أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المجيد - شبابنا وصناعة الجهل .. من المسؤول؟















المزيد.....

شبابنا وصناعة الجهل .. من المسؤول؟


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 1250 - 2005 / 7 / 6 - 12:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الثقافة وحدة متكاملة، وأنت لا تستطيع أن تفصل أجزاءَها، وتُفَكّك تلك الأجزاء، ثم تتبحر في معرفة كل جوانب أحدها، لتتحدث بعد ذلك عن الثقافة ككل!
ملايين من المسلمين يظنون أن قراءةَ بعض النصوص القديمة أو حتى كثير منها تفتح لهم بابا للولوج في عالم المعرفة منفصلا عن المعارف الإنسانية الأخرى، لكن الحقيقة أن هذه المعرفة هي البداية لصناعة المحامي الفاشل عن قضايا عادلة.
يمكنك أن تتخيل شخصا في محيطك بعثه الله للحياة بعدما أماته مئة عام، ولك أن تتصور حوارا بينكما يشمل كل شيء، من الأخلاق إلى الحياة اليومية، ومن الإعلام إلى السياحة، ومن تصرفات وسلوكيات الناس إلى معرض الكتاب الدولي وما فيه.
ثم تخيل نفس الحوار مع شخص عاد إلى الحياة بعد ألف عام وقررت أنت أن تستعين به في عملك ودراستك وأفكارك، وتحاور به الآخرين، ويشاهد بأمّ عينيه عالمَك الجديد، ترى من يصدم الآخر، ومن منكما يقرر التعجيل برفض الآخر لأنه يراه كائنا غريبا تفرض عليه تلك المشاركةُ نوعا غيرَ مقبولٍ اطلاقا من حياة شريكه؟

يتعامل مسلمو العصر الحديث مع القضايا الجوهرية بطريقة قص ولص الانترنيتية، ومن الصعب في كثير من الأحيان أن تكون هناك لغةٌ مشتركة مادام سيّدُ الثقافة .. أي الكتاب يحتل حيزا هامشيا أو مهمَلا في يوميات المسلم.
أتيحت لي الفرصة في الشهور القليلة الفائتة أن أشارك في حوارات على الشبكة العنكبوتية، سواء كان تعقيبا على ردود، أو ايضاحا لبعض ما أسيء فهمه، سهوا أو عمدا، من مقالاتي.
مازالت الصدمةُ شديدةً ولم أفِقْ منها بعد، فقد اكتشفتُ عالما مسحورا يغيب فيه شباب الوطن الكبير وكأنهم في غيبوبتهم تلك يملكون ناصيةَ العلم، وأطرافَ الأدب، وصفحات التاريخ، والتفسيرات الوحيدةَ المعتمدةَ فقهياً عن النصوص المقدسة والأحاديث الشريفة وحياة أجدادنا في القرون الثلاثة الأولى.
شباب جامعيون لم يقرأ أكثرهم كتابين في حياته، باستثناء كتب الدراسة التي تعلم أكثرها التحجر والتخلف، يبحرون بهذا القدر الضئيل من المعرفة، وبلغة عربيةٍ سقيمةٍ، وحروفٍ ضادية لا تدري إن كانت أُرّدِية أو سواحيلية أو فارسية دخلت عُنْوَة وتعرّبَتْ على ألسن هؤلاء الشباب.

نصوص جاهزة من مئات الأعوام يتم استقطاعها، شريطة عدم المرور من قريب أو من بعيد على العقل، ثم اطلاق هذا المارد من قمقمه، وجعله في متناول أيدي وأعين ملايين من مسلمي الشاشة الصغيرة والكي بورد.
لصقت احداهن نَصّاً مر عليه حوالي خمسين جيلا متتابعا عبر التاريخ وهو يتحدث عن وجوب طاعة ولي الأمر مهما كان ظالما أو فاسدا أو لصا أو مجرما أو ديكتاتورا ثم عنونت النص بــ ( الرئيس حسني مبارك الحاكم الشرعي لمصر)!
شباب كان المفترض أن يكونوا في صحبة العلم والثقافة، ويجلسون في مكتبة الجامعة، ويشتركون في نادي السينما، ولديهم عضوية في قصر الثقافة، ويلمون ببعض الآداب والفنون والفلسفة والمعارف الانسانية وثقافات الشعوب الأخرى وتقارير منظمات حقوق الإنسان والموسيقى الكلاسيكية وعلوم البحار وسيكولوجية الشعوب وقضايا التصحر وصناعة الدساتير وقيم التسامح وحوار الحضارات والصراعات الفكرية التي صنعها الاستعمار وحركات التحرر والأشعار التي هزت ضمائر المقاومة وواجبات وحقوق الشعوب وحكامها ... الخ، لكن الفاجعة أنهم صنعوا عالمهم الأكثر هشاشة من القش، وقبولا للكسر من الزجاج، فخاصموا العقل، وأهانوا الثقافة، وداسوا فوق المنطق، وملكوا ناصيةَ الحق الجديد، أي غلبة الجهل وانتصار الفجاجة.
كانت كتاباتي صادمة لشباب الجامعة في موقعهم الذي يتنفسون منه، وجلهم في عمر ابني الطالب الجامعي، وظهر مسرور السياف فوق حروف معظم المشتركين في الحوار والردود والتعليقات.
قال أحدهم بأنني أطالب باستخدام العقل مما ينافي تماما فكرة الإيمان، وغضب آخر لأنني نفيت فكرة أن يرى الشهيد قبيل وفاته الحور العين وهن يمددن أيديهن إليه حتى يتعجل الموت ويأتي إليهن، وكانت فكرتي بأن الله أكبر، وأن المسلم الشهيد ينبغي أن ينشغل بوجه ربه ذي الجلال والاكرام، وبأعماق فكرة الحساب، وبأن تكون نفسه عائدة إلى ربها راضية مرضية.
عاصفة من الاحتجاج والشتائم والسباب والتكفير نالتني، ولو كنت قريبا من أحدهم لفجر سيارة مفخخة ينهي بها حياتي ويتعجل تحقيق حلمه.
قال آخر بأنني أشكك في الثوابت ( مع أنني لم أنف إيماني بالحور العين مع عدم معرفتي بالماهية والكيفية)، وقال بأنه عندما يشاهد فتاة جميلة مثيرة يفكر بأنها قد تكون من الحور العين، وعندئذ يربح الاثنين معا، الثواب والمتعة الخيالية!
وقال ثالث بأن حديث رسول الله، صلي الله عليه وسلم، بأن خير القرون هذا فالذي يليه ثم الذي يليه يعني أن العلماء في هذه القرون لا يخطئون، لذا فإن المسلم المثقف والمتابع ولو كان موسوعيا في عصر تكدس المعرفة غير مسموح له أن ينتقد كاتبا أو عالما عاش في القرون الأولى.
كل الأشياء الأخرى من حقوق المواطن والسجون والمعتقلات وكرامة البشر والمساواة بين الناس وحق التعليم والعلاج والسكن والسفر وغيرها أمور ثانوية لا تستحق حتى أن يشير إليها هؤلاء الشباب.ربما يقول قائل: إنهم يحتاجون إلى النصيحة والتعلم والقدوة الحسنة، لكن تظل المشكلةُ قائمةً وهي أنهم صنعوا عالما مسحورا من مخدر مغيّب. إنهم يكذبون ويصدقون الكذب، ويتعاملون مع الآخر بالسوط كما يتعامل معهم الشرطي والمخبر وربما الوالد في البيت والمدرس والأستاذ في الجامعة وزعيم الدولة وكل الكبار في البيت والشارع وفي أي تجمع.
طلاب الجامعة يقفون موقفا معاديا تماما للكتاب والثقافة والتسامح ويدافعون عن قضايا صغيرة، وينهمكون في صناعة الخصومات، ولا يصدقون أن للكتاب قيمة.من المسؤول عن تعميم ثقافة الجهل بين أبنائنا، بل واعتبارها أم الثقافات في عالم يعيش فيه المسلمون تحت خط الذل والمهانة والتخلف؟


محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
عضو إتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو النرويج
http://www.tearalshmal1984.com
[email protected]
[email protected]
Fax: 0047+ 22492563



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يحدث في دولة الإمارات؟ قراءة في أسباب الصمت
- ليبيا .. لا بديل عن العصيان المدني
- مقاومة رغم أنوفكم .. إرهاب رغم أنوفنا.... نصيحة إبليس للملائ ...
- دموع أم ربيعُ دمشق .. كلمة أخيرة قبل أن تضيع سوريا
- حوار بين حمار و .... زعيم عربي
- رسالة مفتوحة من حمار إلى حركة استمرار
- رسالة غاضبة من الرئيس مبارك للمصريين .. كرامتكم تحت حذائي
- خوفي على مصر من الإخوان المسلمين .. رسالة إلى المرشد العام
- قراءة في أسباب فشل العصيان المدني
- رسالة عاجلة من الرئيس مبارك.. سأبصق في وجه كل من يعطيني صوته
- الواحدة ظهرا تحت تمثال رمسيس في يوم شم النسيم يبدأ العصيان ا ...
- هذه الكلاب المدللة وأصحابها المرفهون والعصيان المدني!
- البيان الختامي للعصيان المدني .. من هنا نبدأ
- معذرة لكل المتحمسين للعصيان المدني
- هل سينجح العصيان المدني بدون قيادة؟
- من الذي يفرط في كرامة السوريين؟
- هل يصبح 2 مايو 2005 يوم التحرير من نظام مبارك؟
- المأزق المغربي .. ملك في مهب الريح!
- معذرة أيها الأحمق، دع لنا الرئيس مبارك وخذ عصيانكم المدني
- الإعلام السعودي .. ثورة من الداخل أم النوم في العسل؟


المزيد.....




- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المجيد - شبابنا وصناعة الجهل .. من المسؤول؟