أحيان أخرى.
ومن النوع الأول ما ذكره الجبرتى .. من استنجاد هوارة بحري بهوارة قبلي، عندما اعتدى أحد الأمراء المماليك ، وهو محمد جلبي الصابونجى، على أملاك كبير من كبار الهوارة بحري ، فأرسلوا لهم هوارة وعبيداً فحاربوه وغلبوه ، ولكن بعكس ذلك نجد أن هوارة بحري صحبوا الحملة التي قادها محمد بك قطامش عندما عُين حاكماً لجرجا ، وخرج إلى هوارة قبلي ومعه ألف جندي لمعاقبتهم .
وكثيراً ما قام العداء والصراع بين الهوارة في الصعيد ، ولقد كان الصراع بينهم يصل إلى حد يُزعج السلطات المملوكية ، فترسل لهم حملات خاصة لفض ما بينهم من نزاع ( ).


وقد أدرك الكتاب والمؤرخون دور القبائل العربية على حياة السكان في مصر منذ فترة مبكرة ، فأولوها اهتماماً خاصاً في كتاباتهم ، بعكس ما حدث للفلاحين ، فقد كتب المقريزى رسالة عنوانها " البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب " رصد فيها سجلاً كاملاً عن القبائل العربية ، التي دخلت مصر مع الفتح العربي ، وأماكن استقرار هذه القبائل .
وكذلك فإن الاهتمام بالعربان وأمرائهم هو الذي دفع السيد محمد مرتضى الزبيدى في القرن الثامن عشر ، إلى تأليف رسالة خاصة بنسب الهوارة وأمرائهم .
وربما يرجع ذلك إلى تأثر الشيخ الزبيدى بإكرام الشيخ همام الهوارى له عند زيارته لفرشوط ، وقد أسمى الشيخ الزبيدى رسالته هذه " رفع الستارة عن نسب الهوارة " وهذه الرسالة مفقودة .
ولقد ذكرت معظم المصادر التاريخية أن قبيلة الهوارة تركزت فيما بين جرجا وأسيوط والبحيرة حيث كانت أشهر القبائل التي تسكن هذه المناطق على النحو التالي:
1. جرجا : الهوارة – العبابدة – زناتي – هنادي .
2. أسيوط : عرب عايد – هوارة .
3. البحيرة : عرب الجو يلي – الهنادي – غزالة – عرب الطارة – هوارة
ولقد احترف الكثير من القبائل العربية المستقرة، الزراعة ، وأصبح منهم مشايخ للقرى وخفراء ، وخولة ( جمع خولي ) وتمكن الكثير من مشايخ هذه القبائل من السيطرة على الالتزامات الواسعة في مناطق استقرارهم ، والمناطق المجاورة ، وكان لهؤلاء المشايخ دوراً فعالاً في حماية المناطق التي تقع فيها التزاماتهم ضد غارات القبائل العربية الأخرى غير المستقره .


وخير مثال على ذلك عربان الهوارة في الصعيد فمنذ استقرارهم في مناطق الصعيد الأعلى ( 782هـ _ 1380م) ( ) ، وبسط نفوذهم على المنطقة الممتدة من البهنسا شمالاً إلى قوص جنوبا ، وأذعن لهم سائر العربان بالوجه القبلي ، وصارت القبائل العربية في هذه المنطقة طوع قيادتهم
و على الرغم من احتفاظهم لأنفسهم بمركز اجتماعي متميز على الفلاحين أهل البلاد الأصليين فأنهم احتفظوا لأنفسهم كذلك بالعلاقات الطيبة مع هؤلاء الفلاحين ، وأصبحت لهم الإمارة على منطقه جرجا، واعترفت لهم الإدارة بذلك ، فلقب أمير، يُذكر أمام الكثير من أسماء الهوارة، فنجد مثلاً "أمير عبد الله وأمير موسى من أولاد عمر أمير عربان هوارة " .
وتذكر إحدى الحجج الشرعية دولار الهوارى بالصيغة التالية : " افتخار السادة الأمراء الكرام ، عمده الكبراء الفخام ، ذو القدر والمجد والاحتشام ، أمير اللواء الشريف السلطاني ، ومعهد العز المنيف الخاقانى، الأمير دولار بك ، حاكم ولاية الدجرجية (جرجا) ، وأمير عربان هوارة بالصعيد الأعلى ، وما مع ذلك أبد سعده أمين ( ) .
وتعد قبيلة هوارة من أهم وأبرز القبائل التي كانت تقطن الصعيد إبان الحكم العثماني ، وقد استقرت هذه القبائل ما بين جرجا وفرشوط في أراضي لم تكن مزروعة على الإطلاق، وقامت بتملك هذه القرى ، ثم استولت بالقوة على قرى أخري .
ويُذكر البعض أن قبيلة هوارة قد جاءت إلى مصر عقب الفتح العثماني ، وتؤكد المصادر التاريخية الأخرى بأن تاريخ نزوح هذه القبيلة من بلاد المغرب منذ وقت قديم، واستقرت بإقليم البحيرة ، ولكنها اضطرت (كما سبق أن ذكرنا) تحت ضغط قبائل زنارة ، وحلفاؤهم من عربان البحيرة إلى الهجرة جنوباً .
وازداد نفوذهم عام 784هـ/1382م في عهد حكم الأمير برقوق (784هـ/1382م – 803هـ/1399م) ، وقد قاموا بإصلاح الكثير من الأراضي التي طغت عليها الصحراء .
ونجح الهوارة دون سائر القبائل الأخرى التي هاجرت من المغرب في توطيد أقدامهم بوادي النيل وازداد عددهم وقوى بأسهم وانتشروا في معظم الصعيد .
وربما ساعد على استقرارهم ، اشتغالهم بالزراعة ، وارتباطهم بالأرض، بالإضافة إلى طبيعة الصعيد المحافظة ، وحدوده الطبيعية المغلقة ، وفقدوا بالتدريج عاداتهم الرعوية فاستبدلوا بالخيام بيوتاً وتحول الحب الطاغي للحرية إلى حب الوطن .
كما أن مثابرتهم في استصلاح الأراضي الصحراوية مكنتهم من استغلال مساحات كبيرة منها في الإنتاج الزراعي ، بالإضافة إلى امتلاكهم الكثير من الخيول ، التي كانت عوناً لهم في صراعهم مع المماليك والسلطات الحاكمة من أجل السلطة والنفوذ ، وازداد نفوذ هوارة وامتد إلى الجنوب من قنا وحتى أسوان ، واشتركوا في تحالف مع أولاد بني كنز في القرن الرابع عشر الميلادي ، ولكنهم نقضوا اتفاقهم معهم ، وانقضوا عليهم وأصبح النفوذ للهوارة في أسوان ، كما امتد نفوذهم حتى شمال النوبة .
وعندما تم الفتح العثماني لمصر عقد العثمانيون مع القبائل العربية اتفاقاً يقضي باعترافهم بسيادة شيوخ تلك القبائل على المناطق التي كانت لهم السيادة عليها ، بل إن السلطان سليم أرسل هدية للأمير على بن عمر زعيم قبيلة الهوارة في ذلك الوقت مع مرسوم باستمراره في حكم الصعيد ، مما زاد من شأن هذا الأمير وقبيلته ( ).
وعلى الرغم من قوة الهوارة وسيطرتهم على الصعيد ، فان الحكم لم يخلص لهم تماماً فتعرضوا لهجمات بدو ليبيا والقبائل المواجهة لبني عدي ، وتعرضوا لهجمات أعدائهم التقليديين من قبيلة (قصاص) التي تقطن بغرب الأقصر (طيبة) القريبة من إسنا .
ويلاحظ أن الفلاحين التابعين لهذه القبيلة (الهوارة) كانوا أكثر ثراءً وعندما تولى محمد على حكم مصر، زاد نفوذ الهوارة ، حتى أن أولاد يحيى الذين استقروا على الضفاف الشرقية للنيل من بهجورة حتى قنا ، حازوا على شهرة كبيرة بأعمالهم الثورية وقيامهم بالثورات .
وازداد نفوذ الهوارة قوةً في جرجا ، وخاصة بعد القضاء على نفوذ عربان المغاربة حتى أنه قد تم تجهيز تجريدة للقضاء على عصيانهم ، وعرضت السلطات الحاكمة على "عبد الرحمن بك" حكم جرجا ثلاث سنوات بشرط القضاء على عصيان عربان الهوارة ، الذين اشترك معهم الأمير حسن الأخميمي ، والهوارة بحري ، وقادة جرجا والعسكر ، والهوارة والمزارعين والفلاحين التابعين لهم ، وقامت معركة بين الجانبين في برديس ، و فرشوط واستخدمت فيها الخطط العسكرية المستخدمة في ذلك الوقت ، بالإضافة إلى استخدام الهوارة السلاح الاقتصادي في منع الغلال عن القاهرة .
وتم طرد الهوارة من ديارهم في عهد عبد الرحمن بك ، وأعيدوا بموجب فرمان من حسين باشا وخاصة بعد أن عزل عبد الرحمن بك عام 1113هـ/1701م .
واستولى عربان هوارة بحري على دوار برديس ، وعلي نحاس وحجر الطواحين والعبيد، والخيول، والأخشاب ، وفني أكثر من نصفهم ، وتم تسوية الخلاف بين الجانبين، و أُرسلت الغلال إلى القاهرة ، وامتد نفوذ الهوارة فشمل الجانب العسكري ، فقاموا بدور عظيم في حماية الصعيد ومطاردة العربان الذين كانوا يقومون بالهجوم على فلاحي هذه المناطق ( )
لم يكن العرض التاريخي السابق لأصل قبيلة الهوارة والدور الذي قامت به في صعيد مصر مجرد عرضاً تاريخيا فقط ، وإنما كان يهدف الباحث من هذا العرض التعرف على أصل هذه القبيلة ، ونشأتها ليتتبع عمليات انتشار الوحدات الاجتماعية على أرض المجتمع المحلى وكذلك عمليات الانقسام ، والاتصال ، أو التفتت ، والوحدة ، وديناميات هذه العمليات على امتداد التاريخ المعروف والتعرف بشكل وثيق على النسيج الاجتماعي الذي تشكل منه هذا المجتمع لمعرفة شبكة العلاقات القرابية التي تربط أفراد المجتمع .

تعقيب:
من الملاحظ من العرض التاريخي لنسب الهوارة وأماكن تركزهم ، والدور الذي لعبته هذه القبيلة في صعيد مصر، نجد اختلافاً واضحاً بين المؤرخين في نسب الهوارة ، حيث يرى البعض أنهم من قبائل اليمن ، في حين يرى البعض الآخر أنهم من المغرب ، بينما يرى فريق ثالث أنهم من أشراف مكة ..... الخ.
وهكذا اختلف المؤرخون في توضيح نسب الهوارة ، بل واختلف الهوارة أنفسهم في إرجاع هذا النسب إلى رجل معين أو مكان معين ،حيث يروى أحد الإخباريين أن الهوارة قبيلة عربية أصلها من شبه الجزيرة العربية ، ودخلوا مصر مع الفتح الإسلامي بقيادة عمرو بن العاص ، ونزلوا في الشرقية وخاصة في منطقة بلبيس.
ويؤكد الإخباري قوله هذا بمقولة مشهورة لديه يرثها عن آبائه وأجداده"نزلنا على بلبيس ياما جرالنا "وهو يقصد بذلك أنهم لم يجدوا حسن الجوار في بلبيس ،ودخلوا في صراعات مع القبائل التي تسكن هذه المنطقة فهاجروا إلى الصعيد
ويضيف الإخباري قائلاً " أجدادنا جو الصعيد لمساندة بعض المماليك في حربهم ضد حاكم برديس - وهى قرية تابعة لمركز البلينا بسوهاج - ولما نزلوا برديس استولوا على كل ما فيها وكان أشهرهم يحيى الهوارى ، وهمام الهوارى ، وذهب يحيى الهوارى إلى شرق النيل وكان معه خمسة أبناء ذكور، وهم أحمد ، ومحمد، وعمران ، وسلمان، وعبد الرحمن ، ونصبوا خيامهم وأرسل يحيى الهوارى أبناءه إلى أحد الفلاحين ، وهم أصحاب الأرض الأصليين – على حد تعبيره- عشان يجيبوا قمح وتبن ( والتبن هو بقايا القمح ويستخدم علف للمواشي) عشان أكل الخيول ، ولما راحوله وطلبوا منه القمح والتبن رفض وقالهم لازم تشتغلوا عشان تاخدوا القمح والتبن ، ورجعوا قالوا لأبوهم الكلام ده وأبوهم قالهم إحنا هنقعد هنا ، ومفيش غلاية تروّح بيت الفلاح" .
ويضيف الإخباري قائلاً " لو الفلاح طلع كريم معاهم ماكانوش قعدوا لأنهم قبل كده نزلوا على ناس وكرموهم ، ورحلوا لأنهم كرما ، وجدنا قال لأولاده الناس دول كرما ومش هيبقالنا دور معاهم، وبعدين راحوا أولاده هجموا على الفلاح فى الغيط وخدوا منه كل حاجة بالعافيه، والفلاح اعتبر ده تهور فقالوا عليهم هوارة "
ويذكر إخباري آخر " إنه من كتر التهور بتاع الهوارة إنهم خلوا الفلاحين يكحتوا (يحفروا) آبار فى بيوتهم علشان يشربوا منها،مع العلم أن بيوتهم كانت جنب البحر (يقصد النيل) "
ويضيف إخباري آخر أن لفظ الهوارة جاء من التهور حيث يقول : " زمان فى نظام الالتزام كان الملتزم يجمع الضرايب من المنطقة بتاعته ، وبعدين راح لواحد يطلب منه الالتزام فقام عليه وكان عايز يضربه ، فقاله إنت هتتهور علي ، وبعدين قالوا على جماعته هوارة "
ويضيف آخر " أن الهوارة لما نزلوا الصعيد على الفلاحين لم يجدوا فيهم الكرم والشهامة وهذا ما جعل الهوارة يسيطرون بسرعة على أراضى الصعيد ويجعلون الفلاحين أجراء لديهم" .
ويذكر أحد الإخباريين أن الهوارة قبيلة عربية جاءت من اليمن إلى مصر بعد الفتح الإسلامي ومازال لها فروع في اليمن حتى الآن ، ودلل على صدق كلامه هذا بإحضار شجرة نسب لأولاد يحيى الهوارى موضحاً عليها أولاد يحيى في محافظة سوهاج (مصر) وبعض الأماكن في اليمن(-;-) .
ويرجع نسب أبناء يحيى الهوارى في هذه الشجرة إلى الإمام على بن أبى طالب "كرم الله وجهه " .
حيث ذكرت الشجرة أن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الحسن بن عبد الله بن محمد بن القاسم بن الناصر بن أحمد بن البادي يحيى بن الحسين بن على زين العابدين بن الحسين السبط بن على بن أبى طالب كرم الله وجهه.
وعلى الرغم من وجود هذه الشجرة مع بعض الهوارة إلا أن البعض الآخر ومن أبناء يحيى أنفسهم يرفض وبشدة انتماء الهوارة إلى الأشراف قائلاً" الهوارة هوارة ، والأشراف أشراف، دى قبيلة و دى قبيلة" ويرفض بعض الهوارة إطلاق لفظ (العرب) على بعض القبائل الأخرى الموجودة في نطاقهم الجغرافي ، والمعروفين باسم العرب ، وسبب رفضهم لهذه التسمية أن الهوارة عرب ولكن الآخرين ليسوا عرب وإنما فلاحين على قول أحد الإخباريين "لما همه عرب أمال إحنا نبقى إيه".
ويتضح من ذلك تمسك الهوارة باعتبار قبيلتهم من أكبر القبائل العربية في مصر وفى الصعيد بصفة خاصة ، فعلى الرغم مما تتمتع به قبيلة الأشراف من سمعة طيبة وشهرة واسعة وأصل طيب ، إلا أننا نجد الهوارة يرفضون انتسابهم إلى الأشراف .
ويذكر بعض الإخباريين أن الهوارة دخلوا مصر عن طريق المغرب العربي حيث أنهم هاجروا من اليمن إلى المغرب ومنه إلى مصر ، وأي كان من أمر، فإن الهوارة ينتشرون في محافظات مصر، ولكن يزداد تركزهم في الصعيد وخاصة في محافظتي قنا وسوهاج ، أما عن محافظة سوهاج يزداد تركزهم في قرى مراكز البلينا ، ودار السلام ،والمنشاه ، وفى محافظة قنا يزداد تركزهم في قرى مراكز دشنا ، وأبو تشت، وفرشوط، ونجع حمادى .
المراجع
1- - موسوعة السلطان قابوس لأسماء العرب ، معجم أسماء العرب ، مجلد 2 ، مكتبة لبنان ، 1991.
2- - أبي العباس أحمد القلقشندى : نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب ، تحقيق إبراهيم الإبياري 1959م ، العربية للطباعة والنشر
3 - موسوعة وصف مصر : الجزء الثاني ، العرب في ريف مصر وصحراواتها ، تأليف علماء الحملة الفرنسية ، ترجمة زهير الشايب ص265.
4- - أحمد حسين النمكي ، معجم القبائل العربية في إقليم جرجا ، 1993م
5 - ليلى عبد اللطيف أحمد : الصعيد في عهد شيخ العرب همام ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1987م ص27
6- عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم : الريف المصري في القرن الثامن عشر ، مطبعة جامعة عين شمس ، 1974م
7- - صلاح أحمد هريدي : دور الصعيد في مصر العثمانية ، رسالة دكتوراه غير منشورة ، كلية الآداب جامعة الإسكندرية 1982م ص ص 186، 188.
8- الفنجري أحمد محمد - اسباب النزاع وأساليب فض النزاع لدى قبيلة الهوارة في صعيد مصر - رسالة ماجستير - قسم الاجتماع- كلية الاداب - جامعة عين شمس 2007 -;-



#الفنجري_أحمد_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الفنجري أحمد محمد - قبيلة الهوارة وزعامة صعيد مصر