أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود سعيد كعوش - يوم الأرض...يوم العزة والكرامة















المزيد.....

يوم الأرض...يوم العزة والكرامة


محمود سعيد كعوش

الحوار المتمدن-العدد: 4407 - 2014 / 3 / 28 - 17:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يوم الأرض...يوم العزة والكرامة
محمود كعوش
يُحيي فلسطينيو الداخل الذين يبلغ تعدادهم حوالي مليون ونصف مليون نسمة، في الثلاثين من كل عام ذكرى "يوم الأرض" الذي اغتيل لهم فيه عام 1976 ستة من أبنائهم البررة برصاص القوات الصهيونية المجرمة، التي حاولت كسر شوكتهم ومنعهم من تنفيذ قرارهم بالإضراب الاحتجاجي ضد مصادرة أراضيهم. كما أنهم يقيمون نشاطات كثيرة في كل قرية وبلدة ومدينة، مثل المظاهرات والمهرجانات الإحتجاجية والندوات والمحاضرات والبرامج اللامنهجية في المدارس، إضافة إلى زيارات قبور الضحايا لقراءة الفاتحة على أرواحهم الطاهرة. ويشاركهم فلسطينيو قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس وفلسطينيو الشتات وكثيرون من العرب إحياء هذه الذكرى الأليمة للتعبير عن حزنهم وغضبهم ونبذهم للاحتلال البغيض.
إن "يوم الأرض - 30 آذار 1976" بكل ما حمله من معانٍ سامية وما رافقه من وحشية ودموية وما نجم عنه من نتائج واستحقاقات، كان ولم يزل يُمثل حدثاً تاريخياً مهماً وملمحاً سياسياً مضيئاً في تاريخ الشعب الفلسطيني ونضاله الوطني وتاريخ الأمة العربية ونضالها القومي، باعتباره اليوم الذي عبر فيه فلسطينيو الداخل عن رفضهم القاطع لسياسة الأمر الواقع التي فرضتها عليهم سلطة الاحتلال الصهيوني، من خلال انتفاضة عارمة أعلنوا فيها عن تشبثهم بأرض الآباء والأجداد وتمسكهم بهويتهم الوطنية وبحقهم المشروع في الدفاع عن وجودهم وانتمائهم القومي العربي، رغم مؤامرة التهويد المتواصلة والمترافقة مع عمليات الإرهاب والقتل والتنكيل التي ما برحت تلك السلطة العاتية تمارسها بحق الشعب الفلسطيني منذ عام النكبة الكبرى، بهدف اقتلاعه من أرضه وتهجيره وإبعاده عن وطنه وتشتيته في أصقاع المعمورة ومحاولة تذويبه في مجتمعات أخرى لا يربطه بها شيء من التقاليد والعادات والأعراف والتاريخ والجغرافيا.
وكما شكلت الأرض محور الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني بشكل خاص والصراع العربي ـ الصهيوني بشكل عام بالنسبة للصهاينة منذ ولادة كيانهم المصطنع بطريقة قيصرية في قلب الوطن العربي عام 1948 وفق ما أشرت إليه جميع أدبياتهم وخرافاتهم التوراتية التي اعتبرت "زوراً وبهتاناً" أرض فلسطين ركيزة إنجاح المشروع الصهيوني الذي بشر به تيودور هرتزل اليهود أثناء انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية عام 1897 وتبنته في ما بعد جميع المؤتمرات الصهيونية الأخرى، كانت الأرض ولم تزل وستبقى تشكل لب قضية وجود ومستقبل وبقاء الفلسطينيين وربما العرب أجمعين، الأمر الذي جعل من التشبث بها والنضال الدؤوب من أجل الحفاظ عليها وعدم التفريط بها، والنضال المتواصل من أجل تحرير ما تمت سرقته واحتلاله منها حتمية مصيرية لا تراجع عنها ولا نقاش أو مساومة بشأنها.
وعلى خلفية هذا الموقف وإيمان الفلسطينيين بقداسة أرضهم حدثت انتفاضة 30 آذار 1976 المجيدة في فلسطين المحتلة، التي تلتها لاحقاً إنتفاضتان مباركتان في كل من قطاع غزة والضفة الغربية والقدس في عامي 1987 و2000. ففي 30 آذار 1976 وبعد حوالي ثمانية وعشرين عاماً من المعاناة الشاقة والمريرة التي لا يحتملها بشر أو حجر، قام فلسطينيو الداخل بانتفاضتهم العفوية والسلمية ضد سلطة الاحتلال الصهيوني. وقد اتخذت تلك الانتفاضة المباركة في حينه شكل إضراب شامل ومظاهرات شعبية عارمة عمت مدن وقرى منطقة الجليل شمال فلسطين المحتلة، فتحت القوات الصهيونية خلالها فوهات بنادقها وحممها على المتظاهرين الفلسطينيين، مما أدى إلى استشهاد ستة منهم، اقتضي الوفاء لأرواحهم الطاهرة التذكير بأسمائهم، وهم استناداً لمعلومات "الموسوعة الفلسطينية": الشهيد خير ياسين من قرية "عرابة" والشهيدة خديجة قاسم شواهنة والشهيد رجا أبو ريا والشهيد خضر خلايلة من قرية "سخنين" والشهيد محسن طه من قرية "كفركنا" والشهيد رأفت علي زهيري من مخيم نور شمس بالضفة الغربية والذي استشهد في قرية "الطيبة". وسقط إضافة لهؤلاء عشرات الجرحى والمصابين، وبلغ عدد الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الصهيوني في ذلك اليوم أكثر من 30 فلسطيني.
وكان بديهياً أن ينتصرالفلسطينيون في قطاع غزة والضفة العربية بما فيها مدينة القدس لإخوانهم في فلسطين المحتلة عام 1948، ليمنحوا انتفاضة "يوم الأرض" بعداً وطنياً، كما كان بديهياً أن ينتصر إليهم إخوانهم في المشرق والمغرب العربيين ليمنحوها بعداً قومياً، وهما بُعدان لطالما افتقدهما الفلسطينيون والعرب للأسف بعد ذلك، ولا زالوا يفتقدونهما حتى وقتنا الحاضر.
واستناداً إلى التقارير والمعلومات الصحفية التي تم تداولها في حينه، فأن قيام سلطة الاحتلال الصهيوني بمصادرة نحو 21 ألف دونم من أراضي قرى عرّابة وسخنين ودير حنّا وعرب السواعد وغيرها من قرى منطقة الجليل لتخصيصها للمستوطنات الصهيونية في سياق مخطّط تهويد لتلك المنطقة المحتلة كان السبب المباشر لتفجر انتفاضة "يوم الأرض" في 30 آذار 1976. وحسبما جاء في تلك التقارير والمعلومات الصحفية فأن تلك السلطة البغيضة كانت قد صادرت ما بين عامي 1948 و 1972 أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربية في الجليل والمثلث، إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى من الأراضي التي سبق الاستيلاء عليها بفعل المجازر والمذابح المروّعة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية الإرهابية مثل "الأرغون" و"الهاجاناة"بحق الفلسطينيين إبان حرب 1948، وبفعل التهجير والإبعاد القسريين اللذين فًرضا عليهم. فانتفاضة "يوم الأرض" لم تكن بنت لحظتها ولا وليدة الصدفة المحضة، بل كانت نتيجة بديهية ومرتقبة لمعاناة الفلسطينيين المريرة والمستمرة.
إنتفاضة "يوم الأرض" التي انفجرت في منطقة الجليل شمال فلسطين المحتلة وتمددت لتشمل جميع الأراضي الفلسطينية التي احتلها الصهاينة في عامي 1948 و1967 وطال شررها الوطن العربي والعالم الإسلامي على امتدادهما أُخمدت وانطفأت جذوتها في ذلك اليوم. لكن معركة الأرض الفلسطينية المقدسة لم تُخمد ولم تنطفئ جذوتها بعد، وهي متواصلة ولربما بحدة وشراسة أكبر وأشمل حتى يومنا هذا. فسياسات التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي ما تزال تطارد الفلسطينيين من مدينة إلى مدينة ومن بلدة إلى بلدة ومن قرية إلى قرية ومن حي إلى حي ومن زقاق إلى زقاق، والمخططات العدوانية الجهنمية ما تزال هي الأخرى تُحاصرهم وتعمل على خنقهم والحيلولة دون تحسن أوضاعهم وتطورها. والأسوأ من ذلك كله أن التوجهات والممارسات الصهيونية العنصرية بحقهم، آخذة بالتزايد والتفاقم يوماً بعد يوم، بحيث تجاوزت أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 وأصبحت تنذر بقرب حدوث مخاطر حقيقية تمس الوجود الفلسطيني في هذه الأراضي وشرعية هذا الوجود نفسه، في ظل التنامي الخطير للحديث عن "الدولة اليهودية" !!
مما لا شك فيه أن شعبنا الفلسطيني وأرضنا العامرة بالخير والإيمان واجها من المؤامرات ما لا يُعد ولا يُحصى وعاشا محناً كثيرة وكبيرة وعانا من آلام أكثر وأكبر عجزت عن تجاوزها أو تحملها كل شعوب الأرض، إلا أن أياً من أبناء هذا الشعب المرابط داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وعام 1967 والمنتشرين قسراً بقوة الترحيل والتهجير والترانسفير في ديار الشتات الواسعة يقبل المساومة على أي من الحقوق والثوابت الوطنية والقومية، أو التفريط بشبر واحد من أرض الآباء والأجداد.
ومهما بلغت المؤامرات والمحن والآلام التي تنتظر هذا الشعب وأرضه في قابل الأيام، ومهما شطحت وانحرفت القلة الضالة من الأدوات الرخيصة والمرهونة بإرادة المحتل الغاشم والإمبريالية الجديدة المتمثلة بالولايات المتحدة، يبقى الأمل موجوداً لأن هذا الشعب بغالبيته، وهو صمام الأمان، قد حسم أمره وقرر بشكل نهائي أن يكون في جبهة المقاومة والممانعة حتى تحرير آخر ذرة من تراب أرضه المقدسة. رحم الله شهداء انتفاضة "يوم الأرض"، ورحم كل شهداء فلسطين والأمتين العربية والإسلامية، وكل انتفاضة وأنت بخير ونصر مظفر بعون الله تعالى.
محمود كعوش
كاتب وباحث فلسطيني مقيم بالدانمارك
كوبنهاجن في 30 آذار 2014
[email protected]



#محمود_سعيد_كعوش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القمم العربية من انشاص المصرية إلى القمة الكويتية
- ألآ يحتاج العرب لكرامة جديدة تعيد إليهم كرامتهم ؟
- ألا يحتاج العرب لكرامة جديدة تعيد إليهم كرامتهم ؟
- وجهة نظر: ديمقراطية ماذا !! عن أية ديمقراطية يتحدثون؟
- مجزرة الحرم الإبراهيمي في الذاكرة الفلسطينية
- عبد الناصر...عاش للقضية الفلسطينية وقضى شهيداً من أجلها
- العدالة الدولية الضائعة بين تل أبيب وواشنطن
- تسعة أعوام على رحيل عرفات
- عبد الناصر...43 عاماً من الغياب ولم يزل في العقول والقلوب
- مجزرة صبرا وشاتيلا...ذكرى جريمة لا تُغتفر
- ذكرى هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001
- ألمؤامرة تدخل منعطفاً خطيراً ومصيرياً فناصروا سوريا الوطن وا ...
- نبش في الذاكرة...116عاماً على المؤتمر الصهيوني الأول
- نبش في الذاكرة...جريمة إحراق ألمسجد الأقصى
- رأي: لا تحرقوا مصر !!
- رأي: أللهم احمي مصر وشعبها البطل وجنبهما شرور الأشرار
- معايشتي لرمضان في بلاد الغرب والغربة
- ثورة يوليو...ألثورة الأم
- بوركت مصر وبورك شعبها العظيم
- ألمشهد يتكرر في مصر


المزيد.....




- متى أصدر ترامب أمره النهائي بضرب إيران؟ مسؤول بالبيت الأبيض ...
- -عدوان همجي-.. بيان لحزب الله بعد ضربات أمريكا على حليفته إي ...
- رئيس إسرائيل لـCNN: لم نجر أمريكا إلى الحرب.. بل اختارتها لم ...
- فيديو متداول للقصف الأمريكي على منشآت إيران النووية.. هذه حق ...
- بعد الضربة الأمريكية.. علي شمخاني مسشار مرشد إيران: -اللعبة ...
- لقطات قبل وبعد.. صور أقمار صناعية تظهر دمار منشآت إيران النو ...
- في ظل أزمات الرئاسة والمحاكمات.. البرازيل تشتعل بسبب دمى -ال ...
- عشرات الضحايا في تفجير انتحاري نسب لـ-داعش- داخل كنيسة في دم ...
- سيناريوهات تدخل حزب الله بعد الضربة الأميركية على إيران
- دول عربية تعرب عن قلقها بعد الضربات الأميركية على إيران


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود سعيد كعوش - يوم الأرض...يوم العزة والكرامة