ايت خويا سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 4401 - 2014 / 3 / 22 - 22:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أن كل الطروحات التي قدمت نفسها كحل للإشكالات التي وجد العالم الإسلامي والعربي نفسيهما في مواجهاتها وضمن ما يتمخض عنها منذ زهاء 10 قرون مضت, قد بآت بالفشل , أو أنها في طريقها نحو ذلك إن شانا القول,فمثلا ظن الكثير من مفكرينا ومنظرينا ومن , من انخرطوا في البرامج الإصلاحية والتوجهات الفكرية والسياسية التي سادت غالبية بلدان العالم مطلع ستينيات القرن الماضي و التي تأثث معها المشهد السياسي والفكري العربيين ,أننا بثنا قومين أو اشتراكين,لكن من يفهم التاريخ وطبيعة المجتمعات لا تجده يجزم هكذا بتحول شعوب وعاداتها بين ليلة وضحاها, فمبدأ التراكم التاريخي يحيلنا على سلسلة من التغيرات التي يعقبها في ما بعد تحول الذي هو في الأساس متصل بماضي المجتمع عبر سلسلة التغيرات تلك , إن الدراسة السطحية لكل المشروعات الإصلاحية البارزة( مشروع جمال عبد الناصر مثلا الرامي الى توحيد مصرو سوريا ) سواء تلك التي حملت طابع القومية أو التي تسمت بالانفرادية ,تدفعنا للقول أنها كلها لم تتكلم لغة المجتمع الذي يحتضنها وإنها ظلت بعيدة عن فهم هذا الأخير وقد تكون هذه الأسباب الرئيسة في فشل كل محولات الإصلاحية ,و ما يهمنا من هذا كله ومن رصد الإخفاقات الإصلاحية كوننا نؤمن ان الإصلاح ليبنى خارجا وان جل الأخيرة لم تتوفر فيها شروط نجاحها اي مراعاة البيئة الداخلية أو ما يسمى البنية العميقة للمجتمع ,كما نرى في توالي الإخفاقات الإصلاحية في المجتمعات العربية والإسلامية ,سببا يقوم بطريقة أو بأخرى بخلق تيارات إسلامية تظهر بين الفئة والأخرى مستفيدة من تضمر الشعوب العربية من توالي الأزمات ومن تلك الإخفاقات الإصلاحية ومنه فهدفنا هنا هو السعي للكشف عن الأسباب الكامنة وراء عودة التيارات الإسلامية متسيدة الساحة السياسية وحاشدة كل هذا الكم من المناصرين ؟ كيف أمكنها مثلا النجاح بهذه الصورة في تونس ليبيا المغرب كيف تظهر جماعة من قبيل داعش مثلا كاسبة كل هذا التعاطف ومستقطبة كل تلك الحشود؟
ليس هناك من جواب محدد عن هذه الأسئلة كل ما هنالك مجموعة من المؤشرات قد تخدمن في هذا الباب,نعلم أن المجتمعات تنتج دائما الخطابات التي هي في حاجة إليها والتي تعبر بدورها عن البنية العميقة لذلك المجتمع بكل تعدداتها وتكويناتها,بمعنى أوضح أن المجتمع يعمل على إنتاج الخطاب الذي يعبر به عن حاجاته والذي يضمن له امتدادا لتاريخه ,وقد يجد المجتمع نفسه غير قادر على التعبير عن نفسه وعن اشكالياتها ,مثلما يحصل عندما تتبنى مجموعة من النخب إشكالات خارجة عن المجتمع أو عندما تحاول جهة معينة فرض خطاب مضاد ,في الحالة الأولى فان المجتمع يقوم بعمليات الرفض وعدم التجاوب فما تلبث هذه الأخيرة أن تختفي أو تندثر دونما أن تستطيع التوغل في المجتمع ويظل ذلك النوع من الخطابات صوريا وغير متبنى من المجتمع ومتعال عن فئات المجتمع دون ان يلبي الغرض منه , وفي الحالة الثانية عندما تقوم جهة بفرض الوصاية والكبت على المجتمع في هذه الحالة فان المجتمع ينفجر على شكل ثورات أو ما يشابهها ,وقبل هذا الانفجار هناك مجموعة من المؤشرات التي تشير إلى أزمة ما قبل الانفجار غياب المتابعة لجرائد الحزب الحاكم الامتناع عن متابعة القنوات التلفزية المحلية الوطنية .... الخ إذن كل الخطابات التي لا يتبناها المجتمع هي مجموع الخطابات التي تفرض نفسها عليه قصرا ,رغم هذا يظل سؤالنا مطروحا كيف عادت التيارات الأسلاموية لسيم تلك التي ترفع شعارات الجهاد و إنشاء الدولة إسلامية في الشام (داعش كمثال )ومقدمتا نفسها كبديل لكل أشكال الإصلاح التي عرفها تاريخ البلدان العربية والإسلامية,إن الأكيد أن كل الأشكال الإصلاحية لم تتمكن من إنتاج خطاب يقوم بعمليات استئصال الفكر الجهادي وان تمت حالة من التنافر مابين التيارات الإسلامية و غيرها وان حالة التنافر أفسدت على المدى الطويل كل أشكال الخروج بالمجتمعات العربية من أزمات التخلف التبعية التطاحن العرقي وغيرها ,ومنه يتضح أن أي محاولة للإصلاح ستأتي في المستقبل أو قائمة, إن لم تستطع أن ترتقي بخطابها إلى صيغ يصير مقبولا من كافة الأطراف وهنا لا أدعو إلى خطاب نفعي بل إلى خطاب ينطلق من محاولة فهم إشكالات المجتمع أسسه تاريخه العميق الذي هو هويته ,فالمجتمعات العربية الإسلامية تدرك كامل الإدراك أنها مهانة محتقرة مكبوتة, هذا ما يجعلها تدافع وتناصر كل الجهات التي تدغدغ مشاعرها المجيشة بنكبات متوالية , إن وعيها بحقوق الإنسان بالديمقراطية غير مكتملة لدى فمن السهل على الجهات التي تقوم بالتركيز على تاريخ الإسلامي المصور على انه النموذج( تاريخ الخلافة)استقطاب الآلف بل والملاين من المناصرين ,تأمل تلك الجموع من الشبيبة التي تتقاذفها ’ شوارع الجزائر تونس فاس القاهرة الخرطوم حلب بغداد دونما هدف أو أمل دونما منظور تأملها جيدا ستدرك أي الخطابات تستسيغها, تمعن حياتها تخيل تربيتها الآن يمكنك التكلم عن التعصب التزمت كيفما شئت
إن ما أدعو إليه هو فكر وسط تتم فيه مراعاة البعد التاريخ للمجتمعات الإسلامية’,إن فكرة القطيعة مع التاريخ وكل الخطابات التي ترتكز على ارث الماضي, هي قطيعة مع المجتمع نفسه, وقد اثبت التاريخ أن المجتمعات العربية لم تتجاوز أشكال التميز العرقية الدنية كما اثبت أن مكمن الخلافات الحاصلة بين الشعوب وداخل الشعوب الإسلامية بواعثها دينية مما يدفعنا إلى القول أن تقيم الإرث التاريخي واستخلاص قواعد المجتمع منه والمضي عملية لم تقم بها المجتمعات العربية بعد ,وهي عملية مرت منها المجتمع الغربي
وأفضت بها بما هي عليه
’’ إن المفكر الحقيقي.. إذا ما أراد أن يقوم بعمله جيدا.. لا يمكنه أن يستخف بالحركات التاريخية أو بالماسي الاجتماعية أو بالتيارات التي تظهر على السطح وتعبر عن عمق تاريخي’’ بما فيها الحركات الاسلاموية بالخصوص,إن أي مشروع إصلاحي اونهضوي ينطلق من ذاته في اتجاه المجتمع لن يجد أيادي تتلقفه ,سيلفظه الأخير سينظر إليه كدخيل , وهو كذا لك مادام لايراعي خصوصيات المجتمع وبنياته العميقة
#ايت_خويا_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟