أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أيمن زهري - صعيدي حول العالم: في بلاد غاندي ونهرو















المزيد.....

صعيدي حول العالم: في بلاد غاندي ونهرو


أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة


الحوار المتمدن-العدد: 4401 - 2014 / 3 / 22 - 12:11
المحور: سيرة ذاتية
    


لا شك أن طيران الإمارات هو أحد بوابات العبور الرئيسية لشبه القارة الهندية، فبمجرد أن وطأت قدماي مطار دبي الدولي قادما من القاهرة في طريقي للهند في فبراير 2009، إنتابني شعور بأنني قد إجتزت البوابة الأولي للولوج إلى عالم معبأ بعبق التوابل الهندية الشهيرة. البوابة رقم 121 في مطار دبي وما حولها عامرة بأحفاد غاندي ونهرو يفترشون الطرقات المؤدية للبوابة 121 وقد راحوا في سبات عميق جنبا الى جنب كالبنيان المرصوص وقد توسدوا حقائبهم وخلعوا نعالهم، بينما فضل بعضهم التكور فوق مقاعدهم والإلتحاف ببطانيات شركات الطيران. بالمناسبة تقوم شركة طيران الإمارات، وغيرها من شركات الطيران، بجمع البطاطين من الركاب قبل أكثر من نصف ساعة من موعد هبوط الطائرة حتى لا يأخذها الركاب معهم، أما من فاز بمنامة آمنة خلف المقاعد فهو بعيد عن عيون المتطفلين في غفوة إلى حين.

كنت قد تعرفت على الباحث الهندي المتميز الدكتور بينود كهادريا في لقاء عمل بالجامعة الوطنية بالمكسيك حيث دعاني لحضور مؤتمر يقوم بالإشراف على تنظيمه حول هجرة العمالة الهندية الى دول الإتحاد الأوروبي، وكنت قد تجولت مع الدكتور كهادريا في وسط مدينة مكسيكو سيتي، عاصمة المكسيك، وقد كان لنا نفس الإنطباع عن المكسيك. الناس هنا في المكسيك في حالة نشوة دائمة تتبدى في مراقص الشوارع والموسيقى الصاخبة والرغبة في المشاركة. كل هذه المظاهر الإحتفالية يمكنك أن تراها أينما ذهبت. قلت لزميلي الدكتور كهادريا "الشعوب ذات الحضارات العريقة مثل مصر والهند شعوب كئيبة ومكتئبة، فموروثها الحضاري أورثها الهم وجعلها تفكر في كل خطوة تخطوها وتتخوف دائما من المستقبل" ... وافقني الدكتور كهادريا الرأي ... وهذا ما ترسخ في ذهني أكثر وأكثر أثناء زيارتي للهند، أناس طيبون مسالمون ولكن نظرات البؤس والشقاء لا تفارق أعينهم.

مطار أنديرا غاندي
مطار أنديرا غاندي في نيودلهي لا يتناسب على الاطلاق مع إسم رئيسة وزراء الهند الراحلة، كما أنه لا يقارن بأي حال من الاحوال بمطار دبي الدولي الذي تركته منذ ساعات قليلة ولا حتى بمطار طرابلس "العالمي" في ليبيا. السوق الحرة بالمطار في غاية التواضع وربما تمثل الواجهة لهذا البلد الذي يعشق الزهد والاستغناء إقتداء بالزعيم الهندي العظيم المهاتما غاندي الذي كان مثالا للزهد والاستغناء عن منتجات الحضارة المادية التي كانت تمثلها بريطانيا العظمى في ذلك الوقت.

إستقبلني أحد منظمي المؤتمر وإصطحبني للخارج ثم تركني وذهب لإحضار السيارة التي ستنقلني من المطار الى مقر إقامتي المؤقت بالعاصمة الهندية نيودلهي. بمجرد أن ولى مرافقي ظهره توقف أمامي أحد مركبات التوك توك ... نعم التوك توك، عارضا توصيلي الى أي مكان أرغب في الذهاب اليه في هذه المدينة المترامية الاطراف. ... التوك توك في مطار أندير غاندي؟!!!!

تاتا ... خطي العتبة
حضرت السيارة التي ستقلني الى وسط المدينة ... سيارة متواضعة بيضاء اللون كغالبية السيارات هنا، يجلس السائق على المقعد الايمن حيث أن نظام المرور هنا مماثل للنظام الانجليزي، تماما مثل نظام قطارات السكة الحديد والمترو في القاهرة حتى يومنا هذا. السيارة التي أقلتنا كانت ماركة تاتا (TATA)، وتاتا بالطبع هي السيارة الهندية الشهيرة التي تماثل السيارة المأسوف على شبابها في مصر (نصر) والتي كانت تنتجها شركة النصر لصناعة السيارات بمنطقة وادي حوف بالقرب من حلوان. وطبعا لمن يتذكر، كانت أوتوبيسات تاتا الهندية الصنع من أهم وسائل النقل الجماعي للعاملين بالمصالح الحكومية في مصر حتى وقت قريب قبل أن تختفي ويحل محلها أوتوبيسات محلية رديئة تصنع هياكلها من مادة الفايبر جلاس.

المهم أن سيارات تاتا بأحجامها وأشكالها المختلفة تحتل كافة شوارع العاصمة الهندية حتى يخيل إليك أن كافة السيارات التي تسير من حولك من ماركة تاتا. بالاضافة الى السيارات الهندية، يسير التوك توك الهندي الشهير "واثق الخطوة يمشي ملكا" جنبا الى جنب بجوار السيارات والحافلات المختلفة، ويمثل وسيلة إنتقال هامة ولا تفرقة بينه وبين مختلف أنواع المركبات. يلاحظ أيضا الازدحام الشديد في معظم الشوارع والاستخدام الجنوني لآلات التنبيه في كافة أنواع السيارات، فلا يقتصر الامر على فئة محدودة، ولكن الجميع لا يكادون يرفعون أيديهم عن آلات التنبيه في أسوأ سيمفونية يمكن أن تسمعها.

المركز الثقافي الاسلامي بالهند
تم حجز أماكن إقامة للمشاركين في هذا المؤتمر في كل من فندق رمادا والمركز الثقافي الاسلامي بالهند ومساكن جامعة جواهرلال نهرو.، وكان حظي أن تم حجز غرفة لي في المركز الثقافي الإسلامي بالهند. أنشئ هذا المركز عام 2006 ويتلقى دعما من بعض الدول العربية والإسلامية وبه مكتبة إسلامية مهداة من السلطان قابوس، سلطان عمان كما هو مكتوب باللغة الإنجليزية على اللافتة النحاسية المثبته داخل المركز. يتميز المركز بالنظافة والنظام والهدوء ولكنه لا يقارن بالطبع بالخدمات التي تقدمها الفنادق العالمية.

وصلت الى المركز في تمام الحادية عشرة من صباح يوم الجمعة. توجهت الى غرفتي رقم 327 – وهي بالمناسبة تقع في الدور الارضي وليس الدور الثالث كما يمكن أن يوحي بذلك رقم الغرفة – وضعت أغراضي وسألت موظف الاستقبال عن موعد الصلاة فأخبرني بأنصلاة الجمعة تحين في الواحة والنصف. ذهبت في الموعد المحدد الى المكان المخصص للصلاة وقد كانت دهشتي شديدة لتواضع المكان المفروش بالحصر البلاستيكية والمنبر الصغير المكون من ثلاثة درجات خشبية متحركة. كان المصلون يؤدون ركعتي السنة بعد أن رفع الآذان، أديت ركعتي السنة وجلست لسماع الخطبة.

أقام مؤدي الشعائر الآذان الثاني كالعادة وصعد الخطيب المنبر وحمد الله وبدأ الخطبة التي فوجئت بأنها تلقى على المصلين باللغة العربية، ويبدو أن الامام من خريجي الازهر فلغته العربية ممتازة، ولكنني أشفقت على المصلين الذين لا أتصور أنهم يجيدون العربية. لاحظت أيضا أن خطبة الجمعة بجزئيها لم تستغرق أكثر من عشرة دقائق أقيمت بعدها الصلاة بعدد قليل جدا من الآيات، وقد لاحظت أيضا أن المصلين لا يرددون شيئا خلف الامام .. لا آمين ولا ربنا ولك الحمد ولا شيء على الاطلاق!

بقرة
بعد عودتي من الهند بأيام قليلة فوجئت بإبنتي نور – وكان عمرها آنذاك 9 سنوات – تسألني "لو ما كتنش إنسان كنت تحب تكون إيه؟" أجبتها بسرعة "كنت أحب أكون بقرة" أحسست بأثر الصدمة على وجه نور في شكل ضحكة هستيرية "بقرة؟!!!!" فأردفت قائلاً "أيوة بقرة ... بس في الهند مش هنا" فمازحتني قائلة "إيه ده يا بابا؟ بقرة؟ وكمان في الهند؟" والحق أقول لكم أنني كنت شديد الحزن والتأثر لحال الجاموس في الهند. فبينما تتجول الابقار المقدسة التي يعبدها الهنوس في الشوارع والطرقات والزراعات حرة طليقة دون أن يعترضها أحد، بل على العكس تتوقف لها الشوارع حتى تبرح أماكنها طواعية، وتأكل من أي طعام تشاء، في نفس الوقت يتحمل الجاموس عبء العمل في الحقل ويتعرض للإضطهاد والمعاملة الخشنة وتعمل في الحقول دون شكر ولا جميل. عجيب أمر الانسان في كل مكان، يمارس التفرقة العنصرية ليس فقط بين بني البشر ولكن أيضا بين الجاموس والبقر!



#أيمن_زهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصريون المحدثون بين صافينار وفيفي عبده
- أهم عشر قضايا حول الهجرة والمصريين بالخارج خلال عام 2013


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أيمن زهري - صعيدي حول العالم: في بلاد غاندي ونهرو